Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 23 نيسان 2024   الساعة 10:31:39
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
ثقافة العمل التطوعي .. انطلاق من الذات إلى الآخر .. استطلاع ’’دام برس’’ لآراء المواطنين في محافظة طرطوس

دام برس - سهى سليمان :

قيم ومبادئ وأخلاقيات ومعايير وممارسات تحضّ على المبادرة وفعل الخير الذي يتعدى نفعه إلى الغير، تطوع من غير إلزام، ودون إكراه، ممارسة إنسانية مرتبطة بكل معاني العمل الصالح عند المجموعات البشرية كلها منذ الأزل، ركيزة أساسية في بناء وتنمية المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين.... كل ذلك وأكثر يمثّله العمل التطوعي.

كما تنضوي تحت مفهوم العمل التطوعي مساهمة الأفراد في أعمال التنمية والرعاية الاجتماعية سواء بالرأي أو بالعمل أو بالتمويل أو بأشكال أخرى، ويقوم على التعاون بين الأفراد في سبيل تلبية احتياجات معينة للمجتمعات بناء على فهم مسبق لتلك الاحتياجات.

ويبقى العمل التطوعي عملاً إنسانياً ويعبر عن حضارة أي مجتمع، ولا شكّ أن الأزمة التي مرّت بسورية كشفت جوانب إيجابية وسلبية في الوقت ذاته، حيث ظهر تجار الأزمة الذين يستغلون حاجات الناس لمصالحهم الشخصية، بالمقابل ظهرت حالات مضيئة من خلال اندفاع الكثير من جيل الشباب نحو العمل الإنساني دون انتظار أي أجر مقابل ذلك، حتى أن تلك المبادرات الخيّرة أصبحت هدفاً سامياً يتسابق إليه الجميع.

ولأهمية هذا الموضوع، مؤسسة "دام برس" الإعلامية استطلعت آراء بعض الشرائح الاجتماعية المختلفة حول ثقافة العمل التطوعي ومدى الوعي بأهميته.

العمل التطوعي شجرة كبيرة يتفيأ في ظلالها الكثيرون

الأديب والصحفي علام عبد الهادي مدير الملتقى التطوعي للرأي والرقابة الشعبية، كاتب في الدراسات الاستراتيجية والسياسية، أوضح أن الملتقى نشأ بعد بداية الأحداث في سورية 2011، ويقوم على رؤية فكرية ثقافية وطنية عميقة، لذلك استمر ولم يتداعَ رغم الإرهاصات التي تعرض لها لجهة محدودية الوعي لدى شرائحنا الشبابية التي لا تؤمن بالعمل التشاركي والتعاوني ولا تكوّن مفهوماً واضحاً حول مفهوم التطوع.

وقدّم شرحاً عن أهم أهداف الملتقى الذي يعمل على إعادة إنتاج وعي وطني جديد بعد انقسام السوريين على أنفسهم بعد الأزمة الراهنة، وتكريس القيم التي تحملها معاني التطوع والعمل التشاركي انطلاقاً من توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد والدستور السوري الجديد الذي كرّس في الكثير من مواده قضية العمل التطوعي والرقابة الشعبية.

وعن تطور عمل الملتقى تحدث أنه دائم ومستمر والإقبال لم يتوقف والدليل ذلك نشاط الملتقى المستمر، الذي أقام منذ تأسيسه حتى الآن ما يقارب 150 نشاطاً بين الندوات والمحاضرات التي تمحورت حول موضوعات مختلفة في السياسة والاجتماع والقضايا الأسرية والأزمات الاجتماعية المتعددة من الزواج والطلاق وقضايا الشباب والمرأة والأدب باختلاف موضوعاته من نقد وفن بما في ذلك القضايا السياسية المهمة.

أما عن الطروحات التي طرحها الملتقى في أعماله فذكر مدير الملتقى أنها كانت أعمال فكرية ذات صلة بالواقع والحدث، مع مقاربة فكرية منحازة لعلمية الفكرة ومنطلقة من باب الدراسة المنهجية التحليلية التي تضع نتائجاً وحلولاً، مشيراً إلى أن المشكلة الكبرى التي يعاني منها الشباب هي عدم الوعي العميق بالتطوع وأهميته، فالعقل النفعي عند الشباب هو الطاغي، وفي طرطوس يضعون العربة قبل الحصان، فعندما تدعوهم إلى نشاط ما أول ما يفكر به هو الفائدة من ذلك، ولا يفكر أن المال تحصيل حاصل، هو يبحث عن النتيجة قبل بذل الجهد، لكن المطلوب أن يعمل الإنسان للمصلحة العامة التي تحقق له مصلحته الشخصية، وتحقق ذاته وطموحه وتنمي مهاراتها وملكاته الإبداعية وتصقلها.

وفي الختام عرض الأستاذ علام أهم المقترحات والإنجازات التي استطاع الملتقى تحقيقها، من خلال معالجة جملة من القضايا المتعلقة بمكافحة الفساد، وتقديم طرح جريء وقوي حول قضايا الفساد في محافظة طرطوس، إضافة إلى بعض الأعمال الأدبية والاجتماعية خارج المحافظة، في دمشق وحماة وحمص واللاذقية، كما ركّز على أن العمل التطوعي عمل خلاق يتصل بالله والأرض والوطن، ولا يمكن لإنسان أن يقيم علاقة حميمة مع الوطن إن لم يفكر كيف يعطي الوطن قبل أن يفكر ماذا يأخذ من الوطن، فالحياة تقوم على التفاعل، والعمل التطوعي هو أحد أهم عناصر التفاعل بالواقع.

الأطفال يدركون قيمة العمل التطوعي

أما الطفلة مريم منصور فقد عبرت عن تقديرها لجميع من يقوم بأعمال تطوعية وخاصة في ظلّ الأزمة التي نعيشها والتي خلفت الكثير من الخراب والدمار والإصابات في صفوف الجيش والمدنيين، مؤكدة أن هناك الكثير من الجمعيات الأهلية والنساء أو الصحية التي تقوم بأعمال تطوعية مجانية مقدمة مساعدات لجرحى الجيش أو من خلال الدورات والحفلات التي تقام لأطفال ذوي الشهداء للمساهمة في مواساتهم والوقوف جنبهم في محنتهم.

كما تطرقت إلى موضوع المساعدة في المنزل والمدرسة من خلال تنظيف الباحات بشكل تطوعي أو تنظيف الغابات أو الطرقات، مؤكدة الاستفادة من هذا العمل وتحقيق الذات والفائدة للغير.

بعد الأزمة ظهر الكثير من المتسلقين على أكتاف الوطن

ريان محمد أحد العاملين في فريق تطوعي أكد أن العمل التطوعي قبل الأزمة كان روتينياً لا إبداع فيه، في حين تطور بعض الشيء بعد الأزمة من خلال الموضوعات والشريحة المستهدفة، كما أخذ مفهوماً أكبر وبدأت محاولات تأطيره وتنظيمه وفق أسس وضوابط تتناسب مع أهداف هذا العمل التطوع.

وعن وجود استغلاليين في صفوف العمل التطوعي رأى ريان أنه في كل مكان وفي أي زمان هناك من يستغلون الأزمات لمآربهم الشخصية، مؤكداً ظهور الكثير من المتسلقين على أكتاف الوطن والمواطنين، لافتاً أن مهمتنا تجاه ذلك التصدي لهذه الظاهرة المشوّهة لصورة العمل التطوعي وفرض عقوبات على هؤلاء الأشخاص، والأهم من ذلك وضع قوانين صارمة لهذا العمل بهدف حمايته من ضعاف النفوس.

العمل التطوعي له حالات إيجابية وسلبية

بدورها السيدة أمينة سليمان تعمل بالسلك التدريسي في محافظة طرطوس تحدثت أن التعاون أساس الوصول إلى أكثر من الأهداف الهامة في حياتنا اليومية، فثقافة التطوع تحقق الكثير من المنجزات المفيدة للفرد والمجتمع بآن واحد في المجالات كافة.

وذكرت أمثلة على ذلك خاصة في المجال التربوي من خلال التعاون بين التلاميذ وتطوعهم في نظافة الباحات لتظهر مدارسهم في شكلها الأمثل والحضاري، ولينعكس ذلك على منظر المدرسة ويعود على التلاميذ أنفسهم في تعلم عادات تربوية مفيدة يطبّقونها في منازلهم أيضاً.

وأضافت أن هناك الكثير من الحالات البسيطة تمثل العمل التطوعي عند التلاميذ حيث يقومون بجمع بعض النقود لشراء أغطية للطاولات أو ستائر للنوافذ أو غير ذلك، وكل هذا يمثل حالة من التعاون اللطيفة وهي مهمة ومفيدة جداً، خاصة عند استخدامها بشكلها الإيجابي، أما في حالة استخدامها بشكلها السلبي فهي غير مفيدة مثل جمع بعض المال وشراء أغراض أخرى غير الهدف التي جمعت من أجله كتبرع بعض الأشخاص للجمعيات الخيرية بهدف إيصاله إلى بعض المحتاجين أو المصابين، في حين يصرف لحاجات شخصية أخرى أو بصورة انتقائية وناقصة.

وتطرقت إلى بعض معوقات العمل التطوعي والصعوبات التي قد تعترضه من خلال الروتين والمعاملات الرسمية التي قد تعرقل وتطيل وقته، لكن الأهم هو الهدف الذي خلقت لأجله تلك المبادرات الخيرية.

عدم احتكار العمل التطوعي، ووضع برامج وقوانين ناظمة

وهنا مؤسسة "دام برس" ترى أنه من الأفضل قبل طرح أي مبادرة إجراء دراسة علمية واجتماعية بهدف التعرف على المشكلات الحقيقية والمحلية للمجتمع الذي يستهدف هذه المبادرة، وضرورة تنمية الوعي بين الناس ومساعدتهم على قبول الأفكار والممارسات الجديدة من خلال تبني فكرة جماعات العمل التطوعي، إضافة إلى إتاحة الفرصة أمام مساهمات الشباب المتطوع وعدم احتكار العمل التطوعي على فئة أو مجموعة معينة ووضع برامج وقوانين وتشريعات ناظمة لهذا العمل بما يكفل تحقيقه للهدف الذي وجد لأجله.

كما ترى المؤسسة أن ثقافة العمل التطوعي تبدأ من تنشئة الأبناء تنشئة اجتماعية سليمة، وغرس قيم التضحية والإيثار وروح العمل الجماعي في نفوس الأطفال منذ مراحل نموه المبكرة، إضافة إلى البرامج الاجتماعية والتعليمية التي تركز على مفاهيم العمل الاجتماعي والتطوعي وأهميته ودوره التنموي، واقتران هذه البرامج بالتطبيقات العملية من خلال مساهمة الأطفال والشباب في جماعات العمل التطوعي وفي حملات تنظيف المدارس أو محيطها والعناية بأشجار المدرسة أو خدمة البيئة.

أخيراً تشكر مؤسسة "دام برس" جميع من شاركنا الرأي، وتتمنى على كلّ الجمعيات الأهلية والخيرية ومؤسسات العمل التطوعي أن تكون على قدر المسؤوليات التي وضعت نفسها لأجلها، فالكثير بحاجة لنشاطاتها ومبادراتها، وأن تضع نصب عينيها تضحيات الكثيرين من الجيش لأجل هذا الوطن.

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz