Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 15:51:17
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
حول أسباب انهيار ’’الهدنة’’ بين داعش وأنقرة

دام برس :

السيد أحمد داوود أوغلو رئيس وزراء تركيا أكد الاثنين في تصريحات صحافية أن تركيا لن تكون سوريا، وأن "الدولة الاسلامية" هي المشتبه الأول الذي يقف خلف التفجير الارهابي الانتحاري الأضخم في تاريخ تركيا، واستهدف تجمعاً لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي قرب المحطة المركزية للقطارات في أنقرة (128 قتيلاً و500 جريح).

السيد أوغلو أخطأ في الفقرة الأولى من تصريحه، فتركيا لن تكون سوريا فعلاً، بل ربما أسوأ كثيراً، إذا استمرت الاتجاهات السياسية نفسها، وما يترتب عليها من تبعات، فمعظم، إن لم يكن كل العناصر التي أوصلت سوريا إلى وضعها الحالي موجودة في تركيا أيضاً، مثل هشاشة التركيبة الطائفية والعرقية ثم الفساد، والحرب الأهلية (مع الأكراد)، والمؤامرات الغربية والشرقية، وقصر نظر نظام الحكم فيها ونزعته الطائفية الاسلامية، ومن يعود إلى بدايات الأزمة السورية، حيث الانفجارات الانتحارية، وتحرشات الطيران، واختراق الأجواء، والتدخلات الخارجية يدرك جيداً ما نقول، والمسألة نسبية على أي حال.

ولعل إشارته، أي السيد أوغلو، بإصبع الاتهام إلى "الدولة الاسلامية" في الوقوف خلف انفجار أنقرة، تنطوي على شيء من الصدقية، رغم أن "الدولة" لم تعلن مسؤوليتها عن هذا التفجير، مثلما لم تفعل الشيء نفسه تجاه تفجير انتحاري مماثل في ناد ثقافي للأكراد في بلدة سورجي القريبة من الحدود السورية في تموز (يوليو) الماضي، وأدى إلى مقتل 33 شخصاً.

هناك العديد من القواسم المشتركة بين الهجومين الانتحاريين، أولهما استهدافهما لتجمعات كردية، وثانيهما أن العبوات الناسفة المستخدمة متطابقة، وثالثهما أن منفذي التفجيرين شقيقان، مثلما تشير التحقيقات الأولية، فالأول هو عبد الرحمن الغوز (تفجير سورجي)، والثاني هو شقيقه الأكبر يونس أمري الغوز، الذي كان أحد اثنين نفذا تفجير أنقرة.

***

إذا تأكدت المعلومات الرسمية بأن "الدولة الاسلامية" هي التي تقف خلف تفجير أنقرة، فإن هذا يعني أن هذه الدولة أرادت توجيه رسالة دموية قوية إلى الرئيس رجب طيب أردوغان، مفادها انتهاء حالة الهدنة "غير المعلنة" بين الجانبين، منذ عام ونصف العام تقريباً.

عندما سألت أحد المقربين من "الدولة الاسلامية" في إطار البحوث والمقابلات التي أجريتها لإعداد كتابي "الدولة الاسلامية: الجذور.. التوحش.. المستقبل" عن أسباب احترام الأتراك لهذه الهدنة، قال بالحرف الواحد "وجهنا لهم رسالة واضحة بأن أي تحرك من قبلهم ضدنا (الدولة) سيواجه برد شرس، وهو ضرب استقرار تركيا وصناعة السياحة فيها التي تدر 30 مليار دولار سنوياً".

لا نعرف بالضبط ما إذا كان تفجير أنقرة هو تنفيذ لهذا التهديد أم لا، لكن ما يمكن قوله أن العلاقة بين تركيا و"الدولة الاسلامية" تعرضت لهزات كبيرة في الأشهر الأخيرة، ربما تكون أدت إلى الانهيار الذي نراه حالياً، في نهاية المطاف، ويمكن تلخيص أبرز المؤشرات هذه في ثلاثة:

أولاً: دعم تركيا لتنظيم "إحرار الشام" و"جيش الفتح" ذراعه العسكري الذي يعتبر من ألد اعداء "الدولة الاسلامية"، وهناك أنباء بأن أحد مقاتلي الدولة هو الذي يقف خلف اغتيال أحد أبرز مؤسسي هذا التنظيم (خالد السوري)، وشهدت مناطق الشمال الغربي قبل أيام معارك طاحنة بين الجانبين.

ثانياً: احتجاج السلطات التركية على تكريس روسيا لغاراتها الجوية في سوريا على الجماعات الجهادية المعتدلة، التي تقاتل لإسقاط النظام السوري مثل "أحرار الشام"، و"جبهة النصرة"، و"الجيش السوري الحر"، وأن اثنتين من حوالي 70 غارة استهدفتا فقط تنظيم "الدولة الاسلامية" وقواعده.

ثالثاً: إجراء قوات الأمن التركية حملة اعتقالات شرسة في صفوف الأتراك المتعاطفين مع "الدولة الاسلامية"، أو ما وصفتهم "بخلاياها النائمة"، وبلغ عدد المعتقلين أكثر من ألف شخص في إطار اتفاق توصلت إليه القيادة التركية "مكرهة" مع الولايات المتحدة بالمشاركة في الحرب ضد "الدولة" مقابل قبول "غير مؤكدة" من قبل الأخيرة بالمطالب التركية في إقامة مناطق عازلة داخل سوريا.

تفجير أنقرة من حيث ضخامة أعداد ضحاياه وتوقيته يشكل ضربة قوية لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس أردوغان، خاصة أنه جاء قبل 18 يوماً من انتخابات برلمانية طارئة، يعول عليها الحزب، لاستعادة السيطرة وتشكيل حكومة أغلبية، لأن أهم الأوراق في يده، أي الحزب، هي الاستقرار، والنمو الاقتصادي، والأمن، وثلاثتها تبخرت، أو تآكلت تدريجياً منذ تورطه في الأزمة السورية.

أعداء الرئيس أردوغان من الاقليميين والدوليين كثر، ولكن إضافة "الدولة الاسلامية" إلى القائمة، إذا صح هذا الافتراض يشكل خطراً كبيراً، لأن هذه "الدولة" تقع في إطار الجوار التركي أولاً، وتملك قاعدة أرضية صلبة، وحاضنة عقائدية ضخمة، داخل تركيا وفي محيطها الجغرافي معاً، ولا يستطيع أحد إخراجها منهما بسهولة، بسبب تسلحها القوي، وشدة يأس مقاتليها، وانضباط قيادتها.

تعاظم المشاكل التي تواجهها تركيا بلغ ذروته بالتدخل العسكري الروسي في سوريا، وتزايد حدة التحرشات بطائراتها، واختراق أجوائها وتقدم القوات السورية في مناطق شمال غرب سورية في ظل غطاء جوي روسي، وهي مناطق كانت تحت سيطرة حلفائها، ومرشحة لكي تكون مناطق الحظر الجوي الذي كانت تضغط على أمريكا لقيامها، ولا يلوح أي أمل قريب بقيامها في المستقبل المنظور على الأقل.

***

ومما يزيد من خطورة الوضع التركي الراهن، أن الخلافات بينها وبين أمريكا تتفاقم، فسحب بطاريات صواريخ "باتريوت" من قبل حلف الناتو، وفي ظل هذا التوتر مع روسيا، وجه ضربة قوية للعلاقات بين البلدين، وهي العلاقات التي كانت مشوبة بعدم ثقة الأمريكان بالحليف التركي منذ امتناعه عن دعم غزوها للعراق عام 2003، وفتح قاعدة انجرليك الجوية، أمام الطائرات الأمريكية، وأزمة سفن مرمرة التي حاولت كسر الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة، وأخيراً توقيع شبكة دفاعية صاروخية مع الصين في تحد لحلف الناتو الذي رفض استيعاب هذه الصواريخ في إطار منظومته الدفاعية.

أمريكا تنسحب تدريجياً من منطقة الشرق الأوسط، ومن الملف السوري ومنطقة الخليج أيضاً (مغادرة حاملة الطائرات تيودور روزفلت) وتتركها للروس وايران في إطار "تنسيق ملغوم"، وتدير ظهرها لحلفائها الواحد تلو الآخر، وعلى رأسهم تركيا، وهذا ما يفسر الحجيج الخليجي إلى موسكو الذي كانت الزيارتان اللتان قام بها إليها يوم أمس الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، والأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي.

تفجير أنقرة رسالة قوية إلى تركيا، وبغض النظر عن الجهة الكبرى، وليس المنفذة، التي تقف خلفها، ومفادها، أخرجوا من سوريا كلياً وإلا…

نعتقد أن الرسالة وصلت، وستعطي مفعولها قريباً.

عبد الباري عطوان - رأي اليوم

الوسوم (Tags)

تركيا   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2015-10-13 16:53:05   حثالة التاريخ
على جميع التكفيريين حثالة التاريخ الذين تقاطروا على سوريا من كل صوب وجهة ليدمروا سوريا الحضارة أن يخرجوا بأسرع وقت لأن الضربات القادمة لن ترحم أحد إعتدى على وطني الحبيب ووعد من كل مواطن عربي شريف سننتصر وندحر الإرهاب خارج وطننا العربي وستشرق شمس النصر والحرية إن شاء الله
إيڤا  
  2015-10-13 16:49:38   سوريا يا حبيبتي
سنواصل حربنا حتى نستطيع إجتثاث هذا الإرهاب الذي علق في جسم سوريا ولم نعد نعرف الخلاص منه لكننا سنبقى شعب صامد صابر ولن نتراجع عن هدفنا وسنثبت لأمريكا وتركيا أننا إنتصرنا عليهم وسحقنا أحلامهم الأرض وسيخرجون من بلادنا مدحورين خاسئين أذلاء وإن غدآ لناظره قريب
زهرة  
  2015-10-13 16:44:52   الإرهاب
آن الآوان لأمريكا أن تنحسب من الملف السوري لأنها لم تقدم أي شيء لسورياإلا الخراب ودعم الإرهابيين التكفيريين بالمال والسلاح يوميآ وماضرباتها لهم إلا تجميلية ومجلس الأمن على أضرب ظل ساكت كل هذه السنين على كل الأعمال الإجرامية البشعة بحق الإنسانية ولم يحرك ساكن
سوسن أسعد  
  2015-10-13 16:40:57   العثماني الجديد
ليس غريب عن تنظيم الدولة الإسلامية داعش أن تكون وراء تفجير أنقرة!!! ومافعله أردوغان العثماني الجديد ليس بقليل في دعم المجموعات المسلحة في سوريا ليحقق حلمه في الشمال السوري لكن للأسف حلمه فشل وكيده إرتد عليه هذه هي العدالة الإلهية لأن من حارب الحق فيجب عليه أن يتحمل النتائج نتمنى أن ينتقل كل هذا الإرهاب إلى كل الدول التي تأمرت عل سوريا
بدر المنقل  
  2015-10-13 16:34:45   القرداحة
والله لن يستطيع أحد إسقاط الرئيس بشار حافظ الأسد مهما فعلتم يا حثالة التاريخ وسيبقى شوكة في حلق كل دولة تآمرت على سوريا ودعمت الإرهاب فيها سيبقى عائق في وجه تحقيق أحلامكم الإحتلالية في سوريا لم ولن نتراجع عن هدفنا في تحرير الأرض تطهيرها بإذن الله وتكاتف الشعب والقائد وجيشنا العربي السوري
نغم علي  
  2015-10-13 16:30:53   السويداء
دول التآمر والإرهاب دائمآ الثقة معدومة فيما بينها لأنها تستغل بعضها كما تستغل وتدمر الشعوب البريئة فقط لنشر الإرهاب ذو الأفكار الوهابية الغير إنسانية نحن نتمنى أن تنعدم الثقة بين تركيا وأمريكا فقد فعلا الكثير في الشرق الأوسط ظلمآ وزورا
نعيم  
  2015-10-13 13:35:48   السويداء
دول التآمر والإرهاب دائمآ الثقة معدومة فيما بينها لأنها تستغل بعضها كما تستغل وتدمر الشعوب البريئة فقط لنشر الإرهاب ذو الأفكار الوهابية الغير إنسانية نحن نتمنى أن تنعدم الثقة بين تركيا وأمريكا فقد فعلا الكثير في الشرق الأوسط ظلمآ وزورا
نعيم  
  2015-10-13 13:31:18   السويداء
دول التآمر والإرهاب دائمآ الثقة معدومة فيما بينها لأنها تستغل بعضها كما تستغل وتدمر الشعوب البريئة فقط لنشر الإرهاب ذو الأفكار الوهابية الغير إنسانية نحن نتمنى أن تنعدم الثقة بين تركيا وأمريكا فقد فعلا الكثير في الشرق الأوسط ظلمآ وزورا
نعيم  
  2015-10-13 13:14:36   الفوعة
حسب ماورد أن زعيم التنظيم اتخذ أمرآ بتنفيذ هجمات في مختلف أنحاء تركيا إذا لم تتراجع أنقرة عن سياستها الحالية، مضيفآ أنه أرسل 100 عنصر مسلح ومدرب على التفخيخ والتفجير، حيث دخل الجزء الأكبر منهم من جهة جرابلس السورية، ومن هناك تسربوا على شكل مجموعات صغيرة إلى كل من اسطنبول، أديامان، أنقرة، ازمير، قونيه، دياربكر، اورفه ...
أحمد مندو  
  2015-10-13 13:10:19   جبلة
اعتبرت أوساط كثيرة أن هناك ما يثير الريبة في بعض التصرفات الحكومية؛ فقد كان أحد رجال المافيا الأتراك المتحالفين مع أردوغان قد قال قبل يوم واحد فقط أن دم الأعداء سيسيل غدآ كالأنهاركما كان المغرد التركي الشهير فؤاد عوني قد توقع حدوث تفجير يستهدف الكتلة الناخبة لحزب الشعوب الديمقراطي، واتهم أركان «العدالة والتنمية» الحاكم بالوقوف خلف الخطة.
غالب أحمد  
  2015-10-13 13:06:03   طرطوس
لقد كشفت مصادر إعلامية تركية أن إنذارات مسبقة بتحضير عناصر تنظيم «داعش» لتنفيذ هجمات انتحارية في تركيا، قد قوبلت بالإهمال التام من قبل السلطات. وكان القسم التركي لوكالة «سبوتنيك» قد كشف سابقآ عن عبور أكثر من مائة مسلح من تنظيم «داعش» من الأراضي السورية إلى تركيا، وذلك من أجل التحضير لعمليات انتقامية من تركيا التي فتحت أجواءها للتحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، والتي عززت من تدابيرها الأمنية على الحدود تحت الضغوط الدولية المتزايدة
نوفل طالب إبراهيم  
  2015-10-13 13:04:57   طرطوس
لقد كشفت مصادر إعلامية تركية أن إنذارات مسبقة بتحضير عناصر تنظيم «داعش» لتنفيذ هجمات انتحارية في تركيا، قد قوبلت بالإهمال التام من قبل السلطات. وكان القسم التركي لوكالة «سبوتنيك» قد كشف سابقآ عن عبور أكثر من مائة مسلح من تنظيم «داعش» من الأراضي السورية إلى تركيا، وذلك من أجل التحضير لعمليات انتقامية من تركيا التي فتحت أجواءها للتحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، والتي عززت من تدابيرها الأمنية على الحدود تحت الضغوط الدولية المتزايدة
نوفل طالب إبراهيم  
  2015-10-13 12:59:06   تركيا الأردوغانية
هلا صرتوا تقولوا تركيا لا تكون سوريا !!!! نعم والله لن تكون دولة في العالم ك سوريا من حيث الصمود والتحدي لكل من أرادا لها الخراب والدمار اللعنة على تركيا الأردوغانية التي كان لها الدور الأكبر في تدمير حضارة سوريا وضرب إقتصادها لتحقق حلمها في الشمال السوري لكن هيهات لهذا الحلم وغيره أن يتحقق
رائد البيطار  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz