الرئيسية  /  أخبار

حلب .. بداية الانهيارات وسقوط الشعارات


دام برس :

نشر الإعلام الحربي مقالا  تحدث فيه عن أهمية مدينة حلب بالنسبة للميليشيات المسلحة، وجاء فيه:
يُجمع قادة مسلحي فصائل الشام على أهمية مدينة حلب بالنسبة لمشروعهم التكفيري في سورية، أوضحها ما قاله يوماً الناطق العسكري بإسم حركة "أحرار الشام" المدعو "أبو يوسف المهاجر"، بأن من يسيطر على حلب، يحكم قبضته على الشمال السوري، ويعني خسارة إدلب، وبالتالي السيطرة على سورية بكاملها.
سياسياً كان للمهاجر كلاماً أوفى، بأن من يمسك حلب، يجلس على طاولة المفاوضات وبيده الورقة الرابحة. ولهذا وضعت حركة "أحرار الشام" و"جبهة النصرة" وفصائل اخرى ثقلها العسكري والإعلامي في معارك حلب، بدءاً من معارك الكليات الجوية (31-7-2016)، أو بما سمي "عزوة إبراهيم اليوسف"، وصولاً إلى معركة منيان وحلب الجديدة "عزوة أبو عمر سراقب" (28-10-2016).
هزائم في الميدان
عشرات الفصائل انخرطت في جولات المواجهة في حلب، بمشاركة آلاف المسلحين، قتل وأصيب منهم أكثر من 4 آلاف عنصر، حتى ضاقت التنسيقيات ذرعاً، وتحدثت حينها عن فشل لقادة الفصائل في إدارة المعارك، وترك آلاف الشبان يلاقون حتوفهم في تهلكة، لم تؤد إلا إلى مزيد من الخسائر البشرية والمادية.
نتائج معارك "كسر الحصار" عن حلب كما أسمتها الفصائل، تعدت حدود الأرقام، وأنتجت عدم ثقة فيما بينها، برزت واضحة بفشل مساعي الإندماج، حيث حملت فصائل ميليشيا "الجيش الحر" "جيش الفتح" مسؤولية الهزيمة، كون الأخير تحكم بقيادة المعركة، فيما الشرخ الكبير كان بين "جبهة النصرة" وحركة "أحرار الشام". فالاولى التي شكل مسلحوها النسبة الأبرز من مجمل عديد ميليشيا "جيش الفتح"، اتهمت الثانية بمصادرة المكاسب العسكرية، ومحاولة تسويقها سياسياً، والإنفراد في اتخاذ القرارات "الكبرى" التي تتعلق بالساحة "الجهادية"، كما تحدث العديد من أمراء الجبهة على مواقع التواصل الإجتماعي، ومن خلال ما تسرب من لقاءات جمعت قيادة الجماعتين.
خلافات داخلية
نتائج هزيمة معارك كسر الحصار، ارتدت أيضا إلى داخل جماعة "أحرار الشام"، فتقاتلت تياراتها على مناصب القيادة فيها، وترك المسؤولين عناصرهم يلاقون حتفهم في الميدان، فيما كانوا هم بمناطق آمنة، ويترددون باستمرار إلى الدول المجاورة.
فشل الاندماج والهزائم العسكرية للفصائل، وعدم تحقيقها المطلوب منها في مواجهة الأكراد، أمور يبدو أنها اسقطت رهان الداعمين الإقليميين عليهم، الذين توجهوا ليحفظوا بالسياسة، ما بقي من ماء وجههم، فأدارت تركيا ظهرها لحلب، وقررت الدخول بنفسها في عملية "درع الفرات"، لإنقاذ ما يمكن أنقاذه، فتدخل الأصيل، بعد فشل الوكيل، وسط حديث عن تفاهمات دولية، وعجز تركي عن احداث تغيير فعلي في موازين القوى في سورية.
"جيش الفتح" ليس التجمع الوحيد الذي سقط، بل أن فصائل حلب عمدت إلى تشكيل غرف عمليات عديدة أبرزها غرفة عمليات "فتح حلب"، بالإضافة إلى تجمع الجبهة الشامية، وجميعها انهارت في الميدان، وشهدت الجبهات ضعفاً واضحاً في التنسيق بين الفصائل المنتشرة في مدينة حلب، وحالات التخبط والتشتت كانت واضحة في سير المعارك، ما شكل ضربة أخرى، أفرزت نتيجة بأن مسميات الغرف المشتركة، ما كانت الا فقاعات إعلامية، كشف زيفها في ساحات المواجهة.
سقوط الشعارات
هزيمة حلب بالنسبة للمسلحين استراتيجية، فهم فقدوا نقطة إرتكاز أساسية لمشروعهم التكفيري، وبينت العديد من الممارسات بحق الأهالي الواقعين تحت سيطرتهم، من سرقة وتعديات على الممتلكات، وحجب الغذاء والدواء، في إشارة تعكس سلطويتهم في إدارة المناطق التي يستلون عليها، وعدم امتلاكهم أي مشروع حقيقي يضمن للمدنيين حقوقهم الأساسية، رغم رفعهم شعار "مشروع أمة" و"مشروع شعب".
أولى تلك الحقوق التي صادرتها الجماعات المسلحة هو الحق بالحياة، حيث فُرض على الأهالي أحكاماً عرفية، أشبه بتلك التي فرضتها السلطنة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، حيث عمل الحلبيون كما سائر شعوب المنطقة بـ "السخرة" لدى الباب العالي، وتم سوقهم إلى حرب، قتل فيها آلاف الشبان، ولم تجلب سوى الويلات.
هذه الممارسات أسقطت شعارات الفصائل المسلحة، بأنها حملت السلاح دفاعاً عن المدنيين، فإذا بتسجيلات مسؤولي المجموعات تكشف، بأن القادة نعموا بحياة رغيدة، وباعوا المساعدات بأسعار مرتفعة وراكموا الأموال، وخرجوا بعدها من البلاد، وغيرها من الانتهاكات والممارسات، بالإضافة إلى اعتقال الشبان بأعداد كبيرة، تحدث عنها يوماً بعض الاعلاميين المعارضين، الذين دعوا إلى تبييض السجون.
فشل استراتيجي
في معركة حلب، سقطت الفصائل وقادتها، على كل المستويات، العسكرية والإجتماعية والسياسية وحتى الثقافية والفكرية، وما بقي لديهم هو التفاوض على الخروج من مدينة، قدمت لهم الأمان والإستقرار، فقابلوها بحمل السلاح ضدها، واستعانوا بدول ومسلحين اجانب على دمارها، تحت عناوين وشعارات مجرد طلاء على الجدران، وكلام على مواقع التواصل الإجتماعي والمؤتمرات الصحافية.

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=12&id=75940