دام برس - لجين اسماعيل :
حسٌّ وطنيٌّ  وأداء جبّار .. جهودٌ استثنائية وضمائرُ تحمّلت المسؤولية .. امتلكت حسن الإدارة والمتابعة .. وفي ظل غيابٍ طبي وتمريضي ونقص  في الكوادر كان الابتكار وإيجاد البدائل عنوانهم .. والتطوير ورفع الجاهزية غايتهم .. تبنّوا رسالة العطاء فكانوا عنواناً لتقديم الخدمات ... وجسراً طبياً وخدمياً للمواطنين .. فلا يخفى على أحد هجرة الكوادر الطبية الأمر الذي أثر بشكل كبير على القطاع الصحي والخدمي ورغم هذه الظروف الصعبة والقاسية إلا أن مشفى السقيلبية الوطني احد تلك المشافي التي استمرت بكادرها المتبقي ولم تقصر في خدمة أعداد كبيرة من المواطنين بشكل مجاني ، بل وكانت البوصلة التي تستقطب جميع الحالات .. وفي إطار حرصنا على نقل الحقيقة كان لنا كمؤسسة دام برس الإعلامية شرف زيارة للمشفى والاطّلاع على حال العمل بكل شفافية .... لنتابع :
 أيام صعبة .. لكننا تخطيناها
القطاع الصحي من القطاعات المهمة والتي تأثرت بشكل كبير نتيجة استهداف البنى التحتية وهجرة الكفاءات الطبية وهنا يشير الدكتور محمد الدريوسي المدير العام للمشفى وأخصائي عظمية إلى المعاناة التي لاقتها المشفى منذ بداية الحرب على سورية .. فالإرهاب يستهدف المشفى بشكل متكرر ولم يكتفِ ببناها التحتية وإنما طال الآليات وسيارات الإسعاف .. ولا ننسى الشهداء من مسعفي المشفى الذين طالتهم يد الغدر عند تأدية واجبهم الوطني في نقل المرضى .. ومع استمرار الإرهاب كنّا مصممين على العطاء وعدم البخل بالخدمات المجانية  التي من شأنها أن تحقق الإفادة للمرضى وترفع معنوياتهم  . 

الدواء عماد الصحة ... ومديرية الصحة تعمل على تأمينه
" لكل داءٍ دواء " .. ولأن الدواء يشكّل عماد الصحة .. كان دأب إدارة المشفى دوما الحرص على تأمين الدواء وعدم انقطاعه ، وهذا ما أكّد عليه مدير المشفى الدكتور محمد الدريوسي لافتاً إلى أن مديرية الصحة على تواصل واتّصال .. لم تقصر في تأمين الدواء ومدّ المشفى به ، وتقديم المساعدة ... الامر الذي جعل المشفى لا تشعر بعبء البحث عن الدواء .

مصلّحي وزارة الصحة ليسوا على قدر المسؤولية
المشفى بمعداته وأجهزته  التي تشكل أساس عمله واستمراره .. إلا أن  الانقطاع المفاجئ والمتكرر  للتيار الكهربائي كان له التأثير المباشر عليها .. الأمر الذي أدّى إلى خروج بعض الأجهزة عن الخدمة أو تعرّضت لبعض الأعطال .. مشيراً إلى أن هذه الأجهزة أوربية  وجدت منذ تأسيس المشفى ... وهذا ما يصعّب المهمة أكثر .. فنوّه إلى أن أفراد الشركة التي تمّ استلام الأجهزة منها قد هاجروا .. مما يضطرهم إلى إيفاد مصلحين من وزارة الصحة موضحاً أنهم ليسوا على قدر المسؤولية و لا يملكون الخبرة الكافية لإصلاح الأعطال .

رفع جاهزية المشفى
في ظل هذه الأعطال والنقص .. كانت إدارة المشفى على جاهزية تامة .. حيث تمّ تجاوز هذا بالتعاون بين مدير المشفى والمكتب الهندسي وصحة حماه مشيداً بالدور الذي حققه الهلال الأحمر السوري حيث مدّ المشفى بمولدة كبيرة ، ومنحها خمس حواضن أطفال .. كما تمّ خلال هذا العام ترميم المشفى بعقد بين مدير الصحة والإسكان العسكري .. وتأمين إضاءة وإنارة كاملة للمشفى إضافة إلى تحسين المطبخ ، والاهتمام بأقسام الداخلية والأطفال والعمليات واستحضار طاولة عمليات تعد من أحدثها في العالم ...

نطالب بتشكيل كادر وزاري صحي يطّلع على الواقع
تشكل الكوادر  الطبية والتمريضية عموداً من أعمدة سيرورة العمل في المشفى .. إلا أن مشفى السقيلبية كانت مثالاً للصمود رغم قلة كوادرها .. فالطبيب جهده مضاعف يعمل لساعات طويلة .. وربما يصل الليل بالنهار ليكون قادراً على تغطية هذا النقص فالمشفى يخدم المنطقة من جسر الشغور إلى  الغاب بحوالي 600 ألف نسمة .. وفي هذه النقطة يطالب الدكتور الدريوسي وزارة الصحة بتشكيل كادر وزاري مهمته الاطلاع على الواقع وتسجيل الملاحظات .. ومعاينة العمل  .. والوقوف على متطلباتهم وهمومهم .

فريق شبابيّ تطوّعي طبّي
وفي إطار تغطية هذا النقص كان للهلال الأحمر مساهمة في رفع الجاهزية والبقاء على استعداد دائم لاستقبال المرضى .. وهذا ما دعا إلى تشكيل فريق إسعافي تطوّعي بالتعاون بين وزارة الصحة والهلال الأحمر للحالات الطارئة عند حدوث تفجيرات أو استهداف المنطقة بالقذائف بحيث يعمل هذا الفريق على اسعاف المرضى والمصابين على وجه كامل السرعة ، لافتاً إلى الخبرة الطبية التي يمتلكها هذا الفريق بعد تلقيهم الدعم والدورات التدريبية التمريضية ، مشيداً بشجاعتهم وتمتّعهم  بروح التعاون .

نشاط إنساني
لم تكن خدمات  المشفى مقتصرة على داخلها .. بل وتوسّعت لتشمل بإنسانيتها كل المواطنين والقرى تقريباً .. ولفت إلى إحداث مركز في سلحب عندما انتشر مرض التهاب الكبد الوبائي A  ، حيث أصيب قرابة 40% من القرى .. كانت مهمة المركز تقديم التحاليل والسيرومات لمعالجة جميع المواطنين مشيراً إلى أن هذا العمل تمّ بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري ، علاوةً على ذلك فقد تعمل هذه الفرق التطوعية الشبابية من الهلال الأحمر بتعاون مع كادر  المشفى بزيارة بعض المرضى في بيوتهم وتضميد جراحهم ومعاينتهم .

عمل متكامل .. وكادر متعاون منظّم
لكل فرد دوره مهما كان موقعه .. وكما كان للطبيب دوره في استمرار عمل المشفى .. أيضاً كان للممرض الدور المكمّل .. رئيسة التمريض منيرة ابراهيم تؤكد على أهمية وصعوبة عمل رئيسة التمريض .. حيث عليها أن تجمع بين الحزم واللين ، كما  تتحدّث بكل شفافية ووضوح عن النقص التمريضي الذي تعانيه المشفى .. الأمر الذي يشكل عبئاً وضغطاً على المستمرين على رأس عملهم .. كما يحمّلهم مسؤولية أكبر ، وتشير إلى تنظيم العمل بين الكادر التمريضي موزّعاً على جميع الاقسام  إضافة إلى تقسيم المناوبات فيما بينهم والجدير بالذكر أن المشفى لم تنقطع عن تقديم الخدمات في ايام عطلة العيد ، بل كانت في جاهزية تامة استعداداً لأي طارئ .

عطاء لا حدود له
هناك أطباء هاجروا .. وآخرون تخلّوا عن مهنتهم لكنّ الدكتور أحمد الخيّر مازال على رأس عمله رغم تقدمّ عمره .. أبى أن يغادر المشفى وعمل على تقديم كل المساعدات الطبية والجراحية الممكنة .. لم يبخل بالطب الذي طالما مارسه  لسنوات .. لافتاً إلى نقص الأطباء المقيمين في أقسام الإسعاف والقلبية والعناية المركزة منذ أربع سنوات .. وهذا يضاعف الجهود بالنسبة للأطباء الأخصائيين ومؤكداً على أن حب الوطن ما دفعه للاستمرار في عمله رغم قساوة الظروف  متوجّهاً برسالة لوزارة الصحة لتقدم اعتناءً أكبر بمشفاهم  ، ودعمه بالكادر والمواد اللازمة .. خاصة في ظل الضغوط التي تعيشها .
هكذا هم السوريون .. إرادة الحياة .. وأفكار خلاقة .. تطوير وابتكار .. ومع هذا العطاء سورية مستمرة بمؤسساتها وأفرادها