Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 11:55:16
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
لماذا انسحب أوباما ؟
دام برس : دام برس | لماذا انسحب أوباما ؟

دام برس :

السفير - وائل عبد الفتاح

ـ ١ ـ

«أصبحنا جثة...»

هذا إدراك سابق على قراءة المقال المنشور في مجلة «الأتلانتك» بعنوان: «عقيدة أوباما»، فالرئيس الذي رآه البعض «الساحر» القادم من خارج «الماكينة» الأميركية، والتقط البعض الآخر «واقعيته» في التعامل مع التغييرات، هو قبل 10 أشهر من مغادرة البيت الأبيض يكشف عن ملامح «ساحر واقعي..» أو «ساحر» لأنه «واقعي..».

المقالة التي اعتمدت على حوارات مطولة مع أوباما ومساعديه والمهتمين به نقداً وبحثاً، تصل إلى أنه يريد التخفف من ميراث «الحرب الباردة» وحلفاء اهتمت بهم أميركا (عبر سياسة وضع تصاميمها الرئيسية واقعي آخر هو كيسنجر...) وكانت الحاجة إلى حلفاء «مزعجين» تعتمد على الرغبة في «السيطرة» على «البترول..» الذي يخفت حضوره المركزي بدرجة متسارعة بعد اكتشاف مصادر جديدة للطاقة واستخدامها.

أوباما بدا مفارقاً لهندسة الفراغ بالطريقة القديمة، وهو ما يفسر تراجعه عن قرار التدخل العسكري في سوريا، بل إن شبح الفشل في العراق ظل يلاحقه، محاطاً بأسئلة ثقيلة عن السبب في تحمل حلفاء ينشرون الإرهاب (مثلما قال عن السعودية والوهابية).. أو عن ديكتاتورية فاشلة (كما أعلن صدمته في أردوغان الذي بدا له في البداية أنه جسر بين الشرق والغرب/الإسلام والحداثة).

كان أوباما كثير الأسئلة كما وصفه تانيت أحد وزراء دفاعه، وهو ما قاده إلى سؤال: لماذا نسعى إلى الحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل على جيرانها العرب.. «...نتنياهو كان بالنسبة لأوباما عائقاً ضد «حل الدولتين...».

«عقيدة» أوباما بدت واقعية مفرطة، عما تتحمله سياسة «قوي ظلت وحيدة» بعد سقوط منافسها السوفياتي... وهذا ما دفعه إلى التعامل مع المنطقة على أنها لم تعد مهمة بالطريقة التي كانت في زمن البترول.

ـ 2 ـ

ربما سيتسع الفراغ في هذه المنطقة لبعض التمدد الذي يبحث عنه عملاق جريح مثل روسيا /أو تنين يبحث عن فراغه مثل الصين...

ربما ستضع «عقيدة أوباما» المنطقة في مرمى تصاميم جديدة تقوم على استيعاب إيران أو (التوازن بين السعودية وإيران) أو بمعنى طوباوي (إجبار الطرفين على التفاهم) بعيداً عن استقطاب (السنة/الشيعة) او صراع (العروبة /فارس)... سيقود حتماً إلى امتصاص المنطقة في ثقبها الأسود.

أوباما بعقيدته /التي ظلت عقيدة/ على مستوى التأثير في السياسات الخارجية لأميركا، هي ترميم للماكينة الرأسمالية لتعمل بكفاءة أكبر وتستوعب حتى أطرافها المتمردة، ولهذا بدا مشهد زيارته هافانا أعلان انتصار وإدماجاً للهامش العنيد، ذلك الإدماج الناعم الذي لا يخلف جروحاً ولا ضحايا ولا دماء، اقتراباً من منهج: إنك ستكون قوياً أكثر إذا حققت أهدافك من دون عنف.

أوباما الذي بدأ عهده بخطبة جامعة القاهرة متخيلاً أنه سيحرّض عناصر نائمة في «التحالفات الأميركية» داخل المنطقة لإعادة تجسير العلاقات بين الإسلام والحداثة/الديموقراطية، بعد سيطرة عناصر «التخلف» و «استهلاك» الحداثة مقابل نشر «الإرهاب»، ها هو يغادر موقعه بعد أن وضع أساس الانسحاب من المنطقة لينهي عهده بمشهد التجول في هافانا مع أسرته بعد 80 عاماً من القطيعة، مشيراً إلى أين سيكون «الفراغ» الجديد أمام أميركا.

بين التحريض (الذي استكمله أوباما بانتظاراته من الثورات/الربيع العربي) والانسحاب، تفاصيل وتحولات كان ينتظر فيها من «الساحر المرهق» أن يفعل معجزات... وهو كان يريد معجزة واحدة: إعادة بناء قوة اميركا.. مع تغيير عناصر هذه القوة.

إلى أين وصلت «معجزة» أوباما؟

وهل كان مجرد «وهم فوار» عابر؟

هذا يحتاج الكثير من التفكير والدرس... كما يحتاج بالضبط سؤالاً آخر: ماذا سيحدث هنا بعد انسحاب اميركا التدريجي من الشرق الأوسط..؟

ـ 3 ـ

...هل يمكن الحياة من دون أميركا (تحالفاً معها أو هجوماً عليها باعتبارها الشيطان الأكبر..)؟

هل هناك قوة لا تنتظر أميركا (سنداً أو دعماً)..؟

أميركا تعتبر الآن هذه المنطقة «ذنبها الثقيل..» وستوزعها في إطار صفقات توسيع «ماكينة» /منظومة الرأسمالية، أي أنها إعادة تخطيط لهندسة العالم على أساس الأطراف الجديدة (روسيا والصين على الأخص).

هل سيتعاملون مع هذه البقعة تعامل الضباع مع الجثث؟

أم أنهم سيلعبون كما تلعب «المعجزات» على إحياء الموتى؟

روسيا ليست خصماً لأميركا. كما أن منافسة الصين الاقتصادية تأتي في إطار توسيع «المنظومة الرأسمالية» ذاتها لتتعدد مراكزها، بعد سنوات «المركز الواحد».

وهذا يعني ببساطة الاحتياج إلى «قوة» جديدة يُعتمد عليها لبناء دول جديدة، لا تشكل فيها «الهويات» أو «التركيبات القديمة» العنصر الغالب، بل إنها تعيد توزيع السلطة والثروة بما لا يكفله السلاح وحده...، لأن «الحرب الإقليمية» الدائرة الآن لم تكن حرباً تقليدية، لكنها كانت «بروفة» لإثارة الرعب.

هذه البروفات/الحرب كشفت توحّش وبشاعة بيوت السلطة التي دمرت السلام الاجتماعي. جنوناً بالحكم /وثمناً باهظاً لاستمرارها.

لتلتقي في النهاية «عائلات» ابتلعت ثروات البترول مع مؤسسات سلاح احتكرت الحكم في بلادها وأجهزة عملت بالوكالة على تحويل المنطقة إلى أرض «الرهائن» باسم أديان سماوية /أو سياسية...

التوازنات كلها وصلت إلى مرحلة الخلل، ولحظة الخراب صالحة للاعتراف بضرورة الحياة المشتركة...

هذه الضرورة تعلو ولا يُعلى عليها: حياة مشتركة لا تخضع لقوة الغالب... هذا هو «قلب التغيير» أو «الإنقاذ من مصير الجثة التي ستلتهمها الضباع...» إذا أردنا النجاة.

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz