الرئيسية  /  تحقيقات

حتى لا تمرّ الفضيحة .. أسوأ مهزلة لـ سي إن إن عن سورية تفتح ملفَّها دام برس


خاص دام برس – مضر ابراهيم
في الخامس من أيلول الماضي تنشر شبكة "سي إن إن" الأمريكية تقريراً لمراسلها فريدريك بلايتغن من حلب مع والد الطفل عمران دقنيش. ورغم أنَّ حصول التقرير نفسه هو الخبر هنا، يمر الخبر بصمت .. دون ضجة .. دون صخب .. دون أسئلة .. ودون دموع من الشقراء بولدوان.. تلقيه الشبكة على موقعها الإلكتروني على الأنترنت كمن يختلس الفعلة، وتمتنع عن نشره على قناتها الخاصة على "يوتيوب" .. ثوانٍ من الإعلانات الممّلة وبعدها يمكنك أن تشاهد اللقاء الذي تحدّت ماريا زاخاروفا يوماً مذيعة "سي إن إن" المخضرمة كريستيان أمنبور أن تجريه.
إنّه إذن تقرير "سي إن إن" نفسها ليس إلاَّ عن الطفل عمران
"بين "الفبركة" و"المأساة".. تناقض تصريحات الأسد وزوجته عن الطفل عمران" كان ذلك هو عنوان "سي إن إن" في الثاني والعشرين من تشرين الأول من عام 2016. عام تقريباً قبل أن تجود القناة الأمريكية بزيارة لمراسلها إلى حلب. يومها لم يكن ثمة ما هو مفاجئ في متن الخبر أو عنوانه إلاَّ مستوى البؤس الجديد الذي انحدرت إليه الشبكة التلفزيونية الأشهر في العالم وهي تحاول أن ترسم حدوداً أو تشير إلى تناقضٍ بين "الفبركة"، و"المأساة"، وكأنَّ ثمة ما هو أسوأ من "مأساة" من أن يغدو أطفال سورية مادة لـ"الفبركة" في بازار النفاق الغربي الذي لا ضفاف له!. شهران ونصف قبل ذلك التاريخ تعاني مذيعة "سي إن إن" كايت بولدوان كثيراً لكي يخرج مشهدُ دموعها لائقاً بالصورة التي حملها إليها حمَلة الأوسكار من فريق إنقاذ "داعش" والنصرة"  "القبعات البيضاء". "ما يؤلمني هو أننا نذرف الدموع، ولكن لا توجد دموع هنا، حتى أنه لا يبكي، فالطفل الصغير في حالة صدمة تامة وذهول. ". تقول بولدوان وهي تغالب نفسها لتنتحَ بصعوبة دمعةً جافةً بكل ما أوتيت من براعة الفشل، ولتغدو في الصباح التالي حديث كل وسائل الإعلام الغربية اللاهثة وراء كلِّ مشهد يمكن استثماره في سياق الدعاية المحمومة ضد سورية.


زميلتها في "سي إن إن" نعيمة الباقر - البريطانية من أصل سوداني - تعدُّ من جانبها أيضاً - لكن على الطريقة الإنكليزية هذه المرة - تقريراً خاصاً عن الطفل عمران تتلو فيه تعويذة الكذب عن "الأطفال السوريين الذي هم ضحايا القصف السوري والروسي". أما كريستيان أمنبور كبيرة مراسلي القناة والصحفية المخضرمة العارفة العرّافة والتي تحوّلت في الشأن السوري خصوصاً إلى محللة سياسية ناطقة باسم آلة الحرب الأمريكية فقد فضّلت الأسلوب المسرحي للتعامل مع قصة الطفل عمران .. تمد يدها لتناول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صورة عمران خلال مقابلة تلفزيونية حصرية للقناة .. وتعلّق: "إنها جريمة ضد الإنسانية سيدي!".
تغطية "سي إن إن" عن الطفل عمران ومساحة "المباشر" والحوارات التي أفردت لم تكن بطبيعة الحال متفرّدة. ففي اليوم التالي لانتشار الصورة كانت أغلفة كبريات الصحف والمجلاّت في الغرب والأخبار الأولى في كل النشرات والتغطيات الإخبارية تتوحدّ على عنوان واحد موحّد يشبه عنوان التايمز: "الطفل الضحية يصبح رمزاً لحرب الأسد".
 
لكن تلك الصورة، التي التقطتها "القبعات البيضاء" في آب 2016، للطفل عمران دقنيش بوجهه المعفَّر بالدماء، بعد انهيار منزله في حي القاطرجي في مدينة حلب، وتلقفتها كل وسائل الإعلام العالمية لم يقل أحد ممن صورها أو نشرها أو ذرف دموعاً كثيرة عليها أنها صورة مزوّرة وخارجة عن السياق الذي قدّمت به، و"أنَّ الدماء التي كانت على وجهه كانت دماء والده"، وأن "شقيقة عمران، آروي، ضربت أحد أولئك المصورين لتمنعه من تصوير شقيقها وهو مصاب".
كانت تلك الحقائق رواية والد عمران ذاته .. ولمراسل "سي إن إن" نفسها هذه المرة - و ليس لقناة روسية أو سورية -  يقول محمد دقنيش والد الطفل عمران لـ "سي إن إن": "مباشرة بعد حصول التفجير، ودون أيِّ إذن، أخذه عناصر جماعة "القبعات البيضاء" ليصوّروه قبل حتى أن يقوموا بإجراء الإسعافات الأوليَّة له، رغم ادعائهم أن إصابته خطرة. الحمد لله أنَّ إصابته كانت عبارة عن جرح خفيف" و يضيف دقنيش: "لقد حاولوا الضغط علي للقول أن الطيران الروسي هو من تسبب بالانفجار الذي تسبب بذلك، وعرضوا علي المال لإجراء مقابلات صحفية لكنني رفضت" ويتابع: "طلبت منهم أن يظهروا بقايا المتفجر، وعندما رفضوا الاستجابة لم أتحدَّث للإعلام على الإطلاق، لأنني شعرت أنهم يقومون بتزوير الحقائق، ويبالغون كثيراً جداً".


طبعاً لا يمرّ التقرير دون أن يضمّنه مراسل "سي إن إن"  فريدريك بلايتغن الألماني الجنسية بعضاً من الأسئلة التي تحاول زعزعة يقين الحقائق التي نطق بها والد الطفل عمران، ودون أن يدافع عن "القبعات البيضاء" التي لا تزال قناته ومكنة الدعاية الغربية مصرة على إغداق الأضواء عليها كأيقونة لـ"العمل الإنساني في سورية". وربما كان ذلك مفهوماً في سياق ما حصل، حيث لا أمرَّ من تجرّع مرارة النطق بالفضيحة. تلك المرارة التي كانت الشبكة الأمريكية ذاتها جرّبتها كثيراً وقتما فضح الإعلام السوري علاقة مذيعها الشهير أندرياس كوبر مع المدعو داني عبد الدايم في تسجيلات حيّة مصورة لا تقبل الشك عن الطريقة التي يتم فيها اصطناع الأحداث بالتزوير العمد بغية اتهام الجيش العربي السوري بارتكاب الجرائم في سورية.


من حمزة الخطيب .. إلى الطفل إيلان .. ومن الطفل عمران .. إلى الطفلة بانا العابد .. وليس انتهاء بفضيحة ما يسمى "مهرب الدمى" النصاب غير الظريف المدان في القضاء الفنلندي رامي أدهم تمضي الدعاية الغربية دون هوادة في استثمار الطفولة وقوداً للدعاية الأقذر ضد سورية .. ودائماً تحت اليافطة الإنسانية وحقوق الإنسان، لكن سنوات الصمود الطويلة التي أعيت بها سوريةُ كل من تآمر عليها، ها هي تتفتق اليوم عن فجر جديد وشمس جديدة تنهنه كل الكذب الذي قصفت به سورية منذ اندلاع الحرب عليها .. دافئة جميلة وساطعة كجباه من يصنعون النصر والحقيقة الأجمل في الميدان.
خاص دام برس – مضر ابراهيم

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=82331