Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
مكتسبات ثورة يوليو بين عبد الناصر والسادات .. بقلم : الدكتور مجمد سيد احمد
دام برس : دام برس | مكتسبات ثورة يوليو بين عبد الناصر والسادات  .. بقلم : الدكتور مجمد سيد احمد

دام برس:
ثورة 23 يوليو 1952 التى مازال بعض الكارهين لها ولقائدها يصفها بالانقلاب العسكرى فى محاولة لتشويهها, لكن هذه المحاولات الفاشلة لا يمكن أن تصمد أمام العلم كثيرا, فمن المعروف والثابت والمستقر والمتفق عليه فى أدبيات العلوم الاجتماعية والسياسية أن الثورة " هى إحداث تغيير جذرى فى بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية " هذا هو جوهر مفهوم الثورة.
لذلك يمكننا التأكيد بما لا يدع مجال للشك أن الثورات لا يحكم عليها إلا بنتائجها, فإذا أحدثت تغييرا جذريا فى بنية المجتمع وأحدثت تغييرا حقيقيا فى خريطته الطبقية المختلة وأعادتها الى توازنها بحيث تبرز الطبقة الوسطى على حساب الطبقات الدنيا الفقيرة والكادحة والمهمشة نكون هنا أمام ثورة حقيقية, وإذا لم يحدث التغيير الجذرى فى بنية المجتمع وظلت الخريطة الطبقية المعتلة كما هى فأننا أمام أى شيئ آخر غير الثورة.
لذلك نستطيع أن نقول وبقلب وضمير مستريح وبعيدا عن أى مواقف غير موضوعية أن ثورة 23 يوليو 1952 هى الثورة الحقيقية الوحيدة حتى اللحظة الراهنة فى تاريخ الشعب المصرى, لأنها الثورة الوحيدة التى أحدثت تغييرا جذريا فى بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية, وهى الثورة الوحيدة فى تاريخنا التى انتصرت للفقراء والكادحين والمهمشين ومكنتهم من حقوق المواطنة, وهو ما أدى الى حدوث حراك اجتماعى صاعد لقطاعات واسعة من أبناء الشرائح الطبقية الدنيا تمكنوا من العبور والصعود والاستقرار بكرامة فى فناء الطبقة الوسطى.
فخلال الأيام الأولى لثورة يوليو كانت المواجهة مع القوى الاقتصادية المسيطرة المتمثلة فى رموز الاقطاع, فكان صدور قانون الاصلاح الزراعى ضربة قاضية أحدثت تغييرا جذريا فى البنية الاقتصادية والاجتماعية انعكست على شكل الخريطة الطبقية للمجتمع المصرى, تبعتها ضربات سياسية لتغيير جذرى فى البنية السياسية التى كانت حكرا على مجموعة من الأحزاب التى يتربع عليها مجموعة من البشوات والبهوات والأفندية بعيدا عن الجماهير الشعبية, فجاءت هيئة التحرير ثم الاتحاد القومى ثم الاتحاد الاشتراكى تنظيما سياسيا جامعا لقوى الشعب العامل, ولأول مرة يتم تمكين جموع المصريين من المشاركة السياسية وإمكانية الصعود للسلطة, فكانت نسبة 50 % للعمال والفلاحين فى المجالس المنتخبة تمييزا ايجابيا لظلم تاريخى, ثم نص دستور 1956 على حق المرأة فى الترشح للبرلمان خطوة سبقت فيها مصر بريطانيا العظمى التى لم يمكن دستورها المرأة من الترشح إلا فى عام 1958,  وهنا تغييرا جذريا فى البنية السياسية, ثم كان التعليم المجانى ودعم الدولة للعلوم والفنون والثقافة الجماهيرية تغييرا جذريا فى البنية الثقافية للمجتمع المصرى.
هذا التغيير الجذرى فى بنية المجتمع المصرى الذى انعكس على الخريطة الطبقية المختلة قبل ثورة 23 يوليو 1952 والتى كان يتم فيها الفرز الاجتماعى على قدم وساق حيث الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقرا, فجاء جمال عبد الناصر بثورته لينحاز للغالبية العظمى من شعب مصر من الفقراء والكادحين والمهمشين, فكانت مجمل سياساته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية تصب فى صالح هؤلاء لذلك عند رحيله فى 28 سبتمبر 1970 كان قد أنجز جزء كبير من مشروعه الوطنى وحصل الفقراء والكادحين والمهمشين على حقوق ومكتسبات لم يحصلوا عليها طوال التاريخ المصرى.
ثم جاء الرئيس السادات لينقلب على ثورة 23 يوليو عبر ثورة مضادة أحدثت أيضا تغييرا جذريا فى بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية, وغيرت الخريطة الطبقية بشكل واضح, لكن للآسف الشديد التغييرات الجديدة كانت سلبية على المستفيدين من مكتسبات ثورة يوليو, فعندما أعلن السادات عن سياسة الانفتاح الاقتصادى كان ذلك تغييرا جذريا أعاد المجتمع المصرى لعملية الفرز الاجتماعى من جديد حيث الغنى يزداد غنى والفقير يزداد فقرا وبالطبع تختفى الطبقة الوسطى, ثم يعلن الرجل عن التعددية السياسية فتتحول المسألة لسيطرة مجموعة من رجال المال على السلطة, ومع الانفتاح تنتشر قيم الواسطة والمحسوبية والرشوة والغش والفهلوة وينهار التعليم وتختل المنظومة الثقافية.
ومن هنا يتضح أن مكتسبات ثورة 23 يوليو 1952 التى صنعها جمال عبد الناصر بسياساته المنحازة للفقراء والكادحين والمهمشين, قد قضي عليها السادات عبر ثورته المضادة والتى مازالت مستمرة حتى الآن, وإذا ما أردنا تصحيح المسار فعلينا أن نعود مرة أخرى الى سياسات منحازة للغالبية العظمى من شعب مصر من الفقراء والكادحين والمهمشين, وهذا بالطبع يتطلب مواجهة مباشرة مع رموز الثورة المضادة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا, اللهم بلغت اللهم فاشهد.            
 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2017-07-25 14:51:28   التطبيع والطبع....زمنيا
قد تكون السنة الثمانين لفرد..سنة غلبة الطبع....والمئتين...لعائلة....لكن لقوم؟..... الف ربما........ الا سوريا ،فما صنعه الله لا يغيره انسان
هانيبعل  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz