دام برس - بتول ربيع :
عاد أيلول وعادت أجراس مدارسه لتقرع، ولأول مرة ينتظر الأطفال هذا اليوم على أحر من الجمر على غير عادة، فالأطفال عادةً كان يتكبدهم الحزن قبيل بدأ الفصل الدراسي الجديد لأنهم سيفتقدون اللهو على مدار اليوم وسيفتقدون أكثر الذهاب إلى الحدائق العامة وإلى الأسواق، أما الآن فهم سعيدون بقدوم المدارس على الرغم من أن أغلبهم لم يتمكن من شراء حتى حقيبة جديدة فكثير منهم اكتفى بترقيع وتصليح حقيبة العام السابق بسبب ضيق الحال وغلاء الأسعار الذي نهش جيوب المواطنين، أطفال سورية اشتاقوا الخروج من البيت في ظل أزمة الوطن، اشتاقوا إلى كلمة صديق بعد أن فقدوا أغلب أصدقائهم فلم يعد أحداً من أولاد الجيران موجود ليلعبوا معه صباحاَ، فأغلبهم ان لم يكن جميعهم ذهبوا.. منهم من انتقل مع والديه إلى حي أخر يخلو من الاشتباكات الساخنة ليكن ليس بمأمن بل على الأقل بأقل خطر ممكن ومنهم من هاجرت عائلته إلى بلد آخر خوفاً من رائحة الموت التي يمكن أن تطال أي فرد من أفراد الأسرة و في أي لحظة..
أطفال تملئهم السعادة :
اليوم الأول في مدرسة ابن الجبير الأندلسي كأي يومٍ في أي مدرسة من مدارس سورية تشرق عليه ضحكات الأطفال، فهم سعيدين جدا بالعودة إلى المدرسة فهي الآن باتت المتنفس الوحيد لهم والمنفذ للتواصل بين بعضهم البعض بعد طول انقطاع عن أصدقائهم وبعد أمضوا أياماً لاتعد ولا تحصى في المنزل بسبب خوف الأهالي من لعبهم خارج المنزل بظل هذه الأزمة..
ارتفاع كميات الكتب المدورة بالمدرسة :
سورية عاهدت أبنائها أن تنير دربهم بالعلم دون أن تفرق بين غني وفقير، فسورية من الدول العربية القلائل التي تكفلت بالتعليم المجاني لأبنائها لترفع من سوية شعبها التعليمية، وعلى الرغم من الأزمة التي تعاني منها سورية على جميع الأصعدة والذي يأتي من أهمها الحصار الاقتصادي لكنها بقت تعلم أبنائها بشكل مجاني وواصلت توزيع الكتب المدرسية إلى كافة المدارس و في جميع المحافظات، وعن هذا الموضوع تحدثنا لمديرة مدرسة ابن الجبير الأندلسي السيدة ’’هويدا المرستاني ’’فقالت: لقد تم توزيع الكتب المدرسية الجديدة على المدارس من قبل وزارة التربية كما جرت العادة ولم يلاحظ أي تقصير بالموضوع ، بل على العكس لقد بذلت الوزارة جهودا جبارة بهذا الشأن فعلى الرغم مما واجهته من صعوبات بسبب الأعمال التخريبية التي طالت مستودعات الكتب المدرسية لكنها كثفت جهودها لتلافي هذا النقص الذي أصاب مستودعاتها، ولكن ذلك أدى إلى ارتفاع أعداد الكتب المدرسية المدورة من السنوات السابقة بالنسبة للكتب المدرسية الجديدة وكما أشارت السيدة هويدا هذا سيؤدي ظهور مشكلة عند الأطفال ممن هم غير مجتهدين دراسياً لأنهم سيعتمدون على أن هذه الكتب ستكون في أغلب الأحيان محلولة من قبل طلبة السنوات السابقة وباللون الأزرق بحكم أن الأطفال لا يلتزمون بتوجيهات معلميهم بأن يكتبوا بقلم الرصاص حصراً،وهذا سيؤدي إلى تراجع مستواهم التعليمي لأنهم لن يحلوا أية واجبات مدرسية، لذلك اقترحت السيدة هويدا بأن يوزع كتب جديدة عوضاً عن الكتب المدورة والاستفادة من الكتب القديمة في إعادة تصنيع الورق..
تساهلات لأكبر الحدود مع المهجرين..
أكدت السيدة هويدا المرستاني ، بأن جميع المدارس بكافة مراحلها الدراسية تلقت تعليمات عليا من وزارة التربية بتقديم أقصى أنواع التسهيلات مع الأطفال المهجرين وذلك بعدم الزامهم بارتداء اللباس المدرسي الرسمي بحيث لهم الخيار بأن يلبسوا ما لديهم من ثياب عادية ولكن مما يناسب ذهابهم إلى المدرسة، وكما أوضحت أن هناك تسهيلات عديدة بالنسبة للأطفال المهجرين من مناطقهم الذين لم يتمكنوا من العودة إلى مناطقهم لإحضار ملفاتهم الدراسية من مدارسهم بسبب سوء الأوضاع الأمنية بحيث أوجدت وزارة التربية مراكزاً عديدة ليتم سحب وثائق رسمية منها ليستطيع الطلاب المهجرين التسجيل بمدارس جديدة، وكل مركز من هذه المراكز يكون قريب من المنطقة التي كانوا يقطنوها..
دورات دراسية مجانية لكافة الطلاب المهجرين..
لقد أقامت وزارة التربية دورات مجانية لطلاب جميع المراحل التعليمية الذين لم يستطيعوا الدوام في مدارسهم بسبب الاشتباكات الحاصلة في مناطقهم ولقد تم إجراء امتحانات رسمية لهم في مراكز عدة وسلموا شهادات تثبت اجتيازهم هذه الامتحانات وبالتالي ترفعهم للسنة الدراسية الأعلى..
الإرشاد النفسي بمدارسنا موجود وبقوة..
بالحديث مع المرشدة النفسية الأنسة يسرى كنعان أوضحت أن دور الإرشاد النفسي مهم جداً في ظل الغمامة السوداء التي يمر بها الطفل الذي هجر من بيته وفقد أصدقائه ،فيأتي دور المرشدة النفسية بالقيام بعدى نشاطات ترفيهية للأطفال مثل إقامة مسرحيات بين الحين والآخر لأطفال المدارس ولمحاولة إلهاء تفكيرهم عما يحدث بالوطن فكل ما يروه على مدار اليوم من أخبار على شاشات التلفزة يخدش طفولتهم..
أطفال يتكلمون عن يومهم الدراسي الأول..
لقد أجمع الأطفال الذين قابلناهم في هذه المدرسة على مدى سعادتهم بقدوم المدرسة لأنه ملوا من البقاء في البيت واشتاقوا للعبهم مع بعضهم البعض..
تصوير :تغريد محمد