دام برس :

من جديد يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فصول حربه التجارية التي افتعلها قبل أشهر مع الصين التي تملك ثاني أكبر اقتصاد في العالم وذلك في إطار سياسة العقوبات والحمائية التجارية التي تمارسها وتنتهجها إدارته ضد الدول المستقلة حول العالم والتى لا تسير وفق نهج إدارة البيت الأبيض.

ويحاول ترامب ابتزاز الصين قبل لقائه المقرر مع نظيره الصيني شي جين بينغ هذا الأسبوع على هامش قمة العشرين في الأرجنتين بالتهديد بتوسيع قائمة الرسوم على المنتجات والبضائع الصينية في حال عدم التوصل إلى اتفاق خلال اللقاء.

ترامب أعلن في تصريحات نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أنه إذا لم يتم التوصل لاتفاق فإنه سيضيف رسوما على بضائع صينية تقدر بقيمة 267 مليار دولار في إشارة إلى الواردات الصينية المتبقية التى لم تشملها الرسوم بعد والتي تضاف إلى مئات أصناف البضائع التي فرض عليها رسوما جائرة في وقت سابق هذا العام.

وردا على التهديد الأمريكي أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جين شوانغ اليوم أن بلاده تعتزم الاستمرار بالدفاع بقوة عن حقوقها ومصالحها مبديا استعداد بكين في الوقت ذاته لإجراء حوار نزيه ومتساو مع الولايات المتحدة لحل النزاعات التجارية.

وقال المتحدث الصيني: “لقد أكدنا مرارا أن التعاون التجاري والاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة مفيد للطرفين بطبيعته ونحن مستعدون لحل التناقضات القائمة مع الجانب الأمريكي من خلال المفاوضات على أساس المساواة والصدق والأمانة” معربا عن الأمل في أن تعمل الولايات المتحدة مع الجانب الصيني لتحقيق نتائج إيجابية خلال قمة الرئيسين الصيني والأمريكي في الأرجنتين.

التهديد الأمريكي الجديد ياتي بعد أن شهدت العلاقات التجارية بين الصين وأمريكا خلال الأشهر الماضية توترا شديدا بدات أولى محطاته في تموز الماضي عندما فرض ترامب رسوما على واردات وبضائع صينية تقدر قيمتها ب34 مليار دولار ثم اتبعها بعد ذلك بقائمة جديدة من البضائع تبلغ قيمتها 16 مليار دولار إلى أن أعلن في أيلول الماضي عن فرض رسوم على بضائع وسلع صينية بقيمة 200 مليار دولار وذلك في محاولات يائسة للضغط على بكين لتقديم تنازلات تجارية غير قانونية.

الصين وعلى لسان العديد من مسؤوليها انتقدت بشدة هذه الخطوات الأمريكية العدائية معتبرة أنها تهدف إلى فرض الهيمنة والسيطرة على الاقتصاد الصيني والتضييق على الصادرات الصينية إلى أمريكا فيما ردت وزارة التجارة الصينية على تلك الإجراءات بفرض رسوم مماثلة كما دعت بكين الجانب الأمريكي أكثر من مرة إلى العودة إلى السياسة العقلانية في علاقاته التجارية معها وطالبت بالغاء تلك الرسوم إلا أن الأمريكيين رفضوا الانصياع لتلك المطالب واستمروا في التصعيد التجاري مع بكين.

الصين التي تعد من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في آسيا لم تكن الوحيدة المستهدفة بالحرب التجارية التي أشعلها ترامب فقد كان الكثير من الدول في الاتحاد الأوروبي إضافة إلى كندا والمكسيك ودول أخرى ضحية تلك الحرب عندما فرض ترامب في وقت سابق هذا العام رسوما بنسبة 25 بالمئة و10 بالمئة على واردات بلاده من منتجات تلك الدول من مادتي الصلب والألمنيوم وهو وما لاقى انتقادات ورفضا على نطاق واسع في الأوساط التجارية العالمية.

الإجراءات التجارية الأمريكية المجحفة فرضت ظلالها على قمة الدول الصناعية السبع الكبرى التي عقدت في كندا في حزيران الماضي حيث رفضت الكثير من الدول تلك الرسوم فيما وصفها رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو بأنها إهانة كما ندد الأوروبيون بها وقرروا فرض رسوم على بضائع ومنتجات أمريكية.

قرارات ترامب على الصعيد التجاري العالمي لا يمكن فصلها عن قراراته ومواقفه التصعيدية بالداخل الأمريكي بما فيها قراراته المتعلقة بالهجرة والتمييز العنصري وعدم مواجهة ظاهرة انتشار السلاح في المجتمع الأمريكي ويضاف إلى ذلك مواقفه على المستوى الدولي ومنها وصفه بعض الدول التي ياتي منها المهاجرون بـ “الحثالة” وكذلك قراراته بالانسحاب من الاتفاقيات الدولية كاتفاقية باريس للمناخ واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادىء والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني ومن منظمة اليونيسكو ووقف مساهمات بلاده في تمويل الأونروا وكذلك تهديداته بالخروج من منظمة التجارة العالمية.

ان حصيلة سياسات ترامب السلبية خلال نحو عامين من حكمه انعكست على شعبيته التي تعد الأدنى لرئيس أمريكي وهو ما ظهر جليا أيضا في انتخابات الكونغرس مؤخرا حيث مني الحزب الجمهوري الذي يتزعمه ترامب بخسارة كبيرة في مجلس النواب وهو ما سيمكن الديمقراطيون من المشاركة الفعالة في السياسات التشريعية الأمريكية خلال العامين المتبقيين لولاية ترامب إضافة إلى إمكانية المطالبة بعزله من الحكم.