Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 20 نيسان 2024   الساعة 11:29:41
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
هل نحرك عملية الإنتاج الصناعي قبل إصلاح السياسات ؟! بقلم : علاء أوسي

دام برس:

أشارت اللجنة التي شكلها وزير الصناعة إلى جملة من الأوَّليات المطلوبة لتنشيط القطاع الصناعي في مرحلة ما بعد الأزمة، أهمها تأسيس صندوق مالي لإعادة تأهيل الصناعة مع وضع سياسات خاصة به منفصلة عن سياسة لجنة إعادة الإعمار التابعة للحكومة، بحيث يُوجّه 60% من الموازنة الاستثمارية للحكومة إلى إنجاز تشاركية مع القطاع الخاص وتنفيذ إصلاح وتأهيل البنى التحتية والخدمات اللازمة. إضافة إلى توجيه وتحفيز المصارف الخاصة على تمويل الصناعيين، ومنح الإعفاءات من جميع الضرائب والرسوم، وإعطاء مزايا وتسهيلات لتمكن أصحاب المنشآت من إقامة مشاريعهم أو توسيعها أو تطويرها، وإعفاء المشاريع من الضرائب لمدة محدودة، ووضع ضوابط على المستوردات التي لها مثيل بالإنتاج المحلي مع وضع تصورات أولية وفق أوَّليات محددة لإعادة بناء الصناعة السورية وتأهيلها وتقديم الدعم والتسهيلات اللازمة للصناعيين نحو أسواق جديدة، والطلب من وزارتي الدفاع والداخلية تأسيس قوة مسلحة خاصة بحماية المراكز والمدن الصناعية والاقتصادية الاستراتيجية المهمة، وتشكيل مجموعة عمل قانونيين محليين وخبراء أجانب وإطلاق مؤتمر وطني لإعادة تأهيل الصناعة السورية.
لقد أتت مقترحات اللجنة في وقت خرجت فيه منشآت صناعية كثيرة من الإنتاج، نتيجة تدمير وحرق الأبنية وسرقتها، مع توقف منشآت أخرى عن العمل بسبب صعوبات النقل، إضافة إلى العقوبات المفروضة التي ولَّدت صعوبات ومعوقات كثيرة. ومن جهة أخرى أدى عدم استمرار أصحاب الأعمال بالمتابعة لإقامة مشروعاتهم وتطويرها إلى ضعف حجم الاستثمار، وفاقم معدلات البطالة إلى حدود باتت تنذر بكارثة اجتماعية. ناهيك بفقدان عدد من المواد الأولية نصف المصنعة المنتجة محلياً بسبب وجود المصانع المنتجة لها في مناطق ساخنة، ما أدى إلى تعطل المنشآت المعتمدة بتصنيعها على هذه المواد، مع توقف بعض المنشآت المعتمدة في تسويق منتجاتها على العقود الداخلية في القطاع العام. كما قامت بعض الشركات العالمية بقطع علاقاتها مع الشركات السورية التي كانت قد منحتها امتياز التصنيع المحلي.
وحسب التقرير السنوي لغرفة تجارة دمشق فإن الصناعة هي أحد القطاعات الأكثر تضرراً من الأزمة، على عكس ما يعتقده البعض بأن الأكثر تضرراً هو قطاع السياحة. والسبب أن قطاع السياحة في لحظة انتهاء الأزمة يمكن أن يعود إلى سابق عهده في فترة تتراوح بين شهر وستة أشهر. ولكن المصانع التي دمرت واليد العاملة التي سافر جزء منها خارج القطر، إضافة إلى سفر عدد من الرساميل وخاصة في مدينة حلب وريف دمشق، كل ذلك يؤكد أن قطاع الصناعة يحتاج إلى مجهود كبير لإعادة بنائه.
وعن ذلك قالت الباحثة الاقتصادية لينا ديب: إننا أمام واقع لا يخفي نفسه، من دمار شبه شامل للبنى التحتية للقطاع الصناعي بمختلف أنشطته وعلى مدار توزعه الجغرافي. وإعادة الإعمار وإن كان الحديث عنها مبكراً حالياً، إلا أنها مرحلة حتمية بعد مرور الأزمة السورية مهما طالت. فإذا افترضنا اقتراب انتهاء الأزمة وضرورة التخطيط للمرحلة التالية، فلابد من الإشادة بالاقتراح. فالعمل على التشاركية بين القطاع العام والخاص بنسبة مرتفعة تصل إلى60% هي عملية ضرورية على أن يكون العمل بأسلوب مدروس بواسطة تقسيم المشاريع الكبيرة إلى وحدات صغيرة، وتحويل كل وحدة إلى مشروع متوسط، بما يساهم في توظيف رساميل متفاوتة الحجم، وإعادة الثقة بجدية العمل على إعادة البناء بتسليم البلد إلى أبنائها بعيداً عن التمويل الخارجي). وعن مقترحات اللجنة أكدت الباحثة ديب أن جميع المقترحات التي تقدمت بها اللجنة مشروعة وإيجابية. وتساءلت: أليس الأحرى العمل على إصلاح القطاع الصناعي قبل إعادة بنائه، وخاصة أن حجم الأضرار المباشرة وغير المباشرة في المدن الصناعية السورية الأربعة الموزعة في المحافظات (دير الزور وحسياء وعدرا والشيخ نجار) وصلت إلى 190 مليار ليرة سورية؟ وأضافت: إننا لا نريد أن تعاد الإجراءات السابقة واللجان المشكلة التي لم تصدر قراراً يخدم القطاع الصناعي الوطني العام.
وأكدت أن المعالجة السليمة للأزمة التي تواجهها الصناعة السورية تتطلب اتخاذ الإجراءات الفورية، للمحافظة على استمرارية عمل المنشآت الصناعية التي لا تزال قائمة. وهو ما يحتاج إلى مساعدة المنتجين في القطاعين العام والخاص في المناطق الآمنة، على استئناف العملية الإنتاجية. فالإنتاج المتنوع هو الشرط الأساسي للدورة الاقتصادية، على أن تُدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والحرفية لاستيعابها عدداً كبيراً من العمالة.
وشددت على أن تراعي هذه الإجراءات معالجة آثار السياسات الاقتصادية المتسرعة التي اتخذت في السابق، دون أن يسبقها أو يترافق معها تنفيذ برامج مناسبة وفعالة لتأهيل القطاعات الإنتاجية الرئيسية في الاقتصاد السوري، وفي مقدمتها الصناعة. فمشكلة قطاع الصناعة السورية ليست وليدة الأزمة فقط، ولكنها تفاقمت مع الأزمة؛ بسبب عدم وجود استراتيجية صناعية واضحة، وضعف التواصل الفاعل بين الحكومة وصناعي القطاع الخاص. إضافة إلى حاجة المؤسسات العامة الصناعية التابعة للدولة، التي تشرف على 92 شركة إنتاجية عامة، إلى إعادة هيكلة جذرية.
كما أشارت الباحثة لينا ديب إلى ضرورة إعادة تفعيل برامج التطور الصناعي التي أُوقفت، مثل برنامج إصلاح القطاع الموجه للصناعات النسيجية، الذي أوقف بسبب الأضرار التي تعرضت لها الشركات المدروسة مثل الخماسية وغيرها، بذريعة عدم الجدوى من تخصيص مبالغ مالية لإصلاح الشركات الستة. وهو ما عدّته وزارة الصناعة هدراً، وفق ما ذكرت الباحثة ديب، مشددة أن يتم ذلك بالاعتماد على خبرات محلية، وذلك بواسطة خطط فورية لإصلاح القطاع العام كي تعاود مصانعه الإنتاج وتساهم في توفير احتياجات الوطن والمواطن، بدلاً من استيرادها من الخارج.
تعاني الصناعة اليوم كثيراً، ولا يخفى انعكاس الأزمة على عجلة الإنتاج. ولكن ما يهم الجميع الآن أن تدور هذه العجلة لتتمكن على الأقل من تغطية احتياجات السوق المحلية الأساسية. فقد يطول أمد الأزمة أو يقصر، هذه الأزمة التي أثبتت أن القطاع الصناعي العام ضرورة وحاجة وطنية لا يمكن الاستغناء عنه تحت أي عنوان.. وهو ما يتطلب الاهتمام بالبحث والتطوير العلمي في المجال الصناعي والارتقاء بمستوى التعليم، والتشديد على التقيد بالمواصفات القياسية ومتطلبات الأمان، مع وضوح الاستراتيجية والرؤية للقطاع الصناعي، لنتمكن فيما بعد من إيجاد مناخ جاذب لعودة الاستثمارات المحلية واستقطاب استثمارات أجنبية.

 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz