دام برس – ثائر العجلاني
في تسلسل الاحداث منذ بداية الازمة السورية هنالك خط بياني يعلو ويهبط ليترك أثاره على كل الحياة المعيشية في الشارع السوري المترقب. يوصف بالجهل من يعتقد أن حل الازمة السورية يكمن في حارات دمشق أو إحدى نواحي المحافظات السورية الاربعة عشر فالذي بات واضحا أن الملف السوري أكبر بكثير من معارضة ونظام ..اليوم الملف السوري يرسم خارطة طريق لكل تحالفات العالم التي كانت قائمة منذ نهاية القرن الماضي ..
الامريكيون ليسوا أنبياء بل العرب يعيشون في – خزعبلات – تاريخية
كان الاتحاد السوفيتي العدو الذي جندت من أجله الولايات المتحدة الامريكية كل الامكانيات زمن الحرب الباردة .. ولما انهارلم تستطع أن تحيا دون أعداء افتراضيين .. فوجدت ضالتها في الاسلام الذي اعتقدت انه الوحيد بعد سقوط الشيوعية يصلح للعب دور العدو .. وكان تنظيم القاعدة المدخل الذي جعلت منه فزاعة لتخويف العالم من الإسلام ..وبات ثوباً تلبسه لكل دولة تمثل مصلحة معينة لواشنطن .. وعلى الفور تتحذ ضدها كل الإجراءات العدائية وتجند المجتمع الدولي في الأمم المتحدة وفي حلف الاطلسي لتقنع العالم بشرعية عدوانها.. . هو فن صناعة الاعداء لعبة تتقنها واشنطن منذ زمن ..
ومنذ ذلك الحين و الولايات المتحدة الامريكية تسيطر على المجتمع الدولي بمؤسساته وتمارس كل أنواع البلطجة في العالم ...ورؤسائها من كلينتون الى اوباما يشبهون الى حد بعيد ما تسميهم القنوات الخليجية بالشبيحة....
لكن الحقيقة التي لاتخفى على من يستعمل الجزء العلوي من جسده, أن امريكا لا تخاف من العرب المسلمين على امبراطوريتها فأغلب رجال العرب المتشددين لا يحبون العمل والعلم والتقدم الحضاري بل يعيشون في عالم من الغيبيات والخزعبلات والخرافات المبني بعضها على روايات من تاريخ الاجداد مما ينأى بهم بعيدا عن الواقع العالمي المتطور ..ولا عليك الا ان تدخل الى – اليوتيوب مثلا – لتشاهد مقطع لمجموعة من الاشخاص يتجمهرون حول رجل يشرح لهم خطورة – التبول – في الاماكن الحكومية ..طبعاً هذا المقطع سجل في عام 2012 ...
لكن و رغم كل التفوق يبقى الامريكيون ورؤسائهم بشراً يقعون بالاخطاء القاتلة فسياسة الهيمنة الامريكية لاتخلو من إنحدارات أدت الى زعزعة استقرار السيطرة على بلاد العرب
- فأمريكا غرقت في مستنقعي العراق وأفغانستان ففي العراق كانت النتيجة النهائية ديمقراطية منقوصة تستعدى إسرائيل بشكل واضح... وتتحالف مع إيران بشكل جزئي.
والوضع أسوأ في أفغانستان، فرغم كل المحاولات الشاقة والمكلفة للقضاء على حركة طالبان وجعل أفغانستان دولة ديمقراطية على الطراز الغربي قد باءت بالفشلوالنتيجة أيضاً سؤال وحيد متى سترحل القوات الأمريكية من كابول: الآن أم لاحقا؟..
وأيضاً على الرغم من مرور نحو عشرين عاما على توقيع اتفاقية أوسلو في سبتمبر 1993. وبالرغم من الأمل الذي تجدد بعد إعلان أوباما في القاهرة عن ضرورة قيام دولتين لكن النتيجة النهائية هنا أيضاً فشل الولايات المتحدة المتكرر في ايجاد حل عادل للصراع العربي- الإسرائيلي، أو أن تكون وسيطا كفئا لحل الأزمة مما أدى لازدياد العداء لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط شعبياً على الاقل
ومن التركيز على ماسبق وإسقاطاته على انهيار أنظمة متحالفة ومتصالحة مع واشنطن نرى أنه خلق مناخاً خصباً دفع القوى الاقليمية لمحاولة تغيير النظام العالمي من بوابة سوريا ..فكان صراع الكبار على الارض السورية
نظام الدولة وسياسة القوة والاستعلاء
رغم صراع الكبار على سوريا الا أنه و بعد 15 شهراً من الازمة السورية تبدو الطريق مقفلة أمام تغيير للنظام بالقوة وموازيين القوى على الارض مازالت بأغلبها لصالح الدولة السورية وحلفائها ..الا اذا كنت من متابعي الجزيرة والعربية التي اسقطت النظام منذ سنة تقريباً ..
فالدروس المستفادة غربياً من التجربتين الليبية والعراقية بالإضافة إلى ما تملكه سوريا من أوراق استراتيجية هامة- ورثت من الرئيس السابق حافظ الاسد - تجعل من هذه الرهانات غير واقعية وتبقى في تمنيات مطلقيها وخيالاتهم
لذلك ما على السوريين إلا الجلوس للحوار فيما بينهم رغم الشرخ الفكري الذي أصبح أمراً واقعاً حتى في صفوف اللون الواحد
فأغلب المؤيدين يتهكمون – ولو سراً – على قرارات الافراج عن المعتقلين التي تذيل غالبا بعبارة من لم تتلطخ ايديهم بالدماء حيث يعتبرون ان الدولة تعطي فرصة للمفرج عنهم لمعاودة قتل من لم يستطيعوا قتله قبل أعتقالهم ولا يخفي أشد المتحمسين لعبارة الله محيي الجيش – مع إسقاط كلمة الحر - استغرابه من تأخر الحسم العسكري لما يسمونهم مسلحين رغم تغنيهم الدائم بقوة رجال هذا الجيش وعقائيديتهم...
بينما يعلق أحد المعارضين ممن تصنفهم الحكومة بـ المعارض الوطني : هي العنجهية والاستعلاء على الاخر وعدم استعداد النظام لتقديم أي تنازل تحت الضغط مهما كان هذا التنازل جزئيا وصغيرا ومفيدا له هكذا هي سياسة النظام السوري خارجياَ وداخلياً لا تنازلات تحت الضغط وبدا واضحاً أن فالنظام ماض في سياسته ليس على الصعيد الامني والعسكري فقط بل حتى على الصعيد السياسي الداخلي فرغم إلغاء المادة 8 من الدستور والتي كانت تنص على قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع جاء رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية من البعثيين ...
بدورها الدولة تعترف بما تسميها بعض الأخطاء التي تصفها بالفردية لكن يعاب عليها أيضاً عدم تقديم اي من هؤلاء – الفردية – الى القضاء كما تفعل من تسميهم مخربين إرهابيين
وربما توافقاً مع رؤيه معارضها الوطني فالدولة فعلاً تتعامل بمنطق القوة رغم كل مايشوب قوتها من ثغرات ..و مع تيقن الجميع عدم إمكانيةالمعارضة السورية وداعميها من الإطاحة بالدولة السورية من الداخل – وهو أحد تصريحات شقراء البيت الابيض على كل حال – تزيد الدولة من نهجها في القضاء على التمرد المسلح الذي يهدد البلاد والعباد
نحن نعول على الأسباب البنيوية لقوة الدولة لكن أيضاً ضعف الخصوم وقدرتهم على الاقوال لا الافعال تعتبر عاملا ً حاسماً في صراعنا مع العدو هكذا يبدو لسان حال قيادات سوريا
فالمعارضين أنفسهم لم يقدموا بديلاً مقبولاً للشعب السوري وظهروا في كثير من الحالات معارضات ضمن المعارضة و من خلال دراسة موازين القوى على الأرض ظهرت قدرة الجيش السوري على الحسم في مناطق اعتبرت القلاع الأساسية لحركات المعارضة رغم بعض الاختراقات التي تعتبر وارده في حرب عصابات يواجهها الجيش ...
وبالرغم من كل ما يشاع ، عن احتمالات تدخل عسكري أطلسي أو سواه في سوريا فهذا الخيار مازال الخيار مستبعد – أقله في الفترة الحالية
فالاسرائيلي مشغول بعدة أزمات داخلية ويدرك هشاشة جبهتهلذا لن يذهب إلى خيار تدخل عسكري في سوريا غير مضمون النتائج...
أما تركيا فهي تدرك أيضاً أن الدخول العسكري المباشر في سوريا لن يكون نزهة ،
كما أن السوريين وحلفائهم يملكون من الإمكانيات والأوراق التي تجعل من المغامرة التركية مكلفة جداً.
والمجتمع الدولي بأكمله عاجز الى الان عن التدخل العسكري وبوجود الدعم الروسي الصيني الايراني يضاف اليه الظاهرة الصوتية لاغلب الحكام العرب فلا خوف على دمشق من طائرات تضربها هكذا هو المشهد اليوم ..عجز دولي بغطاء روسي صيني للقضاء على التمرد المسلح الذي قد يدفع البلد للدخول الى المجهول
سوريا ... الثورة والحرية
( تعاون لا ثقة ) هو العنوان الابرز الذي اتسمت به العلاقات السورية مع الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً منذ عهد الاسد الى عهد الاسد الا أنها اخذت بالانحدار متأثره بعده أحداث سياسيه أبرزها الحرب التي شنتها الولايات المتحدة بغطاء عربي دولي على العراق ورفضتها سوريةو عارضت الوجود الامريكي هناك حين عاد كولن باول بورقه لاتحمل توقيع الاسد عليها وقتها فتحت دمشق أبوابها كعادتها لكل عراقي هرب من الموت أو بحث عن لقمه عيش..
الى حرب تموز التي شنتها اسرائيل على لبنان وقتها علا الصوت السوري والفعل فكانت أنصاف الرجال للحكام العرب وكانت الصواريخ السورية لحزب الله
سوريا هي من احتضنت المقاومة اللبنانية وحمت ظهرها في حرب تموز وفتحت بيوتها لكل هارب الى الحياة في حين وصفهم ملك أل سعود بمحموعة من المغامرين وكان رهان سوريا العروبة رابحاً حين انتصر السيد ونصر لبنان ..كل لبنان
فسوريا الحرة التي إحتضنت القيادات الفلسطينية- بتوجهاتهم الدينية التي لا تخفى على المراقب - حين رفضهم العرب ...كل العرب
و سورياالعربية ..بل أم العرب يدخلها كل إبن الضاد دون – تأشيرة دخول -
في سوريا الحرة العربية ..تجد آيات من القران في محفورة في منزل دمشقي ببات توما يملكه صديق اسمه سيزار ...
سوريا بكبر اسمهاوأرضها ..لا ترتبط بأشخاص بل بتاريخ كتب أنها الارض العربية ولدت من رحم الثورة فيها رجال عشقوا قضيتهم لا يدافعون عن شخص أو نظام ..بل عن تراب أمنوابهكإيمان جبريل بربه. ..مستعدون للقادم متفائلون بالمستقبل..يهتفون – ولو سراً- الغد لنا
لأننارجال حق نحن الاحرار ..والحرية..فليكتب التاريخ سيسقط نظام قتله الانبياء .. سيسقط نظام الهيمنةالامريكية وسيكتب التاريخ أن ارادة الحق انتصرت ..
فنحن ..العرب السوريون ..نحن الثورة ..والحرية لنا..