دام برس- ديما الدعبول :

الأطفال هم الأكثر حاجة للرعاية والاهتمام ولذلك هم بحاجة إلى الأطعمة الجيدة في الوقت المناسب لتنمية وتطوير إمكاناتهم الكاملة، فالمرحلة الهامة للتغذية الجيدة هي أول 1000 يوم من حياة الطفل والتي تمتد من بداية حمل الأم حتى عام الطفل الثاني.

ولأهمية الاعتناء بالطفل وصحته التقت دام برس الدكتورة لميس بزازة طبيبة أطفال ومسؤولة الصحة في منظمة اليونيسيف والسيد محمد الملا أخصائي تغذية في منظمة اليونيسيف:

حيث أكدت الدكتورة لميس أن الرضاعة الطبيعية هي المصدر الطبيعي لغذاء للطفل ولها فوائد وأهمية كبيرة على مختلف المستويات فأول فائدة هي العلاقة التي تنشأ بين الرضيع وبين أمه، كذلك فإن الرضاعة الطبيعية تقوّي مناعة الرضيع و تقيه من الأمراض فالدراسات أثبتت أن الأطفال الرضع الذين يعتمدوا على الرضاعة الطبيعة هم أقل عرضة من الأطفال الرضع الذين يعتمدون على الحليب الصناعي من تعرضهم للإسهال الشديد والإصابات التنفسية والأكزيما الجلدية والربو والبدانة والسكري وغيرها من الأمراض التي تشكل الرضاعة الطبيعية مناعة كبيرة بالنسبة لها،

كما أن النمو مع الوقت يكون أفضل مع أن الحليب الصناعي في الفترة الأولى يخدع الوالدين بصحة قوية في سنة الطفل الأولى فيصبح لديهما قناعة أن الحليب الصناعي يجعل نمو طفلها أسرع وأكبر لكن الدراسات أوضحت أن النمو الأمثل والأفضل هو عن طريق الرضاعة الطبيعية.

وأضاف السيد محمد أن الحليب الطبيعي هو مناسب للطفل في الفترة الدقيقة والمهمة من حياته كما أن الحليب الصناعي يحتاج إلى مياه معقمة وبيئة صحية جيدة، بالإضافة إلى فوائد للرضاعة الطبيعية تعود على الأم أيضاً من حيث استعادة نشاطها بشكل أسرع بعد الولادة وكذلك تخفيف الوزن الزائد وعلى المدى البعيد يساعد على وقاية الأم من السرطانات أي من سرطان الرحم وسرطان الثدي، أما على مستوى المجتمع فالموضوع يكمن في الناحية الاقتصادية فالعائلة لن تتكلف بتكاليف الإرضاع الصناعي التي تعتبر جميعها خاطئة خلال الفترة الأولى من حياة الرضيع، كما أن الإرضاع الصناعي يسبب حالات مرض أكثر وسيترتب عليه فيما بعد كلف استشارات أطباء وكلف أدوية ويكون جسم الطفل أقل مناعة وعرضة لأمراض أكثر، لكن الرضاعة الطبيعية تساعد الجيل على أن يكون أفضل ونموه صحي حتى معدلات الذكاء فهي للأطفال الذين اعتمدوا على الرضاعة الطبيعية هي في مستويات أعلى من الذين اعتمدوا على الحليب الصناعي، كذلك الأمر فيما يتعلق بالبدانة وهي مشكلة المجتمعات، كما أن الرضاعة الطبيعية تشكل مانع طبيعي يساعد على تنظيم الحمل والتباعد بين فترات الحمل مما يعطي الطفل اعتناء أكبر ورعاية أشمل، وأشار السيد الملا إلى أن حليب الام يحتوي كل ما يحتاجه الرضيع خلال فترة الرضاعة التي لا يجب أن يتداخل معها شيء خلال الستة أشهر الأولى من الولادة ولا حتى الماء فحليب الأم يتضمن كل حاجات الطفل.

التغذية السليمة للأم المرضع:

أكد السيد الملا على توصيات منظمة الصحة العالمية التي هي فترة 1000 يوم تبدأ من الحمل وانتهاء بالسنة الثانية للطفل ويجب في هذه الفترة ان تتغذى الأم جيداً عنها وعن طفلها فالتغذية السليمة تؤدي إلى نمو جيد جداً للطفل، لذلك يجب على الأم أن تأخذ مشورة صحية بما يخص صحتها وصحة الطفل، فالأم خلال فترة الحمل يختلف احتياجها الغذائي عم مرحلة الإرضاع الطبيعي لهذا تعتبر المتابعة الصحية والغذائية للأم خلال هذه الفترات مهمة جداً.

مفاهيم خاطئة للمجتمع حول الرضاعة الطبيعية:

أشار السيد الملا إلى عدد من المفاهيم الخاطئة التي يتداولها المجتمع حول الرضاعة الطبيعية مثل أن الأم المريضة لا يمكن لها أن ترضع ابنها وغيرها من الأمثلة غير الدقيقة علمياً وبالذات حالات المرض التي تتعرض فيها الأم فالجسم يشكل بشكل طبيعي أضداد للأمراض التي تتعرض لها الأم وهذه الأضداد تنتقل إلى الرضيع من خلال الحليب فيصبح لدى الطفل مناعة إضافية، وهنا يكمن الدور المهم في نشر الوعي حول هذه المفاهيم والتأكد من صحتها ودقتها العملية قبل تداولها.

المكملات الغذائية للأطفال:

أوضح السيد الملا أن المكملات الغذائية تُعطى للأم إذا كانت بحاجة لها خلال فترتي الحمل والإرضاع وهي ما تسمى بالمغذيات الدقيقة وهذا يدعم الأم لتستمر قدر الإمكان بإرضاع الطفل رضاعة طبيعية.

أما بالنسبة للطفل فيفضل أول ستة أشهر أن تكون رضاعة طبيعية لوحدها وبعد الستة أشهر يبدأ إدخال الأطعمة الأخرى وهي الأطعمة الطرية والحيادية الطعم دون نكهات معينة وتكون غنية بالفيتامينات والمعادن ويفضل البدء بالحبوب التي تكون مصدر جيد للطفل.

وأضافت الدكتورة لميس أن الأغذية التكميلية لا تعطى للطفل قبل الستة أشهر من حياته، على الرغم من انتشار شائعات ومفاهيم بإدخال الأغذية من عمر 4 أشهر وهذا أمر خاطئ، فخلال الأشهر الستة الاولى يكون حليب الأم كاف لكل احتياجات الطفل من خلال الرضاعة الطبيعية لكن بعد 6 أشهر يكون هناك نقص في حليب الأم لبعض العناصر لاسيّما الحديد وغيرها من فيتامينات، لكن يجب البدء بشكل تدريجي بإدخال الطعام وليس بشكل مباشر وبأغذية صعبة لذلك دائماً يكون هناك برنامج غذائي يبدأ بحبوب ثم خضار مسلوقة بعيداً عن الدسم والمكسرات وبعيداً عن المواد التي تحسس الطفل وبعيداً عن بياض البيض والعسل، وتبدأ الأم بزيادة الكميات بالتدريج إضافة إلى حليب الأم حتى عمر السنة حيث يصبح بإمكان الطفل أن يتناول الأطعمة وتبدأ أسنانه بالبزوغ، كما أشارت الدكتورة لميس أنه لا يجوز التأخر عن عمر 6 أشهر في إدخال الأغذية فيصبح لديه نقص في الغذاء لذلك ففترة 6 إلى 7 أشهر هي الفترة الذهبية لإدخال الأغذية التكميلية حتى لا ينقص الطفل أي عناصر غذائية بشكل خاص الحديد.

آخر الإحصائيات حول الرضاعة الطبيعية في سورية:

أوضح السيد الملا أن 45% فقط هم الأطفال الذين يحصلون على الرضاعة الحصرية وهذه النسبة كانت خلال عام 2009 أي قبل الأزمة السورية وهو رقم قليل جداً ومن المفترض أن يكون أعلى بكثير ومع حلول الأزمة من المتوقع أن يكون الرقم قد أصبح أقل من ذلك وهذا أمر يجب الانتباه عليه.

القوانين الموجودة حول الرضاعة الطبيعية وأهم التحديات التي تواجه اليونيسيف في التوعية حول أهمية هذا الموضوع:

أشارت الدكتورة لميس إلى ضرورة التأكيد على الأطباء خاصة أطباء الاطفال بعدم الإسراع بإعطاء الحليب الصناعي للطفل، كما أضاف السيد محمد أن المفاهيم الشائعة الخاطئة تأخذ وقت حتى يتم تصحيحها وتوعية المجتمع حولها.

أما القوانين التي تدعم الرضاعة الطبيعية أوضح السيد محمد أنها قوانين موجودة من قِبل الصحة وهي موجودة منذ فترة وليست جديدة لكنها تحتاج متابعة حثيثة وإلا تكون هناك فرصة لبعض المخالفات نتيجة عدم المتابعة من قبل الصحة فتستغل بعض الشركات هذا الإهمال للترويج لمنتجاتها. وأشارت الدكتورة لميس إلى أن القوانين تشمل مثلاً عدم الترويج لأنواع الحليب الصناعي أو لفكرة الإرضاع الصناعي من خلال أشكال محببة للأطفال وأن لا تُعرض وتستخدم في الدعايات بكثرة وأن لا يروج لها بشكل محبب في مختلف الوسائل.

نصائح وتوصيات للاعتناء بغذاء الأطفال الرُّضع:

أكدت الدكتورة لميس على ان النصيحة الأولى هي الرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى للطفل فهي تشكل حماية كبيرة للطفل وتنقص من نسبة الوفيات مع مرور الوقت فالأطفال الذين تعرضوا للرضاعة الطبيعة خلال الساعة الأولى من الولادة هم الأقل عدداً من حيث الوفيات مع مرور الوقت من الاطفال الذين كانت رضاعتهم طبيعية لكن دون الساعة الأولى وهذا مؤشر جداً مهم يُقاس به الخدمات الصحية الموجودة في البلد ولمدى الخدمات التي تتلقاها الأم. إلى جانب أن الرضاعة خلال الساعة الاولى هي بمثابة اللقاح الأول والأهم للطفل.

أما النصيحة الثانية التي أشارت إليها الدكتور لميس هي إذا كان هناك خوف على الطفل من أن الرضاعة الطبيعية لا تكفيه يجب توجيه العناية للأم وتغذية الأم تغذية جيدة تؤدي إلى تحسين تغذية الطفل.

بالإضافة إلى حمض الفوليك الذي يجب أن يُعطى إلى كل أم من مرحلة التخطيط للحمل وبعد 3 أشهر من الحمل تأخذ الفيتامينات والحديد طيلة فترة الحمل لأنها عناصر مهمة تحمي من بعض الأمراض والتشوهات.

بدوره السيد محمد أشار إلى توصيات مهمة ودقيقة وهي البدء بالإرضاع خلال الساعة الأولى من الولادة، الإرضاع الطبيعي الحصري لستة أشهر وهو إرضاع متكرر حسب طلب الطفل، التغذية التكميلية تبدأ من ستة أشهر مع استمرار الرضاعة الطبيعية لعمر السنتين.

إجراءات منظمة اليونيسيف حول الرضاعة الطبيعية وتشجيع الأمهات عليها:

أوضحت الدكتورة لميس والسيد محمد أن هناك برامج مخصصة وموجهة للأمهات من محاضرات وبرامج تثقيفية توعوية حول أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل وهي تستهدف عدد كبير من الأمهات خلال فترة الإرضاع الطبيعي، كذلك استهداف أطباء الأطفال وأطباء النسائية والتأكيد على عدم الإسراع بإعطاء حليب صناعي بديلاً عن حليب الأم.

أفكار وتوصيات جديدة حول الطفل الوليد:

أشارت الدكتورة لميس إلى توصية جديدة أجريت عليها دراسات عالمية تدعى "وضعية الكنغرو" وهي أنه في حالة الجو البارد أو إذا كان الطفل وزنه قليل يوضع الطفل بوضيعة تسمى "الكنغرو" أي أن يوضع الطفل على تماس مع الأم فيأخذ دفئه منها وتؤمن له إرضاع مستمر عند طلبه ويبقى قريب منها خاصة في أيام البرد الشديد التي لا يتحملها الطفل الصغير أو الذي وزنه قليل وهي وضعية جيدة وتشجع على الإرضاع الطبيعي جداً.

كما أكد السيد أن منظمة اليونيسيف تحاول استهداف المجتمعات المحلية من خلال العمل مع وزارة الصحة والجمعيات الأهلية للوصول إلى كل أم حامل أو مرضع لتصل لها التوصيات الصحيحة والرعاية الكاملة لإعداد جيل صحيح، منتج وفعّال.