Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 16 نيسان 2024   الساعة 10:27:03
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الإنتاجية العالية أساس النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية .. وهل من نسب معروفة لإنتاجية العمل والعامل في سورية ؟ بقلم: علاء أوسي

دام برس:

تعد الإنتاجية العالية أساساً للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي بلد، مهما كان نوع النشاط الاقتصادي فيه، إذ إنها معدل ما يمكن الحصول عليه من الإنتاج مقسوماً على معدل ما يُصرف للحصول على هذا الإنتاج. ومن هنا برزت أهمية دراستها، لعلاقتها الوطيدة بحسن استغلال الموارد الاقتصادية للحصول على أكبر عائد أو أفضل خدمة. وعن طريق زيادة الإنتاجية وتحسين مستواها يتم إحداث زيادة فعلية في دخول الأفراد، وبالتالي توليد المدخرات التي يمكن من خلالها إيجاد استثمارات إضافية تدعم الاقتصاد وتوفر فرص عمل جديدة وتحقق مزيد من التقدم والرفاهية لأفراد تلك المجتمعات.
كما أن معدلات نمو الإنتاجية وتحليل عناصرها تعطي نظرة فاحصة للنشاط الاقتصادي، وتكشف نواحي الضعف والقوة في هذا النشاط، لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالناتج المحلي الإجمالي، وهذه الإنتاجية لا تقتصر على القطاع الخاص بل حتى القطاع العام من خلال القضاء على البطالة المقنعة وخفض التكاليف.
تزداد أهمية الإنتاجية في الدول النامية والأقل نمواً، نظراً لما تعانيه من مشاكل تتمثل في التخلف الاقتصادي والاجتماعي الناتج عن سوء استخدام مواردها سواء المادية أو البشرية. فمشكلة التخلف لا ترجع إلى قلة الموارد المادية والبشرية، وإنما تعود في الأساس إلى سوء استغلال عناصر الإنتاج المتوفرة والوصول بمستوى إنتاجيتها كماً ونوعاً إلى المستوى المطلوب، واعتماد الصناعة بنسبة كبيرة على المدخلات من المكونات الخارجية، وانخفاض نسبة المدخلات من المكونات المحلية، وبالتالي ارتفاع كلفة الإنتاج، وأيضاً التركيز على المجالات الريعية، لارتفاع ربحيتها وقلة مخاطرها.
مفهوم الإنتاجية
كان المفكر الاقتصادي آدم سميث من أوائل من تطرق لمفهوم الإنتاجية، في كتابه (ثروة الأمم) (The wealth of Nations) إذ افترض أنه يمكن زيادة الإنتاج وخفض تكلفته عن طريق تحسين وسائله، وتقسيم العمل، وتنظيم التبادل التجاري. ثم جاء عدد من الاقتصاديين وأضافوا إلى نظرية سميث أن زيادة الإنتاج وخفض التكاليف مرهونان بحسن الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية، مما يؤدي إلى خفض أسعار المنتجات وزيادة الطلب عليها، ومن ثم زيادة الدخل القومي.
تعريفات عديدة طرحت لمفهوم الإنتاجية أسهمت جميعها في تطويره، فعرفت بعبارات مثل: الكفاءة، الفاعلية، توفير التكاليف، تقويم البرامج، قياس العمل، تحليل المدخلات والمخرجات، فاعلية الإدارة، معايير العمل، المناخ السياسي والاجتماعي. والإنتاجية في أوسع معانيها تُعنى بالجمع بين مدخلات الإنتاج (العمالة ورأس المال والأرض والإدارة) اللازمة لإنتاج مخرجات من السلع والخدمات المختلفة، فهي مقياس للكيفية التي تعمل بها المنشاة لتحويل المدخلات (عمل، مواد خام، ماكينات...إلخ) إلى سلع وخدمات، وهذا ما يعبر عنه عادة بِنسبة المدخلات إلى المخرجات.
الإنتاجية = نظام المخرجات / نظام المدخلات
إضافة إلى التعريف العام للإنتاجية، هناك مفهومان محددان أو مقياسان للإنتاجية، يختلف كل منهما عن الآخر بشأن تعريف المدخلات:
الأول: مفهوم إنتاجية العمل، والتي تعرف بأنها كمية المخرجات لكل وحدة واحدة من وحدات العمل:
إنتاجية العمل = المخرجات ÷ مدخلات العمل (عدد العمال، عدد ساعات العمل...إلخ).
إن المقياس التقليدي لمدخلات العمل، هو عدد ساعات العمل المبذولة في الإنتاج من قبل جميع العاملين. فوفقاً لدالة الإنتاج، فإنه إلى جانب عنصر العمل، هناك أيضاً رأس المال الذي يحدد كمية المخرجات المنتجة. من هنا، فإن مدخلات العمل، ليست إلا مقياساً جزئياً لمجموع الموارد المستخدمة في الإنتاج، وبالتالي فإن إنتاجية العمل هي مقياس جزئي للإنتاجية. أما المفهوم الثاني للإنتاجية، فهو إنتاجية العوامل الكلية، التي تعرف بأنها كمية المخرجات لكل وحدة واحدة من المدخلات الكلية (عمل + رأس مال).
إنتاجية العوامل الكلية = المخرجات الكلية/ المدخلات الكلية
إن إنتاجية العوامل الكلية هي أفضل مقياس للكفاءة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، فإذا رفعت إنتاجية العوامل الكلية، فإن النتيجة ستكون إنتاج المزيد من المخرجات (السلع والخدمات)، بالكمية نفسها من المدخلات (أو إن مستوى معيناً من المخرجات، يمكن إنتاجه بكمية أقل من المدخلات).
إنتاجية العوامل المتعددة = المخرجات/ المدخلات الكلية.
إذن، المخرجات = إنتاجية العوامل المتعددة * المدخلات الكلية.
قياس الإنتاجية
لابد من قياس الإنتاجية ليمكن معرفة تطورها، أو تراجعها مع الزمن، في الصناعات أو القطاعات أو الدول المختلفة، ويتم قياسها عن طريق تقسيم قيمة الناتج الإجمالي المحلي على عدد العمال الذين قاموا بأداء أعمالهم في الفترة الزمنية المستخدمة في القياس، هذا ومن الممكن أن نقوم بتقسيم قيمة الناتج المحلي الإجمالي على عدد السكان، ونحصل هنا على إنتاجية الفرد بشكل عام.
وتدل الإنتاجية على قدرة المجتمع على استخدام عوامل الإنتاج فيه بالشكل الذي يحقق بهذا الاستخدام مستوى معيشياً متقدماً. كما يمكن أن يستخدم مفهوم الإنتاجية لقياس الميزة النسبية بين الدول.
يشار إلى أن مقاييس الانتاجية تسلط الضوء على التحسن في استخدام الموارد، وذلك بالوصول إلى مخرجات أكثر باستخدام مدخلات أقل، مع الحفاظ على النوعية.
كيفية قياس الإنتاجية
يمكن قياس الإنتاجية في قطاع معين أو صناعة معينة في دولة ما في مدة زمنية محددة عن طريق معرفة نسبة المخرجات إلى المدخلات، ثم مقارنة هذه الإنتاجية بالصناعة نفسها وفي الدولة نفسها في مراحل زمنية مختلفة. وفي هذه الطريقة تؤخذ سنة ما سنةَ أساس في تحديد المدخلات اللازمة للحصول على وحدة واحدة من المخرجات، ثم معرفة تلك المدخلات في مرحلة زمنية أخرى. وتفيد هذه الطريقة لمعرفة تطور الإنتاجية مع الزمن ومعرفة الأوضاع المتبدلة التي أدت إلى تغير هذه الإنتاجية من عام آخر.
كما  تقاس الإنتاجية في قطاع معين أو صناعة معينة، وتجري الموازنة بينها وبين الإنتاجية في قطاع آخر أو صناعة أخرى على مستوى الدولة نفسها، وبذلك يمكن معرفة القطاع أو الصناعة ذات الإنتاجية العالية والملائمة لهذه الدولة، ومن ثم ضرورة الاهتمام بهذا القطاع أو بهذه الصناعة.
أيضاً تقاس الإنتاجية في قطاع معين أو في صناعة معينة، وتجري الموازنة مع الإنتاجية في القطاع نفسه أو الصناعة نفسها في دول أخرى في الفترة الزمنية عينها، مما يسمح بمعرفة أسباب تطور الإنتاجية في بعض الدول وتخلفها في بعضها الآخر، وهو ما يتيح المجال للاستفادة من تجارب الدول الأخرى، ويسلط الضوء على أماكن الخلل في القطاعات ذات الإنتاجية المتدنية، وأماكن التفوق في القطاعات ذات الإنتاجية المتفوقة في دول أخرى.
أهمية الإنتاجية
تتجلى أهمية الإنتاجية في:
- إنتاج كميات أكبر من الوحدات المنتجة بمجهود وموارد أقل، مما يخفض أسعار المنتجات، ويؤدي إلى زيادة الطلب عليها، وبالتالي زيادة التدفق النقدي الداخل وزيادة الأرباح.
- زيادة إنتاجية القوى العاملة تحسّن مستوى الدخل وتؤدي إلى نمو إجمالي الناتج المحلي، بخلق فرص عمل جديدة والحد من معدل البطالة والبطالة المقنعة، ولذا تعد الإنتاجية العالية واحدة من أهم عوامل الإنتاج المحددة لدخل الفرد على المدى الطويل، لأنها تحسن مستوى المعيشة وتحقق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للسكان، كل حسب مساهمته في العملية الإنتاجية.
- إن الاستخدام المنتِج للموارد يقلل الفاقد في الإنتاج، وبالتالي، يحافظ على الموارد النادرة (الثروة القومية) من الضياع، عن طريق الاستخدام الأمثل لها.
- تعبر الإنتاجية عن كفاءة الدولة ككل في إنتاج سلعها وخدماتها، إذ إنها تعكس مستوى أداء الأجهزة و المؤسسات كافة، ومدى نجاحها في تحقيق غايات وأهداف خطة الدولة في مجال إنتاج السلع والخدمات بالجودة والكفاءة المرجوَّة.
تحسين الإنتاجية في سورية
يعني تحسين الإنتاجية تأدية العمل بالطريقة الصحيحة، وبكفاءة أفضل، وليس العمل بجهد مضنٍ لتحقيق نتائج أفضل، فالعمل بكفاءة يعتمد أساساً على السلوك الإنتاجي للأفراد، وهذا السلوك هو نتيجة لعوامل عديدة (شخصية، إدارية، تنظيمية..)، لذ كان للمجتمع والبيئة التي ينشأ فيها الفرد تأثير على طبيعة تصرفات الأفراد وسلوكهم في العمل.
إن استمرارية تحسين الإنتاجية في سورية يتطلب تطبيق الأساليب الصحيحة والكفأة لأداء العمل في جميع نشاطات المجتمع، وهذا يعني إدخال تغييرات تربوية واجتماعية وسلوكية في المجتمع تؤدي إلى خلق مجتمع جديد، فقد بات من الضروري تعزيز إنتاجية الاقتصاد السوري وتنافسيته في القطاعات المختلفة، ودعم دور القطاع الخاص كشريك أساسي في تعزيز عملية النمو والتنمية، خاصة بعد عامين ونيف من الأزمة وما رافقها من تدمير فعاليات ومنشآت بكاملها وخروج خطوط إنتاج عن الخدمة لأسباب كثيرة، فأمسى من الضروري العمل وفق استراتيجيات واضحة تعمل على حل التحديات الكبيرة التي تواجهها القطاعات الاقتصادية، مع تحديث الإجراءات وتبسيطها وحل المعيقات بما يضمن تدوير عجلة الإنتاج والمنافسة من جديد.
اقتراحات وخطوات
- خلق الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تساعد على التحسين المستمر في الإنتاجية، من خلال أجهزة الدولة وخططها وسياساتها الإنمائية وتشريعاتها بغية تحقيق تنمية صناعية حقيقية، وأن تكون مترافقة مع بنية تشريعية وإدارية ومالية متكاملة تشجع الموظف على تطوير قدراته عن طريق زيادة المهارات والكفاءات الإنتاجية، وتصويب العمالة الفعلية وفصلها عن العمالة المقنعة، وهو ما يتم من خلال دعم وتشجيع مؤسسات البحث العلمي والتقني، وتطوير التعليم الجامعي لينسجم مع سوق العمل ويوفر العمالة المتوافقة مع احتياجات القطاعات الاقتصادية.
- التركيز على المفهوم الإنساني للعمل، أي بناء الفرد واحترام كيانه في المجتمع، وترسيخ اقتناع العمال بأن نجاح المنظمة التي يعملون بها إنما هو نجاح للاقتصاد القومي ككل، وأنه سيعود بالنفع عليهم وعلى الأجيال القادمة، مع التأكيد على أهمية التوزيع العادل لعائدات زيادة الإنتاجية، وفقاً لحالة الاقتصاد الوطني بين الإدارة والعمال والمستهلكين.
- القضاء على البيروقراطية والروتين والفساد الإداري والمحسوبيات (الواسطة) في التعيين، ووضع نقاط يتم بموجبها محاسبة العامل وفقاً لجهده وخبرته، وليس وفق علاقاته الشخصية، الأمر الذي يقضي على روح المبادرة ويقتل الإبداع لديه، وهو ما يقلل من إنتاجيته وربحيته.
- تغيير أسلوب ونطاق السيطرة على الجودة، من وظيفة تخصصية، إلى وظيفة تنفيذية شاملة.
-تنويع مصادر الدخل الاقتصادية في ظل محدودية الموارد، التي تحتاج إلى خلق طرق ونظم للاستغلال الأمثل للموارد النادرة.
بالأرقام
تعطي إنتاجية اليد العاملة مؤشراً على الكفاءة والقدرة التنافسية للاقتصاد، وتتفاوت تلك الإنتاجية بشكل كبير بين الدول، ففي الولايات المتحدة توجد أعلى إنتاجية للعامل في العالم بقيمة مضافة قدرها 63885دولاراً في 2007 مقارنة ب55986 دولاراُ في أيرلندا، و3508 دولارات في فرنسا، وذلك وفقاً لمكتب العمل الدولي للأمم المتحدة، أما متوسط الإنتاجية في الأسواق الناشئة فقد ارتفعت من 10882 دولاراً لكل شخص يعمل في 2004 إلى 16804 دولارات في ،2009 بينما في بلدان مثل فيتنام والهند وإندونيسيا والصين، أقل من 10000 دولار في 2009 طبقاً ليورومونيتور الدولية.
وفي الختام يبقى السؤال:
هل من نسب محددة ومعروفة لإنتاجية العمل والعامل في سورية؟

علاء أوسي
 

الوسوم (Tags)

فرنسا   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz