دام برس - خاص :

أربع سنوات تمضي ، و الإرهاب مارس ضغوطه بكل الأشكال ، إرهاب دمّر العقول البشرية و كسر النفوس ، إرهاب يدمّر و يخرّب ، يقتل يشرّد متذرّعاً بحجج واهية ، و على الجانب الآخر نرى من الناس من صدّق كذبهم و اضطر لظروف قاسية أن يكون السند لهم .
و منذ بداية الأزمة السورية و الحرب الكونية  كان الخيار الأمثل للتضييق على الجماعات المسلّحة هو الحل العسكري السياسي كنوع من الردّ و الدفاع عن كل شبر من الأرض السورية  ، فقد عملت تلك الجماعات على تشويه الحقائق و لا يخفى على أحدكم  تلك الطرق و الأساليب التي اتّبعتها تلك الجماعات بتمويل خارجي للعمل على زعزعة أمن و استقرار سورية التي طالما كانت بلد الأمان و المحبّة و التلاحم .
لكن اليوم و مع الانفتاح الكبير الذي تشهده العقول البشرية  و الرؤية الواضحة التي ترسّخت في الأذهان ، ومع عودة الكثير إلى جادة الصواب و رغبتهم في الاندماج من جديد بأبناء الشعب السوري و الانخراط في المجتمع و أخذ دور فاعل لهم كان للمصالحة الوطنية  دورها الأساسي في إطار الحل الاجتماعي للوقوف إلى جانب الحل العسكري  .
فوزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية لعبت دورها الفاعل في تهدئة النفوس واستقرار الأوضاع في بعض المناطق التي شهدت اشتباكات و حروب  ، إلا أن هناك الكثير من المواطنين ممن ليس لديهم إطلاع على عمل الوزارة يتهمونها بالتقصير ، و ذلك لأنهم يحصرون عملها فقط بالنتائج  ، و هذا ما لاحظناه من خلال مشاركاتكم و تفاعلكم معنا عبر زاوية شارك برأيك حيث نفى الكثير منكم عمل الوزارة إضافة إلى أن هناك منكم من يرفض المصالحات ككل ظنّا منه أن الإنسان الذي باع وطنه فهو غير جدير بالعودة إلى حضنه .
و لأننا عودناكم على المصداقية و الشفافية تابعنا ملف المصالحة الوطنية  و تحدّثنا عن عملها  و وقفنا على جهودها  .
وفي تصريح خاص لدام برس قال : وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية الدكتور علي حيدر بأن دور الدولة يأتي كدور خدميٍّ كونها الراعي و الأب إن كان على صعيد منطقة الاشتباكات في إطار إخراج الجماعات المسلّحة منها ، أو منطقة في طور إعادة تأهيلها .

كما أكّد على دور وزارة المصالحة و عملها الدائم  التي تسعى إلى وقف إراقة الدماء و محاربة الإرهاب  منوّهاً إلى حاجة وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية إلى عمل مركزي و فرعي حيث يصف عملها بالميداني  في إطار دحض الأكاذيب و الإشاعات التي يتم ترويجها بين الناس و قال الوزير حيدر أنه يعذر المواطن الذي يبني مواقفه بناءً على آراء معقبا بهذا الخصوص على أهمية النظر في سير عمل الوزارة في كل المراحل و ليس حصرها فقط مما ينتج عن العمل  لافتا إلى احتمال التعرض لعدة أسباب من شأنها أن تعرقل  عمل المصالحة لكن هذا لا يعني أنها عملية غير قابلة للتنفيذ .
كما أكد على عمل المؤسسات و النظر في عملها و ممارسة دور الرقابة عليها في إطار المحافظة على الإتقان و المصداقية لافتا إلى عدم وجود إشكالية لو حصلت التسويات بعيداً عن وزارة المصالحة حيث أن وزارة المصالحة الوطنية جزء من الدولة و الحكومة السورية الذين  يمثّل عملهم قيمة مضافة لعمل وزارة المصالحة  .
