دام برس :
 
كنت وقد اشرت بمقال سابق ان جيشنا بقيادته العريقة والحكيمة حقق الانتصار خلال الاعوام الستة الماضية على الارهاب والارهابيين. ويستكمل الان تطهير ما تبقى من رجسهم على الارض السورية. واشرت ايضا ان هناك تحضير لمرحلة اعادة الاعمار التي ستشهدها سوريا الحبيبة. وعلى ضرورة تركيز اهتمام المعنيين بإعادة الاعمار على استثمار العقول المبدعة بكل جوانب اعادة الاعمار.
فمن الجوانب المهمة لهذا الاستثمار هو تفعيل دور الادارة الذكية لإعادة الاعمار. حيث اقتصر التحضير لإعادة الاعمار على المعارض والندوات والمؤتمرات والتي لا تؤدي بطبيعتها الاجرائية والجزئية وغياب التنسيق فيما بينها الى اكتمال التصور الشامل والواضح لمرحلة اعادة الاعمار القادمة. و هذا يقودنا الى الاستنتاج بانه لا يوجد مختصين ومؤهلين بإعادة الاعمار (وانا منهم طبعا) لأسباب تتعلق بعدم الحاجة لها سابقا. بل يوجد خبرات خجولة بمجالات متنوعة تحاول الاجتهاد هنا والتجريب هناك. وهذا الاجتهاد الفردي والغير مبني على الاختصاص الدقيق والخبرة الكافية يقود الى الكثير من الاخطاء بالتخطيط الاستراتيجي.
لذلك لابد من الارتقاء بالتخطيط لمرحلة اعادة الاعمار من التخطيط الاجرائي والاسعافي والجزئي قصير الامد الى تخطيط استراتيجي شامل طويل الامد. باعتبار ان التخطيط الاستراتيجي يحدد الاطار العام والملامح العامة لمرحلة اعادة الاعمار القادمة ويشكل الحلقة الاهم والاخطر بمرحلة التخطيط لإعادة الاعمار. كما لابد من الارتقاء بالتخطيط من الجانب الذاتي الى الجوانب الموضوعية والمستندة الى الاختصاص الدقيق لإعادة البناء والمستفيدة من خبرات وتجارب الدول الصديقة التي لديها التخصص والخبرة بإدارة الكوارث او نتائج الحروب المدمرة.
وهنا يمكن وضع هيكلية تنظيمية لفريق عمل اعادة الاعمار من مستوى هيئة او اعلى يراعى فيها التخصيص الاقرب ما يمكن من التخصص الدقيق لإعادة الاعمار ويراعى فيها ايضا كل جوانب اعادة الاعمار (السياسية والاجتماعية والاقتصادية والادارية والخدمية والبيئية والصحية والتربوية والتعليمية و ما الى هنالك من جوانب) كنواة مبدئية لا طلاق التخطيط الاستراتيجي بصورته الموضوعية وليست الذاتية ولحصر المسؤوليات ولمحاسبة المقصرين والمخطئين.
وقد يكون من اولى مهام هذه الهيئة العمل على ترشيح و تأهيل وتحضير فريق للعمل بالمستوى التكتيكي والاجرائي لإعادة الاعمار بالاستعانة بالدول الصديقة ايران وروسيا والصين ودول اخرى صديقة. وهنا يكون على عاتق الفريق المؤهل ما نشهده اليوم من العمل على المستوى التكتيكي والاجرائي بوضع تصور لإعادة بناء مناطق مهدمة و كيفية تمويل المشاريع وما الى هنالك من تفاصيل تكتيكية واجرائية. ويكون الفريق المؤهل من تخصصات مختلفة (سياسية واجتماعية واقتصادية وادارية وخدمية وبيئية وصحية وتربوية وتعليمية وانشائية و ما الى هنالك من جوانب). فمثلا يمكن للفريق التعليمي المؤهل والمتخصص اعادة تعديل مناهج الدراسة الجامعية بما يواكب عملية اعادة البناء والاعمار بمفهومها الشامل.
وهنا ادعو المعنيين والقيمين للاستثمار الامثل لكل الطاقات والمؤهلات والعقول الموجودة على الساحة السورية. وعلى ضرورة التخطيط والاستعداد الجيد وذلك بالاستفادة من فرصة اعادة الاعمار لتصحيح الخلل الموجود وإعادة رسم الملامح المستقبلية بما ينسجم ويليق بالقيم الحضارية والتراثية لوطننا الحبيب سوريا. وعلى ان يكون دورنا موازي لدور جيشنا العظيم ومكمل له وذلك بصون انتصاراته وتضحياته والحفاظ عليها.

الدكتور المهندس مازن عزت ابراهيم-استاذ مساعد بكلية الهندسة المدنية-  قسم الادارة الهندسية - جامعة دمشق.