Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
مصر وآل سعود.. من دق المسامير إلى تشييع الجثمان
دام برس : دام برس | مصر وآل سعود.. من دق المسامير إلى تشييع الجثمان

دام برس:

علاقةٌ تربط الدولة المصرية ونظامها بآل سعود، تلك الاسرة التي تستولي على مقاليد الامور في شبه الجزيرة العربية، علاقةٌ تفانى الكثيرون في تبريرها، وإعطائها صبغةً شعبيةً بعيدًا عن الواقع الفعلي، ووضعوها بإطار الضرورة، لا لشيء سوى أنهم امتهنوا التبرير والدفاع وصار بالنسبة اليهم مصدر الارتزاق.
اليوم تنقلب المائدة وتبرز الخلافات على السطح، وتتسع الهوة بين مصر وآل سعود، فيصمت من فتحوا ابواق التبرير، بانتظار ما تسفر عنه الايام القليلة المقبلة ليستمر عملهم في الاتجاه المُملى عليهم.

مع انتهاء حكم جماعة الاخوان المسلمين بمصر، رغب صناع القرار في اعادة صنع الخريطة الاقليمية والدولية بشكلٍ مختلف، وابتغوا ارضاء دول اقليمية كانت في صفوف مناوئة او معادية، وتوهم البعض انه بالامكان تغيير خريطة السياسات والمصالح لعائلة آل سعود، ولم يدروا او لنقل غضوا النظر عن أنّ العائلة تفرش شباكها حول مصر لإحكام السيطرة عليها وعلى قراراتها.
ولعلّ التقارب المصري السعودي هو الذي وقف حائلًا دون اعادة العلاقات المصرية السورية الدبلوماسية كاملة، فعلى الرغم من تقارير امنية ورغبة المؤسسة العسكرية المصرية في عودة العلاقات، الا ان الخارجية المصرية سارت في ركب السعودية وعرقلت أية محاولة لإعادة العلاقات، بالقطع لأنّ آل سعود احد الاضلع الهامة والاساسية في المؤامرة على سورية.

ومع العدوان على اليمن باسم "التحالف العربي" دق المسمار الاول الصريح في نعش التقارب المصري السعودي، فعلى الرغم من نفي مصر الرسمي في البداية لأية مشاركة في الحرب على اليمن، خرج التصريح السعودي ليعلن المشاركة المصرية العسكرية مما وضع النظام المصري في وضعٍ حرج، خرج بعده ليؤكد المشاركة على استحياء، ولم يصدر منه حتى اليوم بيانٌ رسمي كاملٌ ووافٍ حول مدى تلك المشاركة.
وتوالت في اعقاب العدوان عمليات "دق المسامير" واتسعت دائرة الخلافات باختلاف المصالح والتوجهات السعودية التي تقف حائلًا امام الدور الذي ترغب مصر في لعبه وتغييرها للخريطة الاقليمية والدولية، وجاءت رغبة مصر في عقد مؤتمر لما تسمى بالمعارضة السورية وقررت استبعاد عناصر تنظيم جماعة الاخوان من الحضور، وهو الامر الذي جعل الرياض تهدد بعقد مؤتمر آخر يضم عناصر التنظيم الارهابي، غير ان الوثائق التي خرجت من مؤتمر القاهرة كانت كفيلة بالرضاء السعودي، فخفت حدة التوتر لفترة من الزمن، وسارعت القاهرة والرياض لإثبات الوفاق ونفي الشقاق في ايه مناسبة ياتي فيها الحديث امام الراي العام.

وما بين ما استشفه البعض من خلاف بين العسكرية المصرية والدبلوماسية، حول سورية وازمتها، خرجت اشارات على تقارب علني في القريب وشقاق مع آل سعود ظهر بعضٌ من ملامحه.
الخطاب السياسي الرسمي المصري حيال سورية صار اكثر هدوءًا واتزانًا وبعيدًا عن مصطلحات المؤامرة مثل "اسقاط النظام" او "لا مستقبل لبشار في الحكم"، تلك المصطلحات التي كثيرًا ما رددتها السعودية وسكتت عليها مصر، وصار خطاب القاهرة "اجندتنا هي الحفاظ على الدولة السورية ومؤسساتها" و"مصير الاسد بيد شعبه، وهو امر لا نتدخل فيه"، وبالفعل الشعب السوري قد اختار بشار الاسد رئيسًا وقائدًا، فانتهى مع ذلك اي حديث اخر.

بالإضافة الى ذلك، فالحديث حول مبادرة مصرية ايرانية لحل الازمة السورية، ياتي في الاتجاه الداعم لخلاف بين القاهرة والرياض، هنا ليس المهم هو اتمام المبادرة او خروجها للنور، الاهم هو وجود مؤشرات على التقارب بين القاهرة وطهران الذي بطبيعة الحال لا ترضى عنه السعودية التي تعتبر ايران عدوّها الاول، فهو دون شك خروج مصري على سياسات وضعتها السعودية لكافة حلفائها.
أيضًا، كان اللقاء المصري الاردني الاماراتي في روسيا حاملًا لعلامات الريبة التي انتقلت الى الرياض خاصةً في ظل تواجد وفد سوري بموسكو في نفس الوقت، مع التسريبات التي خرجت حول توافق لحل الازمة السورية، واتفاق مصري روسي على تشكيل حلفٍ لمواجهة الارهاب تكون دمشق فيه، بات الأمر واضحًا بأنّ هناك حلف "مصري اردني اماراتي" قد يوازيه ولا يعارضه في نقاط بعينها حلف "سعودي قطري تركي"، ولكنه على أية حال، حلف آخر.

يضاف الى الامر مخاوف مصرية من رغبة السعودية في تمكين جماعة الاخوان المسلمين من مقاليد الامور باليمن، وريبة تقف امام المبادرات السعودية للمصالحة بين النظام المصري وتلك الجماعة، لعل اخر تلك المبادرات ما حمله الغنوشي التونسي مطالبًا بالوساطة السعودية في هذا الامر.
كل هذه الامور وضعت السعودية امام قرار كان عليها اتخاذه قبل فوات الاوان، فطالبت بتأجيل اجتماع "مجلس الدفاع العربي" المشكل من وزراء الدفاع والخارجية العرب، والذي كان مقررًا له وضع "القوة العربية المشتركة" في حيز التنفيذ والعمل، ولم يأتِ التأجيل الى موعدٍ آخر بل كان لأجلٍ غير مسمى، وهو ما يعني وأد الفكرة والقضاء عليها، فالسعودية لا ترغب بكل تأكيدٍ في بناء كيان عسكري عربي يخرج في سياق مخالف لسياساتها، وتتحكم فيه مصر الخارجة على طوع آل سعود.

السعودية وان كانت يدها الداعمة قد رفعت عن جماعة الاخوان المسلمين بعض الوقت -وليس كل الوقت- لاستشعارها الخطر على العرش، الا انها لم ترفع الدعم ابدًا عن الجماعات السلفية الاخرى، فظلت احزابها وتنظيماتها تعمل في الاراضي المصرية برضى رسمي، خاصة وانها اعلنت تاييدها المطلق للنظام المصري وعداءها للاخوان، الا ان الايام القليلة الماضية قد شهدت تغييرًا لم يلحظه الكثيرون، فقد ألقت الاجهزة الامنية المصرية القبض على خلية تكفيرية نفذت عملية ارهابية ضد مقر سفارة النيجر، واعترف عناصرها بتواصلهم مع داعش، وانتمائهم لما يسمي بـ"ائتلاف الدفاع عن الصحابة وآل البيت"، وهو تنظيم اعلن فيما سبق على لسان مسؤوليه عن علاقته مع اجهزة الامن المصري، وهو ائتلاف لا شأن له سوى تأييد السعودية، والهجوم على شيعة مصر واتهامهم بالعمالة لايران، وبين ليلة وضحاها صار الائتلاف صديق الاجهزة الامنية - على حد قوله - عدوًا لها، وتحت محط الانظار، وفي اعقاب تلك الواقعة خرجت تسريبات تقول بتهديدات وجهها عدد من امراء آل سعود الى الجهات الرسمية في مصر، مفادها أنه إما ان تظل مصر في الاطار السعودي، او تدعم الرياض عمليات الارهاب بداخل الاراضي المصرية.

لا تفوتنا أيضًا تلك الحملة التي ظهرت الى الحياة مرة واحدة "لا للاحزاب الدينية" واستطاعات ان تجمع مئات آلاف التوقيعات في محافظات مصر المختلفة، هي حملة واكبت الانتخابات البرلمانية، متصديةً لتلك الاحزاب المدعومة سعوديًا، ماليًا وسياسيًا.
وجاء مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الافتاء المصرية يطالب بدعم ما اسماه "التصوف الصحيح" في مواجهة الارهاب والتكفير، وهو التصوف الذي كانت تكفره بعض الحركات السلفية، في اشارة واضحة لتعديل وتغيير الخطاب الديني كما طالب الكثيرون ومنهم الرئيس المصري ذاته، في اكثر من مناسبة، وهنا جدير بالذكر ان غالبية الطرق الصوفية وان لم تكن جميعها لا تتوافق مع السياسات السعودية السلفية.
كما اختفى الخطاب الاعلامي المصري الداعم للسعودية والملقي بالاتهامات لكل من يهاجمها، اختفت من الساحة المصرية ابواق كانت تمجد آل سعود، وكادت ان تصفهم بصحابة رسول الله في هذا العصر، اختفى هؤلاء، وبدأت الخلافات تظهر على السطح للجميع.

وسط كل هذه الامور التي تؤكد بأنّ نعش العلاقات الصرية السعودية قد اكتمل ولا ينقص الامر سوى تشييع الجثمان، تظهر الاشارة السعودية باحتمالية زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لمصر، خلال ايام، في طريق عودته من الولايات المتحدة الامريكية، تلك الزيارة التي تسعى من الجانب السعودي الى انعاش الجسد الفاسد، هي محاولة بائسة، لانها وفي اسوء التقديرات ان نجحت، فسيكون نجاحًا مؤقتًا، ولا بدّ للنعش الذي صُنع من جسدٍ يملأه.
سلاب نيوز - عصام سلامة

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2015-09-04 05:10:21   ضرورة الصحوة
بعد كل كبوة وغيبوبة لابد من صحوة . ونتمنى أن يحدث ذلك . ولكن هناك عقبات كبيرة في وجه كل تصحيح للمسار . فالثقافة المشوهة للدين تقف دون ذلك , والولاء للمال عقبة أخرى , والجهل والتخلف كذلك , والتحالف مع المجهول وترك العلم عقبة , وغير ذلك كثير . ويقع على الطبقة المثقفة انتشال باقي طبقات المجتمع من كل ذلك . وإذا أضفنا الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا . لكل المجهود الضخم الذي يبذل لاستمرار غيبوبة مصر , تحتاج مصر لمعجزات عظيمة لتقف على قدميها كما فعلت ايران واليابان وكوريا والصين وماليزيا وغيرهم كثير . هل هذا ممكن . نتمنى ذلك.
جمال  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz