Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 22:16:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الرسوم الجمركية أداة اقتصادية يجب تفعيلها
دام برس : دام برس | الرسوم الجمركية أداة اقتصادية يجب تفعيلها

دام برس:

تعد الرسوم الجمركية إحدى الأدوات الاقتصادية التي تستخدمها الدولة لتحقيق مجموعة من الأهداف، كدعم خزينة الدولة وحماية الصناعة المحلية من المنافسة الأجنبية. ويعرّف الرسم الجمركي بأنه (مبلغ من المال يؤديه المكلف للدولة أصولاً لقاء المنفعة التي يجنيها من استيراده أو تصديره لبضائع معينة). وبمعنى آخر الرسوم الجمركية هي إحدى الأدوات التنفيذية الهامة في تطبيق السياسات المالية الحكومية بما يصون ويحقق حماية الاقتصاد الوطني وتنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة، ويسهم في تحقيق التنمية القومية ودعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهنا تبرز العلاقة الوثيقة بين التنمية والرسوم الجمركية، إذ إن الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم المالية والضرائب التي تستوفيها إدارة الجمارك تشكّل القسم الأكبر من إيرادات الخزينة العامة، التي تستخدمها الحكومات في تحريك الاقتصاد الوطني وتمويل المشاريع، إضافة إلى حماية المنتج الوطني من المنافسة الأجنبية، وتعزيز اعتبارات الأمن القومي والتصدي لعمليات تهريب البضائع (الصادرة والواردة) من البلاد وإليها، عبر المنافذ الجمركية المختلفة البرية والبحرية والجوية، والحماية من نقل المواد الممنوعة والضارة ومراقبة عبور السلع والأفراد، إضافة إلى مساهمتها في تقليل نسب التضخم، وبمعنى آخر تنعكس السياسات الجمركية انعكاساً مباشراً أو غير مباشر على حياة المواطنين.
ولهذا تلجأ الدول إلى سياسات مختلفة في تحديد التعرفة الجمركية وفقاً للغرض منها، فمثلاً التعرفة التي تُفْرض لتحد من الواردات تسمى تعرفة الحماية، وتلك التي تُفرض لزيادة إيرادات الحكومة تسمى تعريفة إيرادية، كما يمكن أن تُصنف التعرفة الجمركية وفقاً للطريقة التي تُفرض بها، فالتعرفة النوعية تحسب طبقاً لوزن المنتج أو حجمه، فعلى سبيل المثال ربما تفرض حكومة ما تعرفة نوعية على منتج بمعدل مئة ليرة على الكيلوغرام أو 25 ليرة على اللتر الواحد. أما التعريفة القيميَّة فتفرض كنسبة مئوية من قيمة المنتج، كأن تنطبق بنسبة 5% مثلاً على سلعة معينة، وبالتالي فالتعرفة الجمركية تختلف من سلعة إلى أخرى حسب حاجة البلد لها من جهة، والعلاقات التجارية مع البلد المستورد منه أو المصدر إليه من جهة أخرى، ففي سورية مثلاً لعبت اتفاقية منطقة التجارة الحرة مع تركيا دوراً سلبياً بالنسبة للصناعة السورية، إذ دفعت العديد من الورش للإغلاق وأجبرت الكثير من الصناعيين على ترك معاملهم والتحول إلى التجارة.
فالتعرفة الجمركية أداة اقتصادية تنسجم مع السياسات الاقتصادية المطبقة في البلد، وفي سورية تشرف الإدارة العامة للجمارك على هذه العمليات وتساهم في رسم السياسات، ولكن على الرغم مما ذكر عن أهمية الجمارك إلا أنها في سورية تواجه العديد من المشاكل التي تعوق مساهمتها المأمولة في الاقتصاد الوطني، وأهم هذه المشاكل الفساد الجمركي الذي كانت له تبعات على مجمل الاقتصاد السوري والمواطن السوري. وممّا عزز سطوة الفساد في جهاز الجمارك السياساتُ التي انتهجتها الحكومات السابقة، فقد حابت الرأسمال على حساب السواد الأعظم من المواطنين، فزادت معدلات التهرب الجمركي على الرغم من دوره في رفد الخزينة العامة للدولة بالقطع الأجنبي، مع الإشارة إلى نوعين من التهرب: الأول يشمل المواد المستوردة التي يتم تسجيلها ولكن بعد التلاعب بفواتير المنشأ والأسعار وخلافه هرباً من التعرفة المرتفعة لعدد من المستوردات وإدخالها على اعتبارها منتجات أخرى منخفضة التعرفة الجمركية، وهو ما أكده المدير العام للجمارك مجدي الحكمية في تصريح سابق قائلاً: (إن التعرفة الجمركية مشوهة وتحمل بين طياتها مجالات عديدة لارتكاب الأخطاء والتواطؤ بقصد أو غير قصد).
أما النوع الآخر فهو إدخال مواد مهربة بطرق غير نظامية، وهذه تصل قيمتها دون شك إلى أضعاف قيمة التهرب النظامي، الأمر الذي كان له دور كبير في الأوضاع الراهنة التي تمر بها سورية، فقد دخلت كميات كبيرة من السلاح عبر عدد من النقاط الحدودية لقاء مبالغ طائلة من الأموال قبضها موظفون، فقتلوا بجشعهم مواطنين سوريين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى بلغت إيرادات الجمارك السورية العام الماضي 53 مليار ليرة سورية، بينما كانت في العام 2010 نحو 89 ملياراً، وحسب أرقام المديرية العامة للجمارك انخفضت الإيرادات الجمركية حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي إلى 37.38مليار ليرة، مقابل 46 ملياراً للفترة نفسها من عام2012 و68 ملياراً للفترة نفسها من عام 2011.
إن الأرقام السابقة تطرح العديد من التساؤلات وإشارات الاستفهام، ولكنها تشير أيضاً إلى حجم التلاعب والتهرب في تحصيل الرسوم، وما يسببانه من خسائر كبيرة للدولة تؤدي لذهاب الأموال إلى حسابات حفنة من المنتفعين في جهاز الجمارك وبعض المتعاملين معهم من التجار على حد سواء.
وإلى جانب كل السلبيات الداخلية في الجمارك، فإن الأزمة الراهنة أثرت على نشاط الجمارك ودوائرها، فعلى سبيل المثال خرجت من الخدمة عدة أمانات جمركية نتيجة فقدان السيطرة عليها،كالأمانات الجمركية المحاذية للحدود السياسية مع تركيا، فقد كان يرد عن طريق هذه الأمانات سلع تركية وأوربية مستوردة براً وكانت الرسوم المستوفاة عنها تشكل حصيلة هامة، في حين أن هذه البضائع التي تمر اليوم عبر الحدود التركية تهريباً، علاوة على أن معظم ما تستورد سورية حالياً يرد من الدول التي تربطنا بها اتفاقيات تجارية مثل إيران وروسيا، برسوم مخفضة أو معفاة.
إن كل ذلك يتطلب مكافحة الفساد ضمن مديرية الجمارك ومحاربة التهريب بأنواعه، لأهمية ذلك في الحفاظ على الاقتصاد الوطني ورفد الخزينة العامة للدولة بالقطع الأجنبي، والعمل على تحسين وسائل تحصيل الإيرادات في المراكز الجمركية، مع الإشارة إلى أن تكثيف رقابة دوريات الضابطة الجمركية ليس الحل فقط، إنما الأمر يتطلب أيضاً تحديث العديد من القوانين، والتأكيد على ضرورة الاهتمام بتطوير الكوادر الوطنية ليكونوا قادرين على تغيير النمط والتفكير السابق، وإضافة ثقافة جمركية تسهم في تأمين الاقتصاد الوطني وحماية موارد الدولة من الهدر غير المنضبط والفساد المتفشي.. فهل يتحقق ذلك أم أن القضاء على الفساد والتهرب والتلاعب أماني صعبة المنال في الجمارك السورية..؟!

علاء أوسي

الوسوم (Tags)
اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz