دام برس – لجين اسماعيل :
ريم البندلي شاهد الطفولة الحقيقية ، من منّا لم يردد كلماتها ، طفولة تطلب السلام في زمن الحرب ، تطلب الحنان في زمن القسوة ، تطلب الضحكات و الغمزات في ظل الأسى و الآلام والأوجاع ... ما عاد للطفولة حياة ، انفتح الأطفال على حرب شعواء ، ما فرقت بين فئات و شرائح الشعب ، طفولة أزهقتها كلمات الحروب و الظروف ، و عائلات تناست أطفالها ، وطلباتهم ، نسيت أن لهم عليهم حق السؤال و المتابعة ، فما بين حرب قائمة ، و ماضٍ مبهجٍ ، طفولة تضيع ، و أحلام تذوب كالشموع ، و عمرٌ يمضي بلا استمتاع بتلك اللحظات .
هذه الحرب أنستنا أطفالنا ، من منّا لا يعاني اليوم من طفله ، و عناده و تصرفاته الجنونية في بعض الأحيان ، لمجرد أنه لاقى إهمالاً ، و عدم اهتمام بأموره ، نحن اليوم نعمل بكافة طاقاتنا لنعيد للطفولة معناها،
ففي ظل ما تمر به البلاد العربية عامةً ، و سورية خاصةً ، انفتحت الطفولة على مفاهيم وأفكار ، طفولة كبرت باكراً ، و تصنّعت الفرح بصمت في حنين، لتعيش و تعايش الطفولة من جديد
من منّا لا يحلم و بعد ما مرّ من عمره من أن يعود إلى طفولته و صغره ، حيث كانت السعادة تغمر القلوب رغم المصاعب التي من الممكن أن يمر بها ، إلا أننا اليوم القلوب و النفوس حزينة مما أثّر بشكل سلبي على الحياة الأسرية الأمر الذي أدى إلى انعكاسه بالشكل المؤلم على أطفالنا مستقبل و أمل الحياة ، لذلك علينا العمل بكافة الطاقات لنخرج هؤلاء الأطفال من جوّ الحرب ، نخلق له عالماً أشبه بما يعبر عنهم ، لا نقول عالماً خيالياً بعيداً عن الواقع ... و إنما واقعاً أقرب إلى التفاؤل .
فالحياة حلوة و رائعة ، و الإنسان صانعها ، نحن هنا لا نصنع القدر ، و إنما نرسم الحياة كما نشاء بريشة فنان عبّر عن لوحته بنظرته و رؤيته الخاصة ، تداركُ الوقت له وقعه الخاص ، و الأهل و العلاقات الأسرية تسهم إلى حدّ كبير في التخفيف من وطأة الحرب .
فكم من فارق بين أسر متفاهمة متحابة .. و أخرى تظل على خلاف و شجار دوماً ، لمَ نحمّل اطفالنا هموماً ، ليسوا بأعمار تقدر على الاستيعاب ...
و كم من شجار و خلاف أدى إلى الانفصال ... و الأطفال غارقون في بحر الهموم و الأوجاع ، ألا تعلمون ىايها الأهل أن تصرفاتكم محسوبة عليكم و تؤثر بالدرجة الأولى على لاأطفال ..
و إن أجرينا بعض المقارنات لوجدنا الفرق واضحاً ، فمن المؤكد أن الأسر التي تعيش ضمن إطار التفاعل و التلاحم و النقاش و التشاور يولّد أطفالاً أقوياء الشخصية ، و يأخذون حقوقهم بـأيديهم ، بينما إن نظرنا إلى الجانب الآخر المتمثل بالأسر التي لم تتفهم بعد أنها تعيش ضمن مجتمع يهتم بالأطفال و بما يتأثرون به رأينا أطفالاً مشردين ، و نموذجا آخر يحكي الضعف و الانطواء على الذات ، و آخرين مارسوا الطفولة ... و إنما بالطريقة التي طبعتها لهم الحياة و مشاكلها .
ربما لا يغيب عن بال أحدكم ما للمشاكل و الخلافات الأسرية من طابع سلبي على حياة الأطفال و سلوكياتهم و التي يعبرون عنها بطرق شتى ، فاللعب و الذي يعد من أبسط الأمور التي يمارس بها الطفل طفولته .. يصبح أداة لممارسة العنف و الهمجية التي رآها تتوغل يوما بعد يوم في حياة أسرته ...
ليس ذلك فحسب فقد يلجأ إلى ضرب أصحابه ـ رفاقه زملائه و نعتهم بألفاظ لم يكن ليذكرها لولا لم يسمعها ، نحن بصدد طرح قضية مصيرية ، فهؤلاء الأطفال الصغار اليوم ... هم جيل الغد المعوّل عليه في بناء وطن طالما حضن أبناءه و رعاهم .
أيضاً الاختلاف بين الحالات الاجتماعية ـ فالطقل الذي يعيش ضمن أسرة ، من البديهي أن تكون تصرفاته و نظرته للحياة تختلف عن الطقل الذي يعسش في جو من الانقصال و الطلاق الأسري ، فما من أحد يوجهه ، ولا احد يحنو عليه ... ترك للقدر .. وحيدا في الغابة ... و لم يتعلم فن الهجوم .
و في كثير من الأحيان وجدنا أطفالا مصابين بالتوحد و الانفصام بالشخصية ... ويعود ذلك إلى عدم الاستقرار الاجتماعي ، مما أثر على نفسية الطفل ، فهو في كل يوم برى و يسمع ما يدور من شجار بين والديه
لذلك نحن ندعو الأهل إلى مراعاة أطفالهم ، و إيلاهم بعض الاهتمام ، فما من طفل تربّى و تعلّم أصول الحياة لوحده ، و كلما كانت تصرفاتنا تناسب الجو الطفولي ... كلما كانت الحياة بأعينهم أجمل و أزهى.