Logo Dampress

آخر تحديث : الأربعاء 24 نيسان 2024   الساعة 10:10:45
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
كيف وصل أردوغان إلى مرحلة الاعتذار من بوتين؟
دام برس : دام برس | كيف وصل أردوغان إلى مرحلة الاعتذار من بوتين؟

دام برس :

في أروقة أنقرة يجري الهمس بأن أدلة جديدة وصلت إلى يد الاستخبارات الأمريكية والأوروبية تتعلق بتجارة النفط مع داعش، وبالفساد وتبييض الأموال، وبطلها كلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. الحديث يدور عن تسجيلات صوتية مشابهة للتسجيلات التي انتشرت له نهاية عام 2013، والتي وثقت محادثاته مع نجله بلال، وكان يأمره فيها بالتخلص من مبالغ نقدية هائلة موجودة في المنزل. ولكن تبين أن من سرب تلك المكالمة لديه من القوة ما مكنه من اختراق إجراءات التشفير والأمن الخاصة بالدولة التركية. الآن السؤال هو أن الطرف المسرّب هذا، والذي هو رجال الداعية فتح الله غولن بشكل شبه أكيد، أليس من المنطقي أن يكون تخلى عن أسلوب التسريب العلني إلى أسلوب التسريب لأجهزة الاستخبارات الغربية؟

من المنطقي أن رجال غولن، وبعد أن اقتنعوا أن المعادلات الداخلية ليست كافية في الحرب مع أردوغان، وبعدما صعَّد الأخير ضدهم بإغلاق كبرى مصارفهم وشركاتهم التجارية والإعلامية، اعتبروا أن الخطوط الحمراء القديمة باتت من الماضي. ومن هنا قرروا التصعيد والمضي في خطوة جديدة تحاول استجرار العوامل الخارجية للتدخل. ولذا ليس من المستغرب أن نسمع عن اتهامات جديدة لأردوغان، على صفحات «فوريجن بوليسي» يوماً، أو «الغارديان» في يوم آخر، أو «لوموند» في يوم ثالث. كلها علامات على تغير النظرة الغربية إلى أردوغان، وإشارة إلى أن الحكومات الغربية تنظر إليه نظرتها لعبء، وليس إلى حليف مفيد. أساساً لم تنظر إليه يوماً نظرتها إلى حليف، بل إلى أداة. ومن هذا المنطلق يمكن أن نفهم أكثر خلفية التقارير الإعلامية الأمريكية التي تتحدث عن خيار الانقلاب، بل ومضى بعضها بالتشجيع والحث عليه.

تغير النظرة الغربية ليس محصوراً بالمستمسكات الجرمية، التي يشاع أنها وصلت إلى الغرب. أساساً لا تعتبر تجارة النفط مع داعش بنظره جريمة مشينة طالما أنه يحصل على عمولته منها. ولكن هناك عوامل أخرى أضيفت، وليس لجماعة غولن علاقة بها بالضرورة، وتتمثل بقضايا الفساد والتهريب وتبييض الأموال التي تورط بها مقربون من أردوغان، بل وهو أيضاً بحسب بعض المصادر. وحتى هذا النوع من القضايا ليس مما يثير الحساسية الغربية عموماً لولا تفصيل صغير وخطير بآن معاً؛ ومفاده أن الاستخبارات الإيرانية استفادت من «حب النقود» لدى أردوغان ورجاله، واستخدمت تركيا كمحطة للتحايل على العقوبات التي كانت مفروضة، ولا نتحدث عن التجارة العادية فقط، بل حتى عن مواد قد تستخدم في الصناعة النووية. وفي هذه النقطة ثارت كل الحساسية الغربية، وتذكرت حكومات برلين وواشنطن وباريس ولندن فجأة القمع في تركيا، والمضايقات على الحريات العامة. فجأة أحس أردوغان نفسه خارج النادي الأحب إلى قلبه.

كان قد بقي لدى أردوغان ملفان يعتقد أنهما يكفيان لإعادة دخول نادي الدول «السينييه»؛ وهما القرم وسورية. ففي القرم استخدم الأقلية التركمانية لمحاولة إرباك روسيا، وفي سورية ألقى بثقل متزايد في الحرب. وفي كلا الملفين كان هناك شخص هادئ يقوم من بعيد بإيجاد حل لكل خطوة من خطوات أردوغان. عندما أرسل أردوغان دفعات من صاروخ «التاو» إلى حلب أرسل هو دبابة «تي92» الأقل تأثراً بهذه الصواريخ. وعندما أرسل أردوغان صواريخ مضادة للطيران رد هو بتنفيذ مزيد من الغارات الجوية في شمال حلب وبإغلاق طريق الكاستيلو بالنار. وعندما نصب أنظمة تشويش إلكترونية ضمن حدوده للتشويش على الرادارات السورية والروسية وعلى الطائرات الحربية لهما رد هو بضرب أبراج الاتصالات التي اقامها حلفاء أردوغان. وبين كل خطوة ميدانية وأخرى كان هذا السياسي الهادئ يقوم بالمزيد من العمليات في الميدان السياسي لإرباك تركيا والإمعان في عزلها. ولا ريب أنه يستحق بجدارة أن يحمل لقب «ثعلب القرن» بوتين.

أمام ورطاته المتزايدة يحاول أردوغان التخلص من المعادلات السياسية التي رسمها أحمد داود أوغلو، الذي يحمل ولا شك لقب أغبى وزير خارجية في تاريخ الجمهورية التركية. وللتخلص من هذه المعادلات يسعى إلى العودة إلى المعادلات الأولى للسياسة الخارجية التركية التي تسعى لإقامة توازن في العلاقات بين الكتلة الشرقية والغربية، بين أمريكا وروسيا، بين الدول الإسلامية وأوروبا. ويعلم أن أهميته بالنسبة للغرب تنبع من هذا التوازن. والأكيد أن أردوغان يشعر بمدى عمق أزمته حتى يخطو هذه الخطوة الأولى في حياته السياسية، وهي إبداء الاعتذار علناً وليس سراً. ليس بلطجي حي قاسم باشا معتاداً على مثل هذه المواقف. ولكن إذا كان يعتقد أنه أصلح مسار سياسة داود أوغلو فإنه كذلك لا يعلم جيداً أن نتيجة الصراعات التي أشعل فتيلها لن تنقضي بأزمة اقتصادية فحسب، أو باعتذار مشين، أو بتقديم المزيد من التنازلات. كل هذا لن يكفي جزاءً على المآسي التي سببتها حكومة حزب العدالة والتنمية، والدماء التي أسالتها. بل ستكون تركيا نفسها ميداناً للصراعات. ولا أقصد حزب العمال الكردستاني بالضرورة، فهناك قوى أخرى كثيرة تتحين الفرصة لنفض الرماد عن جمرها.

آسيا نيوز - سومر سلطان

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2016-06-28 08:15:50   ندم
فساد أردوغان وفضائحه تنكشف يوما بعد يوم واعتذاره لن ينفعه بشيء فالدماء الطاهرة التي سُفكت بسببه ستبقى معلّقة في رقبته
ديما  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz