دام برس:
من نافل القول أن الحرب في سورية وعليها حرب إقليمية عالمية.. وأن الجيش العربي السوري يواجه العصابات التي ترسلها الدول المعادية لسورية من أكثر من ثمانين بلداً تدفع لهم السعودية وقطر ثمن أسلحتهم ونفقات مهماتهم وتوصلهم تركيا إلى داخل الأراضي السورية. وبالطبع لم يعد أحد يسأل أو يهتم أو حتى يفكر هل يخالف ذلك القوانين الدولية أم لا؟! ما زال الإعلام المعادي يواصل الحملة على الدولة السورية ويختصرها بـ"النظام السوري" أو حتى "الرئيس السوري" لتسهيل شيطنتها وبالتالي تخفيض التعاطف معها أو مع الشعب العربي السوري.

وعلى سيرة الشعب السوري والعقوبات على بلاده، لا أعرف كيف أن تطبيق عقوبات اقتصادية غربية أمريكية ضد سورية يخدم هذا الشعب؛ فلم يثبت أبداً أن العقوبات الاقتصادية ضد أي دولة في العالم خدمت شعبها.. ومع ذلك يقولون ويكررون أن العقوبات ضد النظام.. أو ضد الرئيس السوري؟! مع ذلك ليس هذا ما نريد الحديث عنه. ما نريد العودة إليه والبحث فيه هو مسؤولية الشعب العربي السوري فيما يحصل له؛ وهنا تمكن الإشارة إلى مجموعتين من هذا الشعب؛ المجموعة المقاومة للإرهاب والمجموعة الحاضنة له.

لم تستطع أقوى القوى العالمية، كالولايات المتحدة، بكل جبروتها الانتصار على أي مقاومة في العالم في البلدان التي غزتها مثل فيتنام أو أفغانستان أو العراق...الخ، والسبب بسيط أنّ الشعب المقاوم لا يقهر(قوتان لاتقهران؛ قوة الله وقوة الشعب؛ كما قال الرئيس حافظ الأسد ذات يوم). وفي سورية وخلال الحرب عليها، فإنه يجدر بنا الانتباه إلى العديد من المناطق السورية التي لم يستطع الإرهابيون دخولها لأن أهلها قاوموا واستبسلوا في الدفاع عنها وصمدوا وقاتلوا رغم فقر حالهم لكنهم رفضوا دخول هؤلاء الغرباء؛ الأمكنة كثيرة وفي كل المناطق السورية ولا داعي لتحديد منطقة وإغفال أخرى.

المسلحون والإرهابيون تمكنوا من الدخول إلى العديد من المناطق والبلدات والمحافظات السورية بسبب وجود البيئة الحاضنة لمثل هؤلاء؛ بل هم دخلوا سورية أصلاً بسبب وجود هذه البيئة واستعداد البعض لاستقبلهم لغايات شخصية أو غير شخصية.. ولكن بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب أدرك الكثير من السوريين ممن وفروا البيئة الحاضنة أنهم أخطأوا، فيما لايزال البعض الآخر مصراً على الخطأ لغاية في نفسه ونفس من شغّله وموله. لكن الأخبار الواردة من المناطق السورية البعيدة والقريبة تؤكد كل يوم تململ الأهل مما وصل إليه الحال بسبب سلوك البعض والغرباء، وهذا مؤشر جيد ويمكن البناء عليه والاستفادة منه لتوسيع البيئة المقاومة من الشعب السوري مقابل تناقص أعداد ومساحة البيئة الحاضنة للإرهاب.

البيئة المقاومة من الشعب العربي السوري أدركت منذ البداية أنّ المسألة ليس إصلاحات ولا حرية ولا ديمقراطية. والآن تأكدت هذه المجموعة أكثر وتأكد الجميع أن الشعارات التي رُفعت في البداية كانت للتغطية على الهدف الحقيقي لضرب سورية والعدوان عليها؛ فكيف لبلد مثل قطر أو السعودية أو حتى حكومة أردوغان أن يكونوا من دعاة التحرر والحرية والديمقراطية، وأي هرطقة هذه؟!

البيئة المقاومة المدافعة عن سورية هي الأكبر والأوسع.. وهي تتزايد كل يوم وتشمل جميع شرائح الشعب السوري والأسباب كثيرة.. وهي ماضية في الدفاع عن هذا البلد الطيب المعطاء وفي كل يوم نسمع المزيد من قصص البطولة التي يسطرها الجيش العربي السوري والبيئة المقاومة خلفه تمدّه بالعزيمة والرجال والقوة.

ما لم يفهمه الأعداء أنّ الشعب العربي السوري بمعظمه، الذي قاوم وقاتل وتحمّل وصمد أكثر من أربع سنوات حتى الآن، لن يتراجع ولن يركع بعد كل الذي دفعه من دمه وماله.. وأنّ ما لم يتنازل عنه بالحرب لن يقدمه لهم على مائدة السلام حتى لو استمرت الضغوط سنوات بل عقوداً أخرى. لكن الدرس الأهم الذي على السوريين جميعاً تعلمه أنه لولا وجود ضعف وخلل وثقوب في المجتمع السوري لما تمكن الغرباء من إيجاد بيئة حاضنة لهم ومن التسلل عبرها إلى الجسد السوري..!! والنصر القريب سيحمل لسورية وأهلها الخير كل الخير وسيدفع من خانوها ثمن خيانتهم والشعب لن ينسى ولن يسامح.

الكاتب: بديع عفيف

مصدر الخبر: SNS