دام برس – رنيم طيارة :

 الوشم فهو وضع علامات ورسومات وكلمات في الجسم لأغراض عدة، وذلك بغرز الإبرة في الجلد ثم حقنه بصبغ معين عن طريق هذه الفتحات والجروح التي تحدثها الإبر ليبقى الصبغ داخل الجلد ولا يزول، فيخضر أو يزرق أو يسودّ أو يتخذ لونا على حسب رغبة الواشم أو الواشمة .ويرجع تاريخ الوشم إلى أزمنة قديمة، فقد وجد على بعض المومياءات المصرية التي يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد، وكذلك عرف في الصين والهند والإغريق ، كما عرف عن الرومان بأنهم كانوا يقومون بوشم رقيقهم ومجرميهم، وقد اتخذه البربر والعرب زينة وحلية لنسائهم..

عادة ريفية قديمة ظهرت بحلة جديدة

عادت الثقافات الريفية القديمة الى الظهور بحلة جديدة على اجساد الفتيات، ويبدو ان انتشار الوشم راق لفتيات العصر الحديث ،بعد أن انقرضت كليا صناعة الوشم في الفترات الماضية بعدما شهدت مستحضرات التجميل انتشار كبير ورواج  بين النسوة، ويذكر ان الوشم في السابق مؤلم وبدائي ويستخدم فيه الرماد الذي تخلفه النار والابر، بينما في الوقت الحاضر يصنع الوشم بطريقة سهلة جدا لا تخلف مشاكل. ويتنوع الوشم عادة بعدة انواع منها التجميلي والذي يمكن رسمه على الشفاه والحواجب لعمل مكياج دائم وفي هذه الأيام انتشر الوشم على الأجساد وعند الفتيات أكثر من الفتيان ، تقول "سارة ديب" أخصائية تجميل :" في السنوات الماضية كنا فقط نعمل التاتو وهو نزع شعر الحاجب ووضع اللون بديل له، مما شهدت صالونات التجميل ارتفاع في معدل النساء اللواتي يرغبن بصناعة التاتو على اجسادهن متشبهات بممثلات ونجمات سينما " .

إغراء غير محبب

على الرغم من اعتياد المجتمع على ظاهرة وشم الفتيان أو الرجال على أجسادهم لكنه في المقابل  لم يعطي الضوء الأخضر للفتيات للقيام بذلك ، بل هكذا فعل يضع تصرفات الفتاة تحت المجهر فتكون  مراقبة من الناس ولا ننسى النظرة الدونية لها

فيعتبرونها نوعا من التمرد على المجتمع الذي بدوره ليس بأمر محمود .

يقول سامر "25 "عاما : " عندما تقوم الفتاة بوشم رسمة أي كان شكلها على جسدها تكون غايتها الأولى هي لفت نظر أو الإغراء وليس بقصد التجميل أو التزيين " 

  أما "ريم " 28 عاما فقالت :" الرسم على الجسد ظاهرة جميلة وعصرية واعتبرها انفتاحاً على الغرب ،وهناك رسوم على اليد أو الكتف بأشكال جميلة، مثل وردة ، والعديد من الرسوم التي تعطي جمالية للجسد ، أنا رسمت فراشة على كتفي وتعتبر هذه الرسوم زينة للمرأة وذوقا شخصيا ".

تقليد أعمى... وسخافة

لم ننته من طرح السؤال على " راما " بخصوص الوشم حتى قاطعتنا وانتقدت كل من يضع الوشم أو يروج له أو يصنعه فترى أن كل هذه الزخارف والرسومات التي توضع على الجسم ليست سوى تقليد أعمى للغرب " ودليل على سخافة الفتاة ".

أما " باسمة "35 عاما تقول : " اسباب عديدة طبعاً تقوم الفتاة بسببها بالوشم اولاً ربما تكون لاجل الزينة والجمال والبعض يقوم به لضعف الشخصية والبعض يتخذها من باب التقليد للغير او التمييز عن الاخرين يعني كتمييز عن الاخريات " .

لفت الانتباه وإثبات الشخصية

اعتبر الطبيب النفسي " رامي شلهوب " أن البعد النفسي في هذا الموضوع يتمثل في أنه "امتداد لتقاليد تاريخية واجتماعية كما أنه موضة وصرعة انتقلت في أيامنا هذه إلى جيل الشباب للفت الانتباه أو لإثبات شخصية الواشم معتبرين الفنانين والممثلين نموذجا لهم".

وأضاف أن الوشم قد يكون شعار لجماعة دينية أو سياسية أو فكرية معينة، كما أنها صرعة تهدف إلى السير في كل ما هو جديد".

عادات وتقاليد أم مرض نفسي أم حرية شخصية ؟!

وفي هذا الشأن تقول الحجة فضة التي تبلغ من العمر 69 عام إن "الوشم ليس حديثاً بل هو قديم، فالنساء أيام زمان كانوا يضعون النقاط والأشكال الهلالية على الخدين أو أسفل الفم ".

وتضيف "يختلف الوشم عما هو الآن، فاليوم تستخدم أدوات حديثة لصنع الوشم كما تستخدم زخارف وأشكال منظمة لم تكن موجودة في السابق، فقديماً يتم تحديد مكان الوشم على اليد أو الوجه غالباً ثم يتم غرز الإبرة مكانها باستخدام غبار القهوة الموجود على الدلات (إناء توضع فيه القهوة في المضافات العربية). كما أخبرتنا أن الوشم كان يدعى قديما "ذهب الفقراء".. كونه يعتبر زينة للمرأة الفقيرة التي لا تملك ثمن الحلي غالي الثمن".

يقول الدكتور "رامي " : " ان الفتيات في محاولتهن لتقليد الموضة ليس فقط بالوشم الذي يزول بسرعة وانما الى الوشم الدائم لان الموضة اليوم في الوشم الدائم وعندما يقمن برسم هذا الوشم فهن يتباهين بانهن اخترقن بعض التقاليد واخترقن الغير مسموح به لان هنالك اهل لا يقبلون بان تقوم الفتاة برسم وشم دائم على جسدها فهي بهذه المسألة وكأنها تتحدى الاهل وفي نفس الوقت تتحدى المجتمع وتتحدى النظرة السائدة التي تمنع تقليدياً هذا الوشم على الجسد لان هذا الوشم على الجسد  يقصد به  ليس فقد التقليد وليس فقط الموضة وانما الحرية في استعمال الجسد كما تريد الفتاة".

تقول الأخصائية الاجتماعية  " نغم البشير " : " ما تعيشه الفتاة من كبت نفسي  وحرمان وضغوط من المجتمع المحيط يدفعها للقيام بأفعال غريبة عن عادات مجتمعها بقصد تجاوز المعتقدات والتفرد وصولا  للتميز لإرضاء ذاتها  ربما لو تعمّقت قليلاً في دلالة تصاميم الوشم، ستكون قادراً على فهم الوشم والمتحمّسين له أكثر، فتصميم الوشم دائماً يحمل معنى ما ويخبرك شيئاً عن الشخص وخلفيّته/ها " .

الموقع يحدد الهدف

يقول أحد العملين في مراكز الوشم : " يزداد الإقبال على المركز الذي يعمل به في الصيف خاصة وأن معظم النساء المقبلات على رسومات الوشم يرتدين "البيكيني" و"المايوه"؛ الذي تزداد إثارته بوشم في أماكن مكشوفة. فتختار  رسومات تتعلق بالزهور والفرشات والعيون عادة ما توضع فوق الصدر كتعبير عن الرغبة في الحنان، وتوضع أسفل الظهر للتعبير عن الرغبة الجنسية، وتوضع أيضا على الكتف للتعبير عن شيء مرغوب فيه على غرار الارتباط أو الصداقة " .

عدوى وأمراض انتقالية

هل يمكن أن يكون للوشم مضار ؟ نعم ، هذا ما أكده الدكتور أخصائي الأمراض الجلدية الدكتور " أديب طيارة "، قال : مخاطر الوشم كثيرة ، يتم عمل التاتو من خلال حقن المادة الملونة بالإبرة، وقد تستخدم إبرة واحدة لعدة أشخاص مما يؤدي إلى نقل العدوى من الأشخاص المرضى أو ممن يحملون الإمراض ،مثل الآيدز أو التهاب الكبد الوبائي. وأضاف :" معظم من يقومون بعمل الحقن والألوان غير مؤهلين طبيا لحماية الصحة العامة، مما يسهل انتشار العدوى، فمنهم من يجيد الرسم والتلوين ولكن لا يعرف شيئا عن المخاطر الصحية لما يقوم به من عمل ، وأن المواد المستخدمة شديدة الحساسية ،فهي مواد كيمياوية تسبب الحساسية والتهيجات والتشققات الجلدية، والبعض منها يسبب أمراض السرطان، وقد تؤدي إلى الأمراض الجلدية التي  يصعب الشفاء منها ".