Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 14:25:27
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الحاج عباس .. حلم عمره 69 عاماً

دام برس - بلال سليطين:

بين الصور والذكريات وأشباك الصيد يعيش الحاج عباس أول لاجئ فلسطيني في محافظة اللاذقية، يتفقد كل صباح صورة المركب الشراعي الذي جاء اللاذقية بواسطته قبل ٦٩ عاما منطلقا من مدينة عكا الفلسطينية.

يأبى الموت أو الرحيل عن هذه الدنيا قبل العودة إلى مدينته حيفا وتحديدا إلى حيه وادي الصليب، فهو يحلم كل يوم بالعودة، ويصلي لله بكرة وعشية أن يزول الاحتلال ويعود إلى الديار، حيث عاش مراهقته وطفولته وعمل في ميناء حيفا وكان يراقب بألم كيف كانت بريطانيا العظمى آنذاك تأتي باليهود وتسكنهم في أرض فلسطين، ويقول أموت كل يوم مئة مرة حزنا على أرضنا المحتلة، لكنني لا أريد أن أموت قبل أن أعود لها، إنني لم ولن أتنازل عن حق العودة حيا أو ميتا.

لم تسقط فلسطين إلا بسبب خيانة العرب وضعفهم، يقول الحاج، كان الكل ضدنا آنذاك، إنها أكبر مؤامرة في التاريخ، لقد اتحد الغرب ضدنا واستغل ضعفنا وعدم وجود سلاح لدينا.

وليس صحيحا ما روَّج له الصهاينة بأن الفلسطينيين باعوا أرضهم ولم يهجروا منها، لقد قاتلنا في حيفا منذ مطلع العام ١٩٤٧ وحتى النكبة، كنا نقاتل اليهود مع الجيش الانكليزي، في حيفا التي أعرفها جيدا لم نبع أراضينا وإنما قاتلنا الإنكليز واليهود بلا سلاح وصمدنا عاما ونصف، بينما الجيوش العربية التي دخلت فلسطين في تلك الفترة لم تصمد وانسحبت خلال أيام، أقسم أنني رأيت جنديا من الجيش الأردني باللباس الكامل يجر راجمة ألغام مع الجنود الصهاينة للقصف على منازل حيفا، حيث كانت ذات مفعول قوي وقادرة على تدمير أبنية.

الرجل الذي قارب التسعينمن عمره جاء اللاذقية في العام ١٩٤٨ على متن أول حافلة تقل فلسطينيين أبان النكبة، حيث ترك أهله فيها وعاد إلى عكا وما هي إلا أيام حتى أجبره الصهاينة ومعهم الإنكليز وكل (المتصهينين) في العالم على ترك أرضه من جديد حيث ركب على متن مركبه الشراعي الذي لا تتجاوز مساحته ثمانية أمتار مربعة وانطلق من ميناء عكا إلى ميناء اللاذقية في رحلة استغرقت ثلاثة أيام وصل بعدها بأمان وبات اسمه لاجئ فلسطيني وهي الصفة التي لازالت ترافقه منذ عدة عقود.

في حيفا كان الحاج "أبو حسين" ويعيش في حي يسمى "وادي الصليب" يصف حياته فيه بالقول: كنا نعيش في حي عربي، عيشة كريمة حميمة وكنا مسلمين ومسيحيين ويهود معا، عملت هناك موظفا في مرفأ حيفا، حيث كان يعمل عشرات السوريين والعرب فيه، وقد نزحنا معا، ومنهم آل عكرمة في اللاذقية، وقد قصدت اللاذقية لأنها مدينة بحرية، علما أنني في البداية قصدت عكا وكنا نتوقع أننا سنعود بعد أسبوع، لذلك جمعنا أغراض المنزل في غرفة واحدة وأقفلنا عليها.

يروي الحاج عباس كيف استقبله السوريون وفتحوا للفلسطينيين قلوبهم وبيوتهم، ويشير إلى أن الحكومة السورية كللتهم بالرعاية واحتضنتهم كالأبناء، ويستشهد بنفسه وكيف تم تعيينه في ميناء اللاذقية كموظف بحري مثله مثل أي موظف سوري.

يقول "أبو حسين" لم أشعر يوما أنني غريب عن هذه الأرض، أو أنني لاجئ، أو أنني في مرتبة ناقصة عن الآخرين بحكم واقعي، وإنما كنت ومازلت جزءاً من هذا النسيج، أفرح لفرحه وأحزن لحزنه.

يعمل الرجل الثمانيني في صناعة الأشباك وهو لا يكل ولا يمل منها فهي صناعة الآباء والأجداد، حيث يجلس في محله بنهاية شارع الأميركان من الجهة الشمالية ويحيك الشباك على مرأى من الناس الذين ارتبطوا به بصريا، يقول إياد" وهو من أبناء حيه أنه لم يكن يعرف أنه غير سوري، ولا أنه أول لاجئ، كل ما كنت أعرفه أنه محبوب في الحي ويعمل بإتقان.

رغم سنون العمر التي عاشها هذا الرجل إلا أنه لا يبتعد عن السياسة والعمل الوطني ويبقى في صلبهما، إذ يرى أن القضية الفلسطينية في خطر، ويقول: إن ما حدث ويحدث في فلسطين هو أفظع جريمة إنسانية في تاريخ البشرية، لكنه يحمل كل شيء يحدث في المنطقة للصهاينة، ولا ينفك يستشعر بالخطر.

يبدو أنه تعلم من دروس الماضي هكذا يعلل تحميل كل السيئات للصهاينة، ويوضح لقد استطاعوا صناعة دولة من لاشيء وألغوا دولة موجودة منذ التاريخ، ونخروا كالسوس في الدول المجاورة لهم، إنهم ماكرون لا يوثق بهم ولا يؤمن جانبهم.

البحار العجوز كان يوما ما مساهما في العمليات النضالية قبل أكثر من ستين عاما، إذ كان مكلفا بنقل الفدائيين على ظهر مركبه إلى عرض البحر لكي يتدربوا هناك (ضفادع بشرية، كومندوس)، فاللاذقية كانت تحتضن مركزا عسكريا تدريبيا تابعا لحركة فتح.

وهو اليوم يتمنى أن يكون له دور إيجابي فيما يحدث في المنطقة لكن العمر له حقه، فكان له موقف واضح مما يحدث ويرى أن الهدف الأساسي هو إيران لأنها تمثل الرعب بالنسبة لإسرائيل، وهي خطر وجودي على الصهاينة نظرا لقوتها وبرنامجها النووي القائم على جهود أبنائها، لذلك فإن ضربها هو الهدف وقطع طريقها إلى فلسطين، وهذا الطريق لا يمكن قطعه إلا بضرب سورية وحزب الله.

الصياد الكبير ينظر إلى المرحلة الراهنة بعين الصياد الذي يصبر كثيرا على صيده، وبالتالي فهو يرى أن الصبر  مفتاح الحلول ويدعو الجميع للصبر عسى أن يكون يوم النصر قريب، لكنه يحسم الأمر بأن المنطقة لن ترتاح في ظل وجود الصهيونية، ويقول أنتم لا تعرفونهم كما نعرفهم نحن إنهم لصوص ماكرون لايؤمن جانبهم تحت أي ظرف.

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz