Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 15:51:17
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
لماذا على أردوغان أن يشكر الانقلابيين؟

دام برس :

لعل أهم ما أسعد المواطنين الأتراك اليوم، بعد قيام المحاولة الانقلابية، هو الرصيد المجاني وباقات الإنترنت التي تأتي على أجهزتهم المحمولة. حيث أن السلطة تريد عبر هذه الطريقة ضمان بقائهم في الشوارع لمنع ارتدادات انقلابية لاحقة للمحاولة الأولى. هي تبحث عن أسباب البقاء ولم يعد يهمها الصورة الأولى التي كانت تحاول ترويجها عن نفسها بأنها حوَّلت تركيا إلى قوة عظمى ودولة فاعلة في العالم، عندما كان أنصار الرئيس رجب طيب أردوغان يطلقون عليه لقب «زعيم العالم». أما اليوم يسعى «زعيم العالم» لرص الدعم الشعبي عبر الرصيد المجاني وباقات الإنترنت، إذ أدرك أن الدولة بمؤسساتها أصبحت أعجز من أن تواجه استحقاقاً كهذا.

«سمعت بالمحاولة الانقلابية من صهري، زوج أختي» يقول أردوغان. لا جهاز الاستخبارات القومية أبلغه، ولا الأمن العام، ولا الاستخبارات العسكرية. الأجهزة الأمنية كانت مشلولة بعد سنوات من توجيهها لخدمة مصالح حزبية بدلاً عن دعمها للقيام بعملها الأساسي، وهو حماية الدولة من المخربين الداخليين منهم والخارجيين. كانت الأجهزة مشغولة بالتجسس على مراكز القوى داخل حزب العدالة والتنمية لصالح مراكز أخرى داخل الحزب نفسه؛ أنصار داودأوغلو يتنصتون على أنصار عبدالله غول، أنصار أردوغان يتنصتون على أنصار داودأوغلو، غولن يتنصت على أردوغان، وأمريكا تتنصت عليهم بأكملهم. والنتيجة أمامكم: عشرات التقارير الإعلامية تنبأت بالانقلاب منذ شباط، ولكن السلطة هي آخر من يعلم.

«اتصل قائد القوى الجوية بي، وأبلغني أن طائرات تطير بشكل غريب على ارتفاعات واطئة. وطلب مني التأكد» يقول الجنرال المتقاعد آكين أوزتورك، المتهم بقيادة الانقلاب، والذي لا زال قيد التوقيف، رغم صدور بيان عسكري رسمي يفيد بأن ما قام به تم بتكليف فعلي من قائد القوى الجوية فعلاً. تنقطع الكهرباء في القسم التركي من قاعدة إنجرليك، تبدأ الطلعات الجوية المشبوهة من قاعدة آكينجيلار، يبدأ قصف البرلمان ومبنى الاستخبارات، وقائد القوى الجوية موجود في عرس في اسطنبول، وما من أحد يخبره، حتى رأى الطائرات بعينه، ولم يجد من يساعده غير ضابط متقاعد لم يحضر العرس معه مفضلاً البقاء بالقرب من حفيديه في السكن العسكري الملحق بقاعدة جوية كانت مصادفة مركزاً هاماً للانقلابيين. وفعلاً حاول الضابط القيام بما يستطيع، وتمكن من تحرير عدد من الضباط، وأقنع عدداً من الانقلابيين برمي السلاح، وحتى أنه تعرض لنيران إحدى الطائرات الانقلابية، لكن ذلك لم يشفع له، فقد تم تقييده وجدع أذنه وإنزال التعذيب به وعرضه بشكل مهين أمام الكاميرات بتهمة أنه هو من يقود الانقلاب. أما قائد القوى الجوية فقد بقي في العرس حتى جاءت مروحية للانقلابيين واعتقلته مع عدد من زملائه، فجلس ينتظر الفرج.

الدولة كادت تبلغ الانهيار بسبب محاولة انقلابية متسرعة وغير مدروسة، وتمت بطريقة عشوائية غير منظمة. ولعل من حسن حظها أن المحاولة تمت قبل يوم عطلة، وإلا لرأينا المزيد من مشاهد الانهيار.

على الصعيد الخارجي بات في حكم الأكيد أن تركيا لم تعد تركيا نفسها، لم يعد لديها قوة تكفي لدفعها إلى الداخل السوري، رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح لها بالانسحاب بسهولة. قوات الجندرمة مشغولة بالقمع الداخلي ومراقبة تنفس المواطنين بدلاً عن وضع الخطط لفك الحصار عن جماعات المسلحين في حلب. ورغم أنه لا ينتظر أن تتوقف قوافل المسلحين بوقت قصير لكن ذلك لا يعني أن الفعالية التركية هي ذاتها. وربما نسمع في الأيام القادمة تبريرات صحفية تفيد بأن غولن هو من ورط أردوغان بالحرب السورية، وأن أردوغان تعرض للتضليل، وأنه لا زال يشعر بالمودة اتجاه الرئيس السوري بشار الأسد. وذلك بطريقة مشابهة للتبريرات التي سيقت لإسقاط الطائرة الروسية من قبل المقاتلات التركية، فبعد أن أكد داودأوغلو شخصياً بأنه هو من أمر بإسقاطها يتم الزعم الآن أن الطيار انقلابي من أتباع غولن، وأنه الآن رهن الاعتقال، وتقول تقارير أخرى أنه سقط صريعاً.

رغم كل هذه السلبيات الفائدة الأكبر التي جناها أردوغان تتمثل بأن إعلان حالة الطوارئ ساعده في التملص من فضيحة عدم حمله شهادة جامعية، إذ أن ثبوت ذلك كان سيعني مساءلة لشرعية جلوسه في مركز رئاسة الجمهورية.

لسان حاله يقول الآن: شكراً للانقلابيين، أراحوني من هم كبير!

آسيا نيوز - سومر سلطان

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz