دام برس
بعد مرور عشرة سنوات على تأسيس المعهد الوطني للإدارة العامة في سورية بموجب المرسوم التشريعي رقم 27 لعام 2002 الصادر عن السيد الرئيس بشار الأسد , بعد الزيارة التي قام بها إلى فرنسا في العام 2001 , وتوقيع البروتوكول الخاص بين الحكومة السورية والحكومة الفرنسية للتعاون في مجال الوظيفة العامة والإدارة العامة , كان ظهور المعهد كتجربة تعتبر بمثابة محاكاة للتجربة الفرنسية مع الحفاظ على الخصوصية السورية , وذلك بهدف لتأهيل كوادر عالية المستوى في مجال الإدارة العامة والوظيفة العامة كخطوة في مشروع الإصلاح الإداري في سورية ,إلا أن هناك من يحاول أن يضع العصي في عجلات المعهد , سواء عبر محاربة خريجيه , إلى إدارته , وصولاً إلى كيفية اختيار المتدربين فيه ,ونحن هنا نسلط الضوء من جديد على هذا الصرح الإداري الهام , وعلى خريجيه المغيبين تماماً , كي لايصلوا إلى كراسي الجلد والمخمل التي يتباهى بها البعض , فمن يحاربهم إدارياً ؟ وما هي الحلول للخروج من متاهات المعهد؟ لنتابع:
الحكومة تحارب المعهد وخريجيه
الأستاذ عفيف دلا أحد خريجي المعهد قال : المعهد الوطني للإدارة العامة أنشئ كخطوة في مشروع الإصلاح وعندما نتحدث عن مشروع الإصلاح الإداري هذا يعني أن له بداية وله نهاية وهو قابل للقياس ويجب أن تقوم الحكومة بتقييم هذا المشروع لأنه مشروع الحكومة والدولة في تطوير إداراتها ورفع مستوى فاعلية الأداء الحكومي بشكل عام. وبمناسبة مرور عشرة سنوات على تأسيس المعهد الوطني للإدارة العامة بموجب المرسوم التشريعي رقم 27 لعام 2002 الصادر عن السيد الرئيس بشار الأسد ,وذلك بعد الزيارة التي قام بها السيد الرئيس الى فرنسا في العام 2001 , وتوقيع البروتكول الخاص بين الحكومة السورية والحكومة الفرنسية للتعاون في مجال الوظيفة العامة والإدارة العامة , كان ظهورالمعهد كتجربة تعتبر بمثابة محاكاة للتجربة الفرنسية مع الحفاظ على الخصوصية السورية , وذلك بهدف لتأهيل كوادر عالية المستوى في مجال الإدارة العامة والوظيفة العامة كخطوة في مشروع الإصلاح الإداري في سورية.
إن مشروع الإصلاح الإداري طرح في عام 2000 مع مجيء السيد الرئيس بشار الأسد وإلقاء خطاب القسم للولاية الدستورية الأولى، وكان الإصلاح الإداري ضرورة ملحة جدا في سورية لأن المشكلة هي مشكلة إدارات، وقد عبر السيد الرئيس عن هذا الشيء عندما قال " لا توجد دولة متقدمة ودولة متخلفة إنما يوجد إدارات متقدمة وإدارات متخلفة".
فكان هناك تركيز كبير جدا على موضوع الإدارة العامة أو الإدارة بشكل عام وتطوير البنية الإدارية والكوادر الإدارية، لذلك كله أنشئ هذا المعهد.
الفكرة الأولية لإنشاء المعهد الوطني للإدارة العامة كانت في العام 2000 وأول دفعة كانت في عام 2003 وتخرجت في العام 2005 .
طبعا نظام القبول في المعهد يقوم على إجراء مسابقة قبول لكل حملة الشهادة الجامعية ممن هم دون سن الـ 35 عاما بالنسبة للذكور والإناث إضافة الى الإعفاء من خدمة العلم للذكور، بغض النظر عن التخصص الجامعي أو معدل التخرج، وفي مسابقة القبول يخضع المتقدمون الى مجموعة مفردات في الإدارة العامة في الاقتصاد والمالية العامة والثقافة العامة واللغتين الانكليزية والفرنسية، بالطبع فإن مناهج المعهد تعتمد من قبل وزارة التعليم العالي بالتعاون مع المدرسة الوطنية الفرنسية " الإينا " وبعد اجتياز مسابقة القبول يخضع الناجحون الى امتحانات شفهية وكتابية وهذه الامتحانات تكون في مجالات متعددة وبعد الامتحان يكون هناك تصنيف لأعلى 100 علامة في الامتحان الكتابي.
المائة الأعلى يتأهلوا الى خوض الامتحان الشفهي وهو بمادة يختارها الطالب إضافة الى فحص اللغة والمقابلة الشخصية واللغة الثانية في حال وجودها.
أعلى 100 علامة يصبحون 50 طالب فقط بعد الفحص الشفهي وهو العدد الذي يقبل في كل سنة في المعهد الوطني للإدارة العامة، ويدرس المنهج المعتمد على مدى سنتين ميلاديتين أي 24 شهر، طبعا يدرس الطالب بمحاور أكثر تعمق في مجال الإدارة العامة والوظيفة العامة.
المعهد يجمع بين الدراسة النظرية والدراسة التطبيقية ولا يركز فقط على الجانب النظري وهناك حالات عملية وتمارين تطبيقية أساس العمل فيها هو الفريق ويقسم المهام على أعضاء الفريق والعلامة النهائية تقسم بين التمارين التطبيقية والحالات العملية الجماعية، إضافة الى الامتحانات الكتابية بالمواد الأساسية والتي تقسم الى أربعة محاور.
المحور الأول هو الإدارة العامة والمحور الثاني هو الاقتصاد والمالية العامة والمحور الثالث هو التخطيط الإقليمي والمحور الرابع هو العلاقات الدولية والتعاون الدولي.
وتحت كل محور يوجد مجموعة مفردات ومجموعة مواد تخصصية يبحث فيها الطالب مع أساتذة مختصين وخبراء سوريين وأجانب إضافة لعدد من الخبراء الأوربيين من فرنسا تحديدا وبعد سنتين من الدراسة يتخرج الطالب ويصبح مؤهل بشكل كبير ليكون في مفاصل حيوية في الإدارة العامة لأنه أتطلع على توليفة كاملة من مفردات العمل الحكومي ومتطلبات العمل الإداري عالي المستوى في الحكومة سواء على الأرضية القانونية والأرضية الاقتصادية و إضافة الى ذلك موضوع المهارات اللغوية ومهارات البرمجة العصبية إضافة الى اللغات ومهارات الحاسوب وبعض البرامج التخصصية.
المعهد الوطني للإدارة العامة أنشئ كخطوة في مشروع الإصلاح وعندما نتحدث عن مشروع الإصلاح الإداري هذا يعني أنه له بداية وله نهاية وهو قابل للقياس ويجب أن تقوم الحكومة بتقييم هذا المشروع لأنه مشروع الحكومة والدولة في تطوير إداراتها ورفع مستوى فاعلية الأداء الحكومي بشكل عام.
للأسف الذي حدث ويحدث هو أن الحكومة هي من حاربت المعهد الوطني للإدارة كما حاربت خريجي المعهد من حيث الفرز العشوائي والغير ممنهج.
يقال أن الطالب هو صاحب الاختيار في الفرز لكن الطالب يختار الجهة فقط ولا يختار التوصيف الوظيفي أنا كخريج اختار الوزارة أو الجهة العامة لكن الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء هي من تمثل صلة الوصل بين رئاسة مجلس الوزراء والمعهد الوطني للإدارة العامة وهي لا تقوم بأي دور داعم للخريج ليكون في الموقع الإداري أو المرتبة الإدارية التي يستحق وبالتالي خريج المعهد الوطني للإدارة العامة يعامل كأي ناجح في مسابقة عادية ويعين بأصغر رتبة وظيفية وهي معاون رئيس شعبة علما أن السيد رئيس الحكومة قد أصدر تعميم مفاده ضرورة الاعتماد والاستفادة من الخريجين بحكم أنهم يمتلكون مؤهلات عالية المستوى إضافة الى مهارات اللغة ومهارات إدارية في تخصصات مختلفة، لكن مع ذلك لم ينفذ هذا التعميم والخريج يعاني كثيرا.
على ما يبدو هناك رؤية مسبقة عند أصحاب القرار الموجودين في هذه المؤسسات أن خريجين المعهد قادمون لمنازعتهم على مراكزهم ومسؤولياتهم، للأسف لم نعد نستطيع اعتبار المعهد الوطني للإدارة العامة أنه ما يزال مشروع الإصلاح لقد أصبح معهد متخصص بالتأهيل والتدريب فقط ولا يعتبر مشروع للإصلاح الإداري .
اليوم حتى إدارة المعهد وفي أكثر من مناسبة كانت تقول أننا كإدارة معهد مسؤولين فقط عن تأهيل وتدريب الطالب ولا علاقة لنا بمرحلة ما بعد تخرجه علما أن الأمر الطبيعي هو أن يتابع هذا الخريج بعد أن يتخرج ويصبح في الإدارة الحكومية لأنه يبدأ تحقيق الهدف المرسوم له الذي تأهل وتدرب خلال سنتين على هذا الأساس وتكلفت الدولة مبلغ يقارب المليونين ليرة سورية لإنهاء تأهيله وتدريبه، ولكن للأسف هنا يوجد قطيعة كاملة بين إدارة المعهد وبين أمانة العامة لمجلس الوزراء وبين الخريجين وليتركوا ويواجهوا مصيرهم هذا هو واقع الحال حتى الآن 5% فقط من الخريجين أخذوا مناصب إدارية و لا أستطيع أن أقول أنها متقدمة.
علما أن الخريجين اليوم عددهم حوالي 350 خريج لذلك أقول أن اليوم لم يعد هناك أي علاقة بين المعهد الوطني للإدارة العامة وبين مشروع الإصلاح الإداري.
الحل هو بتطبيق مضمون المرسوم التشريعي رقم 27 لأن المعهد الوطني للإدارة يعتبر خطوة على طريق الإصلاح التي أطلقها السيد الرئيس بشار الأسد للنهوض بالواقع الحكومي والإداري في سورية لأننا نحتاج الى نهضة حقيقية لأن اليوم كل المشكلات على مستوى التخطيط والتنفيذ والرقابة والتقويم على مستوى الآفاق بشكل عام و الهدر ناتج عن خلل في الإدارة وانخفاض مستوى الكادر البشري في أي خطوة للتقدم .
لذلك بتقديري المطلوب هو إعادة النظر بوضع الخريجين وتقييم المعهد بعد عشر سنوات من إقلاعه، التقييم يجب أن يكون شاملا لواقعه وواقع الخريجين لأن متابعة إدارة المعهد للخريجين هو سيء جدا.
اليوم البعض من خريجين المعهد تقدموا بإجازات طويلة أو قدموا استقالاتهم للعمل في القطاع الخاص .
ومن الملاحظات أن حفل التخرج للدورة الأولى والثانية كانت برعاية السيد رئيس مجلس الوزراء بينما حضر حفل التخرج في الدورة الثالثة والرابعة نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وأما الدورة الخامسة فهي برعاية وزير التعليم العالي، وهذا يعكس واقع اهتمام الحكومة بالمعهد الوطني للإدارة.
ولابد أن نذكر مسألة أخرى انه بموجب المرسوم التشريعي رقم 27 حدد بند للتعويضات بحيث يأخذ الخريج تعويض تخصص بقيمة 75% من الأجر الشهري ولكن وزير المالية السابق خفض وقلص هذا التعويض الى 17.24 % وبذلك قام بكسر مضمون الرسوم وتجاوز بنوده
للأسف الذي حدث ويحدث هو أن الحكومة هي من حاربت المعهد الوطني للإدارة كما حاربت خريجي المعهد من حيث الفرز العشوائي وغير الممنهج.
وأضاف : يقال بأن الطالب هو صاحب الاختيار في الفرز لكن الطالب يختار الجهة فقط ولا يختار التوصيف الوظيفي أنا كخريج اختار الوزارة أو الجهة العامة لكن الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء هي من تمثل صلة الوصل بين رئاسة مجلس الوزراء والمعهد الوطني للإدارة العامة وهي لا تقوم بأي دور داعم للخريج ليكون في الموقع الإداري أو المرتبة الإدارية التي يستحق , وبالتالي خريج المعهد الوطني للإدارة العامة يعامل كأي ناجح في مسابقة عادية ويعين بأصغر رتبة وظيفية وهي معاون رئيس شعبة ,علما أن رئيس الحكومة أصدر تعميماً بضرورة الاعتماد والاستفادة من الخريجين بحكم أنهم يمتلكون مؤهلات عالية المستوى, إضافة الى مهارات اللغة ومهارات إدارية في تخصصات مختلفة، لكن مع ذلك لم ينفذ هذا التعميم والخريج يعاني كثيراً.
وقال :على ما يبدو هناك رؤية مسبقة عند أصحاب القرار الموجودين في هذه المؤسسات أن خريجين المعهد قادمون لمنازعتهم على مراكزهم ومسؤولياتهم، وللأسف لم نعد نستطيع اعتبار المعهد الوطني للإدارة العامة أنه ما يزال مشروع الإصلاح لقد أصبح معهد متخصص بالتأهيل والتدريب فقط ولا يعتبر مشروع للإصلاح الإداري .
اليوم حتى إدارة المعهد وفي أكثر من مناسبة كانت تقول أننا كإدارة معهد مسؤولين فقط عن تأهيل وتدريب الطالب ولا علاقة لنا بمرحلة ما بعد تخرجه علما أن الأمر الطبيعي هو أن يتابع هذا الخريج بعد أن يتخرج ويصبح في الإدارة الحكومية,لأنه يبدأ تحقيق الهدف المرسوم له الذي تأهل وتدرب خلال سنتين على هذا الأساس ,وتكلفت الدولة مبلغ يقارب المليونين ليرة سورية لإنهاء تأهيله وتدريبه، ولكن للأسف هنا يوجد قطيعة كاملة بين إدارة المعهد وبين أمانة العامة لمجلس الوزراء وبين الخريجين وليتركوا ويواجهوا مصيرهم هذا هو واقع الحال حتى الآن 5% فقط من الخريجين أخذوا مناصب إدارية و لا أستطيع أن أقول أنها متقدمة.
علما أن الخريجين اليوم عددهم نحو 350 خريجاً , لذلك أقول لم يعد هناك أي علاقة بين المعهد الوطني للإدارة العامة وبين مشروع الإصلاح الإداري.
وعن الحل برأي دلا قال : هو بتطبيق مضمون المرسوم التشريعي رقم 27 لأن المعهد الوطني للإدارة يعتبر خطوة على طريق الإصلاح التي أطلقها السيد الرئيس بشار الأسد للنهوض بالواقع الحكومي والإداري في سورية لأننا نحتاج الى نهضة حقيقية ,لأن اليوم كل المشكلات على مستوى التخطيط والتنفيذ والرقابة والتقويم على مستوى الآفاق بشكل عام و الهدر ناتج عن خلل في الإدارة وانخفاض مستوى الكادر البشري في أي خطوة للتقدم .
لذلك بتقديري المطلوب هو إعادة النظر بوضع الخريجين وتقييم المعهد بعد عشر سنوات من إقلاعه، التقييم يجب أن يكون شاملا لواقعه وواقع الخريجين لأن متابعة إدارة المعهد للخريجين هو سيء جدا.
اليوم البعض من خريجين المعهد تقدموا بإجازات طويلة أو قدموا استقالاتهم للعمل في القطاع الخاص .
ومن الملاحظات أن حفل التخرج للدورة الأولى والثانية كانت برعاية السيد رئيس مجلس الوزراء بينما حضر حفل التخرج في الدورة الثالثة والرابعة نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وأما الدورة الخامسة فهي برعاية وزير التعليم العالي، وهذا يعكس واقع اهتمام الحكومة بالمعهد الوطني للإدارة.
ولابد أن نذكر مسألة أخرى انه بموجب المرسوم التشريعي رقم 27 حدد بند للتعويضات بحيث يأخذ الخريج تعويض تخصص بقيمة 75% من الأجر الشهري ولكن وزير المالية السابق خفض وقلص هذا التعويض الى 17.24 % وبذلك قام بكسر مضمون الرسوم وتجاوز بنوده.
تجربة رائدة لم تكتمل
بدوره قال الاستاذ عاطف مرهج : كان الهدف المأمول من إنشاء المعهد الوطني للإدارة العامة (INA),وضع لبنة أساسية في سير عملية الإصلاح الإداري والاقتصادي مع بداية العقد الماضي والتي أطلقها السيد الرئيس بشار الأسد , لكن الحكومة التي أنفقت الوقت والمال على الخريجين لم تستطع استثمارها بل تفشل في التعامل مع استثماراتها , فهناك دائما من يعرقل وفق مصالحه و ولواءاته الضيقة والمحسوبيات .
المشكلة تبدأ فعليا مع التخرج وبدء فرز الخريجين إلى الجهات العامة للاستفادة منهم في تطوير الوظيفة العامة وتحسين صورة وأداء الموظف العمومي.
حيث تتشكل عادةً لجنة من أمين عام مجلس الوزراء – عميد المعهد – عضو ثالث ، لفرز حوالي خمسين خريج إلى مواقع العمل في الإدارات السورية ،من هنا تبدأ معاناة الخريج من خلال افتقار إلى معايير وأسس واضحة في فرز الخريج تتناسب ومدى مقدرات الخريجين وحاجات الجهات العامة لهم في آن واحد.
فالفرز غالبا ما أتسم بالعشوائية ولا منطقية وغياب الشفافية،ولا يستند إلى أي آلية ومعايير واضحة ، والسؤال : هل هذه اللجنة قادرة على تحديد مصير جميع الخريجين من ذوي الكفاءات العالية أو على الأقل التحديد الفعلي لاحتياجات الجهات المفرزيين إليها ،لا بل أصبح موضوع الفرز كالقضاء والقدر للبعض، وكالتحصيل الحاصل واليقين للبعض الآخر، دون أخذ بالاعتبار ترتيب الخريج أو الرغبة الحقيقة للخريج للعمل في جهة محددة ،و هذا ما عانى منه الكثير من الخريجين وأنا احدهم .
ألا يعتبر هذا الأمر نوع من الفساد وهدر للمال العام من خلال الفرز العشوائي غير المدروس، وبما لايتناسب مع كفاءة الخريج وقدراته التي يعكس احد جوانبها ترتيب تخرجه ، أو على الأقل محاولة تلبية رغبة الخريج في تحديد الجهة التي يجد نفسه أكثر قدرة على تقديم واستثمار خبرته ومهاراته في مجال الوظيفة العامة وهذا اقل الإيمان ، دون أن نغفل مقاطعتها مع مدى الاحتياجات الحقيقة لبعض الجهات العامة.
والمرحلة الثانية تأتي بعد صدور قرار فرز الخريجين بقرار من رئاسة مجلس الوزراء وبغض النظر على الجهة التي فرز إليها، تبدأ المرحلة الأصعب والمعاناة الأكبر حيث تبدأ الحرب المعلنة وغير المعلنة أحيانا على الخريج بدءا من تهميشه ومحاولة أبعاده عن أي مركز لاتخاذ أو المشاركة بصنع القرار ،أو حتى الاضطلاع بأي مسؤولية و لو كان على مستوى الإدارة الدنيا , فكيف الوضع في مستوى الإدارة الوسطى أو العليا، وتكثر المبررات الواهية بدءا من عدم توفر الملاك والمسمى الوظيفي الملائم ،ومرورا بعدم الحاجة أو ملائمة خبرات الخريج وعلى تنوعها مع المكان المفرز إليه،و انتهاءً بحجة عدم تناسب شهادته الجامعية التخصصية مع متطلبات العمل، مع إهمال لحظ لشهادة العليا في الإدارة العامة التي حصل عليها الخريج، ودون آخذ أي اعتبار لقرارات وبلاغات رئاسة مجلس الوزراء حول ضرورة الاستفادة من قدرات خريجي المعهد وتكليفهم في أماكن عمل تتناسب وقدراتهم ،وتبدأ من الإدارة الوسطى على الأقل،وهذا مالم يتم التقيد به في معظم الإدارات الحكومية لا بل يمكن القول تم العمل على العكس تماما ، فلم يعين الخريجون في مواقع تناسب الخبرة والتأهيل الذي تلقوه بسبب الفرز العشوائي البعيد عن مقاصد التجربة وأهدافها، وكثير من الخريجين تم وضعهم تحت سلطة من هو أدنى تأهيلاً وكفاءة.
من خلال عرض كل ماسبق ألا يعتبر هذا إهمال وهدر للمال في استثمار هذه الكفاءات والخبرات والمهارات والتي استثمرت فيها الحكومة مئات الملايين والكثير من الوقت للاستفادة منها لاحقا في الإدارات و الوظيفة العامة وبما يخدم تنفيذ السياسات الحكومية ,ألا يعتبر هذا ضرب لمبدأ العمل القائل بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب ،من خلال إبعاده عن تحمل المسؤوليات التي تقع على عاتقه و استثمار خبرته ومهاراتها التي تلقاه خلال فترة التدريب والتأهيل ،مع العلم أن حجة معظم مدراء المؤسسات الحكومية الدارجة على ألسنتهم في حال سألتهم عن سبب تعثر المؤسسات التي يديرونها ،يبرر وبشكل مباشر السبب ودون تردد،السبب يعود لعدم وجود الكوادر المؤهلة والمدربة من أصحاب الكفاءات في المؤسسة، وبالحقيقة هو من يكون أكثر شخص يرفض رفد الكادر العامل معه بتلك الخبرات والكوادر المؤهلة ويتفنن باختراع المبررات، وان حصل وتم فرض فرز بعض الخريجين إلى المؤسسة التي يديرها سيكون أول من يحاربهم وفي أحسن الأحوال سيركنهم على الرف أو يجمدهم ،ويبعدهم عن أي موضع للمشاركة في إدارة المؤسسة.
وعن الحل المناسب الذي يخدم المصلحة العامة قال : يمكن تقديم عدة مقترحات لتفعيل استثمار خريجي المعهد الوطني للإدارة العامة
أولاً- إعادة تقييم تجربة المعهد الوطني للإدارة العامة بشكل كامل، بدءا من ناحية تطوير وتحديث استراتبجية عملية التدريب والتأهيل وتقديم الدعم اللازم ومن كافي النواحي ، وجعل تبعية المعهد تعود إلى رئاسة مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية بشكل مباشر بهدف تفعيل دور المعهد بشكل أكبر بدلاً من تبعيته لوزارة التعليم العالي .
ثانياً- بالنسبة لأسس ومعايير فرز الخرجين على الجهات العامة وبهدف معيرة الفرز والابتعاد على العشوائية وإضفاء مزيد من الشفافية، يمكن اعتماد ثلاثة معايير تؤخذ بعين الاعتبار عند اتخاذ قرار الفرز:
1) مراعاة رغبة الخريج في الفرز من حيث الجهة العامة والموقع الجغرافي وبما يتوافق مع حاجات الجهات العامة الفعلية.
2) دراسة ملف حيوي يتعلق بتطوير العمل والأداء واهتمامات الجهة العامة التي يرغب الخريج بالعمل لديها, يقدم من خلال إدارة المعهد إليها ويعمل على تقييم هذا الملف.
3) أهمية مراعاة ترتيب الخرجين وفق درجات التخرج, بشرط إعلان هذا المعيار مع بداية التأهيل والتدريب في المعهد .
ثالثاً- بهدف أغناء آلية عمل المعهد على المستوى الاستراتيجي يمكن اقتراح ما يلي:
1- أهمية تنظيم مؤتمر وطني للإدارة العامة في سوريا بشكل سنوي, وذلك بهدف التعريف بأهمية دور المعهد في تطوير الإدارة العامة, واستقطاب كافة الفعاليات الوطنية والعربية والدولية, وتبادل الخبرات والتنسيق فيما بينها في هذا المجال.
2- العمل على إنشاء نواة لمرصد وطني للإدارة العامة, يعمل هذا المرصد على دراسة وتحليل مؤشرات الإدارة العامة على المستوى الوطني, وتقديم المقترحات لتحسين هذه المؤشرات وتطويرها كأحد أهم مؤشرات التنافسية في سوريا
3- العمل على إنشاء مركز وطني للبحوث والدراسات الإدارية في المعهد الوطني للإدارة العامة, يختص بقضايا الوظيفة العامة وتطويرها .
كما اتصلنا بعدد من المتدربين الحاليين بالمعهد , فقال جميعهم بأن تدريبهم جيد والإدارة تقدم لهم كل مايحتاجونه من تدريب ومعلومات , وتأملوا أن يستلموا مناصب قيادية في الدولة بعد تخرجهم .
هذا كان رأي البعض من الخرجين والمتدربين الحاليين , فماذا كان رأي إدارة المعهد ؟
ندرب ونؤهل والفرز والتعيين على الحكومة
توجهنا لعميد المعهد الدكتور عقبى الرضا بهذه الشكاوى وقلنا له : بعد عشرة سنوات من انطلاق المعهد أين الخريجون في مفاصل الدولة ؟ وما هو أثر تجربة المعهد على مشروع الإصلاح الإداري في سورية ؟ وما هي نسبة المعينين في مفاصل الولة الهامة؟ فأجاب قائلاً :
بالنسبة للمعينين من خريجي المعهد لا يوجد إحصائية دقيقة بكل صراحة، لكن تم تعيين عدد من المديرين في مفاصل الدولة , وعلى سبيل المثال : تم تعيين عد من الخريجين في هيئة الاستثمار ,وفي الوزارات والمديريات ,مثال مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة التعليم العالي , ومع ذلك هذا الأمر ليس من مهام المعهد فمهام المعهد تنحصر في إعداد وتأهيل وتدريب الخريجين بينما تعيينهم مرتبط بالحكومة , والمرسوم التشريعي رقم /27/ ينص على أن يتم توزيع الخريجين وتعيينهم بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
وأضاف : المعهد يعمل لإعداد الكادر البشري ويتولى عملية التنسيق مع الجهات العامة لتنفيذ السياسات الحكومية بكافة أشكالها وهذا هو الدور الأساس.
نحن سنقول بكل صراحة، المعهد مهمته تبدأ بعملية الانتقاء للمعهد من خلال المسابقة بعد تنظيم الدورات التحضيرية، ولدينا خمسة مراكز موزعة على دمشق وحلب وحمص واللاذقية ودير الزور وبموجب مسابقات القبول يتم انتقاء أفضل 50 مرشحاً للمعهد سواء من العاملين في الدولة أو من غير العاملين فيها ,وتتم عملية الإعداد على مدار 24 شهراً بعلوم الإدارة العامة ونحن كمعهد مسؤولين عن أدائنا لتنفيذ المهام الملقاة على عاتقنا ونعتمد الدقة في تنظيم مسابقة القبول والشفافية والنزاهة والمعيار الهام للقبول هو الدرجات التي سيحققها المتقدم في مسابقة القبول.
وخلال المسابقات التسع التي نظمها المعهد لم تسجل أي حالة اختراق، لا واسطة ولا غيرها.
ونحن مستعدون لتشكيل أي لجنة لتقييم أداء المعهد وخاصة من خلال مشاركتنا بالمحافل العربية والدولية.
وقال : مشهود للمعهد الوطني للإدارة العامة في سورية بالنتائج التي حققها في عمله في إطار إعداد وتأهيل الكوادر للوظيفة العامة، خاصة وأن المعهد من فترة زمنية لا بأس فيها قام بتعديل كافة المناهج بما يتناسب مع الواقع السوري وتنفيذ البرامج من خلال كوادره الوطنية.
إدارة المعهد تتمنى أن يتم تشكيل أي لجنة يراها السيد رئيس مجلس الوزراء للتقييم.
وبالنسبة للتمثيل في خفل التخرج , لم يختلف لدينا مستوى التمثيل وحتى هذه اللحظة لاعتبارات كثيرة تلعب دورا في هذا الأمر، كان الحفل برعاية السيد رئيس مجلس الوزراء إلا أن ارتباطه وفق برنامجه لم يمكنه من الحضور فكان بحضور وزير التعليم العالي.
وتوزيع الخريجين يتم بناء على اقتراح اللجنة المشكلة ,هناك من بذل الجهد واستلم مناصب إدارية وهناك من يريد أن يستلم دون بذل أي جهد.
أخيراً
هناك حلقة مفقودة بين الخريجين والإدارة والحكومة , وإعادة تصحيحها يحتاج إلى مبادرة من الجهة التي أحدثت المعهد , لأنه ليس مقبول أن تهدر عشرات الملايين من الليرات السورية لمشروع رمي به مؤخراً في البحر , والدليل على ذلك القطيعة بين الإدارة وأمانة رئاسة الوزراء وبين الخريجين , وعدم تطبيق مضمون المرسوم 27 لعام 2002 الذي ينص على تعيين خريجي المعهد مباشرة في مفاصل الدولة , والسؤال : لماذا تحارب الحكومة المشروع الرئيسي الذي تبنته لتطوير المفاصل الإدارية في سورية ؟
أحمد زينة- صحيفة البعث