Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 22:16:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
عقد المعاونة ودوره في التنمية الاقتصادية .. بقلم: القانونية أمل عبد الهادي مسعود

دام برس:

عقد المعاونة هو "عقد يلتزم بمقتضاه شخص طبيعي أو معنوي من أشخاص القانون الخاص أو العام برضائه واختياره بالمساهمة نقداً (بمبلغ من المال) أو بشيء عيني (بتقديم عقار أو منقول) في نفقات مرفق عام أو مشروع معين من مشروعات الأشغال العامة أو نشاط إداري".

عقد المعاونة من العقود الإدارية الهامة التي تؤدي دوراً حقيقياً وفعالاً في تنمية المجتمع تنمية شاملة، خاصة في أهم مجالاتها وهي الصحة والتعليم وغيرها من المرافق العامة الحساسة. فعقد المعاونة من العقود التي تبرز طابع المبادرات الشخصية لدى الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة في تنمية المجتمع ودفعه قدماً إلى الأمام، وتوفير احتياجات المرافق العامة الأساسية. وهناك عقود أخرى تسهم في التنمية إلا أنها لا ترقى إلى ما يحققه عقد المعاونة من مساندة حقيقية في مجال التنمية، نظراً لخلو عقد المعاونة من المقابل المادي الذي يحصل عليه المتعاقد مع الإدارة في العقود الأخرى. وما ذيوع فكرة عقد B.O.T إلا تجسيداً لحرص القطاع الخاص على الظفر بأطول مدة من الزمن في جني الأرباح من جمهور المنتفعين والحصول على العديد من التسهيلات والامتيازات الحكومية أثناء فترة إدارة المشروع، وفي نهايتها تتسلمه الدولة وهو بحالة غير جيدة أو لا يسمن ولا يغني من جوع إلا قليلاً.

بيد أن القيمة الرائعة لمعاونة الأشخاص والأهمية القصوى لعقد المعاونة تتجلى في أوقات الأزمات والكوارث وما تقتضيه من تضافر الجهود وتعاون الأشخاص مع الدولة وتكاتفهم ووقوفهم إلى جانب المنكوبين والمتضررين جراء أزمة ـ كالتي تمر بها سورية ـ ومعاونتهم وتقديم الإمكانات المادية والعينية لهم بصورة مباشرة أو عن طريق الدولة. فالمعاونة التي يتم عن طريقها تهيئة المرافق العامة والمشاركة في مشروعات البنية الأساسية للبلاد والتي تتطلبها المصلحة العامة وتفرضها ضرورات التنمية الاقتصادية والاجتماعية تشكل القاعدة الأولى لكل انطلاقة اقتصادية إذ بواسطتها يتم الانتفاع من خيرات البلاد واستغلالها بالشكل الذي يحقق الرفاهية والازدهار، وبالتالي فإن لعقد المعاونة نتائج فعالة وقوية وأثر إيجابي في دعم المرافق العامة وتحقيق النهضة الاقتصادية والاجتماعية، وإشباع الحاجات العامة للشعب، والارتقاء بالخدمات التي تقدمها تلك المرافق، ورغبة الأفراد في تحصيل الأجر والثواب عند الله تعالى، والوقوف إلى جانب الدولة في أحلك الأزمات بمد يد العون لها دون انتظار شكر أو امتنان.

ويبرز عقد المعاونة الدور التنموي للعقد الإداري والتعاون الأمثل بين الحكومة وأشخاص القانون العام والخاص، وهو عقد تعكس تطبيقاته العروة الوثقى والوشيجة المتينة بين القانون والتنمية. ومن مصادر تمويل التنمية المبادرات الفردية التي يقدمها القطاع الخاص على شكل منح وتبرعات يدعم بها المرافق العامة ويساهم في تسيرها بغية تطوير أداء المرافق لخدماتها على نحو يستفيد منه جموع المواطنين بشكل أفضل، وتخفف في الوقت ذاته العبء ـ ولو بقدر ضئيل عن الميزانية العامة للدولة.

وهو عقد معروف في الشريعة الإسلامية ويجد أساسه في عقود التبرعات وتحديداً عقد الوقف الخيري وقد انتشر في مصر عند حدوث زلزال 1992 حيث عرض كثير من رجال الأعمال والمؤسسات معاونتهم في بناء المدارس والمعاهد، وقد قبلت الدولة المصرية هذه العروض وشجعتها.. وهذا يعكس مساندة المواطنين ورغبتهم الأكيدة في تطوير بلدهم والرقي بها.

ويعرف عقد المعاونة بأنه: "عقد يلتزم بمقتضاه شخص طبيعي أو معنوي من أشخاص القانون الخاص أو العام برضائه واختياره بالمساهمة نقداً (بمبلغ من المال) أو بشيء عيني (بتقديم عقار أو منقول) في نفقات مرفق عام أو مشروع معين من مشروعات الأشغال العامة أو نشاط إداري" ويضيف جانب من الفقه إلى ذلك التعريف عبارة (مقابل قيام الشخص الإداري بتنفيذ المشروع).

فهذا العقد إذن هو صورة من صور التبرع أو التطوع الاختياري يعرض فيها المتبرع الاشتراك في نفقات إنشاء أو صيانة مرفق عام؛ كأن يعرض أحد الأشخاص من تلقاء نفسه المعاونة في نفقات بناء مشفى أو صيانته أو بناء مدرسة أو تقديم قطعة أرض لفتح طريق أو إنشاء مشروع من شأنه تنمية الحركة السياحية في مدينة ما، أو إنشاء مستشفى للسرطان أو مركز لمعالجة الاعاقات الحركية، أو إنشاء مساكن لذوي الشهداء، أو في ضمان قروض تقدم للجرحى أو ذوي الشهداء لإنشاء مشاريع يستفيدون منها...الخ. وكثيراً ما يجد عقد المعاونة تطبيقات له في مجال التخطيط العمراني.

ويمكن تصنيف هذا العقد بأنه من عقود الأشغال العامة المنصوص عليها في القانون 51 لعام 2004. أما إذا اقتصر على تنظيم مرفق عام دون اتصاله بأشغال عامة، فإن القضاء الإداري في فرنسا ومصر لا يعتبرانه عقداً إدارياً بتحديد القانون ـ عقد إشغال ـ وإنما مدنياً أو إدارياً بحسب خصائصه الذاتية أو وفقاً للقواعد العامة. فالاتفاق مع البلدية أو المحافظة على تقديم مساعدات عينية أو نقدية لذوي الشهداء لا يمكن اعتباره من عقود الأشغال العامة حيث أن الأشغال العامة ترتبط بمهمة تنفيذ مرفق عام وهذا يعني أنه لا ارتباط حتمي وكلي بين عقد المعاونة أو المساهمة وعقد الأشغال العامة. فقد تبني الدولة المدرسة أو المشروع بنفسها دون تعاقد مع أحد من المقاولين بعد تقديم المتبرع الأرض أو المال اللازم لهذا المشروع.

لكن الصفة الأكيدة في عقد المعاونة التي يُجمع عليها فقه القانون العام واجتهاد القضاء الإداري هي اعتبار عقد المعاونة عقداً إدارياً شأنه شأن أي عقد آخر نظراً لأن المعاونة في إنشاء أو تسيير مرفق عام يحقق نفعاً عاماً، والعقد لا ينعقد إلا بعد قبول الجهة الإدارية للعرض المقدم إليها بالمعاونة من الشخص العام أو الخاص.  ولا شك أن هذه الغاية المميزة لهذا النوع من العقود الإدارية تضفي عليه خصائص معينة تخرج به عن القواعد المألوفة في علاقات الأفراد بعضهم ببعض، وتؤدي إلى ترتيب آثار مختلفة عن عقود القانون الخاص. فالمعاونة اختيارية بدون أي إكراه أو ضغط أو إجبار من جانب الدولة، وإن كان ذلك لا يمنع من أن يكون عرض المعاونة جاء تلبية لطلب الإدارة بتقديم المعاونة، وقد يكون منجزا ً أو مشروطاً، وهو ملزم لجانب واحد هو صاحب العرض بالمعاونة دون الطرف الآخر. ولكن في الوقت نفسه ينشئ التزامات متبادلة،  خاصة عندما يكون العقد مشروطاً بشروط تتمثل بقيام الإدارة بعمل ما أو إعطاء شيء معين وتقبل الإدارة بذلك، كأن تتعهد الدولة لمن يبني مدرسة أن توظف له ولداً من أولاده فيها إذا كانت معونته مقرونة بهذا الشرط.

ولا يشترط لإبرام هذا العقد شكلاً معيناً بل يمكن أن يكون مكتوباً أو شفهياً. وبعبارة أخرى ليس من اللازم اتباع الشكل الكتابي للقول بوجود العقد الإداري وإن كان الغالب أن يتم كتابةً، ويستفاد من ذلك أن الكتابة الخطية ليست شرطاً لإثبات وجود العقد الإداري وإن كانت شرطاً لصحته.

وأخيراً لا بد من التنويه إلى أن هذا العقد يختلف عن عقد الهبة المعروف في القانون المدني والمنصوص عليه في المادة 454 منه؛ فلا يتقيد العرض في عقد المعاونة بقواعد التبرع في الهبة المقررة في ذلك القانون وشكلياتها التي تحدد بإحكام وقت انعقاد العقد وتكفل تحديد محتواه بصورة أفضل. فالهبة يشترط فيها القانون أن تكون بسند رسمي وذلك حماية للواهب الذي يجرد نفسه من ماله مجاناً بإعطائه فسحة من الوقت ليتدبر ويتأمل خطورة ما هو مقدم عليه، والرسمية تساعد على ذلك، وعدم توثيقها بورقة رسيمة يجعلها باطلة بطلاناً مطلقاً، ولا تنتج أثراً. أما عقد المعاونة فلا يشترط أن يكون بسند رسمي.

ولعل المرحلة التي تمر بها سورية، تحفّز الخيّرين من أبناء هذا الوطن على استخدام هذا العقد وشيوعه، فقد كان لهذا العقد أثر كبير في النهضة التي شهدتها فرنسا والتاريخ القانوني فيها يشهد على ذلك.

الكاتب: القانونية أمل عبد الهادي مسعود

مصدر الخبر: SNS
عودة عودة إلى مراجعات ونقاشات قانونية

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz