Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 20 نيسان 2024   الساعة 17:48:08
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
التكفيريون العائدون الذين يهدّدون تونس

دام برس :

أسئلة كثيرة طرحت واتهامات كثيرة توجّهت للترويكا الحاكمة بتسهيل سفر الشباب إلى الحرب مع التكفيريين في سوريا والعراق وليبيا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال السماح بتنقّلهم عبر الحدود، لكن لا تزال تلك الفترة غامِضة بالنظر إلى شحّ المعلومات المتوافرة. اليوم تأتي الدراسة التي أعدّها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى لتكشف نقاطاً عديدة في هذا الشأن أبرزها العدد الحقيقي للتونسيين في الحرب التكفيرية وما هو موقع التونسيين في التنظيمات الإرهابية.

في 08 أيلول / سبتمبر أيلول الماضي نشرت واشنطن بوست تقريراً أكّدت فيه أن التهديد الإرهابي لا يزال مُحيطاً بتونس رغم النجاحات الأمنية التي حقّقتها القوات العسكرية، وأن هذا التهديد يأتي من داخل تونس وليس من العائدين من الحرب بعد هزيمة "داعش". التقرير أكّد أن أكثر من 5500 شخص سافروا في السنوات الأخيرة إلى العراق وليبيا وسوريا للانضمام إلى ما يُعرَف بتنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، لكن تقرير معهد واشنطن للشرق الأدنى أتى ليوضح الصورة أكثر.

التقرير الذي أعدّه أرون زيلين وهو باحث في الجماعات الجهادية وله العديد من البحوث أهمّها "إيديولوجيا تنظيم الدولة الإرهابية،  الذي صدر في 10 ك1 / ديسمبر  أعطى مسحة تاريخية عن تاريخ  التونسيين في ساحات الجهاد العالمي، فمثلاً ما يُقارب من 1.7 بالمائة من الذي قُتِلوا في العراق خلال العمليات العسكرية في الفترة الممتدة بين 2003 و2005 هم تونسيون. وأن التونسيين كانوا بين الجنسيات العشر الأولى في الانضمام للتنظيمات الإرهابية سنة 2005. بعد 2011 وإلى غاية 2017 أكثر من 30 ألف تونسي  حاولوا السفر إلى الحرب نجح منهم 2900 شخص  حتى نيسان / أبريل 2017 أيّ أقل من الأرقام المتداولة. و يرجع أرون زيلين هذا العدد المرتفع للمقاتلين إلى اعتماد الحكومة التونسية الحوار عوض القمع سنة 2011، ما فتح فسحة من الحرية لتنظيم أنصار الشريعة (أحد التنظيمات الإسلامية التي كانت تنشط بحرية في تونس)  لممارسة نشاطه من دون مضايقات. لكن تصنيفه كتنظيم إرهابي في العام 2013 دفع بالكثير من أتباعه إلى الالتحاق بداعش والقاعدة، حيث بلغ عدد الملتحقين في الفترة ما بين آب / أغسطس 2013 ونهاية 2014 حوالي 2100 شخص، وهذا التدفّق تزامنَ مع ظهور "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق "قبل أن يعلن الخلافة في 2014. كما سلّطت الدراسة الضوء على المقاتلات التونسيات من خلال ما سمّي بـلواء الخنساء"، والذي أسّسته تونسية تُدعى أمّ ريان.

التقرير الذي أصدره الكاتب بكلمة لأحد مقاتلي "داعش" الإرهابي و يُدعى أبو خالد يقول " على تونس أن تفتح سفارة في الرقّة و ليس دمشق، هنا يوجد المواطنون"، كتعبير عن كثافة المقاتلين التونسيين في تنظيم داعش الإرهابي قدّمه السفير الأميركي السابق بتونس  جاكوب والس والذي أكّد أن العفو  التشريعي الذي تمّ إقراره سنة 2011 كان سبب إطلاق سراح العديد من المقاتلين، كما تحدّث السفير السابق عن تساهُل حكومة الترويكا مع الأنشطة الجهادية وينقسم ردّ فعل الحكومات إلى 4 مراحل:

المرحلة الأولى من 2011 إلى أيلول / سبتمبر  2012: مرحلة التسامُح  والسماح لـ"أنصار الشريعة"وغيرها من الجماعات التكفيرية بتنظيم صفوفها علناً وإرسال المقاتلين إلى سوريا.

المرحلة الثانية من 2012 إلى 2014: مرحلة إدراك الحكومة للخطر الذي يتهدّد الدولة بعد تنفيذ عمليات إرهابية متنوّعة واغتيال شخصيّتين سياسيّتين بارزتين وهما "شكري بالعيد" و"محمّد البراهمي".

المرحلة الثالثة وهي في سنتي 2014 ــ 2015: مرحلة تعزيز التعاون مع الدول المجاورة والقوى الاقليمية والبداية بتحقيق نجاحات.

المرحلة الرابعة تمتد من 2015 حتى الآن: تشهد تحوّل التركيز نحو المقاتلين العائدين، مع بروز جدال علَني بين التونسيين حول كيفية التعامل معهم، كما يضيف السفير  إن الحكومة قادرة على التعرّف على العائدين عند المعابر الحدودية الرسمية، لكنها لا تمتلك خطة بشأن ما يجب فعله حالما يتمّ تحديد هويّتهم، كما تفتقر قواتها الأمنية إلى الوسائل اللازمة لمراقبتهم...

مصير العائدين أثار جدلاً كبيراً في تونس وحرّك مسيرات كثيرة أمام البرلمان رفضاً لعودة الإرهابيين إلى تونس، لكن كيف ستواجه تونس هذا المدّ خاصة بعد أن تأكّدت عودة أكثر من 800 إرهابي من سوريا والعراق. المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية أعدّ دراسة قبل شهرين حول العائدين من بؤر التوتّر، دراسة ميدانية قامت على مجموعة مقابلات مع أكثر من 85 إرهابياً عادوا من بؤر التوتّر وهم في السجون التونسية حالياً بهدف التعرّف على الأسباب الحقيقية التي دفعتهم للانضمام للجماعات الإرهابية.

أفاد ناجي جلول مدير المعهد بأنّ هذه الدراسة سعت بالأساس إلى الوقوف على أسباب تحّول عدد كبير من الشباب من مواطن عادي إلى إرهابي ومجرم، مُضيفاً بأنّ نسبة 74 بالمائة منهم هم غير متزوّجين يعانون مشكلة في الاستقرار، علاوة على أنّ عدداً كبيراً منهم انقطع عن التعليم بصفة مُبكرّة، حيث أنّ 87 بالمائة منهم لم يتجاوزا المرحلة الثانوية في تعليمهم، وأغلبهم ينتمون إلى أوساط اجتماعية فقيرة ومهمّشة. لكن الدراسة لم تتطرّق لا من قريب ولا من بعيد عن كيفية التعامل معهم في حال عادت أعداد كبيرة منهم كما لم تقترح أية استراتيجية للتعامل معهم.

يؤكّد خبراء أن التونسيين كانوا من أول الجنسيات التي التحقت بالتنظيم الإرهابي داعش، ما مكّنهم من الفوز بمواقع هامة، ما يزيد أكثر من مخاوف عودتهم نظراً إلى اكتسابهم الخبرة العسكرية، ويفيد تقرير معهد واشنطن للشرق الأدنى أن أبرز المواقع التي شغلها التونسيون في التنظيم، كان مسك جهاز الأمن الخارجي له، أو الاستعلامات، التي أشرف عليها أبو عبد الرحمان التونسي، الذي شغل أيضاً خطة أمير الرقة، كما نشط التونسيون في ديوان الحسبة، جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأيضاً في الأعمال الإدارية بل وفي المشاريع الحربية التي أطلقها التنظيم ومنها مشروع الطائرات من دون طيّار، حيث يبرز إسم فاضل مينسي المكنّى بأبو يسري التونسي كأحد مطوّري هذا المشروع.

قبل أسبوعين تمكّن أكثر من 10 إرهابيين من الدخول في وضح النهار إلى مدينة سبيبة وسط غرب تونس و السطو على أحد الفروع البنكيّة، واستولوا مع مبلغ أكثر من 100 ألف دولار ثم قتلوا أحد المواطنين و عادوا من حيث أتوا، عملية استعراضية بامتياز دامت أكثر من 40 دقيقة من دون تدخل أمني يُذكر ما يثبت التردّي الأمني الذي تعيشه المناطق الحدودية، هذا في ما يتعلق بالخطر المتأتي من الداخل أضافة إلى الخطر الخارجي الذي تمثله عودة 2900 إرهابي وهم يجيدون استعمال الأسلحة بجميع أنواعها، فالخطر الخارجي قد يدعم الخطر الداخلي إذا لم يتمّ التعجيل بإيجاد خريطة طريق للتعامل معهم.

 عبد السلام هرشي
كاتب وصحافي تونسي

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz