دام برس:
في ظل الهجود الذي تقبع فيه الكثير من العقول العربية وخاصة العقول السورية,والتصوف والاختباء تحت أنقاض الخوف, لإدراكها بأن استفاقها لن يكن الا على دمار أمة بكاملها عندما لايبقى لاحاكم يحكم و ولامحكوم يمشي كالقطيع ويخشى الانحراف عن طريق قواده .
هنا نستطيع ترصد هجرة الكثير من العقول النيرة المفكرة التي رفضت أن تمشي على الطريق الذي رسم لها, فإما أن تخالف وتعصي فتنفى بعيدا ويكتم صوتها, وإما أن تهاجر لتهتف من خلف الشاشات, وتنادي بالثوره والقيامة, واستنهاض الطاقه الكامنه في باطن كل فرد. هل هذا يقود إلى أننا أمة خاملة لاتعرف سوى مايلقن لها , أم أنها تعرف وتكتفي بالصمت والسير خلف الماشية فلنبدأ من أصغر دائره و هي الأسره, الولد الذي يعصي عادات أهله, ويسأل كثيرا ويحاول تكوين نظريه تحلل واقعه يعاقب ويسارع الأهل في تلقينه ما لُِّقن لهم وهم صغار, ألا يجب أن تسمع آراء هذا الابن وتستنبط طاقته وتوجه فيما يعود عليه بالمعرفه .
هل هذا إثر نشوئنا في مجتمع شرقي تحكمه التقاليد الموروثه أو أننا نعيش في مجتمع ديني تحكمه الأسس التي وضعتها الأديان وتناقلت عبر الأجيال إذا وسعنا الدائره أكثر لنأخد مثال عن بلده أو قريه فالشخص الذي يحاول خرق الطقوس المعروفه وان كان الخرق في سبيل التطوير أو خلق أفكار جديده بناءة يطعن بأفكاره بأنه يحاول تقليد الغرب ورمي ماتربينا عليه من تقاليد فعلى سبيل المثال نحن لانزال نرى عند الكثير من المناطق السورية من يرفض دخول الاناث في الكثير من مجالات العمل وتحجيم دورها في الحياة بأن تكون إمرأة تنجب الاولاد وتربيهم واذا انصرفنا وتجردنا من كل ذلك .
نحن نعلم أن الشك بأي قضية هو مايقودنا الى صحتها أما اذا نظرنا اليها بكونها مسلَّمه ونقلنا هذه الفكره إلى الأجيال التي ستأتي بعدنا بذلك ستنقلب كل أسس حياتنا إلى مسلّمات لايعرف أيّ منّا سبب الأخذ بها والسير عليها فإذا عدنا لفكرة أننا نعيش ضمن مجتمع متديِّن أو يأخذ بالمسلّمات الدينية الى حدٍّ ما فإنَّ أي نظرية تُطرح ويكون ضمن فرضيّاتها أي نقيض لمسلَّمه دينية أو كونية أونقد لسلوك الاجتماعي أو طقس ديني في بيئة معيّنة من هذا المجتمع سرعان ماينظر إلى النظريه بأنها تكفيرية أو إنها تطعن بالعادات المتوارثه .
فهذا كلّه إن دل على شيء فإنّه يدل على أننا كمجتمع اعتدنا على الانغلاق على أفكارنا الكونية والوجودية والتقوقع ضمن مانتلقنه من نظريات وينقل لنا دون تحليلها وتبيان ان كانت تصلح لكلّ زمان ومكان هذا مايحد من تطور الفكر عندنا وتجدده للنهوض بمجتمع علماني حر فكرياً وعلى سبيل التذكير إن العلم والفكر والإبداع الخلّاق لاينطلق من المقامات الدينية التي نضع الاولويّة في بنائها في مجتمعاتنا وتخصص لها ميزانية كبيرة .
فدور العلم أحق بجزء كبير من هذه الميزانيه غير ذلك أنه في أي بيئه الدين وحده دون ثقافه يكون سلاح ذو حدين ان لم يُحسن توجيهه كذلك يوجد أحقيّة لتبني العقول المنتجه وأصحاب القدرات الابداعيّة التي سترتقي بهذه الأمه نحو مستقبل مزدهر بالنجاحات فهذه الأمه أحوج الى طاقات أبنائها الذين يتاجر بعقولهم فهم من غنوا تاريخها ولبنتها بإنتاجهم الثري وبهم ستعلو وتصل أعلى سلالم العلم والثقافه والتطور.