Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 14:25:27
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
بغياب الخبرة الإدارية.. عشرات المشاريع الشبابية الناجحة تنتظر من يحولها إلى حقيقة

كان وما زال لدينا طموح في أن نصل إلى مرحلة صناعة المعلوماتية، وهو الهدف الذي وضعناه ضمن أولوياتنا، عندما قررنا الولوج إلى عالم الرقميات الذي يتطور يوماً بعد يوم بشكل خيالي.
المهتمون بالشأن المعلوماتي في سورية أكدوا أن الفرصة كانت سانحة لتحقيق ذلك الطموح منذ تسعينيات القرن الماضي، الذي شهد انتقالاً سريعاً لسورية من بلد مستورد للكفاءات والكوادر المعلوماتية إلى مصدّر لها، ويؤكدون رأيهم بوجود المئات من الشباب السوري المعلوماتي المتميز جداً، يعمل اليوم في حقل المعلوماتية في دول الجوار، وخاصة في الخليج العربي.

للأسف لم نحسن استثمارهم


إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا:
لماذا لم نحسن استثمار هذه الكفاءات التي وجدت في بلاد الغربة ملاذاً لها؟ وربما الأصح أن نقول: لماذا تعثرنا في الاستثمار بعقول هؤلاء الشباب، وجعلهم رافعة حقيقية للنهوض بالأداء المعلوماتي إلى مستويات عالية ليكونوا قادرين على التعامل بإيجابية وفاعلية مع مستحدثات عصر المعرفة الذي لا يعترف إلا بالمبدعين؟!.
الواقع يشير إلى أن هناك أخطاء عديدة حدثت، وبدلاً من أن تتنبه الجهات المعنية إلى ذلك وتعمل على إيجاد آليات عمل لحل المشكلات، وجدناها تتقاذف المسؤولية فيما بينها، ومرت فترة كان واضحاً فيها وجود نوع من الخلل في التنسيق ما بين الجهات المشرفة والمختصة على العمل المعلوماتي.

الحلقة المفقودة


برأي الدكتور فرقد الرمضاني، مدير المعلوماتية في اتحاد شبيبة الثورة بأننا لم ننجح حتى الآن في توظيف الطاقات الشبابية المبدعة في مجال المعلوماتية في المفاصل الإدارية والاقتصادية والصناعية وغيرها، وكلها متخمة بالخبرات الأجنبية التي تأخذ أكثر مما تعطي.
ويؤيد رأيه، بوجود الكثير من الخبراء السوريين على مستوى عالٍ من تقانة المعلوماتية، بعضهم يدرّس في كليات المعلوماتية بالجامعة، وبعضهم الآخر في المعهد العالي للتكنولوجيا ومركز البحوث العلمية وقد حققوا نجاحات كبيرة.. "نحن لم نحسن تحويل طاقات شبابنا المبدع في مجال المعلوماتية إلى درجة الصناعة"، وأرجع السبب إلى قلة المبادرات المحفزّة، سواء من القطاع الحكومي أو الخاص، حيث لم يسهما بالشكل المطلوب في توظيف الكفاءات الشبابية، وخاصة القطاع الخاص الذي افتقد إلى روح المغامرة والمجازفة عندما تعامل مع مهارات شبابنا بعقلية الربح والخسارة، والدليل أنه نأى بنفسه بعيداً عن الشباب، مفضلاً الاستثمار في العقارات ومجالات أخرى تدر عليه ربحاً سريعاً لا يحققه الاستثمار في الرأسمال البشري إلا على المدى البعيد، وهذا بالتأكيد ما لا يناسبه.
وحين سألته: لماذا لم تغامر الجهات الحكومية وهي الأولى بذلك؟.
فردّ: لعدم امتلاكها لتصور واضح لصناعة المعلوماتية، رغم وجود بنية تحتية ملائمة إلى حد جيد للانطلاق بذلك، ووجود مشاريع شبابية في مجال المعلوماتية والاتصال تحتاج للرعاية لتتحول إلى شركات وطنية متميزة، لكن دعم الدولة بقي أقرب إلى المعنوي من العملي، ربما لعدم الثقة بالكفاءات الوطنية المعلوماتية.
وضرب مثالاً:" عندما طرحت فكرة مشروع الحكومة الالكترونية تمت الاستعانة بعروض لشركات تعمل في دول الخليج للمساهمة في ذلك، بينما بقيت عقول وطنية كبيرة تنتظر إشراكها في هذا المجال، وإن كانت هناك بعض المبادرات الخجولة".
العارف بتفاصيل الأمور-يقول الرمضاني- قد لا يستغرب ذلك، خصوصاً إذا ما علمنا أننا لغاية اليوم نفكر ونخطط ونبحث عن آليات لتطوير البحث العلمي.
ويرى أن الأمور أبسط من ذلك ولا تحتاج إلى مجهود كبير، "فكما أنشأت الدولة شركة سيرونيكس وكسبت ثقة المواطن والخارج، بإمكانها أن تبادر لإحداث شركة أخرى حكومية أو مساهمة في مجال المعلوماتية وتعطيها المرونة اللازمة.. أنا على ثقة أن غالبية المواطنين سيساهمون بهذه الشركات ويستثمرون بعقول أبنائهم".

تجربة مريرة


وذكر الدكتور الرمضاني تجربة مريرة عاشها المعهد العالي للبحوث العلمية، عندما أراد أن يستثمر بعض المشاريع البحثية، فعومل كالقطاع الخاص فتعثرت التجربة.
ويعلق: "ليس بهذه الطريقة يمكن أن نطور صناعة المعلوماتية، نحن بحاجة إلى تهيئة الأجواء الملائمة في مقدمتها الابتعاد عن الروتين والبيروقراطية وزيادة التحفيز المادي والمعنوي وإعطاء الثقة للخبرات الوطنية، لأن الحلول المعلبة لا تجدي نفعاً، فأهل مكة أدرى بشعابها..".

جيل تقني


وقلت للخبير المعلوماتي: هل يعني في ظل الأداء المعلوماتي الحالي في مؤسساتنا أننا لم ندخل بعد مفاهيم عصرية لرفع السوية التقنية عند شبابنا وزيادة وعيهم المعلوماتي؟.
فقال: الوعي موجود، والدليل أن أبناءنا أقدر منا وأكثر معرفة بأسرار الحاسوب، ولكن الشيء المفقود هو ضعف التوجيه بأهمية ثقافة الكمبيوتر وتقانة الانترنت واستخدامهما بالشكل الصحيح الذي يحقق الهدف منهما، وهنا مكمن الخطورة، فمثلاً وزارة التربية لم تهيئ إلى الآن التلاميذ والطلبة بالشكل المطلوب لدخول عالم المعلوماتية، فمخابرها لا تؤدي هذا الغرض، حيث مازال اعتماد الطالب على المعلومات النظرية أكثر من التطبيق العملي.
صحيح أن الوزارة عملت على تغيير المناهج، لكن هذا لا يكفي، لأن المشكلة بتغيير عقلية التلاميذ وتأهيل المعلمين وتأصيلهم، فالعملية التعليمية عبارة عن سلسلة حلقات متكاملة لا ينفع معها إصلاح جزء دون آخر.

لا تحقق الحد الأدنى


ولم يتردد الرمضاني في اتهام مقاهي الانترنت التي تغزو الأحياء بشكل ملحوظ في لعب دور سلبي تجاه الشباب: "مقاهي الانترنت لا تحقق الحد الأدنى من التعاطي الاجتماعي السليم مع الانترنت".
واستغرب كيف تعطى التراخيص إلى هذه المقاهي ونتركها تعمل دون رقابة على ما تقدمه للشباب وخاصة المراهقين منهم الذين يفكرون بعواطفهم وغرائزهم أكثر من عقولهم.
وبرأيه أن السبب الذي يدفع الشباب للبحث في مواقع غير مرغوب فيها أو مفيدة لهم يعود للفراغ الذي يعاني منه المحتوى الرقمي العربي الذي يهتم بقضايا الشباب ويرضي رغباتهم وطموحهم، وهو لا يعجب أن يتحول جهاز الحاسوب إلى أداة للترفيه والتسلية.. "شبابنا ملوا من المحاضرات والندوات على الانترنت، بسلبياته وإيجابياته، وباتوا ضحية تسويق تجاري لخدمة الانترنت إلى درجة الاستهتار بعقولهم، وخاصة في مقاهي الانترنت".

(مين يسمع)


ويعول الدكتور الرمضاني الكثير على منتدى الشبيبة للمعلوماتية ليكون بديلاً عن مقاهي الانترنت، والذي يعمل وفق استراتيجية مدروسة، هدفها الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الشباب السوري وتثقيفه معلوماتياً، وإعداده للتعامل بشكل جيد ومناسب مع الثورة المعلوماتية التي يطلق عليها البعض ثورة الهندسة الاجتماعية، كونها تتيح التفاعل بين الشباب من داخل الوطن وخارجه.
وتمنى على الجهات المعنية أن تبادر إلى حل مشكلات الانترنت وتطوير المحتوى الرقمي وفرض رقابة صارمة على مقاهي الانترنت التي يعمل بعضها دون ترخيص في العشوائيات والريف المحيط بالمدينة، علنا نستطيع تغيير الواقع وبناء مستقبل أفضل لأبنائنا، داعياً الأسرة لأن تكون الرقيب الأول على أبنائها لجعل الانترنت نعمة وليس نقمة تدمّر مستقبل شبابنا.

الهدف غير واضح


الدكتور إياد الخياط، أستاذ المعلوماتية بجامعة دمشق واستشاري اللجنة المنظمة لنادي المعلوماتية في الاتحاد الوطني لطلبة سورية قال: مشكلتنا في المعلوماتية أننا نفتقد للخبرات الإدارية للمشاريع المعلوماتية، بالإضافة إلى عدم وضوح الهدف الذي نسعى إليه، حتى وإن كان واضحاً، فالمشكلة تكمن أو تظل قائمة بعدم وجود المخطط المحدد، نظراً لصعوبة القوانين والأنظمة البيروقراطية الإدارية.
حتى البنية التحتية -يقول الخياط- لا تفي بالحاجات بما فيها الكادر البشري غير المصقول، نظراً لطغيان العمل الفردي على الجماعي "نحن بحاجة إلى خبرات بشرية مصقولة لتتناغم مع التطورات التكنولوجية المعلوماتية التي ليس لها حد، وخاصة لجهة التدريب المهني على مستوى خريجي الجامعة".
والحل -برأي الخياط- الذي يمكننا من أداء معلوماتي جيد وخاصة لجهة توظيف تقانة الانترنت في خدمة شبابنا يكمن في توظيف هذه التقانة بإحداث شبكات اجتماعية تفاعلية افتراضية لتبادل الخبرات في مجالات تهم المجتمع بشكل عام، لنصل من خلال ذلك إلى ربط المجتمع بالمؤسسات التعليمية، لأن مثل هذا الدور مفقود حالياً إلى حد ما في مجتمعنا.
"طاقاتنا وخبراتنا المعلوماتية غير موجهة التوجيه الصحيح، سواء فيما يتعلق بمخرجات التعليم وسوق العمل أو بالتعليم المستمر الذي نحن بأمس الحاجة إليه".
ويرى الخياط أن النادي المعلوماتي في اتحاد الطلبة سيضع في أولوياته خلق مثل هذه البيئة التفاعلية ما بين الوسط الطلابي الجامعي والخبرات المتوفرة، بالإضافة إلى خلق بيئة افتراضية تعتمد على تقنية (CBT) وهي من أهم البرمجيات الأكثر رواجاً في الوقت الراهن.
وأوضح أن دور النادي لن يتوقف عند هذا، بل من مهامه الأخرى خلق مناخ تطوعي لأصحاب الخبرات من الطلبة لمساعدة زملائهم في نقل هذه الخبرات إليهم، مع توفير فرص عمل للطلبة الرواد كل حسب رغبته وخبرته في سوق العمل عن طريق الاتصال بشكل مباشر بالفعاليات الاقتصادية المتوفرة والمشجعة لذلك والتي تحتاج شراكتها ودورها في هذا المجال لاستثمار الطاقات الشبابية والطلابية المتوفرة حسب حاجتهم.
ندرك مما سبق أنه لا مفر من التفاعل مع مجتمع المعرفة والانخراط فيه، وضع مستقبلنا المعلوماتي بأيدينا، ولعل أهم ما يمكن فعله هنا أن نضع خططاً جريئة نعيد من خلالها هندسة العمل المعلوماتي وتقييم أدائه عن طريق الاستفادة من الطاقات والكوادر المتوافرة ليتناسب ذلك مع متطلبات الحكومة الالكترونية والتحرك بقوة نحو مجتمع المعرفة.

أرقام في الانترنت


حسب إحصائيات المؤسسة العامة للاتصالات، وصل عدد المشتركين في الانترنت في سورية لغاية النصف الأول من العام الماضي إلى نحو 861 ألف مشترك، بعد أن كان 216 ألف مشترك في عام 2005، فيما يقدر عدد المستخدمين ضعف عدد المشتركين، وبذلك تكون نسبة مستخدمي الانترنت 49٪، أغلبهم من مشتركي الانترنت عبر الطلب الهاتفي إذا ما قورن ذلك بمشتركي الحزمة العريضة ICDL.
ويرى المختصون في هذا المجال أن النسبة قليلة قياساً إلى عدد السكان في سورية، وللعلم تعمل في مجال الانترنت في سورية 10 شركات خاصة، بما فيها مزود خدمة الانترنت في الجمعية العلمية السورية".


غسان فطوم

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz