دام برس:

ربما ستشكل ظاهرة رجب طيب اردوغان حالة مفيدة جدا لدراسة الشخصية الشرقية والمسلمة .. وستكون مشروعا ممتعا لسبر أغوار العقل الاسلامي الحديث .. لأنه في ظاهرة الاعجاب الأعمى بأردوغان مايحير الألباب ويجعل علماء السلوكيات يهرشون رؤوسهم مرتبكين لمعرفة سر هذا الولاء المنقطع النظير لشخص مليء بالتناقضات والتنافرات بين سلوكه وشخصيته المضطربة وشعاراته التي تفترق عن الواقع .. فهو لايتراجع عن تقديم نفسه على أنه يمثل الاتجاه الاسلامي الصحيح الثوري في هذا الزمان .. رغم أن لااسلام في سلوكه ولايقين في قلبه .. فقد تسبب بقتل مسلمين وتخريب اوطانهم اكثر مما تسبب به الصهاينة والغرب معا مجتمعين وتسبب بفرقة وفتنة أكبر من الفتنة الكبرى .. وهو أناني الى حد غريب ولايكترث بدين ولابمصلحة اسلامية ..ومع ذلك فان هناك من لايزال مصرا على الدفاع عنه ببسالة ورفض أي انتقاد .. وهذا بحد ذاته مجال فريد للبحث عن العقل المنوم مغناطيسيا ويرفض الحقائق ..

وأنا مهما حاولت الابتعاد عن أردوغان والاستراحة منه ومن أخباره أجده يطاردني ولايترك لي يوما كي أستريح .. لأنه يفعل كل موبقات الدنيا ولايزال يعتبر نفسه خليفة المسلمين دون أن يعاتبه مسلم واحد .. فهو عميل الناتو ولكنه في نظر محبيه يقود الناتو .. وهو على علاقة استراتيجية باسرائيل ولكن مريديه لايزالون بكل صفاقة يعتبرون أنه أكبر كارثة على اسرائيل وهي تحاول التخلص منه .. رغم أن كل الخير حل على اسرائيل منذ وصل الى السلطة .. وحلت اسرائيل كل مشاكلها منذ أن حشر أنفه في القضية الفلسطينية فهو شق محور المقاومة وأشغله بالثورات الدموية وأقنع حماس أن تلوذ به وتطعن دمشق وفلسطين معا .. فوقفت بسبب هذه الخدعة بلا ظهير ولاصديق وصارت أكثر حركة تحرر مكروهة في الشرق وربما على مستوى العالم .. وربما لها أنصار في تل أبيب أكثر مما بقي لها أنصار في مدن الشرق .. ومع ذلك لايزال السافل خالد مشعل وجمهور حماس يهلل كلما خطب اردوغان خطابا حماسيا .. ولايزال يحظى بالدعاء من كل المؤمنين .. ولاينسى القرضاوي امام الزمان الثوري أن يوجه للخليفة التحايا ويدعو المسلمين الأتراك لتثبيته وشد عضده لأنه عمود من أعمدة الاسلام التي نهضت .. الذي ترعاه الملائكة لأنه هدية من السماء للمسلمين..

وكلما قدمنا فضيحة مجلجلة عن هذا الرجل الأفاق تصدى للفضيحة محبون له يقومون بليّ ذراع الحقيقة والصورة والكلمة والتصريح من أجل ألا تكسر هيبة الزعيم العثماني .. وأذكر أنني عندما نشرت الصور الفاضحة لاحتفالات الشاذين جنسيا في استانبول في ظل حكم العدالة والتنمية الاردوغاني في أكبر مهرجان جنسي في العالم قال أنصار أردوغان في ردودهم ان هؤلاء هم من تركة العهد العلماني الذي يحاول الزعيم اردوغان التخلص من مظاهره الاباحية وتنقية تركيا من هؤلاء الشاذين وأن علينا أن نمنحه وقتا لأن مهمة استئصال العلمانية وآثارها في المجتمع الاسلامي ليست سهلة ولذلك سنرة مثل هذه الاحتفالات التي ستتراجع تدريجيا لأن السلطان - حفظه الله - لايرضى أن تبقى أمته ترى هذه المظاهر المنافية للدين الحنيف وطهارة الرسالة الاسلامية ونقاء سلوك السلطنة ..

ولكني عندما رأيت صورة المنافق الأزعر أردوغان يتناول طعام الافطار في شهر رمضان المقدس مع شاذين جنسيا ويجلس معهم بسلام وهدوء الى طاولة الافطار وهم يبدون الغنج والدلال .. ولم أصدق عيني أن لامبالاة الرجل بلغت به حدا أنه يستغبي كل الامة التي تتبعه ويجلس وديعا في صورة عائلية مع أمينة الى جانب أشهر متحول جنسيا في تركيا في شهر رمضان على مائدة الافطار دون أن يرف له جفن ودون أن ينفذ صبره !! لم أدر كيف سنطرح السؤال على محبيه ومواليه .. ولعل ماتبادر الى ذهني على الفور هو .. كيف سيقوم الاردوغانيون بليّ ذراع الحقيقة والصورة .. وليّ ذراع رمضان والاسلام والقرآن من أجل أن تبرئة هذا المحتال على الدين ..

هل سيقولون انه دعا الشاذين الى مائدة الافطار ليدعوهم الى الاسلام والتوبة ويشرح لهم فضائل الاسلام؟؟ أم سيقولون ان الجنة مليئة بالغلمان الذين قال القرآن عنهم (يطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً ) .. والرجل استبق مكانه في الجنة وعرج الى السماء في لحظة تجلّ وتصوف وجلس الى الغلمان وأشباه الغلمان والتقط هذه الصورة لأنه اعتاد ان يجلس طويلا الى أشباه الرجال والمتحولين جنسيا في السعودية وخاصة عادل الجبير!! ..
أم سيقولون ان الصورة مفبركة ومن تلفيق الشبيحة للاساءة الى سيرة الرجل العطرة وأنه غادر الجلسة للوضوء والصلاة بعد ان جلس ؟؟ أو أنه لم يكن يعرف أن على طاولة الافطار متحولا جنسيا وظن ان المتحول يشارك في حفلة تنكرية رمضانية !! وأخشى أن يقولوا بأن الرجل اجتهد وأخطأ وله أجر واحد هو أجر الاجتهاد !!

لاأدري ان كنت أتفق مع ماعلق به أحد الظرفاء عندما شاهد الصورة وأقسم ان هناك انسجاما واضحا بين أردوغان والمتحول (أو المتحولة) .. أو بين أمينة والمتحول (أو المتحولة) .. ولاحول ولاقوة الا بالله .. ولله في خلقه شؤون ..

طبعا أن تواق جدا لمعرفة تفسيرات الاسلاميين ودفوعهم عن الرجل المؤمن والتي لاشك شتكون فيهل اختراعات وفتاوى واصرار على البراءة والطهارة .. لن ننتظر في جواب الاسلاميين في تفسيرهم لهذه الصورة المباركة التي يظهر فيها أردوغان لأول مرة في مكانه الطبيعي أن يكون هناك منطق أو مراجعة أو تغير بل سيعتبرون الهجوم عليه دليلا على أنه استثنائي .. هؤلاء لو رأوا "الميل في مكحلة أردوغان أو ميل أردوغان في مكاحل العرب والمسلمين" لظل أردوغان نبيهم الذي لايأتيه الباطل من حوله وحاني الاسلام والقرآن .. ولظل له جنود ومحامون .. ولذلك ربما سنجد في قادم الأيام أن اردوغان مطمئن مثل اطمئنان سعد الحريري الى عمى جمهوره في تيار المستقبل فيأخذهم حيث يشاء وتشاء السعودية .. ولذلك انتظروا مع هذا القطيع المتعصب المنقاد كالأعمى أن يؤدي أردوغان صلاة العيد بين الشاذين والمتحولين ويزداد عدد مؤيديه والداعين له بطول العمر .. فمن سيعاتبه ؟؟ ومن سيحاسبه؟؟ ومن سيقتخ عينيه وقلبه وعقله ؟؟ لاأحد .