دام برس :

رأى باحثون أميركيون أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن ينجح بإبعاد روسيا عن الصين ولا بالدخول في شراكة أميركية - روسية ضد بكين. ولفت الباحثون الى عمق العلاقات حالياً بين موسكو وبكين ورغبة الطرفين بإنهاء النظام العالمي الذي يستند إلى "التفوق الاميركي".
من جهة ثانية، أشار دبلوماسي هندي سابق معروف إلى أن تركيا عادت الى السياسات التصعيدية ضدّ النظام السوري وحلفائه، معتبراً أن ذلك يعود الى المشاورات التي أجريت مؤخراً بين المسؤولين الأتراك ومسؤولين في إدارة ترامب.

* ترامب لن يستطيع إبعاد روسيا عن الصين

كتب الباحث "Jacob Stokes" مقالة نشرتها مجلة "Foreign Affairs"، أشار فيها الى أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب يعتبر كلا من الصين وما يسميه "التطرف الاسلامي" التحديين الاثنين الاساسيين لأمن الولايات المتحدة، ويرى روسيا "شريكاً محتملاً" بالتصدي لهذين التحديين، ما يعني تبني سياسة تستند الى الشراكة مع روسيا لمواجهة الصين.

الكاتب -الذي عمل مستشاراً في مكتب نائب الرئيس الاميركي السابق جو بايدن- لفت الى أن أي مساعٍ من قبل ترامب لابعاد روسيا عن الصين ستواجه عقبات كبيرة، وأن العلاقات الصينية - الروسية هي في تحسن مستمر منذ الاعوام الاخيرة للحرب الباردة. وأشار الى أن القادة الصينيين والروس أصبحوا يصفون هذه العلاقات بأنها عبارة عن "شراكة تنسيق استراتيجية شاملة"، وأن أحد المسؤولين الصينيين الكبار صرّح خلال شهر ايلول /سبتمبر الفائت بأن "عمق وحجم التنسيق بين البلدين غير مسبوق". وأوضح أن تعزيز وتيرة التعاون الثنائي "المتين" تزامن مع مجيء "Xi Jinping" رئيساً للصين عام 2012، وهو صاحب علاقة شخصية جيدة مع نظيره الروسي فلادمير بوتين.

وتابع الكاتب إن "هناك تعاوناً وثيقاً بين موسكو وبكين في العديد من المجالات"، مشيراً الى أن "روسيا أصبحت المصدّر الاول للنفط الى الصين عام 2016". ولفت الى ان "روسيا تقدم الصادرات الى الصين عبر البر بدلاً من الممرات البحرية "المتنازع عليها""، مشدداً على أهمية ذلك بالنسبة للصين. كما تحدث عن المناورات العسكرية المشتركة بين الطرفين بما في ذلك في البحر المتوسط و بحر الصين الجنوبي، اضافة الى مشاريع التطور التكنولوجي المشتركة".

في سياق متصل، شدد الكاتب على أن "الرؤية السياسية المشتركة للنظام العالمي" هي التي تشكل أساس التعاون الصيني - الروسي، مضيفاً إن "هذه الرؤية تستند إلى الرغبة بإنهاء التفوق الاميركي واستبداله بنظام عالمي متعدد الاقطاب".

وقال إن "التوتر في العلاقات بين الصين وروسيا من جهة والولايات المتحدة من جهة ثانية وصل الى أعلى مستوياته منذ نهاية الحرب الباردة، وأن ذلك يجعل الشراكة بين موسكو وبكين أهم من أي وقت مضى". وأشار الى مقالة نشرت مؤخراً في الصحيفة التابعة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم وصفت العلاقات الصينية - الروسية بأنها الحجر الاساس في "الحفاظ على الامن والاستقرار العالميين".

بناء عليه، طرح الكاتب استراتيجية أميركية مغايرة لا تسعى الى إبعاد روسيا عن الصين بل تقوم على الدبلوماسية الثلاثية مع موسكو وبكين على مسارين متوازيين. وأوضح ان المسار الاول هو ان تعمل ادارة ترامب مع روسيا والصين عندما يكون ذلك ممكناً، بحيث تبذل الجهود من أجل التوصل الى تفاهم "ثلاثي" حول القضايا الخلافية التي تؤثر على "الاستقرار الاستراتيجي"، مثل الموضوع النووي و الدفاعات الصاروخية، اضافة الى قواعد التدخل العسكري. وأضاف إن "المحادثات الثلاثية يجب ان تؤدي الى تعاون "عملي" في المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل المناخ والطاقة ومكافحة الارهاب وعدم انتشار الاسلحة".
وأكد الكاتب أن المسار الثاني يشدد على ضرورة أن تواصل واشنطن المساعي الهادفة الى الحفاظ على دعم الحلفاء الحاليين في اوروبا وآسيا وتعزيز هذا الدعم، والقيام بالشيء نفسه مع دول مثل البرازيل والهند وفيتنام، اذ اعتبر أن العلاقات مع هذه الدول تضع الولايات المتحدة بموقف قوي أمام الصين وروسيا.

* تركيا عادت الى التصعيد ضد سوريا وحلفائها بعد مشاورات مع فريق ترامب

الدبلوماسي الهندي السابق "M.K Bhadrakummar" كتب مقالة نشرت على موقع "Asia Times" أشار فيها الى ان تركيا تعود الى سياساتها السابقة التصعيدية ضد سوريا وحلفائها.

ولفت الكاتب الى ان "عودة السياسات التركية التصعيدية في سوريا تأتي في ظل سلسلة من الاجتماعات "الرفيعة المستوى" التي تمت على مدار الاسبوعين الماضيين بعد أن أجرى الرئيس الاميركي دونالد ترامب اتصالاً هاتفياً بنظيره التركي رجب طيب اردوغان في السابع من شباط/ فبراير الجاري". ولفت الى ان من بين الزوار الاميركيين الى انقرة خلال الفترة المذكورة مدير "ال-CIA" "Mike Pompeo" و رئيس هيئة الاركان المشتركة في الجيش الاميركي "Joseph Dunford" والسيناتور الجمهوري "جون مكاين" الذي يرأس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الاميركي والمعروف بعدائه لسوريا وحلفائها.

الكاتب الذي شغل منصب سفير الهند لدى تركيا بين عامي 1998 و2001 تطرق الى الكلام التصعيدي الذي صدر عن اردوغان ضد ايران بتاريخ الرابع عشر من شباط /فبراير الجاري في بداية جولة خليجية له شملت البحرين والسعودية وقطر. ورأى أن الكلام التصعيدي الذي صدر كان متعمداً، مذكراً بان اردوغان اتهم في حينها ايران بالعمل على تقسيم العراق وسوريا.
كما ذكّر الكاتب بما قاله وزير الخارجية التركي مولود جاووش اوغلو الاسبوع الفائت خلال مؤتمر ميونيخ الامني حيث زعم بأن ايران تمارس "سياسات طائفية".

وعليه اعتبر الكاتب ان محادثات السلام في سوريا هي "في ورطة" وكذلك الامر بالنسبة للآلية الثلاثية (بين روسيا وايران وتركيا) التي انشأت في أستانة من اجل مراقبة وقف اطلاق النار في سوريا، معتبراً ان تركيا لا تأبه لذلك وبدأت التنسيق مجدداً مع السعودية وقطر في الملف السوري.

الكاتب أضاف إن موسكو تدرك بأن عودة اردوغان الى التصعيد في سوريا يعود الى ثقة متجددة بعد مشاورات مكثّفة مع ادارة ترامب، لافتاً الى ان انقرة وواشنطن تقتربان نحو اتفاق حول موضوع المعارض فتح الله غولن الذي يعيش بالمنفى في الولايات المتحدة، اذ ان ادارة ترامب قد تحد من نشاطات غولن بينما اردوغان لن يضغط من أجل تسلمه.
كذلك جزم الكاتب بأن روسيا باتت تشكك بتعهد ترامب السابق بالدخول بشراكة مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين لمحاربة تنظيم "داعش"الإرهابي. وأضاف إن "موسكو تشهد مشاورات مكثفة بين الولايات المتحدة وحلفائها الاقليميين تهدف الى اعادة احياء المحور القديم في سوريا".

ورأى الكاتب ان هذه التطورات ستحدد مصير "مستقبل الانخراط الروسي - الاميركي" حول سوريا خلال فترة حكم ترامب.
كما أشار الى أن كلاًّ من "Pompeo" (مدير "الـ CIA" و "جون مكاين"  ووزير الحرب الاميركي "James Mattis" زاروا دول الخليج خلال الاسبوعين الماضيين. وتابع إن تركيا والولايات المتحدة تبحثان حالياً التفاصيل اللوجستية لعملية عسكرية تركية في الرقة لطرد "داعش"، وبأن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم بحث هذا الموضوع مع نائب الرئيس الاميركي "Mike Pence" في مؤتمر ميونيخ الامني نهاية الاسبوع الفائت.

وقال الكاتب إن العملية العسكرية هذه ستكون عملية كبرى تشارك فيها الدبابات والآليات المدرعة وسلاح المدفعية، مضيفاً إن تركيا تسعى لمشاركة قوات خاصة أميركية قال إن من شأنها ردع ما أسماه "التدخل الروسي" وكذلك تقليص مساعي الاكراد لانشاء كيان لهم في شمال سوريا.

ولفت الكاتب كذلك الى أن الجيش التركي وصل الى منطقة الباب التي وصفها بالبوابة المؤدية الى الرقة، وقال إن ما سيحصل في الرقة سيحدد ما سيحصل في العاصمة دمشق. وشرح بأن ذلك يعني بأن السيطرة على الرقة ستحدد حجم سيطرة النظام السوري على الاراضي السورية وبالتالي على مستقبل سوريا.

كما توقع الكاتب أن يسود الغموض العلاقات الاميركية - الروسية في فترة ترامب، محذراً من أن هذه العلاقة محفوف بخطر الخصومة والتوتر حول سوريا.

واعتبر انه يمكن القول بأن تصعيد اردوغان الكلامي ضد ايران وانهيار الآلية الثلاثية (بين موسكو وطهران وانقرة) نابع من "ثقة" تركيا بأن ادارة ترامب بالفعل تنظر الى انقرة على انها "شريك استراتيجي وحليف اطلسي" كما صرح ترامب نفسه لاردوغان. ورأى ان تركيا تتصرف وكأنها على اطلاع مسبق بخطة "البنتاغون" "لهزيمة داعش في سوريا والعراق"، رغم أنه لم يتبقَّ سوى اسبوع واحد قبل انتهاء المهلة الزمنية التي اعطاها ترامب لـ"البنتاغون" من أجل اعداد مثل هذه الخطة.
العهد