دام برس- غصوب عبود :

أكد المهندس عبد الرحمن قرنفلة الخبير في الإنتاج الحيواني أن التحولات التي طرأت على سياسات الحكومات السورية المتعاقبة تجاه تنمية وتطوير قطاع الدواجن ، شكلت عاملاً مهماً في تذبذب سنوي  لإنتاج القطاع وعدم استقراره ، حيث تراوحت تلك السياسات بين المد والجزر لتشكل موجات دفع يزدهر معها انتاج الدواجن وصادراتها ، لتعقبها موجات انحسار تسبب تدهوراً في أداء القطاع بشكل عام .

وأضاف قرنفلة أن أولى موجات الدفع انطلقت في بداية السبعينيات من القرن الماضي مترافقة بإحداث المؤسسة العامة للدواجن لتشكل مركزاً انتاجياً ارشادياً حول الطرق الفنية الحديثة في تربية ورعاية وإدارة الدواجن ، وعقب ذلك الصدمة الأولى التي تعرض لها منتجي الدواجن السوريين  بفعل تداعيات انتشار مرض انفلونزا الطيور حيث شهد القطاع انهياراً حاداً بأسعار مبيع منتجات الدجاج الى مادون التكلفة بشكل كبير وحالة الكساد التي رافقت هذا المشهد المروع ، وأدى الى خروج عدد كبير من المربين من حلقات الإنتاج بفعل فقدانهم رؤوس اموالهم مع غياب كامل لأي مساندة حكومية .

ومع بداية فتح اسواق خارجية لتصريف فائض انتاج القطر من بيض المائدة بدأت موجة انتعاش جديدة في حياة القطاع وشرع معها المنتجين بجني بعض الأرباح لتعويض خسائرهم ، إلا أن صفعة سريعة من وزارة الإقتصاد قضت على آمال المربين تمثلت بمنع تصدير فائض انتاج القطر من بيض المائدة ، لتتكرر ظاهرة كساد المادة وتدهور اسعارها وإلحاق خسائر فادحة بالمربين . وبعد مفاوضات قسرية مع الوزارة بدأت موجة جديدة من موجات كبح جماح تطور القطاع تمثلت بإلزام المنتجين الراغبين بتصدير فائض انتاج القطر من البيض بتسليم 10% من حجم صادراتهم الى المؤسسة العامة للخزن والتسويق وبسعر يقل عن السعر الرسمي السائد بالسوق بـ /18-25/ ليرة سورية لكل طبق بيض . كما تم حصر تصدير لحوم الفروج ببعض الشركات الإستثمارية التي تملك مسالخ حديثة .

وأكد قرنفلة أنه رغم ذلك تابع القطاع مسيرته مدفوعاً بنمو حجم الطلب على منتجاته ، إلا أن صدور قرار بفرض ضريبة تحت اسم / رسم الضميمة على واردات القطر من اعلاف الدواجن / ادى مرة اخرى الى عرقلة محاولات القطاع للنهوض ورفع تكاليف الإنتاج وتراجع حجم المبيعات وإلحاق خسائر اضافية بالمربين . وبعد فترة من الـتأرجح بين حالة الاستقرار وحالة عدم التوازن جاءت محاولة باهتة من الحكومة تمثلت بسعي وزارة الزراعة لمنح دعم مالي للمنتجين إلا أنه بعد اجتماعات مضنية بين المنتجين والوزارة والتوصل الى اتفاق حول افضل المتاح وفقاً لمقولة / حصوة بتسند جرة / كانت الصفعة برفض الحكومة منح دعم مالي والتوجه نحو منح دعم عيني لن يأتي ولوأد الفكرة من اساسها .

ومع ذلك تابع القطاع سيره بخطوات متثاقلة ومضطربة مترافقة باستغاثات المربين وسط ظروف الأزمة التي تعرض لها القطر والتي ارخت بظلالها على تبدل سعر صرف العملة المحلية وانعكاس ذلك على ارتفاع اسعار المواد العلفية وكافة مدخلات الإنتاج وانعكاس ذلك على ارتفاع اسعار المنتجات وتراجع الإنتاج و حجم المبيعات وتدهور الصادرات بشكل اقترب من التوقف النهائي مرة اخرى ليخرج عدد جديد من المربين من حلقات الإنتاج  وتتراجع الصادرات بشكل غير مألوف .

وأضاف قرنفلة أنه مع ترنح القطاع جاءت ضربة قوية جديدة لتحبط اي محاولة للنهوض بالقطاع من خلال وقف تمويل شركات القطاع الخاص ( العاملة في مجال استيراد حاجة الدواجن  من الاعلاف ) بالقطع الأجنبي من المصرف المركزي ، في ظل غياب المؤسسة العامة للأعلاف وعجزها عن القيام بأي دور ايجابي في هذا المجال ، وقد ادى القرار المشار اليه الى حدوث حالة من القلق لدى المربين وارتفاع جديد بأسعار المواد العلفية وارتفاع اسعار البيض ولحم الفروج  وانحسار المبيعات لتطيح بأعداد جديدة من المربين .

وجاءت اخر صفعة من وزارة الإقتصاد لتقضي على اخر الآمال التي كانت تراود احلام / ما تبقى من المنتجين / بعودة القطاع الى الازدهار وذلك من خلال قرار الوزارة السماح باستيراد الفروج المجمد لتخرق طوقاً من حماية القطاع دام حوالي اربعون عاماً ونيف . ولتصبح القشة التي قسمت ظهر البعير وتوقف حركة القطاع مع ما يتركه ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية خطير.

ولفت قرنفلة ان صادرات القطر من بيض المائدة سجلت تراجعاً كبيراً خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2013 حيث سجلت/58 / مليون بيضة تقريباً مقارنة بـ / 336 / مليون بيضة لنفس الفترة من عام 2012 ولكمية /580/ مليون بيضة للفترة المقابلة من عام 2011 مما يعكس حالة التردي الكبير الذي وصل اليه حال قطاع انتاج منتجات الدجاج والذي يعتبر واحداً من الروافد الأساسية للأمن الغذائي