دام برس - لجين اسماعيل :
كثيرة هي المفاهيم الخاطئة التي نتداولها فيما بيننا ، مفاهيم و عبارات تناقلتها ألسن وأجيال ـ لكن ما لم نعتد عليه هو أن تطال تلك التشوهات الدين الإسلامي لتتوسع و تشمل التحريف في تفسير القرآن الكريم كما يحلو للبعض .
جماعات إرهابية مسلحة شوهت حقيقة الدين الإسلامي ، جماعات اتخذت من الدين ذريعة لها ، توجهت حسب معتقداتها ، وحللت ما أرادته .
لكن ما يثير الجدل هو أن تلك الجماعات المسلحة لم تكن متحدة في قراراتها ، كل اتّخذ المفهوم الذي يخدم معتقداته و ميوله ، و بذلك تنوعت المفاهيم و اختلق التطرف الديني عبر اتباع تلك المفاهيم .
التطرف الديني الذي حلل القتل و الذبح ، تطرف كان لمشايخ الفتنة دور في تأجيجه و ترويجه بالمقابل برزت فئة من علماء و رجال الدين الذين علموا حجم المؤامرة و أرادوا صلاح البلد وقاموا بدورهم في التوعية للشباب الذي أحس بالضياع نتيجة تضارب الرؤى و الرؤيا .
و يبقى السؤال هنا هل نقص الوعي لدى الشارع العربي كان له الأثر في التأثر بمفاهيم لم تكن حقيقة يوما ما ، أم أن رجال الدين و خطابهم ، أو يمكن أن يكون للقنوات التلفزيونية وما تروّجه الدور الأساس فيما نعيشه اليوم ؟ و هل للخطاب الديني اليوم دور في محاربة الأفكار الظلامية الوهابية .
وفي هذا صرّح وزير الأوقاف عبد الستار السيد مشيداً بدور الخطاب الديني الحاسم و المؤثرة وذلك لأن الخطاب التكفيري هو تحريض شاذ للفكر الديني مشيراً إلى ضرورة التصدي للانحراف و الضلال الفكري مؤكّداً على مواجهة هذا الضلال التكفيري عبر الخطاب الديني ورجال العلم و العلماء .
كما نوّه إلى أنّه في ظل الأزمة السورية تمّ وضع علماء بلاد الشام في مواجهة ضد الفتنة لفضح كل هذه الأفكار المنحرفة التي شاؤوا أن يجعلوها وسيلة للتكفير و الإرهاب والقتل .
و من جانبه حسام شعيب أكّد على أهمية الخطاب الديني في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الإسلام و الأمة الإسلامية و بالتالي يجب إعادة التصويب و التصحيح في اتجاه ندب ما جاء في التراث الإسلامي من شطحات فقهية و فكرية .
هذه الشطحات التي استطاع الآخر ( الغرب ) أن يستثمرها لمصلحته ، أن يعزز منها و يكرسها في فكر مجموعات متشددة يمكن أن نطلق عليها المجموعات الوهابية .
وأشار إلى أنها مجموعات حملت اسم حركات قتالية منها ما يسمى داعش و جبهة النصرة إلى غيرها من المسميات منوّها إلى أن هذا الفكر هناك من يسوّق له في العالم الإسلامي و هناك من يحمله و يتحدث به عن المنابر و أمام المسلمين خاصة في الخليج العربي .
كما لفت إلى القنوات الإسلامية التي ترسل بثها عبر العالم و تكرس هذا الخطاب في ذهنه و نفسيته كما يعتقد أنه يعيش في عالم بعيد عن الإسلام الحقيقي أو عن الدولة الإسلامية ويحلم بها ، وهذا ما جعل الإسلامويون يأتون من معتقد ديني موجود كحجة و ذريعة حين يتوافدون من الخارج إلى مناصرة إخوانهم كما يعتقدون و للقتال في سورية و العراق .
و من هذا المنطلق أكد على حاجتنا اليوم إلى إعادة صياغة جديدة للخطاب الديني فيما يتوافق مع المنطق و العقل الإسلامي و الحضارة الإسلامية و الإنسانية و بما يتوافق مع الواقع السياسي إضافة إلى ما يتوافق مع مصلحة المجتمعات العربية و الإسلامية .
وما احتلال فلسطين إلى يومنا إلا لتشويه صورة الإسلام الحقيقية و طمس حقيقة عروبة المنطقة و اتباع سياسة التفريق بين العروبة و الإسلام لخلق ذرائع توجد فيما بعد كنتونات دينية و مذهبية و فكرية وطائفية في المنطقة لتستخدم في مشروع الدولة العبرية .
وبدوره خلدون الخاني أشار إلى توجيه الخطاب الديني لمحاربة هذا الفكر لافتا إلى ضرورة اختلاق كتاب فقه الأزمة منذ عشرات السنين .
أما عن مواجهة الهجمة الكونية الشرسة أكد على ضرورة وجود دعاة متخصصين و أهمية التوعية ذلك لأن الكثير من الناس لا يعلمون عن الفكر الإرهابي الظلامي التكفيري إلا ما يقرؤونه في عناوين بالمجلات .
و يعود و يؤكد على أن رجال الفكر والثقافة هم من يمثلون الصمود و التحدي للهجمة الكونية على العرب و سورية و المسلمين ، مشيداً بدور المشايخ في المساجد و المراكز الثقافية عبر إحداث ندوات توجيهية و إرشادية توعوية .
كما أشار إلى الزخم الكبير من العلماء و الأدباء الذين يقومون بدورهم حيث يوجهون النقد لتلك العقول الفكرية الإرهابية التي تمارس التطرف الأعمى و القتل المشروع حتى يتبين للناس أجمع ما نحن عليه ، داعيا الشعب السوري للوقوف و الاتحاد و التكاتف كالصف المنيع .
و بهذا يبقى الدين الإسلامي هو الدين الذي نشأنا عليه ، و استقينا من تعاليمه و مبادئه و بالرغم مما أصابه من تشوهات نتيجة الفهم الخاطئ من قبل بعض الجماعات إلا أن ذلك لا يعطينا الحق بأن نتابع في طريق الخطأ ، و إنما ما يمكن أن يصدر عنا كمواطنين واعيين هو أن التصويب و التصحيح و نشر التوعية من أجل نهضة سورية و انفتاحها على الآخر و مناقشته بكل جرأة .
تصوير : تغريد محمد