Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 15:51:17
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
سناء والذئب في ربوع الشيخ بدر
دام برس : دام برس | سناء والذئب في ربوع الشيخ بدر

دام برس ـ طرطوس ـ سهى سليمان :
في قصة ليلى والذئب ترتدي الفتاة قبعة حمراء لتذهب لمنزل جدتها في الغابة، وفي قصتنا ترتدي سناء جزمة حمراء لتذهب لمدرستها بعد أن تقطع مئات الأمتار من الطريق الوعرة والمليئة بالحجارة والأشواك لتصل إلى الطريق العام، حيث تنتظر هي وشقيقها نجم وسيلة تقلهم لمدرستهما.
تلك الجزمة الحمراء التي حذرتها أمها أن تنتعلها كانت هي بمثابة الرحمة لها، فالطقس أصبح حاراً رغم وعورة الطريق، ولم يعد بالإمكان تحمل ارتداء تلك الجزمة، لكن الطفلة غافلت والدتها وانتعلت جزمتها وشقت طريقها مع شقيقها لينتظرا عند مفترق الطريق في منطقة تدعى "الميسرة" بقرية "عين فطيمة" بريف الشيخ بدر.


من تلك النقطة بدأنا السير مشياً فلم تكن دربنا ممهدة، حيث سلكنا الطريق ذاتها للوصول إلى منزل الطفلين مصطحبين معنا عصاة قد تقينا من أي هجوم مباغت لحيوان متوحش، ووصلنا إلى ذلك المنزل في الوادي لنستمع إلى قصة تحكى وتروى إلى أجيال قادمة.
"نانا شحطها الجقل وخلصها أكل... لا تروحي هلق بياكلك"
يعترض الذئب ليلى في طريقها لبيت جدتها، فأي ذئب أو كلب أو ثعلب أو حيوان يعترض سناء ونجم في طريقهما إلى المدرسة؟
يقف الطفلان وينتظران حافلة المدرسة، فرحين باقتراب انتهاء العام الدراسي، ليفاجأن بحيوان شبيه بالكلب ولكنه ليس كلباً (وفق ما قاله الطفل نجم الذي نجح للصف الرابع)، يدور حولهما، ويبدأ بالهجوم على الطفل نجم حيث عضّه من إبهام إصبعه فأغمي على الطفل، وبالتزامن مع ذلك تتعرض الطفلة سناء (التي نجحت للصف الثاني) إلى مهاجمة ذلك الحيوان ويعضّها من يدها وتسقط في شجرة "ديس" مليئة بالأشواك، ليعود الحيوان لمهاجمتها وهي تدفعه بقدميها بعد أن سقطت أرضاً في حضن "ديس" فيحاول عضّها من قدمها ويسحب جزمتها الحمراء لتبقى الطفلة ساكنة دون حراك.


يستيقظ الطفل نجم ولم يجد شقيقته فهي متخفية في شجرة الديس فيركض لاهثاً قاطعاً تلك الطريق الوعرة إلى منزله في الوادي، ويخبر والدته بهذه الكلمات الريفية البسيطة "نانا شحطها الجقل وخلصها أكل... لا تروحي هلق بياكلك".
هنا الأم صمتت بألم وحزن وخوف، وبدأت تصعد الدرج زحفاً على ركبتيها بعد أن دبّ الرعب في قلبها، وصرخت بأعلى صوتها "نانا... عم تسمعيني ردّي عليّ" إلى أن مرّ الوقت ربما 10 دقائق شعرت بها الأم سنة من الزمن.
براءة "نانا" في خوفها من عقاب الأم التي أحرقت كلّ آثار الحادثة
عادت "نانا" تحمل أغراض أخيها وأول ما قالته لأمها: "أخدلي الجقل فردة الجزمة"، لم تكترث لجراحها ولدمائها التي تملأ ثياب المدرسة، بل لتلك الجزمة الحمراء التي منعتها الأم من ارتدائها في الصباح ولكنها انتعلتها بدون علمها.


هنا تبدأ رحلة معاناة الأب مع إسعاف الطفلين، حيث لم يجد من ينقذهما ويأخذهما في سيارته، وبدأ يتنقل من سيارة إلى أخرى ومن قرية إلى قرية حتى وصل إلى مشفى القدموس، ولم يتواجد في المشفى أي إبر الكزاز ضدّ "داء الكلب" وإنما إسعافات أولية اقتصرت على التعقيم، وبعدها طلب سيارة أجرة لتأخذه إلى مشفى طرطوس وتمّ تحويله إلى مشفى "داء الكلب" ليتبين عدم توافر الإبر وإنما تم إعطاء الطفلين مصل مضاد للوقاية لمدة أسبوع وتم الانتظار فترة من الوقت ليتأمن بعدها الحقن الخاصة بالعلاج.
وحاولنا سؤال الأم عن فردة الجزمة الحمراء فردّت بأنها قامت بحرقها مع كل ثياب المدرسة التي كانت ملطخة بدماء طفليها، بهدف نسيان تلك الحادثة وعدم التأثير عليهما.
وقد شكر أهل الطفلين الإعلامي هيثم محمد على تعاونه وسعيه الدائم لتأمين اللقاح المطلوب، كما شكرا كل من قدم لهما المساعدة بدءاً من المسعف إلى الصحفي والأستاذ نزار غنام والأستاذ هيثم وكل الطاقم الطبي الذي قدم كل الإجراءات الممكنة.
حيوانات برية شرسة تهاجم المواطنين نهاراً وليلاً.


أيضاً تعرض الشاب بشير محمد من القرية نفسها "عين فطيمة" إلى هجوم حيوان يتوقع أنه "كلب" أثناء وجوده على الطريق العام، ما أدى لإصابته في جسمه، حيث تمّ إسعافه أيضاً لمشفى القدموس لتلقيه إبر الكزاز ضد "داء الكلب" والمفاجأة أيضاً أن المشفى فارغ من تلك الإبر، حيث تمّ تأمينها بعد فترة عن طريق بعض المتبرعين.
أما في قرية برمانة المشايخ والتي تبعد أكثر من 60 كم عن مدينة طرطوس، تعرض رجل آخر رفض ذكر اسمه لهجوم حيوان لا يعرف ما اسمه، أهو ذئب أم كلب، في غابة (بعدري) القريبة من القرية أثناء الغروب وهو عائد لمنزله مشياً على الأقدام، وكان قبلها قد هاجم الحيوان رجلاً آخر وهو يستقل دراجته النارية حيث تمكن من الابتعاد عنه مؤكداً أنه "ذئب" وليس كلب.
وأشار الرجل الأول إلى أنه هاجمه وحاول الابتعاد عنه لكنه عضّه بيده، والصورة توضح حجم الأذية، وبعد معاناة طويلة من المال والألم والجهد والذهاب إلى المشافي بطرطوس لتلقي العلاج اللازم، وخاصة في وقت المساء حيث لا وسائط نقل سوى سيارات الأجرة التي لا ترحم أحداً لا في الحالات الإنسانية أو غيرها، وللأسف لم تكن الإبر الخاصة بالعلاج موجودة وإنما أعطوه مصلاً مضاداً لفترة أسبوع، ومن حسن حظه اتصلوا به بعد ثلاثة أيام وأن الإبر قد تأمنت وبالفعل ذهب إلى مشفى "داء الكلب" بطرطوس وأعطي الإبرة اللازمة.


وفي قرية مجبر التابعة لناحية برمانة المشايخ تعرضت السيدة هبة حسن لهجوم حيوان ليلاً أيضاً، ما أدى لإصابتها في قدمها وتمّ إسعافها إلى المشفى في طرطوس ليتبين عدم تواجد الإبر الخاصة بالعلاج إلى أن ثمّ تأمينها بعد فترة.
وفي بلدة دوير رسلان بريف دريكيش تعرض المواطن جميل حسن زيدان لهجوم شرس من عدة كلاب شاردة في البلدة نجم عنه الكثير من العضّات التي شكلت خطراً على حياته وتشويهاً لكلّ أنحاء جسمه.
وقد تم إسعاف المصاب إلى مشفى الباسل حيث أعطي 7 أمبولات من مصل "داء الكلب" وكان لا بدّ من إعطائه اللقاح غير المتوافر في شعبة "داء الكلب" التابعة لمديرية الصحة ولا في المشفى، إلى أن تمّ تأمين اللقاح بعد فترة، كما تمّ التصرف باللقاحات المتبقية في الشعبة لصالح الطفلين نجم وسناء والشاب بشير التي تمّ تأمينها من لبنان وحلب ودمشق من قبل عضو مجلس الشعب السيدة ديما سليمان وعضو مجلس الشعب الدكتور ألان بكر وعدد من المتبرعين، وبمتابعة من الصحفي هيثم يحيى محمد.


حيوانات تفوق الضباع العادية حجماً وعدائية
وفي العام الماضي أيضاً تعرض أحد المزارعين (80 عاماً) في منطقة حمام واصل (خربة القبو) التابعة لمنطقة القدموس إلى مهاجمة حيوان بري من فصيلة الضباع، وذلك خلال ساعات الصباح الأولى، عند خروج المزارع للعمل في الأرض، وقام هذا الحيوان بالتهام أصابع الفلاح والهجوم عليه مباشرة.
كما قام المواطن يوسف توفيق رقية بقتل الحيوان البري في اليوم التالي، بعد أن هاجمه هو الآخر، وحالته أفضل من المريض الأول كون الحيوان لم يتمكن منه بسهوله، وخاصة أنه قام بقتل الحيوان.
وتحدثت مصادر أهلية أن هذه النوعية من الحيوانات البرية انتشرت مؤخراً في منطقة حمام واصل، ولم تكن موجودة قبل، وهي أشد شراسة من الضباع وتقوم بالهجوم على الإنسان بشكل فوري بمجرد رؤيته، كما يختلف شكل هذه الحيوانات عن الضباع العادية من الحجم واللون والعدائية، فهي مخططة اللون وحجمها أكبر وأكثر شراسة.


المواطن بين سندان قانون منع الصيد البري ومطرقة افتقاد العلاج في المشافي
لا نعتقد أن تلك قصصنا ستكون الأخيرة مع الحيوانات البرية المتوحشة، فالشكاوى عديدة وخطرها أصبح كبيراً ويهدد ليس فقط الأراضي والمزروعات بل حياة الأطفال والمواطنين من ساكني القرى الجبلية في محافظة طرطوس، الذين بدؤوا يتذمرون من كثرة الحيوانات البرية (خاصة الخنازير والكلاب الشاردة والحيوانات الغريبة) والتي أصبحت تشكل خطراً على مزروعاتهم وحياتهم، في ظلّ وجود قانون منع الصيد وفرض الغرامات الباهظة على كلّ من يقتل حيواناً برياً.‏
والأهم من ذلك كله أن مشافينا الحكومية وحتى الخاصة تفتقد لتلك الإبر وبالتالي وضع المواطنين المصابين يصبح خطيراً.


ضرورة تأمين العلاج الفوري وتزويد مشافي الأرياف به
ولأهمية ما تحدثنا به مؤسسة "دام برس" الإعلامية ترفع الصوت عالياً مع المواطنين للعمل على القيام بحملات للقضاء على الكلاب الشاردة بالطرق الممكنة، أو السماح للصيد الاضطراري في حالة الدفاع عن النفس، إضافة إلى تأمين اللقاحات المطلوبة للعلاج بالسرعة القصوى.
كما تقترح المؤسسة أن يتمّ وضع الإبر اللازمة ضدّ "داء الكلب" في مشافي الأرياف ومنها مشفى الشيخ بدر والقدموس خاصة بعد تزايد الإصابات في تلك المناطق عن غيرها من المناطق الريفية الأخرى.
إضافة إلى ذلك تأمين وسائل النقل بين الأرياف وخاصة في الحالات الإنسانية عن طريق تفعيل منظومة الإسعاف، التي توفر على المصابين التكاليف العالية للتنقل.
وفي الختام توجه المؤسسة الشكر الكبير للإعلامي هيثم يحيى محمد على جهوده التي بذلها في التواصل والمساعدة الكبيرة لتأمين اللقاحات اللازمة لأغلب المصابين، كما تقدم الشكر لكلّ من قدم مساعدة مادية أو معنوية للمصابين ولكلّ من ساهم معنا في إنجاز هذا التقرير.
 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz