Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
من القلمون الى حرمون، مخطط يلفظ أنفاسه

دام برس :

بدايةً، إنّ ما سأستعرضه لا يدخل في سياق الترويج لوقائع خيالية أو تصورات وهمية لم تحدث، وانما هو تصوير لواقع تم إحداثه وتغيير وقائعه بنتائج جهود حثيثة لا زالت متواصلة تقود يومياتها القيادتان السياسية والعسكرية للدولة السورية.

الإنتظار والتريث، التدقيق والرصد والإستطلاع، ثم الإندفاع لتنفيذ العمليات الحاسمة، هي السمة التي واكبت عمليات الجيش السوري منذ بدء مرحلة الهجمات المضادة وتحديدًا من معركة باب عمرو في حمص الشهيرة.

ما تتعرض له سورية منذ أربع سنوات وحجم الهجمة وتنوع أدواتها والقدرات الموضوعة بخدمة هذه المعركة كان كفيلاً بتحطيم كبرى الدول، إلّا أنّ الواقع الحالي يشير الى عكس ما رغبت به القوى التي خططت ودعمت وقادت هذه الهجمة.

السبب الأساسي الذي أدّى الى هذه النتيجة العكسية لما أرادته قوى الهجمة كان المستوى الكبير من الحنكة والدراية للقيادتين السياسية والعسكرية السورية تحت عنوان المواجهة والحفاظ على وحدة الدولة وهيبتها رغم إدراك القيادة طبيعة التعقيدات المطروحة ومصاعبها، إلّا أنّ القرار كان حاسمًا في إفشال هذا المخطط الهادف لتفتيت سورية وشرذمتها والذي يتخطى ما تعلنه قوى الهجمة تحت عنوان إسقاط النظام وتغييره.

بدا واضحاً وجليًّا أنّ الدولة السورية ستكون في مواجهة معركة مفتوحة على كل الأرض السورية، وهذا ما رتّب ولا يزال أعباء ومهمات بغاية الصعوبة على أجهزة الدولة وعلى رأسها الجيش السوري الذي يضطلع بالمهمة الأساسية في المواجهة.

التحول الأساسي في الميدان السوري كان بعد تحرير مدينة القصير التي شكّلت مساراً متواصلاً من الإنتصارات وصولاً الى يبرود التي كانت الضربة الأكثر إيلاماً للجماعات المسلّحة وداعمي هذه الجماعات، حيث وصل صدى تداعيات هذه الهزيمة الى عواصم الدول الداعمة في اميركا والسعودية وقطر وكل الدول الأوروبية.

قد يتفاجأ البعض اذا قلنا إنّ حجم الإمدادات التي حصلت عليها الجماعات المسلحة عبر الحدود اللبنانية السورية من القصير وصولاً الى شبعا عبر امتداد القلمون وصولاً الى حرمون كان أضعافاً مضاعفة عمّا حصلت عليه هذه الجماعات عبر الحدود مع الأردن وتركيا والعراق، رغم صغر امتداد الحدود اللبنانية السورية قياساً الى حدود سورية مع البدان الآنفة الذكر.

يعود السبب الرئيسي لهذا الحجم من الإمداد كون المنطقة من القصير حتى الزبداني وتلك التي في الجولان موازية للعاصمة دمشق وقلب المنطقة الوسطى، وأعني مدينة حمص التي أُعلنت عاصمة "للثورة" بعد أن تمت السيطرة على أجزاء كبيرة من مدينة حمص والغالبية الساحقة من أريافها امتداداً الى النبك ويبرود ووادي بردى جنوباً المحاذي للعاصمة دمشق.

على مدى الاربع سنوات الفائتة استطاع الجيش السوري السيطرة على منطقة الحوض التي تفصل القلمون عن حرمون وهي تبدأ من الزبداني وتنتهي بمدينة البعث وخان ارنبة في الجولان.

في استعراض سريع للوقائع استطاع الجيش السوري أن يعيد سيطرته على مساحات واسعة من الأراضي تشكّل الثقل الإستراتيجي للدولة وهو الإمتداد الذي يبدأ من دمشق ويصل الى قلب المنطقة الوسطى (حمص والغالبية الساحقة من أريافها)، وصولاً الى الساحل السوري كاملاً بإستثناء بقعة جبلية بسيطة وهي جبل الأكراد في أعالي المنطقة الساحلية والتي ترتبط بريف إدلب، وهي منطقة لا تشكل مخاطر كبيرة على نطاق سيطرة الجيش السوري، بالإضافة الى الإنجازات الكبيرة في مدينة حلب وأريافها التي تكلمنا عنها كثيراً في مراحل سابقة.

اما كيف يمكننا القول إنّ مخطط من القلمون الى حرمون يلفظ انفاسه، فهذا يستند الى ما كان عليه الوضع والى اين وصلت الأمور في سياق المتغيرات عبر سنة ونصف من الصراع.

منذ سنة ونصف سبقت كانت الجماعات المسلحة تسيطر على الإمتداد من القصير الى الزبداني بشكل كامل يشمل القرى والجبال والطرقات الرئيسية، إضافة الى السيطرة على مناطق واسعة من الارياف المحيطة بالعاصمة دمشق سواء في الغوطتين او الكثير من الإشتباكات في مناطق متفرقة في محيط العاصمة دمشق.

إنّ التغييرات التي حصلت لجهة إعادة بسط الجيش السوري سيطرته على المناطق المذكورة أدّى الى إغلاق عشرات الممرات بين الداخل اللبناني ووضع ما تبقى من الجماعات المسلحة التي انهزمت من القصير وارياف حمص والقلمون في منطقة جبلية في وضع الحصار الكامل، وهذا ما جعل العاصمة دمشق والمنطقة الوسطى في اعلى مستوى من الأمان.

عندما نستعرض هذه الوقائع لا ندّعي أنّ الجيش السوري قد أنهى الحرب، ولكنه قد حسم المعارك الكبرى ويخوض عملياته العسكرية لإنهاء ما تبقى من جيوب للجماعات المسلحة في المحيط المباشر لمنطقة الثقل الإستراتيجي التي تصل الى حلب، حيث شكّل تحرير المنطقة الصناعية في الشيخ نجار واجزاء كبيرة من الارياف الحلبية عنصرًا أساسيًا في إعادة تفعيل الدورة الإقتصادية والتجارية في هذا الثقل الإستراتيجي من العاصمة الى حلب مروراً بحمص وحماه والساحل السوري.

إنّ حسم هذه المعارك قريباً يعني أننا سنشهد شكلاً آخر من المعارك في المنطقتين الجنوبية والشرقية لسورية، علماً بأنّ حسم معركة حلب ودوما سيكون بمثابة نقطة تحول كبيرة وحاسمة في سير المعارك الباقية في الجنوب والمنطقة الشرقية التي تشهد معارك في الحسكة ومحيطها، والتي تحقق فيها وحدات الجيش السوري انجازات ومتغيرات في خرائط السيطرة واستمرار تواجد الجيش في دير الزور وانتقاله الى المبادرة في عمليات مضادة محدودة ولكنها ذات رمزية كبيرة، مع ضرورة الإشارة الى أنّ كل ما حققته الجماعات المسلحة في محافظة درعا والقنيطرة لا يتجاوز حتى اللحظة انتصارات موضعية لا يمكن ان تشكل تهديداً جدياً على العاصمة او محيطها المباشر وغير المباشر.

خلال اربع سنوات من المعارك ولأنّ الجيش السوري استطاع أن يبقي سيطرته على المنطقة الفاصلة بين القلمون وحرمون وهي المعبر البري الأهم بين بيروت ودمشق وهي المنطقة التي تعرف بحوض دمشق، ولأنّ الجماعات المسلحة فقدت سيطرتها على كل الإمتداد الذي ذكرناه سابقاً، فإننا أمام مشهد مختلف يسير لمصلحة الدولة السورية وسيساعد في إرساء الحل السياسي الذي سيكون افضله هو الحوار السوري السوري على الارض السورية رغم اهمية الحراك الديبلوماسي الذي تقوم به روسيا وتدعمه ايران

من هنا يمكننا القول إنّ مرحلة الخطر على العاصمة وعلى سورية قد تم تجاوزها بنسبة كبيرة، هذا الخطر الذي سيكون في طريقه الى الإنتهاء بعد إنهاء مرحلة السيطرة على كل المدن الكبرى والمناطق الإستراتيجية في الأرياف، والتي ستنقلنا الى المرحلة النهائية وهي مكافحة المجموعات الهاربة والمشردة والمتوارية، وهي مرحلة سيكون للشعب السوري دور كبير فيها، هذا الشعب الذي كفر بهذه الجماعات وبسلوكها وممارساتها وينتظر الفرصة للعودة الى حضن الوطن رغم وجود الكثيرين ممن لا زالوا يحملون السلاح ويجاهرون بمواقف مناهضة للدولة ويستمرون في مطالبتهم بإسقاط النظام، وهم الفئة المرتبطة بالدول التي تقود الهجمة والتي سيأتي يوم ترى نفسها خارج أي احتضان شعبي ما سيساعد كثيراً على انتهاء الحرب.

سلاب نيوز

الوسوم (Tags)

الجيش   ,   ريف دمشق   ,   السوري   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz