Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 15:51:17
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
بين تهدئة الغوطة ومهلة حلب هدوء ما قبل العاصفة
دام برس : دام برس | بين تهدئة الغوطة ومهلة حلب هدوء ما قبل العاصفة

دام برس:

منذ اللحظة التي صدر فيها القرار 2268 لوقف الأعمال العدائية في سورية، وما سبقه من لقاءات بين وزير الخارجية الروسي ونظيره الأميركي، كان واضحًا أنّ القرار لن يؤدي الغرض من صدوره لإفتقاده لآليات ضبط ومتابعة وعدم تعزيزه بتطبيق القرار 2253 المتعلق بتجفيف منابع الإرهاب، وخروج جدول تصنيف الجماعات المسلحة الى العلن دون أن يشمل جماعات تعتبرها موسكو ارهابية وهي حركة احرار الشام وجيش الإسلام.

لم تمضِ مدة طويلة حتى بات يُطلق على وقف الأعمال العدائية مصطلح الهدنة، وليتغير المصطلح أخيرًا فيصبح "التهدئة المحددة بتوقيت"، وهو مصطلح يشبه الجرعة الأخيرة التي تسبق موت الهدنة وكل مصطلحاتها ولا يعدو كونه محاولات تنفس اصطناعي لوليد وُلِد قبل أوانه.

في الأصل كانت الهدنة مطلبًا أميركيًا ولا زالت، وجاءت في توقيت كانت فيه كفّة الميدان تميل بشكل كبير لمصلحة الجيش السوري لمنح الجماعات المسلّحة الوقت اللازم لترميم أوضاعها وتعويض خسائرها في الأرواح والعتاد بما يعادل اكثر من وقفة تعبوية سمحت للجماعات المسلّحة بتحقيق خرقين في تل العيس وخان طومان، إلّا انّ الخرقين لم يغيّرا في ميزان القوى ولا في خرائط السيطرة التي بقيت لمصلحة الجيش السوري في حلب وتوسعت في الغوطة الشرقية وتتحسن في ريف حمص الشرقي.

وحتى لا تبقى الأمور غامضة، فإنّ التهدئة المشروطة بوقت محدود تأتي بعد إلحاح أميركي بعد كل اخفاق للجماعات المسلّحة ما يُقارب المهلة أكثر منها للتهدئة النهائية والكاملة، وهو أمر يُبرز تطور التأثير الروسي المستند أصلًا على إنجازات كبرى تحققت في الميدان السوري ويمكن تحقيق المزيد منها.

وبعد الكلام الذي ادلى به المبعوث الأميركي الخاص الى سوريا مايكل راتني بدعوته الجماعات المسلّحة الى الإلتزام بالهدنة، حيث توجه ببيان الى الجماعات المسلحة ضمّنه ما يشبه النصيحة المبطنة بالتحذير من عواقب عدم الإلتزام، حيث قال: "لقد اطلعنا على بيانكم بشأن الهدنة وقلقكم البالغ حيال الوضع في داريا والمناطق الأخرى في سوريا، إلا أننا لا نعتقد أنّ التخلي عن الهدنة من شأنه أن يخدم وضع الفصائل المسلحة أو الآلاف من عامة السوريين".

وأضاف "إذا انسحبت الفصائل المسلحة من الهدنة، فإنّ الرئيس السوري بشار الأسد وداعميه سيدّعون أنّ ذلك يخوّلهم مهاجمة كل قوى المعارضة دون اعتراض دولي".

ورغم اعترافه بأنّ الهدنة "في وضع غير مثالي وتتعرض لضغط شديد جدًا"، اعتبر أنّ "التخلي عنها سيكون خطأ استراتيجيًا".

هذا الكلام جاء بعد اتصال هاتفي أجراه الوزير جون كيري بالوزير سيرغي لافروف، طالبه فيه بالضغط على الدولة السورية لوقف الضربات الجوية على "قوات المعارضة والمدنيين الأبرياء في حلب ودمشق"، دون أي إشارة الى التفجيرات التي نفذتها حركة احرار الشام في جبلة وطرطوس، في الوقت الذي تم الاعلان أنّ أحد اكبر مسؤولي حركة احرار الشام لبيب نحاس زار اميركا بعد منحه تأشيرة رسمية منذ اشهر.

تهدئة الغوطة التي تأتي بعد تقدم الجيش السوري وتحريره لـ13 بلدة، ومهلة حلب التي تنتهي منتصف الليلة، وما صرّح به مايكل راتني يعني في مكان ما أنّ روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي امام سلسلة المناورات والخبث الأميركي، خصوصًا أنّ اميركا التي تستعد لإطلاق معركة الرقّة لم تستجب لأي طلب روسي للتعاون ولا الذهاب باتجاه الضغط في مسألة تصنيف الجماعات المسلّحة.

تهدئة الغوطة التي اعلنت لـ72 ساعة لم تصمد، حيث تدور اثناء كتابة هذا الموضوع معارك بين الجيش السوري وجبهة النصرة في محيط بلدة بالا الجديدة، وسقوط قذائف على حلب واشتباكات على محور حندرات شمال شرق حلب.

المهلة التي اعطتها روسيا في حلب والتي تنتهي منتصف الليلة جاءت مترافقة مع اعلان روسيا عن قيام جبهة النصرة بنشر 6000 مقاتل في ريف حلب الجنوبي وحوالي 8000 مقاتل على محاور مدينة حلب الشمالية، وهذا ما يفسر ضرب مناطق دارة عزة غرب حلب واكثر من نقطة على طريق الكاستيلو الذي يربط احياء حلب الشرقية حيث سيطرة الجماعات المسلّحة بالريف الغربي لحلب.

وقد يسأل البعض ماذا يمكن ان يتغير بعد انقضاء مهلة الليلة في حلب، طالما أنّ الطائرات الروسية لم تتوقف عن الإغارة على مواقع الجماعات المسلحة، وهو سؤال في محله، والجواب أنّ وتيرة القصف ستتغير وستتخطى الوتيرة التي كانت معتمدة سابقًا، وهو ما سيؤدي الى إلحاق خسائر كبيرة بالجماعات المسلّحة خصوصًا أنّ الرئيس بوتين قد اعلن مع بدء تخفيض عديد القوات الجوية أنّ الطائرات الروسية يمكنها العودة خلال ساعات الى مسرح العمليات، وهنا لا بد من الإشارة الى أنّ سلسلة المواقف اللينة لروسيا تأتي في ظل ظروف ضاغطة ترتبط بالقوقاز ونصب اميركا لصورايخ في رومانيا ومسائل اخرى، إلّا أنّ الأهم من كل ذلك ان بعض التباينات في الموقف موجودة ايضًا داخل روسيا، فيما يخص هدف وحجم العمليات خارج روسيا اعتقد انها ان لم تنته فإنها ستنخفض كثيرًا في الضغط على الرئيس بوتين بعد تبيان طبيعة السلوك الأميركي الذي يتّسم بالمناورة والخبث.

أمر آخر لا بد ان القيادتين السورية والروسية يعلمان نتائجه من خلال اطلاق عملية الرقّة، وهو ان جزءًا كبيرًا من قوات داعش سينسحب الى محيط دير الزور ما سيشكل ضغطًا اضافيًا على وحدات الجيش السوري في دير الزور، وهذا يعني ان اجراءات سريعة يجب القيام بها في هذا الخصوص.

ساعات قليلة تفصلنا عن انتهاء المهلة الروسية في حلب، وهي في كل الأحوال رمانة الميزان في اي تطورات قادمة، مع عدم اغفال ما يخطط له الأميركيون في الرقّة التي يبدو ان مقدمات العملية المرتبطة بها قد بدأت، وهو ما يجب النظر اليه بجدية تكلمنا عن تداعياتها سابقًا لجهة سعي الأميركيين لفرض امر واقع جديد يذهب في المفاوضات باتجاهات مغايرة، وعليه تبدو ضرورة تحقيق انجازات كبرى للجيش السوري وحلفائه ليس في حلب فقط وانما في ادلب وريف حماه الشمالي اكثر من ضرورية لإبقاء ميزان القوى لمصلحة الدولة السورية.

*ضابط سابق – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
بيروت برس - عمر معربوني

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz