دام برس ـ طرطوس ـ سهى سليمان:

لأنّهم نسور الأرض والسماء، وهدير طائراتهم يتوعد بالويل للأعداء، ولأن الشهداء سنابل الخير والعطاء، استحقوا منا ومن كلّ سوري شريف أن نكرّم تضحياتهم وذويهم، وإيماناً بقيمة الشهادة ونبلها، وتقديراً لأسر الشهداء عندما صبروا على ما ابتلاهم الله من فقدان أولادهم أو أزواجهم، قامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية بتكريم عدد من أسر الشهداء الطيارين في محافظة طرطوس.

وقد بدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت وقراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء الجيش العربي السوري، تلاه عرض فيديو عن إنجازات الجيش وتضحياته إضافة إلى دور المرأة والشباب في بناء المجتمع.

جاء التكريم افتتاحاً لفعاليات الملتقى الحواري الثاني تحت عنوان: "دور النخب الشابة في صناعة خطاب ديني معاصر" بين الفريق الديني الشبابي في وزارة الأوقاف والاتحاد الوطني لطلبة سورية، وذلك على مسرح المركز الثقافي العربي في محافظة طرطوس.

وحضر الحفل وزير الأوقاف السيد الدكتور محمد عبد الستار السيد، ومحافظ طرطوس صفوان أبو سعدى، وأمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في طرطوس غسان أسعد، ومدير أوقاف طرطوس مدير الفريق الديني الشبابي عبدالله السيد، والشيخ محمد شريف الصواف مدير مجمع الشيخ أحمد كفتار، والسيدة دارين سليمان عضو المكتب التنفيذي لاتحاد طلبة سورية، وعدد كبير من الشخصيات الدينية والطلابية وأسر الشهداء المكرّمين.

كلّ عمل يجب أن يمرّ عبر طرطوس وشهدائها

وفي كلمة له في حفل التكريم أوضح وزير الأوقاف أن الملتقى الأول أقيم في جامعة دمشق، في حين تمّ اختيار محافظة طرطوس لإقامة الملتقى الثاني وذلك لبناء سورية الجديدة المتجددة، مؤكداً أنه أي عمل في أية مؤسسة رسمية أو أهلية لا يمرّ عبر طرطوس وشهدائها لن يكون عملاً ناجحاً.

وأضاف أن طرطوس قدمت أولادها شهداءً، وله الفخر بأنه ينتمي لهذه المحافظة التي ولد وترعرع فيها، وشرب من مائها وتعلم في مدارسها وعاش في جبالها وساحلها وقراها ومدنها، وأن أي مواطن في سورية ينبغي عليه أن يعتز بطرطوس وأن ينتسب إليها وإلى أسر شهدائها الأبرار من أجل أن يبقى الوطن عالياً وشامخاً.

واعتبر الوزير السيد أن تجربة الملتقى فريدة من نوعها، لتركيزها على دور الشباب في صياغة حوار ديني معاصر، متطلع نحو الأمام، يهتم بجميع الفئات الشبابية وينفتح على آرائها لأن الوطن بحاجتها، مشيراً أنه ينبغي علينا أيضاً أن نعرف ماذا تحتاج منا هذه الفئات، ماذا تحتاج كشيخ أو داعية أو كإمام مسجد، فهي لا شكّ تحتاج أن نقدم لها الأخلاق والمحبة والتواصل والإيمان الصادق والصحيح، وأن نزرع في نفوسها السلام والخير والبسمة والأمل لا الطائفية والحقد والتكفير.

وختم حديثه بكيفية إسعاد الوطن والمواطن، من خلال الابتعاد عن التضييق والتشدد والإغلاق، وإنما يكون بالانفتاح، وأول ما ننفتح عليه هو جيل الشباب والطلبة.

أما كلمات الحضور فقد شددت على أهمية هذا التكريم لأسر الشهداء الطيارين الذين ضحوا بأرواحهم من أجل رفعة هذا الوطن، وأن ذويهم أمانة في أعناقنا ننهل من مدارسهم قيم العطاء والصبر والتضحية، مؤكدة أن هذا الشعب الذي يمتلك إرادة النصر أو الشهادة لن تهزمه أي صعاب أو محن، وستبقى سورية محصنة بأجساد جنودها المرابطين في المعارك وبدماء شهدائها الأبرار.

الشهادة من أنبل القيم وأعظمها

وبكلّ إجلال وفخر بصورة ولديها تحدثت لنا أم الشهيدين أسامة وسامر محمد ريا أن هذا التكريم قيمة كبيرة وعالية، وخاصة أنهم منحوهم نسخة من "القرآن الكريم"، الذي كرّم الشهداء بآياته واعتبرهم أحياء عند ربهم يرزقون، كما ترحمت على أرواح شهداء سورية الشرفاء، ودعت من الله تعالى أن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، وأن يعيد الأمن إلى سورية وتعود أفضل مما كانت.

أما السيدة غزوة زوجة الشهيد العميد الطيار أصف صقر سليمان فقد عبرت عن أهمية هذا التكريم وفرحتها بهذه الهبة، والتي هي نسخة من المصحف (القرآن الكريم)، وأن استشهاد زوجها لن يزيدها إلا صبراً وقوة وستتابع تربية أولادها من بعده، لأنهم أمانة في عنقها.

على درب الشهداء سائرون

 وتابعنا رحلتنا في رحاب الشهداء، لنلتقي بشار إسماعيل منصور ابن الشهيد العميد الطيار إسماعيل منصور الذي استشهد في مطار الشعيرات، حيث أكد أن هذا التكريم هو بمثابة حافز لمتابعة درب والده في الدفاع عن وطنه، منوهاً بأن هذه الهبة التي منحوه إياها هي أجلّ وأعظم تكريم حصلوا عليهم لأن كلام الله هو كلام مقدس، و"القرآن الكريم" هو رسالة الأديان بالمحبة والأخلاق والسلام.

أما السيد أكرم محمد حسن شقيق الشهيد محمود محمد حسن الذي استشهد في مطار التيفور أيار الماضي،  فقد شكر السيد الرئيس ووزارة الأوقاف على هذه اللفتة الكريمة، معبراً عن شعوره بالفخر أن هناك من يتذكر الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً لهذا الوطن، وأنهم مستمرون في طريق النصر إنشاء الله بهمة الجيش ووقوف الشعب إلى جانبه.

وفي الختام مؤسسة دام برس الإعلامية تشكر كلّ من ساهم في هذا التكريم، وتتمنى لهذا الملتقى كل التوفيق والنجاح، كما تحيي المؤسسة أمهات وزوجات وأخوات الشهداء الطيارين وكل الشهداء العسكريين والمدنيين، مترحمين على أرواحهم مستلهمين من ذويهم القوة والصبر، راجين من الله تعالى أن يعمّ السلام على هذه الأرض المقدسة.