دام برس :
بعد أن حزم الأمريكي حقائبه في الشرق السوري تمهيداً للانسحاب، صدر القرار المفاجئ من واشنطن، أعد أيها المارينز حقائبك وعتادك، واسترخي يا ضابط السي آي إيه في بيت على ناصية الصحراء السورية، فالعودة إلى أرض الأحلام الآن ممنوعة، لأن الأموال باتت مدفوعة.
هكذا هي سياسة الأمريكي، متغيرة كألوان حرباء، في أية لحظة تفتح بازاراً ومقامرة، مائة مليون دولار سعودية مع تعهد أوروبي بدفع 300 مليون أخرى كانت كفيلة بثني قرار لورقة قرار الانسحاب من سورية، يُضاف إلى ذلك ضغط اللوبي الإسرائيلي على البيت الأبيض ومراكز القرار الأمريكي بإقناع ترامب عدم الانسحاب حالياً قبل ضمان انسحاب صانعي السجاد التبريزي، وهو ما أعلنته لاحقاً وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها، حيث قالت إن عدم انسحاب جنودها لا يهدف فقط لهزيمة "داعش نهائياً" بل أيضاً لضمان الانسحاب الإيراني من الأرض السورية.
الأمريكيون أعلنوا أن ترامب أعلم الرئيس بوتين بأمر البقاء، روجت واشنطن بأن توتر علاقتها مع أنقرة لم ولن يؤثر على عملية منبج، فيما يحضر الجيش السوري أكبر حشد عسكري لمعركة إدلب، والعنوان الكبير للمرحلة القادمة في الشمال معركة حافة الجحيم وكسر العظام.
قيام روسيا باتهام أطراف غربية وعربية لم تحددها بدعم الإرهابيين تكنولوجياً بطائرات مسيرة متطورة تغير مهم في المشهد الميداني، ويشير إلى أن الأمريكي وحلفائه مصممون على إعادة ترتيب أوراقهم لما تبقى من ميدان يمكنهم المناورة فيه الشرق والشمال مثالاً، هذا أيضاً يعني بأن الروسي سيزيد من التأهب وسيفهم بأن قضية التسويات والتفاهمات ستحددها بنادق الجنود السوريين المسندين جوياً من الحليف السوفييتي.
قيام "إسرائيل" باعتداءات متتالية، واتهام قطر لدمشق بانتهاك حقوق الإنسان، وجنون السعودية في اليمن، وتقديمها ملايين الدولارات لدعم التحالف الدولي في سورية، مع اقتراب إطلاق ملاك الموت صافرة بداية معركة ادلب، كل تلك الأسباب غيرت من مجرى المشهد العسكري والسياسي.
الجيش السوري عازم على فتح عملية عسكرية لا مثيل لها في المشال تمت من حلب إلى حماة وريف اللاذقية الشمالي، وبحسب ما أعلنت وسائل إعلام سورية وفقاً لمصادر عسكرية، فإن كمية النيران والذخيرة المحضرة لتلك العملية تفوق أي عملية خاضها الجيش خلال فترة الحرب، بمعنى آخر سيكون ملائكة الموت مشغولون بانتزاع الأرواح الملعونة وسوقها إلى مصيرها.
معركة إدلب أربكت الأمريكي والتركي، تحاول واشنطن إعادة الأكراد إلى حضنها كورقة ضغط وابتزاز بالوكالة تُستعمل مع التركي والسوري في آن واحد، توسيع لمطار الشدادة في الرقة وتحضيرات في المناطق المحاذية للقواعد العسكرية، أما تركيا ووفقاً لتسريبات فقد باتت في مرحلة تنفيذ عملية تهريب قيادات من النصرة وبعض قادة الميليشيات المهمين بالنسبة لها، وهم جميعاً غير سوريين، علّ أنقرة تستفيد منهم في ابتزاز الأوروبي الخائف من عودة هؤلاء في المرحلة القادمة.
أيضاً فإن إعلان واشنطن وقف مبلغ 230 مليون دولار كمساعدات وتحويلها لموضع آخر، دلالة على أن التحضيرات قائمة من قبل واشنطن من أجل ترتيب تمركزها في الشرق السوري، إن لم تستطع واشنطن تغيير القيادة السورية، ولم ينجح رهانها على العصابات المسلحة في السيطرة على أكبر رقة جغرافية، فلم لا تحتفظ أمريكا برقعة هامة في أقصى الشرق السوري المتاخم للعراق، رهان واشنطن على المسلحين كان كرهان على حمار عجوز في سباق للخيول الأصيلة، فقررت الدخول بنفسها إلى هذا السباق بثور أمريكي هائج، لكن على رأس قطيع من الحمير التي تحمل أسفاراً ولا تعلم أين تذهب.