Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 00:10:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
عزيزي المواطن .. الدفء قادم ذات يوم !
دام برس : دام برس | عزيزي المواطن .. الدفء قادم ذات يوم !

دام برس - ريتا قاجو :

دمشق... بحلّتها الثلجية البيضاء، كانت هذه الصورة منذ القدم، مصدر إلهام الشعراء والفنانين والعشاق، فمن ذلك البياض الذي يلفّ "قاسيون"، لطالما تناثرت الأغاني والذكريات، وكأن السماء في سوريا كانت تثلج الضحكات وترانيم الحب والسلام والأحلام.
كانت الثلوج فرحة للصغار، بل للكبار أيضاً، ورغم أن المناخ في سوريا، قابل ليثلج كل عام، إلا أن السوريين، كانوا يروون الثلج دائماً وكأنه للمرة الأولى يتساقط من سمائهم، فإذا ما جبت شوارع دمشق في يوم كهذا، ستجبرك ضحكات الأطفال على الضحك والرقص واللعب أيضاً، بل تأخذك إلى ابعد من ذلك.. تجبرك على الأمل !
لكن الحرب لا تغيّر فقط الحدود والعلاقات الدبلوماسية، الحرب تغير ملامح الوجوه، تفقدنا الإحساس بجمال الأشياء من حولنا، في آخر مرة تساقطت الثلوج قبل عام 2011، كان الأطفال يعودون للمنزل بعد نهار من اللعب والقفز والضحك، كي يجتمعوا حول المدفأة، بعد أن أدمى البرد القارس أصابعهم الصغيرة، ثم تقبّلهم الأم بشفاهها الأكثر دفئاً من الشمس، فينامون بانتظار شمس الصباح التالي كي تبدأ المغامرة من جديد .
اليوم زارتنا هدية السماء، حيث لا مدفأة ولا شفاه دافئة، فالحرب سرقت من أطفالنا وقود المدافئ وحرارة شفاه الأمهات، وأصبحت الأم  من خوفها على طفلها من برد العاصفة تدعي سراً " يا رب فضّلت علينا كثيراً أرجوك ربي لا تبعث الخير أكثر من ذلك" !!
نعم الحرب تجعل لأجمل الأشياء في حياتنا وأكثرها عطاءً وخيراً آثاراً سلبية نخاف منها، ونحسب لها حساباً، تجعل من النعمة نقمة، وللضحكة ثمناً، فعندما تمّر اليوم من أمام جندي سوري مرابط على الحواجز والحدود، ليحمي أهله وأرضه ، فيحرق ما تبقى من أنفاسه كي يدفئ يديه، وبيصر النور بعينيه المتعبتين، لوهلة تتمنى أن تكف السماء عن الرقص، وتشرق الشمس من جديد، كي يرتاح هذا الجسد المتعب من برد الشتاء الذي لا يرحم، في هذه الظروف التي لا ترحم !
للجمال مقاييس، وللفرح أسباب، لكن الحروب تقلب الموازين، منذ سنوات، كانت هذه الأرض في مثل هذه الأيام البيضاء مظهراً السوداء مضموناً، مقصداً للسياح، كي يروا جمال دمشق حين تكتسي حلة العروس، واليوم عاد السياح إلى بلدانهم، يتابعون الأخبار ووسائل الإعلام التي تخبرهم، أن العروس تنتحر كل يوم في ليلة عرسها، ولكنها لا تيأس كلما انتحرت وماتت، يهبها الله روحاً أخرى فتعود للحياة من جديد !
لو أن بياض الثلج، ينعكس على القلوب والعقول والأرواح، لو أنه يغسل هذه الأرض المقدسة من غبار الحرب والدماء والدموع، كلما رأيت طفلاً يلعب رغم ما سرقته الحرب من أحلام طفولته، وجندياً يضحك بوجهك ومن فوقه برد الثلوج ومن ورائه ذكريات رفاق السلاح الذين سبقوه في التضحية، وأرضاً ما زالت تنبت القمح والورد رغم ما زرعوه فيها من ألغام، وسماء تمطر المطر والثلج والحب، شعرت أن الأمل ما زال موجوداً، وأن الفرح يليق بهذه الأرض الصامدة، فرغم كل ما حصل فيها ما زالت تحمل ما يستحق الحياة!
أخبروا أطفالكم أن للقصص مهما طالت نهايات سعيدة، ولا تخشوا عليهم من برد الشتاء فالدفء قادم ذات يوم، فقدر هذا الوطن أن تأفل شمسه، ثم تعود أكثر نوراً وإشراقاً !

 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2015-01-08 17:09:53   الأبيض يليق بسوريا
رائعة من الروائع.. تعبير صادق وواقع معاش والضحكة ستعود ذات يوم بإذن الله... فالأبيض يليق بسوريا..
وائل  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz