دام برس :

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية افتتاحية تناولت فيها أداء الرئيس الأميركي دونالد ترامب السياسي خلال أسبوع معتبرة أنه كل يوم يقدم دليلاً إضافياً على عدم أهليته للمنصب وأن الحري به العودة للعمل كمقدم تلفزيوني. والآتي ترجمة أبرز ما جاء في المقالة:

كان لدى روجر آيلز، رئيس محطة "فوكس نيوز" الذي استقال بعد مزاعم التحرش الجنسي، قول مفضل: "إذا كنت ترغب في الحصول على وظيفة في التلفزيون، فترشح لمنصب الرئيس أولاً". أخذ صديقه دونالد ترامب نصيحته. وبحسب ما ورد، لم يكن ترامب يتوقع فوزه بالرئاسة في عام 2016. كانت خطته المفضلة بعد الانتخابات هي إطلاق شبكته التلفزيونية الخاصة به، بنفسه مع تحوله الى نجم.

كان يمكن أن تكون النتيجة أفضل. منذ اللحظة التي دخل فيها المكتب البيضاوي، أصدر ترامب دليلاً يومياً على عدم صلاحيته لهذا المنصب. من الواضح أنه يكره العمل الشاق والواجبات والمسؤوليات التي يستتبعها. وهو يقضي وقتاً بعيداً عن البيت الأبيض في منتجعاته الخاصة وملاعب الغولف أكثر من أي سلف سابق. وعلى الرغم من تضارب المصالح المحتمل، يواصل الإشراف على إمبراطوريته التجارية.

ترامب هو أول رئيس برنامج تلفزيوني واقعي. انه يكافح مع الحقائق والحقيقة والخيارات في العالم الحقيقي. ليس لديه مبادئ أخلاقية واضحة. غرائزه، التي تحكم قراراته، كلها في الغالب خاطئة. وجهات نظره السياسية تميل نحو أقصى اليمين الأبيض القومي االجاهل والعنصري. أعلنت صحيفة "نيويورك تايمز" التي تتسم باليقظة الدائمة أن الرئيس الأميركي "استبدادي". هذا أمر له دلالة حتماً.

ترامب هو أكثر سعادة على المسرح، ويلعب مع جمهور - ويرضيه وهو يمضي قدماً. لقد كان مرة أخرى في تكساس الأسبوع الماضي، حيث حقق أكبر عدد من الزيارات له خلال حملته أمام 20 ألف معجب يرتدون قبعات "اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى". قام بإعادة تدوير بعض النكات القديمة لهيلاري كلينتون وهاجم المنتقدين الذين يقولون إنه ليس رئاسياً بدرجة كافية. وقال "لقد أصبح من الأسهل بكثير أن تكون رئاسياً. كل ما عليك فعله هو التصرف كمسؤول صارم!"

ليس الأمر مضحكاً. إنه أمر مزعج. إن الإحساس بالكرامة، إلى جانب الحكم الجيد والصدق والوعي الإنساني الأساسي، هو ما ينقصنا في هذا الرئيس نصف الحقيقي نصف المُقلد. كانت حالات العجز الهائلة هذه ظاهرة بشكل مؤلم على مدار الأسبوع الماضي، حيث كانت الكارثة تنهال على الكارثة، وبدا ترامب فقط غافلاً عما وصفه ستيف بانون، مستشاره المشين، الذي كان يطلق عليه سابقًا "المذبحة الأميركية".

انظر إلى الجثث المتناثرة عبر السهول المتربة في شمال شرق سوريا بعد غزو تركيا. فعل ترامب ذلك. لقد كذب وقال انه لم يعطِ الضوء الأخضر (للاجتياج التركي). الآن يدعي الفضل في وقف إطلاق النار الذي يكافئ العدوان. إن رسالة التلميذ التي طالب فيها رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، بالتراجع، مليئة بالتهديدات والعنف، هي دليل دامغ على العجز المميت.

إذا كان هذا يبدو قاسياً، انظر إلى حكم رجال أميركا المقاتلين. انضم الجنرال جيمس ماتيس، وزير الدفاع السابق، إلى الجنرال ويليام ماكرافين، قائد القوات الخاصة السابق، والأدميرال جيمس ستافريديس، قائد حلف الناتو السابق، وغيرهم في إدانة الانسحاب السوري باعتباره "خطأً جيوسياسياً ذا أبعاد ملحمية".  وقال ميتش ماكونيل، الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ، إن ترامب تسبب في "كابوس استراتيجي".

أو انظر إلى أحدث شهادة في تحقيقات الكونغرس في مساءلة الرئيس. أكد ميك مولفاني، مدير مكتب ترامب البيضاوي، عن غير قصد أن الرئيس استخدم المساعدات المالية الأميركية لأوكرانيا لحفر الأوساخ على منافسه الديمقراطي جو بايدن. قال فيما بعد إنه لم يقل ما قاله. يجب أن يكون تعلم أن هذا الابتذال أحمق من رئيسه وهو لن يُمحى.

كان الأمر الأكثر إثارة للدهشة من كل تراكمات الأسبوع، من الناحية الإنسانية البحتة، هو الكمين المخزي لترامب من آباء المراهق البريطاني هاري دون. لقد تصرفت السلطات الأميركية، بما في ذلك السفارة الأميركية في لندن، بشكل غير صحيح، وربما بشكل غير قانوني، في تسهيل عودة الأميركي آن ساكولاس، الذي يتهم بأنه قاد السيارة التي قتلت دون. كانت محاولة ترامب المصممة خصيصاً للتلفزيون لفرض المصالحة المفاجئة وجهاً لوجه مرضية.
سلوك ترامب الخطير والمخادع والمهين، في هذه الحالات وغيرها من الحالات، يضعف منصبه. يجب أن يستقيل قبل إقالته - ويعود إلى أن يكون مقدماً تلفزيونياً. على الأقل إنه جيد في ذلك.
ترجمة: هيثم مزاحم – الميادين نت