دام برس ـ طرطوس ـ سهى سليمان:
في محاولة يائسة لإزاحة كاهل ضغوط كبيرة يلقي المواطن ظهره على الأرض، وتشخص عينيه نحو السماء، يبحث عن فسحة أمل أو مخرج من مأزق مادي كبير.
ففي بداية كل عام دراسي تنتاب الأسرة في سورية عامة وطرطوس خاصة حالة من التوتر بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار في المستلزمات المدرسية من قرطاسية وألبسة وأحذية، إضافة إلى تزامن المدارس مع إعداد "المونة" وتأمين المازوت.
أسواق طرطوس لم تختلف عن غيرها استعدت لهذا الموسم، وفتحت الأسعار أفواهها لتأكل كلّ مدخرات الأسرة، ذات الدخل المرتفع والمحدود، الجميع يشتكون من ارتفاع الأسعار بشكل لا يوصف، فالأسرة التي لديها 4 أو 5 طلاب في المدارس تحتاج كحد وسطي إلى أكثر من 50 ألف ليرة سورية، أي إلى راتب ونصف للشخص الموظف، وهو رقم صعب جداً على عائلة موظفة فكيف هو الحال بالعاطلين عن العمل.
مؤسسة "دام برس" الإعلامية جالت على أسواق طرطوس والتقت مع عدد من المواطنين لتستطلع آرائهم في الأسعار:
المنتجات واحدة والأسعار مختلفة
السيدة ناريمان خليل ذكرت أن الأسواق تشهد ارتفاعاً كبيراً وأن الغلاء يفوق الحدّ ولا يمكن تحمله لكنها مضطرة لشراء الضروريات للأطفال، وخاصة أنهم لا يدركون ذلك، حيث يضطر الأهالي لتحمل هذه الأعباء المادية الكبيرة.

وقالت يبدو أن الغلاء يجتاح سورية بأكملها، والبعض يقول إن الأقمشة تلعب دوراً في هذا الارتفاع أو تكلفة المواد الأولية، على الرغم من أن المنتجات موجودة في المحلات العادية أو محلات "الماركة" لكن أسعارها مبالغ بها بشكل كبير في محلات "الماركة".
وأشارت إلى مؤسسات التدخل الإيجابي ودورها الكبير وأسعارها المقبولة لكنها أوضحت أنها تعتمد عليها في شراء القطنيات بشكل أساسي.
سعادة الأطفال لا تعرف الغلاء
من جهتهما الطفلتين مايا وفاديا عبرتا عن سعادتهما بشراء الحقائب والألبسة الجديدة غير مدركتين لما يتحمله الأهالي من أعباء وضغوط كبيرة.

وقالت الطفلة مايا إنها بدأت بالتحضير للمدارس من خلال شرائها الحقائب المدرسية والألبسة والأحذية والقرطاسية وأنها سعيدة جداً بهذه التحضيرات.
وعن أسعار الحقائب ذكرت الطفلة أن سعرها من 5000-6000 ل.س ليرة سورية، في حين أشارت إلى أن سعر علبة أقلام التلوين بلغ 550 ليرة هذا العام.
تنزيلات عند البعض والبعض الآخر غلاء فاحش
أما السيد وسيم شحرور صاحب محل في طرطوس بيّن أن محله يقدم عرضاً مميزاً من خلال تنزيلات تصل إلى 50%، وأن ربحه قليل جداً مقارنة مع غيره من التجار، موضحاً أن هذه العروض تراعي القدرة الشرائية عند المواطن، وأن سعر القميص أو البنطال يتراوح بين 2500-3000 ل.س وهي أسعار مقبولة بالنسبة لغيره.

كما أوضح أن سبب الغلاء الكبير يعود إلى عدم وجود معروض كافٍ، وخاصة بعد تخريب الكثير من المنشآت الصناعية إضافة إلى ارتفاع تكلفة المواد الأولية لجميع المستلزمات.
أرقام خيالية لا يمكن تحملها
مواطنة أخرى تطرقت إلى أن أسعار البدلات المدرسية للطلاب غالية جداً، فمثلاً تتراوح أسعارها بين 5000 إلى 10000 ليرة، وسعر القميص يفوق 3000 ل.س، أما الحقائب المدرسية فتتراوح أسعارها بين 2000 - 6000 ل.س، وعلبة أقلام الرصاص فوصل سعرها إلى 350 ليرة.
وأوضحت أن سعر دفتر 100 ورقة 200 ليرة، أما أسعار الدفاتر ذات 200 ورقة فقد بلغت أسعارها أرقاماً قياسية تزيد على 500 ليرة، في حين وصل سعر دفتر الرسم إلى 200 ليرة قياس وسط، وسعر الصدرية 2000 ليرة وما فوق.

وتمنت على الجهات المعنية في المدارس تخفيف الطلبات المدرسية لعدم استطاعة الأهل تحملها، وضغطها حدّ الإمكان.
نواجه ارتفاع الأسعار بالإصلاح والاستعارة
أما السيدة نجاح حسن فقد أكدت أنها تقوم بإصلاح الملابس والحقائب المستخدمة في العام الدراسي السابق، وتقتصر على شراء الضروريات للتخفيف من التكلفة المادية الكبيرة، كما أنها تعمد إلى تخزين النقود من عام لعام آخر لعدم قدرتها الشراء في وقت المدرسة.
وأشارت إلى أنها تتوجه إلى الأسواق الشعبية (البسطات) لتلبية الاحتياجات لأن أسعارها أقل من أسعار المحلات، أو تقوم باستعارة بعض الملابس من جاراتها كنوع من التوفير وعدم شراء ألبسة جديدة.
معارض التسوق فرصة جيدة
بعض التجار يعزي ارتفاع الأسعار إلى أن الكثير من المعامل الخاصة بالألبسة أغلقت نتيجة الظروف الراهنة، إضافة إلى صعوبة الحصول على الورق وارتفاع أسعاره وأجور نقل مواده الأولية، وارتفاع التكلفة الفعلية من الكهرباء إلى اليد العاملة، والضرائب المفروضة على المحلات التجارية.
وقد أقامت بعض الجهات الرسمية والخاصة مهرجانات ومعارض خاصة بالتسوق المدرسي بهدف تخفيض أسعار المستلزمات المدرسية والحدّ من تلاعب التجار بأسعارها، ونتمنى على تلك الجهات تكثيف تلك الفعاليات وتوزيعها في الأرياف ليتسنى لأهل الريف الاستفادة من تلك التخفيضات.
مطالب بعدم إرهاق الأسر بالمتطلبات المدرسية
مؤسسة "دام برس" الإعلامية تتمنى على الجهات المعنية توجيه إدارات المدارس في محافظة طرطوس لعدم إرهاق الأسر بالمتطلبات المدرسية، ومراعاة الظروف الاقتصادية التي تمرّ بها الأسرة السورية عامة وطرطوس خاصة، والسعي قدر الإمكان إلى الاكتفاء بالضروريات بالنسبة للطالب.
كما تشكر المؤسسة المنظمات المحلية والعالمية على الحملات التي تقوم بها من خلال توزيع الحقائب المدرسية المتضمنة مجموعة كبيرة من الدفاتر والأقلام والقرطاسية التي توفر الكثير من التكلفة المادية على التلاميذ وخاصة في الحلقة الأولى.