دام برس :

أثار اتهام رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بالفساد صدى واسعا في الولايات المتحدة، حيث بادرت شخصيات سياسية ومنظمات يهودية إلى إيجاد أوجه للتشابه بين التطورات في البلدين.
وأعرب عدد من الديمقراطيين البارزين في الولايات المتحدة عن دعمهم لقرار النيابة الإسرائيلية اتهام نتنياهو بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا فساد، مع عقد مقارنات بين هذا القرار وتحقيق العزل الجاري في مجلس النواب الأمريكي بحق الرئيس دونالد ترامب.

وذكرت السيناتورة إليزابيث وارن، وهي من المرشحين الديمقراطيين المحتملين الأوفر حظا في انتخابات الرئاسة المقبلة، على حسابها في "تويتر": "نتنياهو متهم بتلقي رشاوى والاستفادة من مزايا حكومية والتلاعب بالصحافة. وهو مثل صديقه دونالد ترامب لن يتوانى عن فعل أي شيء لإثراء نفسه والبقاء في الحكم. لا مكان لهذا الفساد الصارخ في أي دولة ديمقراطية وسأكافحه في بلدي وخارجه".

من جانبه، أشار النائب الديمقراطي جون يارموث عبر "تويتر" إلى أن اتهام نتنياهو جاء بالتزامن مع دخول تحقيق العزل بحق ترامب أهم مراحله، قائلا: "أسبوع سيء بالنسبة لزعماء دول مجرمين".
كما ذكّر السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي بأن نتنياهو، قبل توجيه اتهامات إليه، تكبد خسارة في الانتخابات، وفي هذا الصدد رأت صحيفة "هآرتس" العبرية أن هذا الكلام يحمل إشارة محتملة إلى انتخابات الرئاسة التي ستنظم في الولايات المتحدة العام المقبل.
بدوره، شدد "مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية"، أكبر مؤسسة يهودية في الولايات المتحدة تؤيد عادة حكومات إسرائيل، في بيان نادر على أنه "لا أحد فوق القانون"، مضيفا أن إسرائيل بقرارها توجيه اتهامات جنائية إلى رئيس حكومتها أثبتت مجددا مكانتها كـ"ديمقراطية قوية وفعالة يُضطر حتى أرفع مسؤولين فيها إلى تحمل المسؤولية بالمعايير الأكثر صرامة".

هذا ونشرت عدة وسائل إعلام أمريكية، مثل موقع "بوليتيكو" مقالات تحليلية تربط فيها بين اتهام نتنياهو وتحقيق العزل الجاري بحق ترامب.

ترامب: أريد محاكمة في مجلس الشيوخ

إلى ذلك قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الجمعة، إنه يريد محاكمة في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون.
وجاءت تصريحات الرئيس الأمريكي في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" بعد ساعات من تأكيد المتحدث باسم البيت الأبيض هوغان جيدلي أن "الرئيس ترامب يريد محاكمة في مجلس الشيوخ لأنه من الواضح أنه المجلس الوحيد الذي يمكن أن يتوقع فيه نزاهة ومعاملة عادلة بموجب الدستور".

يذكر أنه وعلى مدار خمسة أيام، عقدت سلسلة جلسات استماع شملت عددا من المسؤولين السابقين والحاليين في الإدارة الأمريكية، في إطار تحقيقات تهدف إلى مساءلة ترامب.

ويتمحور التحقيق الرامي إلى عزل ترامب حول مكالمة هاتفية تمت بينه والرئيس الأوكراني الصيف الماضي، حيث يسعى الديمقراطيون إلى إثبات أن ترامب ربط تقديم مساعدة عسكرية لأوكرانيا بقيمة 400 مليون دولار بحصوله على تعهد من أوكرانيا بفتح تحقيق مع جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي السابق، وابنه هانتر الذي شغل سابقا منصب عضو في مجلس إدارة شركة نفطية أوكرانية.

نتنياهو يصف لائحة التهم الموجهة ضدّه بـ"محاولة الانقلاب"

من جهته هاجم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لائحة الاتهام الموجهة ضدّه، في قضايا "رشى وخيانة الأمانة والاحتيال".

وانتقد نتنياهو، في كلمة متلفزة، بشدة، قرار المستشار القضائي للحكومة أفيخاي ماندلبليت، بعد تقديمه لائحة اتهام رسمية ضده، ووصفها بـ"محاولة انقلاب" عبر "اتهامات زائفة"، معتبراً أن التحقيقات معه كانت "غير نزيهة وملوثة". وأشار الى أن "ما حدث في عملية التحقيقات الفاسدة، شمل فبركة قضايا واختلاق مخالفات جنائية جديدة، ووصل ذروته اليوم".

كما اتهم محققي الشرطة الإسرائيلية بأنهم ابتزوا الشهود بتهديدهم بالمس بعائلاتهم لإرغامهم على الشهادة ضدّه، "مثلما يجري في عالم العصابات"، داعياً إلى "تشكيل لجنة تحقيق خارجية (محايدة) لفحص كل عملية التحقيقات ضده والتحقيق مع المحققين في قضاياه". ولفت الى أن "عملية التحقيق معه كانت ملوثة وتضمنت تهم ملفقة وخلق مخالفات جديدة"، مشيراً الى أن "الشرطة قامت بابتزاز الشاهد الملكي بالملف 4000".

وفيما اعتبر أن "توقيت إعلان توجيه لائحة اتهام رسمية ضده كان مقصوداً أيضاً"، قال نتنياهو إن "الحقائق أمامه توضح الى أيّ مدى عملية تقديم التهم ضده مرتبطة باعتبارات أجنبية بهدف إسقاط رئيس حكومة اليمين".

وتعليقاً على ذلك، أعرب وزراء حزب "الليكود" الذي يتزعّمه نتنياهو عن دعمهم له، حيث دافع وزير البيئة زئيف إلكين عن الأخير قائلاً "إنه يشعر بأنه قد تعرّض لظلم كبير".

هذا وقال رئيس حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، إن "هذا يوم حزين لدولة إسرائيل"، في حين أكّد الشخصية الثانية في الحزب ذاته، يائير لابيد، أن "لإعلان المستشار القضائي للحكومة معنى واحد فقط أن نتنياهو لا يستطيع أن يستمر في منصبه رئيساً للحكومة". أما رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، قال إنه يجب أن نعطي مجالاً لما وصفها بـ"مطاحن العدل" لتنفيذ عملها و"منح نتنياهو الفرصة لإثبات براءته في المحكمة".

ورأى رئيس حزب "العمل" الإسرائيلي، عمير بيرتس، أنه "يمكن تشكيل حكومة إسرائيلية في غضون ساعات قليلة، إذا ما أعلن نتنياهو عجزه عن أداء مهامه، بعد تقديم لوائح اتهام ضده بالارتشاء والاحتيال وخيانة الثقة".

من جهته، هاجم عضو الكنيست عن "القائمة المشتركة" عوفر كسيف نتنياهو بشدة، مشيراً الى أن "الخطر الأكبر في هذه المرحلة أن نتنياهو سيحاول إحداث عنف حقيقي حتى يتجنب محاكمة عادلة".

وكان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي مندلبليت، قد أعلن مساء الخميس، قراره تقديم لائحة اتهام رسمية ضدّ نتنياهو، ومحاكمته بثلاث تهم فساد في ثلاثة قضايا. واعتبر مندلبليت، خلال مؤتمر صحفي بثته كافة وسائل الإعلام العبرية مباشرة، أن "هذا اليوم صعب وحزين بالنسبة للإسرائيليين، إذ توجه فيه تهم الفساد لرئيس وزراء خلال توليه منصبه".

وتوجّهت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية اليوم إلى قادة حزب الليكود وناشدتهم التخلي عن نتنياهو، أو محاولة إقناعه بالانصياع للقضاء، معتبرة أن عدم الوصول إلى ذلك سيؤدي لإشعال النار في "إسرائيل".