دام برس ـ سهى سليمان ـ طرطوس :
يعتمد الكثير من العائلات في محافظة طرطوس على زراعة التبغ بالدرجة الأولى، حيث يعد موسمهم الأول الذي يعتمدون عليه طيلة أيام السنة، وقد ازداد الاهتمام به وزراعته في هذا الموسم بعد الزيادة الأخيرة التي طرأت على أسعار بيع كيلو التبغ الواحد.
لكن هل هذه الزيادة تتناسب مع الجهد الذي يبذله الفلاح ومع تكاليف الأسمدة والمبيدات اللازمة للأمراض التي قد تصيب المحصول، أو هل تتناسب مع الأضرار التي يمكن أن تلحق به نتيجة الأحوال الجوية كموجة البرد الذي صابته في العام الماضي.
مشاتل التبغ... أولى الخطوات
ويبدأ الفلاح بالتجهيز لعملية زراعة التبغ منذ أوائل شهري كانون الثاني وشباط، حيث يجهز مشاتل التبغ أو ما يسمى "المساكب" التي ترمى فيه البذور، وتكون تلك المساكب مجهزاً لهذا الغرض، وتتميز تلك المشاتل بترابها البني والنقي من البحص الصغيرة والكبير والمسمد بسماد بلدي (روث الحيوانات) وتكون مرتفعة عن سطح التربة المحيطة بها ما يقارب 20 سم.
ويتابع الفلاح عمله في سقاية المشاتل لمدة أيام ثلاث بهدف مساعدة الأعشاب الضارة على النمو ليتم إزالتها بعد ذلك، ومن ثم ترش بذور التبغ على امتداد المساحة المخصصة "المسكب" ويتم رشها بشكل متناسق.
يقوم الفلاح بعد ذلك بوضع عيدان على شكل أقواس من أغصان الأشجار الطريقة على امتداد "المسكب" لتغطى بعد ذلك بالنايلون المخصص لها وحمايتها من تأثيرات الأمطار والشمس، ويبقى مغطى لمدة تقارب الشهر حيث تكون البذور قد أنتشت وأصبحت شتلات صغيرة تكون قادرة على مقاومة الأحوال الجوية.
تعاون في زراعة شتول الدخان
بعد هذه العملية الأولية تبدأ العملية الثانية وهي عملية شتل التبغ في الأرض، حيث تكون شتول التبغ قد نمت بشكل كبير ويقوم الفلاح بقلعها من المشتلة على شكل منفرد مع مراعاة قلع الشتلات الكبيرة وترك الصغيرة التي لم تنمو بعد.
يراعي الفلاح في قلع الشتلات أيضاً في الصباح الباكر أو ما بعد الظهر حتى لا تذبل في الشمس، ويقوم بتجميعها على شكل حزم صغيرة توضع في صندوق كبيرة ويتم تغطيتها بقطعة مبللة بالماء تمهيداً لزراعتها في الأرض المحروثة مسبقاً والمجهزة للزراعة.
 قد يستمر الفلاح مع عائلته وأقاربه طيلة النهار وهو يزرع قطعة أرض صغيرة، حيث يقوم شخص برمي "الشتلة" ليقوم شخص آخر في غرسها بواسطة أداة قديمة تدعى "الشاتول" حيث تشق تلك الأداة الأرض بخلق فتحة عميقة وصغيرة لوضع الشتلة فيها يم يردّ عليها قليل من التراب، ويقوم شخص آخر بسقايتها فوراً ويراعى في سقايتها أن لا يأتي الماء على الشتلة من الأعلى أو على أوراقها وإنما سقاية جذرها.
بعض الفلاحين يترك الشتل ينمو ليسقيه بعد فترة في حين يعمد بعضهم الآخر إلى سقايتها مرات عدة، كما يقوم الفلاحون بقلع الشتلات غير الصالحة ليزرع بدلاً عنها.
وجرت العادة أن يجتمع النساء في الغالب وفي أحيان قليلة الرجال على عملية "شك الدخان، حيث يساعد الجميع بعضهم، ويتمّ تقسيم العمل بشكل يومي حتى إنهاء العمل بكامله، ويضاف إلى هذا العمل المجهد الروح المرحة والنكت وشرب الشاي والطعام والأحاديث المتبادلة عن العادات والمورثات القديمة في القرية.

ارتفاع أسعار التبغ... وإقبال على زراعته
وقد قامت مؤسسة التبغ مؤخراً برفع أسعار بيع الكيلوغرام الواحد من التبغ الذي ترك انطباعاً إيجابياً لدى الفلاح، حيث تسارع الفلاحون في هذا الموسم لزراعة التبغ بشكل كبير لكنهم ما زالوا يشتكون من ارتفاع أسعار الأسمدة والأدوية اللازمة لعملية الزراعة.
وكان المدير العام للمؤسسة المهندس نادر العبد الله أكد أن سعر مبيع كيلو غرام الواحد قد زاد في صنف التنباك ليصل 2500 ليرة بزيادة عن أسعار الموسم السابق بنسبة 257 بالمئة وشك البنت 1350 ليرة بزيادة وقدرها 80 بالمئة، في حين بلغت أسعار التبغ الأخرى للكيلو غرام الواحد من النوع الممتاز أصبحت للبصما 3 آلاف ليرة بزيادة 160 بالمئة والبرلي 1350 ليرة بزيادة 68 بالمئة والبريليب 2000 ليرة بزيادة 263 بالمئة والفرجينيا اللون الذهبي 1900 ليرة بزيادة 80 بالمئة والكاتريني 2000 ليرة بزيادة 150 بالمئة.
وأضاف أن المؤسسة حددت الأسعار الجديدة بناء على دراسة قامت بها لكلف الإنتاج ومستلزماته وأجور اليد العاملة وهي مساوية لأسعار التبوغ العالمية وفي الدول المجاورة، وبما يسهم في تشجيع المزارعين على زيادة الإنتاج والمساحات المزروعة وينعكس ذلك على توريد كميات أكبر من التبوغ للمؤسسة وزيادة الدخل لكل العاملين في قطاع التبغ والذين يصل عددهم إلى نحو 200 ألف عائلة مبيناً أن قيمة الزيادة في الأسعار تصل إلى نحو 6 مليارات ليرة مع توقعات بوصول الكميات المسلمة إلى المؤسسة خلال الموسم القادم إلى ما بين 4.5 آلاف طن و5 آلاف طن.
وفيما يتعلق بالتصنيع أوضح أن العمل جار على تطوير خطوط الإنتاج وتوريد خطوط حديثة لإنتاج أصناف جديدة إلى جانب الموجودة من خلال إنتاج نوع تبغ "الفلش" الذي سيطرح بالأسواق عبر علب خاصة على شكل محافظ إلى جانب إجراء التجارب على أحياء صنف "لاتاكيا توباكو" أو "توباكو بلو" والذي انتشرت زراعته أيام الاحتلال الفرنسي لسورية ومنعه الاحتلال منذ ذلك الحين ونقل زراعته إلى أوروبا.

وبشأن "السيجار" الذي تقوم بإنتاجه المؤسسة أكد العبد الله نجاح المؤسسة في هذه التجربة مع "الإقبال اللافت" على هذا المنتج المصنع يدوياً واستثمار طاقات العمال في المؤسسة.
من الجدير ذكره أن عملية تسويق الدخان تتم من خلال شخص يقوم بتخمين كميات الإنتاج وترسله مؤسسة التبغ حيث يدعى "المراسل" ويجب أن يكون صاحب خبرة واسعة في التبغ والمساحة.