دام برس – لما المحمد :
هي ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن عمالة طفل شريد دفعه القدر للتسول بين زحام السيارات و صخابها ، وعلى أرصفة الطرقات ، غير ناكرين وضع البلد المآساوي الذي آل بأهله و أطفاله للنزوح من بيوتهم إلى مدن أخرى و بالتالي التسول للبحث عن لقمة العيش ، ولكن ماذنب هذا الطفل البريء للعمل في بيع المحارم و البسكويت و ..في وقت هو أحق فيه بالجلوس على مقاعد الدراسة لتلقي العلم و المعرفة و بالتالي النهوض ببلد انتمى إليه و رفع رأسه عالياً به بالتفوق والإبداع .
أحمد نازح من مدينة حلب ذو العاشرة من عمره ينام يومياً في حديقة المرجة في العاصمة دمشق ، مع والده المريض و أخته الصغيرة ، ويعمل في بيع المحارم للسيارات على الطرقات لكسب لقمة العيش الصعبة في هذه الأيام المظلمة لشعب يعاني ويلات الحرب و ويلات الأسعار و ويلات الحر و البرد.
أما الأخوين معاذ و رامي فيجولان في شارع الحمراء لبيع المحارم للمارة بوجوه بريئة لم تتجازو العاشرة من العمر بغية الحصول على المال و جمعه لتأمين لقمة عيشهم فقط لا أكثر ، بعد أن أخذ الإرهاب أبويهم ، و شاء القدر عليهم بالنزوح مع عمتهم من إدلب إلى دمشق و العيش في مآوى للاجئين ، هؤلاء ليسوا أطفالاً صغار فالحرب الضروس هذه و ظروفهم المريرة جعلت منهم شبان كبار رشد ، قادرون على مجابهة الحياة بأسوء ما تقبل عليهم .
و ملامح الحزن و الأسى تظهر في وجه ربيع الذي لم يعلم أن هناك من هو مسؤول عنه من منظمات إنسانية و جهات حكومية ، ولكن أين هو المسؤول ؟؟
يتساءل ربيع ؟ الذي يبلغ من العمر 12عاماً و يعمل مع والده و أخوانه بشكل يومي لتأمين مستلزمات العائلة التي أجبرتها الحرب على النزوح من منزلها الفقير إلى التسول في شوارع دمشق ، ولم يمكنها فقرها من السفر خارج البلد للعمل والعيش بسلام على حد قوله ، بدلاً من التسول و التشرد في بلد تكالب عليه القريب قبل الغريب ، في بلد بات أطفاله ضحية حرب لعينة خاضها العالم ضدّه .
وفي لقاء مع سوزانا بابلو من منظمة اليونسيف الإنسانية للحديث حول الإجراءات التي تتخذها المنظمة لمعالجة هذه الظاهرة :
أوضحت سوزانا بدايةً أنّ ليس هناك أرقام واضحة و دراسة عميقة لموضوع عمالة الأطفال في سوريا ، وإنما هناك أدلة واضحة تشير لارتفاع نسبة العمالة لدى الأطفال ، و أن أي عمل وخطة تقوم بها المنظمة تتم بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية والشركاء المحليين لمعالجة هذا الموضوع و تغطيته من عدة مناح عائلية و نفسية و إقليمية ، مبينة أن اليونسيف لا تعوّض عن العمل الحكومي ، و إنما تساعد الحكومة على وضع الخطط و جمع شركاء المجتمع المحلي و بالتالي التنفيذ، بداية ً: بجمع الأدلة عن موضوع أسوء أشكال عمالة الأطفال بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة ، وذلك عن طريق عملية مسح لأسوء تلك الأشكال في محافظة حمص و دمشق و ريفها ، و توفير نظام التعليم البديل للأطفال الذين تأخروا عن مدارسهم بسبب العمالة ، ومن ثم وضع خطة كلملة للتواصل بين الأفراد المعنيين بموضوع العمالة عن طريق وضع خريطة خدمات ،إضافة لرفد المجتمع بالوعي و التثقيف اتجاه هذه الظاهرة .
وبالنسبة للصعوبات التي تواجه المنظمة في مواجهة عمالة الأطفال:
أولها صعوبة تلقي الطفل للتعليم في مناطق تعرضت المدارس فيها للدمار ، ونزوح الكثير من الأهالي من مناطقهم إلى أماكن أخرى ، فكلما حرم الطفل من فرص التعليم كلما زادت أمامه فرص الانخراط بموضوع العمالة ، وثانيها تزعزع الأمن والأمان في البلد الذي حرم الأطفال من الحصول على الحماية اللازمة من قبل دولتهم إثر الخلل الأمني الذي تشهده هيكليتها ، و ثالثها صعوبة الوصول إلى المناطق الساخنة الأمر الذي يشكل صعوبة في عملية جمع المعلومات ، وبالتالي إمكانية تقديم الخدمات و المراقبة و المتابعة ، أما الصعوبة الأخطر فتكمن في زيادة نسبة العمالة بسبب ازدياد الوضع الأمني سوءاً و بالتالي يتوسع الموضوع لشكل أخطر يتجلى بعملية تسليح الأطفال و التجنيد و الدعارة و الإتجار بهم.
هذه المشكلة تتفاقم بشكل خطير يوماً تلو الآخر فالحرب التي يعيشها البلد تدفع بالكثير من هؤلاء الأبرياء للوقوع تحت فريسة الاستغلال في سوق العمل ، في وقت تقف الجهات الحكومية لرصد الحالة ومن ثم التنفيذ......