تسربت منذ أسابيع عدة معلومات حول وصول أحد أبرز قادة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - داعش» أبو أيمن العراقي إلى ليبيا قادماً من سوريا، التي شغل فيها مناصب عدة أهمها «والي الساحل».
وبقيت هذه التسريبات في إطار التكهنات التي لا يمكن إثباتها، إلى أن أكد صحتها القيادي في «جبهة النصرة» أبو ماريا القحطاني الذي كانت تربطه علاقة قوية جداً بأبي أيمن، قبل أن تتدهور العلاقة بينهما نتيجة الخلاف الذي حصل بين «جبهة النصرة» و «الدولة الإسلامية» في نيسان العام 2013.
وطالب القحطاني صديقه السابق أبا أيمن بترك ليبيا وعدم سفك الدماء فيها كما فعل في سوريا، حيث خاطبه قائلاً «أبا أيمن أنصحك تترك ليبيا وتتوب إلى الله. أخاطبك مشفق عليك لماذا أجرمت بسوريا وانتقلت لليبيا لا تكن مطية لاستخبارات عالمية. أخاطبك بصلة الرحم التي بيننا».
وتحدث القحطاني، في تغريدات طويلة على حسابه على «تويتر»، عن حالات الاختراق التي تعرض لها «الدولة الإسلامية» منذ أن كان التنظيم موجوداً فقط في العراق. وكان القحطاني يومها أحد القادة فيه قبل أن يقرر دعم أبو محمد الجولاني والبقاء مع «جبهة النصرة».
ويعتبر أبو أيمن العراقي ثالث قيادي بارز في «الدولة الإسلامية» يصل إلى ليبيا خلال الأشهر الأخيرة، وذلك بعد «الأمير الشرعي» تركي البنعلي، بحريني الجنسية، والذي يعتبر من أبرز المرجعيات الدينية التي يعتمد عليها التنظيم للتنظير له والدفاع عنه ضد الحملات الشرعية التي يشنها عليه «شرعيو» الفصائل الأخرى، وبعد القائد العسكري وسام عبد الزبيدي، المعروف بلقب أبو نبيل الأنباري، والذي أكدت مصادر متقاطعة على تعيينه «والياً» على «ولاية ليبيا» بعدما كان يشغل منصب «والي صلاح الدين» في العراق، ويعتبر من القيادات العسكرية البارزة حيث تولى قيادة الهجوم على تكريت وبيجي بعد سيطرة التنظيم التكفيري على مدينة الموصل العام الماضي.
وقد ترافق وصول هؤلاء الثلاثة مع وصول أعداد أخرى من قيادات الصف الثاني والثالث إلى ليبيا، وهو ما يشير إلى أن اهتمام التنظيم بليبيا آخذ بالاتساع، وربما بدأ ينظر إليها باعتبارها ساحة استراتيجية تتيح له التمدد في المغرب العربي، ولا سيما تونس والجزائر، كما في دول شمال أفريقيا، وقد يكون هذا ما يفسر زجّه بقادته البارزين من مختلف الاختصاصات إلى ليبيا، لتحضير المناخ الملائم بهدف ترسيخ وجوده هناك.
لا ننسى أن أبا أيمن العراقي كان أحد أعضاء الحلقة الضيقة التي تحيط بزعيم «داعش» أبي بكر البغدادي، والتي تولت في المرحلة الأولى القدوم إلى سوريا وتأسيس «جبهة النصرة». ولكن بالإضافة إلى الدور التأسيسي الذي لعبه العراقي، فهو يتمتع بميزة تجعل من وجوده في ليبيا مؤشراً على نية التنظيم التصعيد ضد الفصائل التي يقاتلها هناك، لأن أبا أيمن معروف بشراسته وقسوته، وسبق له أن قتل عددا من قادة «الجيش الحر» في ريف اللاذقية بيديه.
ومن شأن المعلومات التي تؤكد وصول أبي أيمن العراقي إلى ليبيا أن تحسم موضوع هوية الرجل التي أحاط بها الكثير من التضارب والاختلاف، حيث كان يسود اعتقاد أن العراقي هو نفسه أبو مهند السويداوي الذي قتل قبل أسابيع عدة وأطلق «داعش» على هجومه الأخير على مدينة الرمادي اسمه «غزوة أبو مهند السويداوي». ووصوله إلى ليبيا بعد تاريخ مقتل السويداوي يؤكد أن هذا الاعتقاد خاطئ ولا صحة له، كما أن القحطاني لم يكن ليخاطبه بتغريدات حديثة.
وعليه فإن أصح الروايات حول هوية العراقي هي التي تقول إن اسمه علي أسود الجبوري، وكان يتولى في العراق منصب «الأمير الأمني» في محافظة نينوى قبل أن يأتي إلى سوريا مع بدء الأزمة ويستلم العديد من المناصب القيادية. كما كان له دور كبير في محاربة «جبهة النصرة» في المنطقة الشرقية. ويشار إلى أن الصورة التي تنشر عادةً على أنها لأبي أيمن العراقي ليست صورته، بل هي صورة أبو مهند السويداوي.

وسيطر «داعش» على مطار مدينة سرت شمال ليبيا، بعد مغادرة القوات الموالية للحكومة في طرابلس القاعدة التي يضمّها، في إطار «إعادة تمركز» في المنطقة.
وأعلن محمد الشامي، رئيس المركز الإعلامي لغرفة العمليات المشتركة التابعة لرئاسة الأركان العامة الموالية لسلطات العاصمة الليبية طرابلس، أمس، أنّ قاعدة القرضابية في سرت (450 كيلومتراً شرق طرابلس) وقعت في أيدي «داعش». وأوضح أن «القوة التي كانت متمركزة في القاعدة، أخلت مواقعها في وقت متأخر من مساء الخميس (أمس الأول) في إطار عملية إعادة تمركز تهدف إلى التركيز على تأمين منطقتي المحطة البخارية (15 كيلومتراً غرب سرت) وهراوة (70 كيلومتراً شرق سرت)».
وتابع «دخل بعد ذلك عناصر تنظيم الدولة الإسلامية إلى القاعدة التي أخليت بالكامل ولم يتبق فيها سوى طائرة عسكرية لا تعمل ولا يمكن إصلاحها»، موضحاً أن القرار بمغادرة القاعدة وإعادة التمركز في المناطق المحيطة بالمدينة جاء على خلفية «التأخر في إرسال قوات مساندة».
وفي تغريدة له على «تويتر»، ذكر التنظيم التكفيري أن اشتباكات وقعت بين مقاتليه والقوات الموالية لحكومة طرابلس «في كل محاور مدينة سرت»، معلناً «السيطرة الكاملة على قاعدة القرضابية الجوية».
وقاعدة القرضابية، التي تقع على بعد نحو 20 كيلومتراً جنوب سرت مسقط رأس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، تضمّ مطار المدينة، التي تمكّن «داعش» من السيطرة على الأجزاء الكبرى منها ومعظم المباني الحكومية فيها في شباط الماضي.