و أوضح الوزير حيدر أنّ عملية سير المصالحات الوطنية عملية متكاملة لافتاً إلى حاجتها لفترة زمنية فما يجري من مصالحات تبدأ بمرحلة تأهيل لمرحلة لاحقة مؤكّداً على وقف العملية العسكرية و فتح الطرقات للمؤسسات الخدمية مما يجعلها مؤهلة للسكان  و بالمقابل يتم العمل على ملف الجماعات المسلحة في تلك المناطق و النظر في قضاياهم و معالجتها .
و أضاف أن هناك من الأسر و العائلات ممن لديها موقوفين و التي تمارس نوعاً من الضغط لمعرفة مصير الأبناء فصرّح أن هذه العملية تمتاز بالسرية التّامة و الكتمان مؤكّدا بدوره على خضوع هذا الموقوف للقانون السوري و تتم متابعة ملفه و تسوية وضعه في حال إثبات براءته حيث أن تسوية الأوضاع قد تتعلق بشخص مدني  ، عسكري أو شرطي  ، أشخاص موظفين موجودين في مناطق تحت سيطرة الجماعات المسلحة  حيث يتم مراسلة مكان العمل و الحصول على معلومات و بيانات  بشأن الأشخاص و تسوية أوضاعهم و إعادتهم إلى عملهم  .
و يذكر أن السيد وزير المصالحة  علي حيدر قد خصص يوماً للمواطنين في سبيل الاستماع إلى لمشكلاتهم و محاولة إيجاد الحلول و مساعدتهم بأقصى الجهود .
كما أن الاستقبال يتم بوسائل متعددة إما هاتفيا ، فاكسات أو رسائل و تعتبر  بمثابة  شكوى رسمية حيث تستقبل و تؤرشف لكن الأهم هو الاستفادة من المعطيات للبحث عن الأسماء والعمل على المعالجة التي تخضع  لمراحل عدة  فالوزارة معنية  بالمتابعة والحصول على نتائج  .
و عن آلية عمل مكتب المخطوفين  قال أن هذا المكتب  يعمل على الإفراج عن المخطوفين  سواءً كانوا مسجلين في الوزارة أو لا ، إلا أنه أكّد على ضرورة التسجيل في إطار الوصول إلى المعلومة بشكل أفضل و أوسع .
و لفت إلى أنه لا  يقيّم عمل الوزارة بعدد المخطوفين أو المعتقلين في سورية الذين تم الإفراج عنهم  وأضاف بأن قصص الخطف تختلف رغم أن العملية واحدة بالنسبة للجماعات المسلحة فهناك أعداد كبيرة من الخاطفين غير الجماعات المسلحة  يخطفون بهدف مادي كما أشار إلى أن معاقبة الخاطف تصل إلى الإعدام أحيانا ضمن القانون السوري .
أما الأستاذ  محمد العمري من المكتب الإعلامي  شكر بدوره مؤسسة دام برس على إطلاق هذه الزاوية التي من شأنها أن تقرب بين المواطن و الجهات الرسمية ، و قد بين مفهوم المصالحة المحلية التي هي عبارة عن تسويات محلية  تحدث على مستوى المناطق و الأشخاص و التي بدورها  تمهد الطريق لإطلاق العملية السياسية التي من شأنها أن تصل للمصالحة الوطنية  والحوار الوطني الذي أشار إليه السيد رئيس الجمهورية أثناء خطاب القسم .
كما أكد أن السيد رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد  طرح برنامج الحل السياسي الذي تضمن المصالحة  الوطنية في نهاية المرحلة الثالثة ، و بالتالي التسوية التي تجري على المناطق و الأشخاص هي من شأنها أن تخفف من مؤشرات الاستفزاز داخل المجتمع السوري و تعالج كافة مشاكل المواطنين الاجتماعية و الاقتصادية و التعليمية .
و قد أوضح العمري أن المصالحات المحلية هي عبارة عن  مسار يبدأ بفتح قناة اتصال مع الجماعات المسلحة و إقناعها بالحل السياسي و وقف إطلاق النار ، وصولا إلى عودة الأهالي إلى تلك المناطق ، و في هذا السياق أضاف أنه اليوم و في إطار العمل في وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية يتمّ العمل على مجالين ؛ المجال التقاني  الإداري من خلال معالجة مجموعة من الملفات التي من شانها أن تخفف من معاناة المواطنين  داخل المجتمع السوري ، و منها ملفات الموقوفين و المخطوفين ، و تسوية الأوضاع و تسليم السلاح و كذلك العمل على تحصين المناطق التي جرت بها المصالحات والتي  ترغب بعض الجماعات المسلحة بالدخول إليها لإفشالها و في هذا  أشار العمري إلى  حديث السيد الوزير الدكتور علي حيدر و الذي تطرّق فيه إلى منطقة  الحسينية التي يجري العمل عليها و وضع آليات إعادة تأهيل البنية التحتية  لإعادة أكثر من 40 أو 50ألف مواطن كمرحلة أولية لعودة الأهالي إلى تلك المناطق ، و فيما يتعلّق بالمجال الآخر فإنه يختصّ بإطلاق المصالحات التي جرى العمل عليها في الفترة الماضية .
و أكّد على أن  السياسة العامة للقيادة السياسية للجمهورية العربية السورية  متجهة نحو إيجاد حل سياسي للأزمة السورية رغم كل الضغوط التي تمارس على سورية فلا يخفى على أحد تلك  الدول التي تجاوزت  الثمانين و لعبت دورها في تدخلها في الأزمة السورية و التي قامت  بتمويل المجموعات الإرهابية  المسلحة .
و في التسويات أعرب عن أهمية التمييز بين الحالات التي تعرض في التسوية فهناك بعض الأشخاص ممن غرر بهم و لم يرتكبوا جرماً فهؤلاء يجري العمل على إعادتهم لحضن الوطن  ؛فالأب الحنون يعيد أبناءه إلى جادة الصواب  ، حيث يتم إعادة تأهيلهم للخضوع في مسار إعادة إعمار سورية  ، كما أكّد على أن المئات ممن عادوا إلى حضن الوطن و خدمته قد استشهدوا إلى جانب قوات الجيش العربي السوري و هناك من الأشخاص ممن يسلّمون أنفسهم و هم مدانون فيعرضوا على محاكم  مختصّة .
أما عن نظرة الناس إلى المصالحة و دورها قال أنه و بعد عامين على إنشاء الوزارة  كانت فكرة المصالحة بعنوانها العام هي فكرة غائمة في عقول الناس إلا أنها  اليوم أصبحت خيار لابد منه بالتوازي مع مكافحة الإرهاب الذي يقوم به الجيش العربي السوري .
فالجيش العربي السوري يقوم بدوره الاجتماعي إلى جانب الوظيفة الدفاعية و العسكرية في حماية المناطق من خلال رعايته لمعظم المصالحات التي تجاوزت أكثر من أربعين  مصالحة و قاربت الخمسين   .
و بالتالي نستطيع التحدث أن الخارطة  على طول مساحة الدولة السورية  أصبحت فيها البيئة ملائمة لإطلاق  المصالحات  الوطنية  ،مشيداً بدور المبادرات الأهلية التي تمثل حلقة  الوصل بين المواطنين و الدولة السورية .
و أضاف بأن أحد مقومات نجاح المصالحات في بعض المناطق كانت في سريتها و إخفاء بعض تفاصيل  أحداثها استنادا على قاعدة " استعينوا بقضاء حاجاتكم بالكتمان " مثلما حدث في إنجاز مصالحة  حمص القديمة على مدى عام كامل ، كما شدّد على أن الدولة السورية تسعى بكافة أعضاء الفريق الحكومي إلى المصالحات و إطلاقها لتشمل خارطة الأراضي السورية .
و في ضوء ما يجري على الخارطة السورية  على اختلاف نقاطها نتحقق من أهمية و ضرورة الحل الاجتماعي المتمثّل بالمصالحات الوطنية إلى جانب الحل العسكري و السياسي  ، فسورية هي الأم و الحضن الحنون و قادرة على أن تتسع لكل من أراد العودة إلى جادة الصواب .

تصوير : تغريد محمد
اعداد  : لجين اسماعيل