دام برس :

أمام الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت الأنظمة الرأسمالية منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وضعت الولايات المتحدة نصب أعينها مهمة إعادة نمو الاقتصاد الأميركي، من خلال إعادة قدرته التنافسية مع حلفائه الأوروبيين، وفي مواجهة العملاقين الاقتصاديين الناهضين الصين وروسيا، وتطوّر صناعاتهما، خصوصاً الحربية، وتوجههما إلى إيجاد فضاءات جديدة في التوازنات الدولية؛ سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، والتي تتجلى فيما سمّاه الجباران الناهضان أوراسيا، أو في التكتل الدولي الجديد "البريكس"، أو مجموعة شنغهاي.
وبهذا كان ثمة ضرورة هامة عند الأميركي، وهي السيطرة المطلقة على منابع النفط وخطوطه في الشرق الأوسط، وهو ما شكّل ضرورة مطلقة لوقف المد الروسي والصيني من جهة، ولعرقلة نمو موسكو وبكين من جهة ثانية، ولهذا كان تحالف الضرورة أو الموت مع دول الغاز العربي، فبدأ إعداد الخطة التي تمثلت في: إعداد قادة الحركات الاحتجاجية، وتشكيل شبكة من النشطاء، وتزويدهم بأحدث أنواع الاتصالات، كما كانت هناك برامج أميركية خاصة لإعداد الكوادر، ولم يُكتفَ بالبحث عن هذه الكوادر في داخل البلدان العربية، بل كان هناك عدد من الدبلوماسيين والأكاديميين الأميركيين عملوا للبحث بين المهاجرين العرب الشباب في باريس ولندن، وفي كل مكان، حيث وُجّهت إليهم الدعوات إلى الولايات المتحدة ليتمّ تدريبهم. وتفعل العكس في الدول العربية , حيث ترسل الموت والدمار وعناصر القاعدة وتمنع الحوار وإيجاد حلول للأزمات .
وهنا السؤال : لماذا يُطلب الحوار في كل مكان ؟ لكنه ممنوع في سورية، ومسموح فقط أن يبقى الدم يسفك على يد أولئك المرتزقة والذين تبيّن حتى الآن أنهم استُحضروا من أكثر من 15 دولة عربية، بتواطؤ غربي وتركي وعربي، للتوغل في سفك الدم السوري، وتهديم الدولة الوطنية السورية ومؤسساتها العريقة.
الجواب على هذا السؤال وباختصار، لأن الجمهورية العربية السورية تشكل رأس الحربة في محور المقاومة وهي صاحبة المشروع القومي النهضوي، لقد هددت سورية المشروع العربي الرجعي الهادف إلى تقسيم الأمة العربية والسماح للكيان الصهيوني بالتحكم بمقدراتها.
لأن انتصار غزة ولبنان اقلق راحة الأعراب وكشف خيانتهم وتواطئهم مع الغرب والصهاينة، فقد يخطئ البعض عندما يعتقد أن الكيان الصهيوني هو من يتحكم بمصير ملوك وأمراء النفط ، الحقيقة والواقع يقول بأن هذا الكيان المحتل قد وجد لرعاية مصالح هؤولاء المنافقين المدعين العروبة والإسلام.
اليوم بين الاعتراف بما يسمى الائتلاف السوري والذي لا يمت للشعب السوري المقاوم بأي صلة وبين وضع جبهة النصرة على لوائح الإرهاب العالمي ثمة الكثير من الأسئلة.
من الخطأ التعاطي مع القرار الأميركي القاضي بإدراج جبهة النصرة من ضمن لائحة المنظمات الإرهابية وكأنه حدث عادي ومن يوميات الأزمة السورية. ذلك أن هذا القرار كان قد خضع لنقاش داخلي مطوّل أحاط بالأزمة السورية من جوانبها المختلفة، وبتأثيره في مسارها المستقبلي.
على ما يبدو أن السياسة الأمريكية تعتمد مبدأ الترغيب والترهيب , فمن جهة تمتنع الوزيرة كلينتون عن حضور ما يسمى مؤتمر أصدقاء سورية وبالوقت نفسه يتم الاعتراف بهذا الكيان الهجين ثم تعود واشنطن لتضع مجرمي جبهة النصرة على لوائح الإرهاب.
ولكن الواقع السوري مختلف ولن تؤثر به كل تلك التصرفات فالشعب العربي السوري حسم خياراته بشكل نهائي واتخذ موقعه مع قيادته السياسية الحكيمة داعما لجيشه الوطني حاملا قضايا أمته متخذا قراره بأن إما الشهادة أو النصر.
 الصورة من الأرشيف