Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 23 نيسان 2024   الساعة 10:31:39
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
لماذا لا يعتذر أوباما ؟ بقلم: فوزي بن يونس بن حديد
دام برس : دام برس | لماذا لا يعتذر أوباما ؟ بقلم: فوزي بن يونس بن حديد

دام برس:

تبقى النزعة الامبريالية شامخة في الأفق الأمريكي، لكن الشموخ الذي ينتظر السقوط المدوّي، وإلّا كيف نفهم زيارة الرئيس الأمريكي لهيروشيما ونكاجازاكي دون أن يرفّ شاربه بنبرة حزن واعتذار للشعب الياباني الذي عانى الويلات وربما ما زال يعانيها إلى اليوم، وبقي التاريخ يعيد الذكرى كل سنة ولهيب الانتقام ممن أهلكوا الحرث والنسل في هذه البلاد وغيرها ما زال حيا في النفوس، لا اعتذار من أوباما للشعب الياباني، يفسّر النزعة الاستعمارية لدى الدول الكبرى وحبّ السّيطرة والبقاء دائما على هرم القوة في العالم حتى لو أدّى ذلك إلى دمار العالم بأجمعه، هذه النزعة استمرت طويلا مع هذه الدول قديما وحديثا، فلم تعتذر فرنسا للجزائر في جولات رؤساء فرنسا تباعا لهذا البلد الذي شهد ثورة المليون شهيد، والذي عانى ما عاناه من تدمير للبنية التحتية وذبح لعائلات بأكملها وقتل وترويع وغيرها من الأعمال الوحشية والإرهابية.

ونحن اليوم عندما نطالب العالم بمعالجة الإرهاب الذي ظن أنه يأتي من المسلمين فقط وأصبح الغرب حمائم سلام، إنما نريد أن نخفي الوجه البشع الذي عانت منه الشعوب الإسلامية والعربية على حد سواء إبان الاستعمار الفرنسي والانجليزي والبرتغالي والأمريكي على لهذه الشعوب، دمّر فيها كل جميل ونهب كل ثمين واعتدى على كل أثير ومسح كل دليل، جرائم حرب من الطراز الأول كالتي وقعت في البوسنة والهرسك في التسعينات، فلماذا حوكم ميلوسيفيش ولم يحاكم جورج بوش الابن، ولماذا يقتل القذافي ولا يقتل دونالد رامسفيلد وكونداليزا رايس، وغيرهم ممن كانت لهم يدٌ في الجرائم البشعة التي تحصل اليوم في العراق، هذا البلد الذي كان ينعم بالأمن والأمان، دمّر على الآخر باسم الحرية وباسم امتلاك أسلحة الدمار الشامل.

لا يعتذر أوباما، حتى لا تكتب في سجله نكتة سوداء، ويصبح الرئيس الأسود على أمريكا لونا وفعلا، وحتى لا يكتب التاريخ أن أمريكا ركعت لليابان عندما تعتذر رسميا للعالم أنها ارتكبت جريمتها الوقحة واللاأخلاقية في حق شعب من الشعوب يريد الحياة بسلام، وحتى لا تطلب اليابان تعويضات هائلة من أمريكا تعجز الحكومة الأمريكية عن سدادها، كل ذلك تضعه الولايات المتحدة الأمريكية اليوم في الحسبان ولا تريد أن تكفّر عن ذنبها بل أن تبقيه للزمن الذي ربما يأتي يوم ويطالب الشعب الياباني أمريكا بتعويضات النّكسة التي حدثت إبان الحرب العالمية الثانية.

ولم يكن في خُلد أوباما هذا التصحيح التاريخي، الذي يضعه في حرج كبير أمام الرأي العام الأمريكي والجمهوريين الذين يرفضون في حقيقة الأمر سياسات أوباما في هذه الدول التي كانت معادية لأمريكا قرونا من الزمن ككوبا وفيتنام وإيران وربما أيضا كوريا الشمالية، وعلى هذا الأساس جاءت الزيارة لهيروشيما شكلية بحتة ليعلن رئيس الولايات المتحدة  على إثرها عن ضرورة الحد من الانتشار النووي، والكل يعلم ما تملكه الولايات المتحدة الأمريكية من ترسانة نووية تدمّر الأرض برمّتها، وبالتالي نفهم الاتجاه الامبريالي الاستعماري للحركة الكونية الآنية ووجه الطغمة الاستبدادية في عالم يبحث عن الحرية.

مازال الغرب ينظر إلى الشرق أنه تابعٌ له لذلك يستنكف عن الاعتذار، ومهما بدت من مجاملات وبروتوكولات خارجية ووهمية يوهمون بها الشعوب أن هذه الدول مستقلة وتدير شؤونها بنفسها تبقى النزعة الاستعمارية والاستغلالية سيدة الموقف في القرارات المصيرية لهذه الدول قائمة، وبالتالي تعجز ألسنة الغرب الرسمية عن الاعتذار عندما ترتكب وحشية في حق الدول الضعيفة أو النامية كما تسميها، وتبقى دائما نامية في نظرهم حتى لو اعتلت عرش الإبداع الفكري والتكنولوجي كما هو الشأن في عديد من الدول العربية والآسيوية، فهو الغطاء الذي لا تنزعه عنه  الدول الشقيّة المعروفة بانتهازيتها واستغلالها للدول.

abuadam-ajim4135@hotmail.com

 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz