Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 26 نيسان 2024   الساعة 01:27:55
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
صناعة العود ماضٍ وتاريخ وحاضر ... وللعود السوريّ التميّز
دام برس : دام برس | صناعة العود ماضٍ وتاريخ وحاضر ... وللعود السوريّ التميّز

دام برس - لجين اسماعيل :
ما بين لحن ونغمة .. تغدو الموسيقا غذاءً للروح .. وملهماً للإبحار في عالم الخيال .. وفرصةً للهروب إلى خيال وأحلام .. فهي ليست مجرد أنغام .. بل وسيلة تواصل تلتقي فيها الذهن والروح .. فما بين ريشة ووتر .. أنغام وألحان تنساب في أعماق النفس الإنسانية .. وصدى يدغدغ الروح .. ورخامة صوت يأثرك عند سماعه .. آلة تأخذك بدقة تفاصيلها .. وجودة صناعتها .. و روعة زخرفتها وتركيبها ..  إنها آلة العود .. الأب الروحي في عائلة التخت الشرقي .. و عنوان الطرب الأصيل ..
تاريخ آلة العود .. وسورية الأصالة
أنْ تأثرك بعض الآلات بصوتها الرنان هذا دليل على أصالتها  .. فقد اختلفت الأساطير حول وجود واكتشاف آلة العود .. إلا أنّ أقدم الدلائل الأثرية التاريخية تشير إلى أن آلة العود تعود إلى 5000 عام .. حيث وجد الباحثون أقدم أثر في شمال سورية .. أثرٌ لنقوش حجرية تمثل نساءً يعزفن على آلة العود  .
ومن  خلال  إجراء الدراسة المقارنة لمجموعة من آثار العود التي اكتشفت في المواقع الأثرية المختلفة أثبت أن أول ظهور لآلة العود كان في بلاد ما بين النهرين و(الجزيرة السورية) وذلك في العصر الأكادي 2350-  2170 ق.م  .. كما  ظهر العود في مصر في عهد المملكة الحديثة حوالي 1580 - 1090 ق.م بعد أن دخلها من بلاد الشام وظهر العود في إيران لأول مرة في القرن الخامس عشر قبل الميلاد.
صنّاع آلة العود ومضات في التاريخ الحضاري الموسيقي 
لم يكن ظهور العود مقتصراً على التاريخ القديم فقط .. بل ما زال مستمراً إلى اليوم .. وتطوّر ليؤدّي عزفاً منفرداً يُطرب الآذان وينقّي الأذهان  .. وإذا تحدّثنا عن آلة العود .. فلا بدّ من الحديث عن صناعته .. فقد أبدع العديد  من الصناع في صنع آلة العود ومنها الدمشقي والبغدادي والمصري وغيرها، وتقول الأبحاث أن تاريخ صناعته يعود للقرن السادس الميلادي عندما احتك العرب بالفرس فأخذوا عنهم هذه الصناعة التي أبدعوا فيها وطوروها حتى تصبح الآلة الأولى في التخت الموسيقي العربي وتتبوأ مكانة كبيرة لتصبح سلطان الآلات العربية على الإطلاق حتى يومنا هذا .
فالتاريخ الحضاري الموسيقي العربي يشهد لأسماء كان لها الفضل في تطوير وتحسين أدائها وضبط مقاييسها فنجد على رأسهم كبير عازفي آلة العود زلزل منصور مخترع آلة العود وزرياب الذي اهتم بالجانب الصوتي لآلة العود بحيث أحدث العديد من التعديلات على شكل آلة العود وذلك باستبدال وجه آلة العود الموجود في زمانه من الجلد بالخشب كما نجد الفيلسوف الكبير الكردي أبو نصر الفارابي سيد صناع آلة العود نظراً للدراسات والأبحاث التي قام بها وله مؤلفات عديدة تشهد بذلك أما الفيلسوف أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي  الذي ترجم العديد من المؤلفات اليونانية إلى العربية وألف الكثير من الكتب أفاض في دراسة آلة العود وتقنينها وخلق نظم وطرق جديدة للعزف على هذه الآلة وضبط أصواتها وأماكن دساتينها.
عازفي آلة العود بين اللحن والنّغَم آفاق خيال
يعدّ العود أباً لكلّ الآلات الموسيقية العربية وملك التخت الشرقي .. يتميّز بالزخرفات والنقوشات .. لكن الإبداع يكمن في الأيدي والانامل التي تمتزج مع الأوتار لتصدر العديد من الألحان  .. فتميزّت الأسماء التي دندنت على هذه الأوتار من بينها طلال مداح .. وجميل بشير .. ومنير بشير .. والموسيقار والملحن المصري رياض السنباطي .. إضافة إلى الملحن والمطرب المصري سيّد مكاوي .. وإذا كنّا في صدد الحديث عن عازفي العود فلا ننسى الموسيقي والمطرب السوريّ فريد الأطرش .. وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب .
صناعة العود .. حبّ ومهنة
آلة العود .. آلة الطرب والذوق الفنّي .. وحرصاً على استمرارها .. كان للكثيرين تجربة في صناعة العود السوري  والحفاظ عليه من الاندثار .. ونحن في مؤسسة دام برس الإعلامية كان لنا جولة في سوق التكية السليمانية .. هذا المكان الأثري بحجارته وبنائه .. ليضم أيضاً تحت قببه الحرف والصناعات الأصيلة .... وفي هذا يحدّثنا شيخ الكار في صناعة الأعواد .. أنطون الطويل .. عن سر مهنته وتعلّقه بآلة العود  .. فقد اجتمع الحبّ لهذه الآلة .. والمهنة التي توارثها عن والده في صناعته للعود .. فقضاء فترات طويلة مع والده في ورشته كانت السبب في تعلّمه لهذه المهنة .. عايش الأعواد وصناعتها منذ طفولته  .. كَبُر وكَبُرت معه .. توفيّ الوالد فقرر إكمال المشوار والمضي في هذه الصناعة ومنعها من الاندثار .. 
العود مهنة وحياة
فترة ليست بقليلة .. إنها سبعة وعشرون عاماً .. قضاها السيّد الطويل في صناعة الأعواد .. حتى باتت جزءاً من حياته .. وفي كلمات له قال : " العود مهنتي .. كياني .. تسعون بالمئة من حياتي " .
صناعة الأعواد لا تأتي من العدم .. فهي بحاجة للكثير من المواد .. وتأتي الأخشاب في مقدمة هذه المواد .. لافتاً إلى أن خشب الجوز هو الأكثر استخداماً في الصناعة لجماليته وصلابته .. موضحاً أن أول عود في سورية يعود لعام 1879 ..
لكنّ أشار إلى ما تعانيه هذه الصناعة اليوم من بعض الصعوبات خاصة وأن الأخشاب والمواد المستخدمة توجد في أغلبها في أماكن غير آمنة .. مما يترتب على ذلك ارتفاع في الأسعار أضعافاً كثيرة .
المرأة العربية والعود
الآلات الشرقية عماد الفن الطربي الأصيل وفي هذا أشار  الطويل إلى أنه بالعودة إلى الأربعينيات لوجدنا العود موجود في كل بيت عربي .. خاصة وأن النساء هم من كُنَّ الأشهر في اقتناء هذه الآلة والعزف عليها .. موضحاً في ذلك أن المرأة كانت السبّاقة في العزف كونها متفرّغة وكانت تقيم الاحتفالات والمناسبات حسب رأيه .. أما اليوم فقد انتشر العازفين من الرجال بسبب انتشار المعاهد والتعليم .
صناعة الأعواد فنّ ومهنة وإبداع
كل صناعة تحتاج وقتاً لتكون على وجه من الكمال والفن والأصالة .. وصناعة العود يدوية .. على الرغم من دخول الآلة إلى هذه الصناعة في بعض مراحلها إلا أن العمل اليدوي يبقى بنسبة 90 %  .. وكلما كان العود على مستوى من الجودة احتاج في صناعته لوقت أطول .
وإذا أردنا تقدير الفترة .. فإنها ربما تأخذ شهراً في هيكلة العود  .. لكن العامل الجمالي في إضافة الصدف والموزاييك  هو الذي يأخذ وقته  .
وبالحديث عن العامل النفسي أضاف : " من أراد العمل بأي مهنة .. عليه أن يحبّ هذه المهنة .. فمن أحبّ مهنته أبدع فيها .. فالإبداع يكمن في الاهتمام في التفاصيل والأمور الجمالية .
المعارض والمهرجانات بصمة خاصة
المعارض والفعاليات بصمة في تاريخ أي فنان .. وكان للسيد أنطون الطويل مشاركات عديدة في مهرجانات مختلفة ؛ مهرجان الضيعة ، طريق الحرير ،  دمشق مدينة مبدعة ، وفعالية شيخ الكار التي حصل من خلالها على شهادة شيخ الكار بصناعة العود من وزارة السياحة واتحاد الجمعيات الحرفية .
كما لفت إلى مهرجان مسقط واصفاً إياه بالمهرجان الرائع مشيراً إلى تردده في بداية الامر كونه لا يعرف طبيعة البلد .. وكيف من الممكن أن يروّج للآلة  .. وتمنّى لو اخذ أعداداً أكبر من الأعواد .. لكانت بيعت .. فالمادة مطلوبة بشكل لا يتوقّع .. موضحاً أن السبب في ضعف اندفاع السوري للشراء .. أن الإقبال والطلب يكون للمادة غير الموجودة .
أطالب باهتمام شكليّ وضمنيّ بالمعارض
وعن رأيه بالمعارض يوضح بقوله : ليست كل المعارض على مستوى واحد من الأهمية .. وتكتمل هذه الأهمية بالترويج ..فالمعارض التي يجتمع فيها الترويج والفائدة تكون على مستوى عالٍ .. على عكس المعارض التي تكون مجرد ديكور حيث لم تلقَ التغطية الإعلامية المناسبة التي تستقطب الناس .. وبالمقارنة بالمعارض الخارجية أجد ان مهرجان مسقط كان ناجحاً أكثر .. بسبب الرواج والتغطية الإعلامية الناجحة .. وأضاف : " أطالب شخصياً بأن يكون هناك اهتمام بالمعارض شكلاً ومضموناً " .

العود السوري تميّز وإبداع
لم يكن العود حكراً على السوريين في صناعته .. فهناك العود المصري والعراقي .. لكن ما يميّز العود السوري مقاساته وأجزاءه ومسافاته .. هذا ما يقوله  السيد أنطون .. إضافة إلى المصداقية .. فعندما يطلب فرنسي او بريطاني عوداً بمقاسات معينة ويجد الطلب عندنا في سورية .. فهذا يدلّ على أصالة العود السوري وجودته وقوته ..
وأشار إلى تكامل الخامة والخبرة في جودة العود .. موضحاً أن الفرس الثابت يعطي رخامة وصوت قوي صافٍ .. وهذا هو العود السوري .. فآلة العود مهمة في الألحان الشرقية ..
لست مع التطور ودخول العود الالكتروني
جميل أن يبقى كل شيء على حاله .. فبقاؤه دليل أصالة واستمرار .. لكن التطوّر الجديد ودخول التعليم الأكاديمي في التعليم أدى إلى تغييرات .. ومن ضمن هذه التغييرات كان العود الالكتروني ..وفي هذا أبدى الطويل رأيه في هذا التجديد .. فأي عنصر غريب يدخل على العود ولو كان بأجزاءٍ بسيطة . هذا يفقد العود هويته .. فكيف إذا كانت دارة كهربائية ستحل محلّ الأوتار .. مكمن الصدى والطرب . 
ولفت إلى أن بيع الاعواد تراجع في الفترة  الأخيرة إلى10% .. خاصة وأن تكلفة الشحن اليوم تصل إلى 260 ألف مما يتسبب في تراجع الإقبال والتشجيع على شرائه .. وإن حصل وتم البيع .. فيكون عبر أشخاص أقرباء متواجدين في سورية .

وفي ختام حديثه تمنّى أن تعود الأوضاع كما كانت كالسابق .. ليعود العمل بكلّ الطاقات .. أن يعود الأمن والامان .. متوجّهاً برسالته للشباب : " من يملك حباً للموسيقا .. كانت الآلة الموسيقية عنده أغلى ما يملك ..  ولو لم يكن يحبّها .. ما أبدع فيها ..

هكذا الفنّ السوريّ .. إبداع خلّاق .. ومواهب مبدعة .. وأناس تريد للأصالة أن تبقى

 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2016-10-01 09:59:02   لا عود بدون فريد
كيف ننسى الموسيقار الكبير المرحوم فريد الاطرش وهو ملك العود. وهو الذي أوجد للعود المكانة المتميزة في التخت العربي. لولا العملاق فريد الاطرش لماتعلقت االملايين من الجماهير في كل أرجاء الوطن العربي بهذه الآلة.
نقيب ناصر  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz