الرئيسية  /  مساهمات

كلينتون و ترامب وجهان لعملة واحدة... بقلم : أنس وجيه حبوس


دام برس:

تشخص الأبصار..تشرئب الأعناق..تتوق المهج وتخفق القلوب لمعرفة الرئيس الأمريكي القادم سعيد الحظ ، الذي سيتربع على عرش الامبراطورية الأمريكية. ويتناسى الجميع أنه لن يكون الحاكم بأمره بل الحاكم بأمر غيره ، فرؤساء أميركا- على مدى العصور- وعلى اختلاف مشاربهم و تعدد انتماءاتهم و أهوائهم ليسوا إلا واجهة لتقديم السياسات الأمريكية المقررة في الخفاء وإظهارها على العلن. وفي الحقيقة فإن مطبخ السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية على وجه الخصوص ليس في البيت الأبيض ، و إنما في كواليس المؤسسة الحاكمة التي يطلق عليها الإدارة الأمريكية، و التي تضم في معظمها نخبة من الأشخاص ذوي الجنسية المزدوجة الأمريكية و الإسرائيلية ، و المعروفين بميولهم المتطرفة و فكرهم الصهيوني العدائي .

وبالنسبة إليهم فإن موقع الرئيس ليس من الضروري أن يشغله الكفؤ ، فقد يصل إليه الجهلة أو الأغبياء حسب وصف وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر -الألماني اليهودي الأصل - بل يكفي أن يبدي أكبر قدر من الولاء و الطاعة ، وينفذ ما يُؤمر به دون تردد أو نقاش . rكما أن اللوبي اليهودي الأميركي وبعض المنظمات و المؤسسات الصهيوأمريكية مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية المعروفة بالأيباك هي صاحبة القرار الفصل و النهائي في هذه الأمور . أي أن اللوبي النفطي والصناعي والمالي الذي يسيطر عليه اليهود ، الذي يطلق عليه المحفل الحاكم هو الحاكم الفعلي للولايات المتحدة و المقرر لسياساتها الداخلية و الخارجية على حدٍ سواء ، و بالتالي هو من سيعين الرئيس الذي يفترض فيه أن ينفذ الأوامر و القرارات التي تصدر عن هذا المحفل دون أن يعترض أو يبدي وجهة نظره الخاصة ، و حتى دون ان ينبس ببنت شفة.

و خير دليل على سيطرة رأس المال اليهودي هو الاجتماع الذي حضّر له ملك الكازينوهات ، وصاحب أكبر سلسلة لها في العالم و الموزعة في أماكن متعددة مثل لاس فيغاس ، مكاو ، سنغافورة و بنسلفانيا ، و المصنف عاشر أغنى رجل في العالم المدعو شيلدون أدلسون ، قبيل موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة ، و الذي دعى إليه جميع المرشحين الجمهوريين البارزين من أجل معرفة مدى ولاءهم له ولنتنياهو ، ليختار الأكثر قرباً ويغدق عليه الأموال الوفيرة لدعم حملته الانتخابية.rو هذه الحقيقة يدركها كل المرشحون السابقون و اللاحقون للرئاسة الأمريكية، لذلك فهم يتسابقون على خطب ود اليهود الأمريكيين، ﻷنهم متيقنون تماماً من قوة نفوذ اليهود و قدرتهم على دعم المرشح الذي ينال رضاهم ، و إيصاله إلى سدة الحكم و كرسي الرئاسة الأميركية . فها هي هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة تُمتّن أواصر علاقتها باليهود ، من خلال زواج ابنتها من شخص يهودي يعمل في قطاع المال ، و هو موظف سابق في شركة غولدمان ساكس المالية اليهودية التي تربطها علاقة وثيقة بالسيدة كلينتون .

إذ تقوم بتقديم التبرعات بسخاء لحملتها الانتخابية . علماً أن تلك الشركة كانت من أهم أسباب الأزمة المالية الكبيرة التي نشبت عام 2008 في الولايات المتحدة .rكما لا يخفى على أحد الدعم المالي الضخم الذي يقدمه المضارب اليهودي جورج ساروس ، و هو صاحب الدور المشبوه في تأجيج الفتن في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها وذلك خلال الأحداث العنصرية التي عصفت فيها في السنتين الأخيرتين.

و بدورها تتحيز كلينتون لقضايا اليهود أكثر من اليهود المتشددين أنفسهم ، فها هي تؤكد على شرعية قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين ، وتجزم أن لا حق للفلسطينيين بإقامة دولتهم ، كما أعلنت أنه في حال فوزها لن تطالب القيادة الإسرائيلية بوقف إنشاء المستوطنات في الأراضي المحتلة ، و لن تتطرق مطلقاً لموضوع إقامة دولة فلسطينية هناك ، حتى أنها لن تحاول إقناع الإسرائيليين باستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. rو من اللافت للنظر أن ما صرحت به كلينتون مناقض تماماً لما أدلى به برني ساندرس - أحد أبرز المنافسين في الحزب الديمقراطي و هو يهودي الأصل ، حيث تتثسم مواقفه بقدر أكبر من التعقل تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية ، و هو مؤمن بالتسوية على أساس الدولتين و وقف بناء المستوطنات .

و في الوقت نفسه فإن اليهود بقدر ما يقدمون من العون والدعم للمرشح بقدر ما يسعون إلى إغناء ملفه بالفضائح التي من شأنها أن تصبح سلاحاً يُشهر في وجهه كلما حاد عن الطريق المرسوم له ، أو حاول القيام بأي عمل يتعارض مع مصالحهم ومصلحة إسرائيل .

فملف كلينتون حافل بالتجاوزات والأعمال المشبوهة التي قامت بها أثناء توليها منصب وزيرة الخارجية أثناء الفترة الرئاسية الأولى ﻷوباما ، ناهيك عن الصفقات الفاسدة التي قامت بها ، إذ استخدمت مؤسسة كلينتون التي تأسست عام 2011 في جرائم غسل الأموال و تلقي التبرعات كرشاوى مقابل تمرير أعمال ومشاريع غير قانونية تحت ستار العمل من أجل الأمن الصحي والاقتصادي ، و الادعاء بالعمل على تعزيز التقارب بين الأديان حول العالم. أما الفضيحة المدوية التي كان لها الصدى الأكبر فهي البريد الإلكتروني لكلينتون الذي يحوي على رسالة موجهة إلى رجل الأعمال البليونير حاييم سابان أحد زعماء الجماعات اليهودية، لاستشارته في كيفية التصدي لمنظمة تدعى حركة مقاطعة إسرائيل تتزعمها مجموعة من الفلسطينيين في الولايات المتحدة ، و تطالب هذه الحركة كبريات الشركات بمقاطعة إسرائيل إلى حين إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينيية. لكن كلينتون تتعهد بالتصدي لهذه الحملة ، مما دفع باليهودي سابان لإغداق الأموال والتبرعات على مؤسسة كلينتون . rأما مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب فهو شخصية غريبة الأطوار ، و أقرب لأن يكون مختلاً عقلياً أو مريضاً نفسياً، ﻷنه مغرق في التطرف وكراهية كل ما هو غير أميركي أصيل ، إذ يرى أن المهاجرين الأمريكيين الذين قدموا من أمريكا اللاتينية منذ مئات السنين ، ما هم إلا غرباء و غير مرحب بهم بل و يجب طردهم ، و يتجلى ذلك في حملته الكلامية العنيفة على المهاجرين المكسيكيين.

و علاوةً على ذلك فترامب يسعى لبث الفتن وبث العنصرية من خلال تحريضه على الإسلام والمسلمين ، لدرجة منعهم من السفر إلى الولايات المتحدة حتى بقصد السياحة ، فهو بذلك يذكي حمى الإسلاموفوبيا ، و يستثمر خوف الشعب الأمريكي من تمدد الإرهاب المتفشي في العديد من دول العالم و وصوله إلى الداخل الأمريكي ، ما يدفع بهم إلى العزوف عن استقبال اللاجئين خشية تسلل الإرهابيين بينهم .

بالرغم من اختلاف الشعارات والوعود التي يطلقها كلا المرشحان السابقان في حملتهم الانتخابية ، إلا أنهما يتفقان في إبداء أعلى درجات الولاء بل والاستماتة في الولاء لإسرائيل . فترامب يغازل اللوبي اليهودي الأميركي بتعهده بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني في حل فوزه واصفاً إياه بالكارثي ، كما وعد بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس في خطوةٍ لم يسبقه إليها أي من الرؤساء الأميركيين السابقيين، و زاد في نفاقه و هرطقته بقوله: لا أحد مثلي أقرب من إسرائيل ، و علينا حماية إسرائيل .rزد على ذلك أنه يتلقى الدعم من لوبي اﻷسلحة الأميركية ، حيث دعت الجمعية الوطنية للبنادق أهم منظنات لوبي الأسلحة الفردية الأميركية إلى التصويت لصالح ترامب، لأنه يؤيد سياسة اليمين الأميركي المتطرف في شن الحروب و بالتالي زيادة الطلب على السلاح ، علماً أن معظم مصانع الأسلحة في أمريكا تُشغّل برؤوس أموال يهودية. و قام رجل الأعمال الأميركي اليهودي آنف الذكر شيلدون بعمل دعاية إنتخابية لترامب عبر صحيفة إسرائيل اليوم، أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً. rلكن ذلك كله لم يشفع لترامب، فملف فضائحه جاهز للإشهار والكشف عنه وقت اللزوم.

إذ لم يتوانَ الإعلام الأمريكي- المسيطر عليه من قبل اللوبي اليهودي - عن الخوض في العلاقةالجنسية لزوجته ميلانيا مع حارسه الشخصي ، كما نشرت الكثير من الصور التي تظهرها وهي عارية .

و أكثر من ذلك النبش في ماضي ترامب وبداياته كرجل أعمال ، و التشكيك في مصادر أمواله الطائلة مع التلميح للطرق الملتوية التي سلكها في جني تلك الثروة من خلال علاقته مع عصابات المافيا وإتجاره بالمخدرات. أما فيما يتعلق بالجانب االأخلاقي والسلوكي فهو مهووس جنس ومغتصب وذلك موثق في محاضر الشرطة الأمريكية . كذلك فإن سيل التصريحات العنصرية التي تلفظ بها في الحفظ والصون لحين الطلب.rفي الحقيقة ، يخطئ كل من يظن أن أي من كلينتون أو ترامب ذو فكر مناوء ومناهض لفكر أسلافهم من الرؤساء الأمريكيين السابقين أو أن له رؤية جديدة مختلفة من شأنها أن تؤدي إلى تغييرٍ جذريٍ في سياسة الولايات المتحدة الخارجية ، التي انتهجتها على مر العصور. و عليه أن لا يتأمل بأن تغييراً ما سيحدث في تعاطيها مع قضايا العرب و بالأخص القضية الفلسطينية . فأمريكا تُحكم من وراء الكواليس ، و ما القادة والسياسيون إلا ممثلين يؤدوون الدور المنوط بهم بحرفيةٍ و إتقان.

لذلك علينا أن لا ننساق وراء مشاعرنا و تمنياتنا و آمالنا بأن نكون متفائلين ، و أن لا نغرق في النظر بسوداوية إلى الأمور فنكون متشائمين ، و لنكون أكثر منطقية علينا أن نكن متشائلين..!rأنس حبوس - عضو اتحاد الصحفيين

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=90&id=73543