Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 15:51:22
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
سر الإنتصار .. من العراق إلى حلب

دام برس :

عباس الزين

لم يكن قرار انطلاق العمليات العسكرية للجيش السوري في الأحياء الشرقية لحلب مؤخرًا، منعزلاً عن التقدم الذي حققته قوات "الحشد الشعبي"، في قضاء تلعفر الواقع غرب الموصل، على الحدود السورية العراقية.

 قراءة العمليات العسكرية العراقية، بعيدًا عن تأثيرها على الميدان السوري، لا يمكن ان تعطي النتيجة المرجوة على الصعيد الإستراتيجي، لتحرير الموصل بشكلٍ كُلي من تنظيم "داعش". ما حققه "الحشد"، في عزله لقضاء تلعفر عن الحدود السورية، جاء بالتزامن مع إعلان الجيش السوري بدء عملياته العسكرية في أحياء شرق حلب، منطلقًا من تلك العملية الى تحرير حلب بأكملها من سيطرة الجماعات المسلحة.

 تكمن المقاربة بين الجبهتين، أنهما تعكسان تنسيقًا بين "الحشد" والجيش السوري، في مسار عملياتهم ضد الإرهاب. في هذا الإطار، إنّ قطع خطوط إمداد تنظيم "داعش" على الحدود السورية، وفصل مسلحيه في دير الزور والرقة عن الموصل، أمّن للجيش السوري مساحة تحركٍ باتجاه حلب لتحريرها بالكامل. هذا مع انشغال "داعش" في الجهة الخلفية اي الرقة ودير الزور، في معركة الموصل. الأمر الذي يعطي انطباعًا، ان تقدّم الجيش السوري في أحياء حلب الشرقية، لم يكن ليحصل لو بقيت الحدود السورية العراقية مفتوحة امام المسلحين، لان قرار حسم معركة حلب، جاء كمقدمة لما بعده، في ما يخص تحرير باقي المحافظات السورية.

وقد كان واضحًا قبل أشهر كيف ان القرار العسكري كان متأرجحًا بين تحرير الرقة قبل/ أو بعد حلب، بيد ان مسارعة الجيش السوري الى إحكام الطوق على المسلحين في الأحياء الشرقية للمدينة، هدف الى التركيز بشكلٍ أساسي على حلب خلال تلك الفترة، بما ان تواجد "داعش" في الرقة ودير الزور، مرتبط بشكلٍ مباشر بتواجده في الموصل، التي كان قد بدأ الجيش العراقي حينها بالتخطيط لتحريرها بعد انتهائه من الفلوجة.

مسارعة الجيش السوري، الى انهاء معركة حلب، بالتزامن مع معركة "الموصل"، يأتي في سياق التحضير لمواجهة "داعش" في الرقة ودير الزور، بما ان معظم مسلحي "داعش" سيهربون باتجاههما، الأمر الذي سيرتدُّ ضغطًا ميدانيًا على الجيش السوري، في حال لم تكن حلب محررة حينها، الأمر الذي سينعكس أيضًا على الموصل، بإمكانية قيام "داعش" بتنظيم صفوفه العسكرية، والتقدم باتجاه الموصل مجددًا، مع عدم تمكن الجيش السوري من التفرغ للاستعدادت العسكرية لـ "داعش" في الرقة، بسبب الضغط الذي ستشكله جبهة حلب. تلك الفرضية تؤكدها تصريحات قادة "الحشد" التي أكدت إمكانية مشاركته في الميدان السوري لمساندة الجيش السوري بمعاركه ضد الإرهاب، حيث ان تحرير قضاء تلعفر، بالتزامن كع تحرير أحياء شرق حلب، سيعطي الجيش السوري أسبقية في التوجه نحو الرقة، بعد عزلها عن العراق، وفي الجهة المقابلة فإن قوات "الحشد" ستعمل على محاصرة "داعش" انطلاقًا من الحدود السورية العراقية، لتشكّل مع الجيش السوري، طوقًا عسكريًا يمنع التنظيم من التحرك باتجاه سوريا اي حلب، او باتجاه العراق اي الموصل. بناءً على ما تقدم، فإن تحرير حلب وتلعفر، أوجد تحالفًا استراتيجيًا بين الجيش السوري و"الحشد" لا تكمن أهميته في الإعلان من عدمها، بل بنتائجها الميدانية التي ستعطي أسبقية لمحور المقاومة في التقدم. تلك الأسبقية ترتبط أيضًا بالمطامع التركية في حلب، والرقة، وتلعفر.

التقدم العسكري التركي، في الشمال السوري، الذي يرافقه تواجد عسكري في الأراضي العراقية، له أهداف واضحة أعلن عنها الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان. ففي الموصل، رفض أردوغان اي تواجدٍ لقوات "الحشد" في منطقة تلعفر بذرائع طائفية وقومية، بما ان القضاء تسكنه أغلبية من التركمان، وفي حلب فإن المطامع التركية ليست خافيةً على أحد، وكان أخرها التقدم التركي باتجاه مدينة الباب في الريف الشمالي للمدينة. انطلاقًا من هنا، فإن تحرير "الحشد" لقضاء تلعفر، وقيام الجيش السوري بتحرير الأحياء الشرقية لحلب، والتوجه شمالاً نحو الباب، مع ارسال رسائل مدويّة، فحواها ان "الباب" خطُّ أحمر، كان أخرها الغارة السورية التي أدت الى مقتل 3 جنود أتراك. كل تلك التطورات، تجعل من تلعفر وحلب، في المواجهة الأمامية للمطامع التركية في كلِّ من سوريا والعراق.

بما ان فشل تركيا، في السيطرة على تلعفر، وبعدها على الموصل، التي تعتبرها أراضٍ تركية تاريخية، وفي الجهة الأخرى فشلها بالتقدم، نحو "الباب" ومن ثم حلب، سيجعلها امام واقعٍ مفروضٍ عليها، يلزمها بالتراجع، مع عدم وجود اي امكانية ميدانية بالدرجة الأولى للتقدم نحو الرقة، بمعزلٍ عن المصاعب السياسة التي تواجهها تركيا في هذا الخصوص، مع تغيّر الإدارة الأميركية الداعمة لها، والضغوط الروسية التي أكدت لأنقرة مراراً ان منطقة "الباب" للجيش السوري.

أمام كل تلك الإحتمالات، فإن الميدان العراقي، لا سيما منطقة تلعفر الحدودية، والتي يتم تحريرها من قبل "الحشد الشعبي"، أمنّت للجيش السوري وبشكلٍ مباشر ومقصود ومبني على تفاهم وتنسيق، أسبقية في التحرك شمالاً، لإيقاف التقدم التركي، بالإضافة الى انها خففت من ضغط تنظيم "داعش" شرقًا في الرقة ودير الزور، ليكتمل المشهد الميداني الذي يؤمن تقدمًا للجيش السوري في ما بعد، نحو ادلب وسهل الغاب مع إمكانية حصوله قبل الرقة او دير الزور، في سياق ربط المحافظات السورية المحررة ببعضها البعض، في حمص واللاذقية وحلب.

خط تماس

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz