Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
إن لم تكن ذئباً فأنت إنسان .. سيكولوجيا مواطن سوري .. بقلم سعيد شرف

دام برس :

لم تعد الحرب على سوريا مجرد صراع مسلح واشتباكات على امتداد الجغرافية السورية بين الجيش السوري وعدد كبير من الفصائل المسلحة , بل تعدت ذلك لتصبح فوضى عارمة تجتاح الشعب السوري . حيث أصبحت الحرب شماعة تحمل على متنها مختلف الذرائع والحجج لتسويغ الخروقات والتجاوزات التي يرتكبها المواطن السوري بحجة ( ضياع الطاسة ) في بلده .. بقراءة بسيطة لما يحدث حولنا يومياً نستطيع ملاحظة التقلص في مساحات الفكر المنفتح الواعي العارف والمدرك لما يحدث من اختلاجات إنسانية تغزو الوطن والمواطن .. وهناك آراء متـنوعة في مستوياتها التحليلية، يمكن الاستعانة بها لتحديد أسباب هذه الفوضى وأبعادها الحضارية والاجتماعية. فالبعض يرى أنها (فوضى حتمية، كان لا بد منها بعد سنين من الحرب والدمار وإشاعة اللاعقلانية واللامعيارية في كافة نواحي الحياة). والبعض يجادل بأنها (فوضى مفهومة ومبررة في ظل الحرب وتآكل مؤسسات الدولة في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين وغياب سلطة القانون فيها ). ورأي آخر أكثر غموضاً يقول: (إنها خطة غربية خبيثة لتقسم المقسم وتفتيت المفتت، وإغراق أبناء البلد بالفوضى، وقتل التواصل النفسي بين الإنسان والإنسان، وتشويه أخلاقيات المواطن السوري وزجه بين فكي شريعة الغاب ، وصولاً إلي تعطيل فعلهم الجمعي التقدمي نحو تحديات الحياة الجديدة) .. أن مسألة الفوضى وانعدام التوازن الفكري والأخلاقي وتجاهل سلطة القانون يعود أصلها إلى واحد أو أكثر من باقة ثلاثة عوامل وهي : _ عامل سياسي : يقوم تواجد الجماعات المسلحة في سوريا وما رافقه من غياب لمؤسسات الدولة في مناطق سيطرة المسلحين، الذي ترك وراءه فراغاً أمنياً وقانونياً ومؤسساتياً هائلاً، جعل المواطن السوري رافضاً لتطبيق القانون بسبب غياب المحاسب والرقيب، . _عامل اقتصادي: ويتجلى بغلاء المعيشة وخروج الكثير من الوسائل الخدمية للدولة من الخدمة وحالات إفراغ السوق من مادته الأولية ويده العاملة بفعل هجرة رؤوس الأموال وكبرى المصانع والشركات إلى خارج سوريا امتصاصاً لملايين الدولارات التي اقتطعها الرعاع من لحم الدولة في خضم أعمال السلب والنهب في أيام الفوضى التي اجتاحت عديد المدن السورية وإيداعها في أرصدةٍ وراء الحدود , ما دفع المواطن السوري الذي يعمل في حقل التجارة إلى تبني سياسة التاجر الجشع عملاً بمقولة ( في زمن الأمواج المتلاطمة تطفو الطحالب) . عامل نفسي اجتماعي: يتمثل في النظر إلى هذه الفوضى العارمة بوصفها حاصلاً لعدد من (الخصائص النفسية) المستحكمة في شخصية الفرد السوري، بمعنى إنها نموذج نفسي يمكن إسقاطه على بقية أفراد الشعب السوري ما يمتلكه هذا الفرد أو ما يفتقده من تسامح، وإيثار، وتفكير عقلاني، وروح مواطنة، وشعور بالمسؤولية الاجتماعية، واحترام للقانون، ووعي بالمصلحة العامة. لكلٍ من هذه العوامل نظريته المستقلة والمرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر ببقية العوامل الأخرى ، مما يصعب رفض أي عامل منها أو تفضيلها على غيرها، ذلك أن ظاهرة الفوضى والفلتان الأجتماعي والاقتصادي في بلدنا تجاوزت حدود التصديق في غرائبيتها وتعقيدها ولا عقلايتها، مما يحتم عدم تبسيطها أو اختزالها أو ردها إلى عامل واحد منفرد .. نحن الآن نخوض مرحلة جديدة ومتقدمة  من نظرية (إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب)، المصنفة بوصفها واحدة من أهم بنود شريعة الغاب. ومع ذلك، يجدر بنا التريث قبل المصادقة على هذا الحكم النفسي الصارم على الفرد السوري، إذ ينبغي أن نجيب أولاً عن هذا السؤال: (هل تعـزى نزعة بقاء الأقوى هذه لدى المواطن السوري إلى دافع أناني ذو صبغة انفعالية مضمونها البداوة والهمجية والعدوانية وعدم الصبر، أم تعـزى إلى جهله بمصيره وانسداد الأفق أمامه في الأمل باقتراب انفراج الأزمة التي تعيشها سوريا ..

الوسوم (Tags)

سورية   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz